مجموعة مؤتمر جوبا و المسخ السياسى

✍🏿: عيسى خميس مرفعين

 

عزيزى القارئ فى الماضى كنا قد كتبنا عددا من المقالات تناولنا فيها تردى الأوضاع السياسية و الإجتماعية و الأمنية فى البلاد و تداعياتها على الشارع، و موقفنا المبدئى ضد إنقلاب ٢٥ أكتوبر المشئوم.

فى هذا المقال نتناول بالكتابة بعضا من الأجسام الهلامية التى ظلت لا تقدم غير المسخ و التهريج السياسى و الخروج عن المألوف و الإنحراف عن الوضع الطبيعى بمخالفة قواعد اللعبة السياسية المتعارف عليها. فبدلا من طرح رؤية و مشروع سياسى ذو مغزى و أهداف و مبادئ و قيم سياسية واضحة، آثروا أن يصبحوا مجرد أبواق و ظاهرة إعلامية فى السوشال ميديا Social media و صورة باهتة بدون صوت، فإذا توقفت خدمة الإنترنت مؤكد سيتوقف هذا التهريج السياسى ويتلاشوا إلى الأبد. إنهم مجرد فرقعة إعلامية، أو (ظاهرة إعلامية) كما أسميتهم لا أكثر.

بالطبع يعف لساننا من إستخدام بذيئ الكلام مثلهم، لكن الجميع يعلم ما أعنيه هنا، إذ يدعون بأنهم الحركة الشعبية و ملاك مشروع السودان الجديد، بينما هم أبعد ما يكونون عن هذا المشروع الوطنى. قد يكون البعض منهم كانت لهم مساهماتهم فى إحدى مراحل النضال قبل الإنحراف عن الخط الثورى، و مع إحترامنا لإسهاماتهم تلك، لكن هذا لا يعطيهم حق المزايدة و التجنى علينا كتنظيم. هذا سلوك بعيد عن قيم و أخلاق الثوار و المنضالين. لعلهم يعانون عقدة النقص و يحاولون ما إستطاعوا الإنتصار للذات بإفتعال معارك إسفيرية تافهة فى إطار حرب الوكالة (War by proxy). ظلت هذه المجموعة تسيئ لقيادة الحركة الشعبية و تحاول يائسة النيل منها وتشويه صورتها، لكن حتى الآن لم نسمع أو نقرأ لهم أى طرح موضوعى فى إطار مشروع السودان الجديد، أو طرح أية قضية ذات مغزى خقيقى أو بعد إستراتيجى فى إطار رؤية أو مشرع وطنى من بنات أفكارهم، أو حتى موقف سياسى محدد و مسؤول عن الراهن السياسى فى البلد. و ظل يعبر كل ما نراه أو نقرأه عن ترهات و إسقاطات بلغت حد الإفلاس السياسى و الإساءة الشخصية. نعتقد أن هذه علامات و أعراض لأمراض و صدمات نفسية معقدة تمظهرت فى إختلاق و نسج قائدهم للأكاذيب مثل كذبه المفضوح والذى إختلقه حول مسودة الإتفاق الإطارى الذى طرحه وفد الحركة الشعبية المفاوض وقد فند تلك الأكاذيب الرفيق مقبول الأمين فى مقاله الأخير. كذلك إستمرأ تلفون الكذب الفاضح عندما إدعى بأن الحلو قد سلم ملف الترتيبات الأمنية للدكتور محمد جلال هاشم، فيما سلم ملف قسمة السلطة والثروة للدكتور محمد يوسف أحمد المصطفى فى إقصاء لكوادر وقيادات النوبة! و ظل يكرر كذبه هذا دون إستحياء حتى صدق نفسه، والحقيقة التى يعلمها القاصى والدانى أنه لم يحدث شيئ من هذا القبيل. الشاهد أن المفاوضات لم تبلغ بعد مرحلة الترتيبات الأمنية أو قسمة السلطة والثروة كما يزعم مسيلمة الكذاب. كل ما تم خلال عامين من التفاوض كان حول د:
١. ترتيب ملفات وأجندة التفاوض وقد تم الإتفاق حولها فى ١٨وأكتوبر ٢٠١٩، و وفقا لذلك إتفق طرفا التفاوض على أن تكون الترتيبات الأمنية آخر ملفات التفاوض من حيث الترتيب.
٢. إعلان المبادئ و الذى تم توقيعه فى ٢٣ مارس ٢٠٢١، أى بعد عام ونصف من المفاوضات المضنية.
٣. المفاوضات حول مسودة الإتفاق الإطارى المفترى عليها و التى بدأت فى مايو ٢٠٢١ و وصلت إلى طريق مسدود. وحتى اللجان المتخصصة التى أقترحتها لجنة الوساطة وإتفق عليها الطرفان لمناقشة القضايا والمقترحات التى طرحها وفد الحركة الشعبية المفاوض فى مسودة الإتفاق الإطارى لم يترأس أيا منها محمد جلال هاشم أو محمد يوسف أحمد المصطفى. فاللجنة الفنية التى ناقشت بعض القضايا والمبادئ ذات الصلة بالترتيبات فى مسودة الإتفاق الإطارى كانت برئاسة عضو وفد التفاوض الرفيق الجاك محمود أحمد الجاك، أما اللجنة القانونية كانت برئاسة مولانا متوكل عثمان سلامات، بالإضافة لجنة قضايا الحكم برئاسة الأستاذ كوكو محمد جقدول. و كل اللجان الفنية شكلها رئيس الوفد شخصيا الرفيق عمار آمون دلدوم و كانت ترفع التقارير لرئيس الوفد مباشرة والذى يقوم بدوره بدعوة بقية الوفد للإجتماع و تقييم الموقف. ما ذهب إليه تلفون كوكو من أكاذيب كما قلنا يأتى فى سياق معركة مفتعلة، و هو أمر مفهوم بالنسبة لنا فى إطار حرب الوكالة و تضليل الرأى العام وتعبئته ضد الموقف التفاوضى للحركة الشعبية بإختلاق هذه الأكاذيب، و من هنا تأتى مسئوليتنا الأخلاقية فى التصدى لهذه الأكاذيب كشف و دحض و فضح هذا الأسلوب الرخيص و اللا أخلاقى من شخص لا يحترم عقول القراء بينما يزعم أنه يقود سفينة نوح. فمن سبق وطالب بإستسلام الجيش الشعبى و تسليم سلاحه للعدو فى إجتماعات المجلس الإستشارى غير مؤهل لإبتزاز قيادة الحركة الشعبية و المزايدة عليها بهذا الأسلوب الرخيص.

شد إنتباهى وجود عدد من الخيوط و النقاط المشتركة فى الشذوذ السياسى، فدائما ما يعانى الشذاذ من بعض الأمراض النفسية كنتاج للضغوط و الصدمات الكبيرة التى تعرضوا لها سواءا كانت إجتماعية، إقتصادية أو نفسية شكلت مجتمعة حالة من الإستياء و العقد النفسية أفرزت هذه المشتركات التى تجمع مجموعة حركة ثانى أيام عيد الأضحى الذين أسموا أنفسهم بمؤتمر جوبا حولوا وليمة و شعيرة دينية الى مناسبة سياسية، الأمر الذى أدى إلى إعتذار و فرار بعض أصحاب الضمائر الحية الذين تفاجأوا باللافتات و الكاميرات، و من ثم فوجئوا بالبيانات و القرارات و التصريحات تترى فى هرطقة إعلامية و تهريج سياسى ينم عن خواء سياسى و فكرى لا أكثر.

لا أريد عن أنصب من نفسى حاكما للأفكار والمواقف بإعتبارها شاذة أو سوية، لكنى أرى أن هذه المجموعة بعد إنهيار ما يسمى بالأغلبية الصامتة و تشظيها و تبعثر مؤيديهم على قلتهم و إنضمام رئيسهم و قائدهم جلاب لمجموعة عقار و إلتحاقه بسلام جوبا، آثر البعض منهم إختيار كراسى السلطة فى الخرطوم مقابل مساومة جذور المشكلة و القضايا المصيرية فذهبوا و إندمجوا فى تنظيمات مناوئة لمشروع السودان الجديد، فيما فضل البعض الآخر البقاء فى شوارع وأزقة جوبا و آخرون كلاجئين فى دول المهجر. إرتبطت هذه المجموعات بقوى السودان القديم المشهود لها تاريخيا بالعداء لمشروع السودان الجديد، وليس أدل على ذلك من اللقاءات والزيارات السرية للجنرال شمس الدين كباشى، العميد أمن قنصل سفارة السودان فى جوبا، بالإضافة إلى زيارات ولقاءات البعثى صديق تاور وآخرين كنا نرصدهم. خاطبت هذه القوى مشاعر و وجدان هذه المجموعة، و حفزتها معنويا و فنيا و ماديا حتى صدقت هذه المجموعة بأن لها القدرة على تشكيل الوعى السياسى الجمعى السالب ضد الحركة الشعبية فى محيطها المحلى الداخلى و الخارجى و التصدى لقيادة المشهد السياسى،
لكن ما نراه الآن تراجع كبير لهذه المجموعة نسبة لغياب الرؤية و البرنامج السياسى، و تواضع قدراتهم و خبراتهم فى إدارة الفعل السياسى و قيادة العمل التنظيمى، ناهيك عن نقاط ضعف أخرى كثيرة، فضلا عن إكتشاف بعض منهم أنهم صاروا ضحايا خدعة و مؤامرة سياسية ماكرة و علموا أنهم تم الزج بهم فى أتون صراع وهمى لا ناقة لهم فيه ولا جمل، فقرروا الإبتعاد و الخروج من هذا النفق المظلم. الآن صارت فلول المجموعة تعتمد على كوادر هشة لا حولة لها ولا قوة و لا سوى الإنخراط فى كتابة ونشر الشائعات و بذيئ الكلام، و نعلم خلفياتهم جيدا و سوف نقوم بتعريتهم جميعا و الأيام بيننا.

أين أنتم من التصدى لفتوى إعلان الجهاد على شعب شعب النوبة؟، أين أنتم من التصدى لمخططات التطهير العرقى و التغيير الديمغرافى وطمس الهوية و إحتلال الأرض؟ أين أنتم من قضايا الثورة و التغيير الجذرى و إعادة هيكلة الدولة؟ أين أنتم من كل هذه القضايا، أم أنكم بتم الأقرب من المعسكر الإنقلابى و الفلول و جلادى الشعب يتم تحريكم كالدمى ضد الثوار المناضلين؟! فمن باع ضميره لأصحاب السلطة و المال لا نستبعد أن يبيع الجبال أرضا و شعبا”. ما من وقت نضيعه مع هؤلاء. فقط نذكركم بالحرب الثانية وكيف التحم شعبا الإقليمين بكل مكوناتهما داخل المناطق المحررة وفتحوا منازلهم دون تمييز، تذكروا أيضا عندما ذهب بعض القيادات من التنظيم و إختاروا الوقوف فى الجانب الخطأ من التاريخ فتساقطوا كما أوراق التوت أمثال الراحل محمد هرون كافى، دانيال كودى أنجلو، جلاب و اخيرا مالك عقار و عرمان لم يحدثوا أى تأثير أو تغيير يذكر لصالح النظام البائد أو المعسكر الإنقلابى الحالى، كما فشلوا فى تحقيق حلم العدو بشق و تدمير الحركة الشعبية و الجيش الشعبى فذهبوا فى سبيل حالهم و إنتهوا إلى أفراد عاديين بعد أن فقدوا الحاضنة السياسية. هنا يكمن الدرس و يكمن سر و قوة عضوية الحركة الشعبية و مؤسساتها و جماهيرها!!

أفعلوا ما شئتم أو ما يحلو لكم، فنواياكم باتت مكشوفة و حربكم بالوكالة فاشلة و خاسرة لا محالة. فمن يريد المساهمة فى أحداث تغيير سياسى فيتعين عليه مغادرة هذا القطار المعطوب و الفاقد للبوصلة.

النضال مستمر، و النصر أكيد،،،

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.