مالك عقار، السقوط الداوي …و فقدان البوصلة السياسية (1-3)
أنس آدم إبراهيم
طالعنا و بِمحض الصُدفة حِواراً على شاشة فضائية النيل الأزرق، أُجري مع المدعو مالك عقار أير _ الرئيس السابق للحركة الشعبية، بتاريخ 18 نوفمبر 2020. كل ما جاد به في هذه المقابلة، كان في مجمله حديثاً إرتجالياً يحمل في طياته العديد من التناقضات Contradictions. تُنبئ عن خوائِه السياسي و عُقدة النقص Inferiority complex التي كست وجهه طِوال فترة الحِوار، محاولاً تقدِيم نفسه لِمشاهدي البرنامج كسياسي حصيف على درايه بِبواطن الأمور، لكن لِسان حالِه يقول عكس ذلك.
دعوني إقتبس جُزءاً من حديثه الذي وصف فيه القائد عبد العزيز آدم الحلو بِالمُنشق مِن الحركة الشعبية. بالطبع حديثه مُوثّق و مقاطع الفيديو محفُوظة و كذلِك مُنتشرة في العديد مِن الوسائِط الإعلامية. قائلاً: (عبد العزيز دا إنشق مِننا كحركة شعبية و نِحنا بِنمِد ليهو دايماً غُصن الزيتون نِحنا دايرنو يكون معانا في العملية السِلمية). إنتهى الإقتِباس،،،
إن مزاعِم عقار و إدعائِه إنشقاق القائد عبد العزيز آدم الحلو من الحركة الشعبية، محض فِرية لا يدعمُها أي أدِلة أو أسانيد. بل و تدحضها شواهد و وقائع لا تُحصى، كما أن هذه الإدِعاءات و الأكاذيب لا تعدو كونّها تنصلاً من المسؤؤلية التاريخية The Historical responsibility و هروباً إلى الأمام للتغطية على المؤامرة الخطيرة التي تمت تدبيرها ضد الحركة الشعبية، ومواصلة لحلقات و مخططات إجهاض الثورة. تلك المؤامرة التي نسج خيوطها الثنائي عقار و عرمان. لذا فمن الأهمية بِمكان دق الصفائح كي تستبين الحقائق و الفضائح … و هذا ما سنذهب إليه في هذا المقال مَحل الكِتابَة.
فلا يُخفى علي أحدِ الحملة العَقرومانِية المُمنهحة و الشعواء التي إنتظمت لِتشويه صورة الحركة الشعبية و التشويش على الجماهير. فضلاً عن تزييف و تحريف تاريخ و طبيعة الخلافات داخل الحركة الشعبية آنذاك و التي أدت إلى إعفاءهما و فصلهما (أي عقار و عرمان) من الحركة الشعبية في العام 2017. فقد دأب هؤلاء على الترويج بأن التغييرات التي طرأت داخل كابينة قيادة الحركة الشعبية و إنتخاب القائد عبد العزيز آدم الحلو، رئيساً للحركة الشعبية عبر المؤتمر العام الإستثنائي الذي إنعقد في أكتوبر 2017 بالأراضي المحررة_كاودا، بأنّه إنقلاب و تارة يقولون أنّه إنشقاق. وتارات أخرى يسوقون الخطاب القديم المتجدد لمؤسسة الجلابة بأن طبيعة الخلافات تعود جذورها إلى أن الحركة الشعبية و قيادتها الحالية تتبنى أطروحات عدائية تجاة الجماعات العربية و الإسلامية أو بالأحرى أنّها ضد العرب و المسلمين، كما قال: المدعو عباس كارا في بعض المناطق بالنيل الأزرق و هو الذي تربى على كنف الجبهة الإسلامية القومية، أي أنه كوز كامل الدسم أو فنقل كُويز (جنى كوز) تسلل إلى داخل الحركة الشعبية لتحقيق مصالحه الذاتية و تمرير الأجندة الإسلاموعروبية.
أما حديث عقار عن أنّهم يمِدون دائماً غصن الزيتون للقائد الحلو لهو كذبة بلقاء وممارسة للفهلوة السياسية و تغبيش لوعي الجماهير. بدليل وقائع و شواهد حملات التعبئة التي تقودها مجموعة عقار _ عرمان، الآن بهدف رسم صورة سالبه عن الحركة الشعبية و تصويرها وكأنّها حركة مناطقية تعمل في إطار الإقليمين . كما وصفوا المنتمين لها بالتقزيميين و الإنقصاليين و الإنقلابيين و غيرها من النعوت. إذاً ماذا يعني عقار بغُصن الزيتون؟. فالذي يمد غصن الزيتون لا ينبغي أن يغدِر و يطعن من الخلف.
فقد ظلت هذه المجموعة و ما تزال تُحيك المؤامرات و تنسج خيوط الدسائس ليلاً و نهاراً للنيل من الحركة الشعبية و قيادتها. فالشواهد والوقائع تؤكد بما لا يدع مجالا ً للشك سعيهما (أي عقار وعرمان) و على مضض لإستهداف الحركة الشعبية و ما الوثائق المسربة إلا خطة إستراتيجية موضوعة بميزانية و موارد مُخصصة تُقدر بملايين الدولارات لتفكيك و تصفية الحركة الشعبية و الجيش الشعبي، صمام أمان الثورة و أمل المهمشين. ففي تقديري هذا هو غصن الزيتون الذي يقصده عقار لا غير. فالوثائق و الممارسات تكشف زيف إدعاءاته وتدحض أكاذيبه، دعك عن التحركات و الأنشطة المرصودة، المضبوطة والموثّقة التي تستهدف الحركة الشعبية و عضويتها.
تأتي هذه السطور في إطار تأكيد المُؤكد و تسليط الضوء على السلوك و المواقِف المُخزية لـــ (عقار _ عرمان) وتعريتها. فإنها غاية في الأهمية حتى نضع الشعب السوداني، المهتمين و المراقبين للشأن السوداني في الصورة و لكي يكونوا على بينه أيضاً. فهولاء إقترفوا أخطاء قاتِلة بحق الحركة الشعبية و الثورة مع سبق الإصرار و الترصد. نذكر منها الآتي:
أولاً، إنحراف الثنائي عقار و عرمان عن مسار الثورة، و تخليهما عن مبادئ و أهداف الحركة الشعبية. عِوضاً عن العمل خارج المؤسسات التنظيمية و الإنفراد بالقرارات المصيرية. و إتباع عقار منهج و سياسية التمكين (البيت العقاري أولاً و أخيراً و ليس قبيلته) على حساب الرؤية، المهمة، الأهداف و المبادئ ( يعني رؤية السودان الجديد تروح في ستين داهيه). و بلغ بِهم الجُرأة حتى أنّهم أنكروا مبادئ و مرتكزات أسياسية في مشروع السودان الجديد، كمبدأ العلمانية Secularism، الذي تقرحت بها حنجرة المفكر و الزعيم، الدكتور جون قرنق دي مابيور، في المحاضرات و قاعات الإستنارة و المنابر التوعوية و التثقيفية و قدّم من أجله كل غالي و نفيس. لأن العلمانية تمثل مخرجاً لإحدى المشكلات و القضايا المُعقدة في السودان، و هي قضية علاقة الدين بالدولة (تسييس الدين Politicize of religion).
ثانياً، تبنيهما مشروع الهبوط الناعم The soft landing project كمشروع بديل لرؤية السودان الجديد، و بالتالي توجيه ضربة موجِعة للمشروع الإستراتيجي (رؤية السودان الجديد) الذي قدّمها الحركة الشعبية كوصفة علاجية للمشكلة السودانية بعد تشريحها و تشخيصها.
ثالثاً، التخطيط لتصفية الحركة الشعبية و الجيش الشعبي و تسليم سلاحه لنظام المؤتمر الوطني، تحت زريعة الكفاح المسلح طويل الأمد ما عاد وسيلة أو آلية ناجعة للتغيير. و ذلك بعد فراغهم من مرحلة تأسيس حزب جديد بإسم الحركة الشعبية للديمقراطية و المواطنة، و تم إعداد منستو و دستور بخصوص ذلك. (حيثياته معلومة و موثّقة للأمانة و التاريخ).
رابعاً، التخطيط و التدبير، بل و عقد صفقة و تفاهمات مع العدو التاريخي و اللدود نظام المؤتمر الوطني، تُفضي إلى توقيع إتفاق سلام يتم بموجبه المشاركة في إنتخابات 2020 لإضفاء النزاهة للإنتخابات و شرعنة نظام الجبهة الإسلامية القومية.
و نواصل،،،
واقع لسان حال أبناء إقليم الفونج يقول: ” لا عقار ولا عرمان يمثلنا “
و للأوطان في دم كل حر يد سلفت و دين مستحق