مؤتمر الخريجين وغياب أبناء الهامش

✍🏿: كمال ضيفان

 

يعتبر قيام مؤتمر الخريجين في فبراير عام ١٩٣٨ من أعظم الأحداث في السودان منذ بداية التعليم الحديث مع بواكير القرن العشرين .
أن التمهيد لقيام مؤتمر الخريجين عام ١٩٣٨ في ظل ثمار التعليم الحديث قد عبرت عنه مؤشرات وأحداث كثيرة ، وإنشاء نادي الخريجين بأمدرمان عام ١٩١٨ وكان بمثابة أول تنظيم يضم المتعلمين علي أساس التعليم وليس المنطقة او القبيلة وبدء نشاطه مهتما بنشر التعليم وتوسيعه بالنشاط الثقافي عامة.
وبعد أن تطور النشاط السياسي وجد طريقه إلي النادي الثقافي الإجتماعي وتحول إلى منبر للعمل السياسي.

وكما أثمر التعليم في السودان، بالإضافة إلى عوامل آخرى خارجية من أهمها الحركة الوطنية المصرية و ثورة عام ١٩٢٤ بقيادة الشباب الأفندية، وقد خضعت ثورة عام ١٩٢٤ لتقييم من قادة ومؤرخين كثر.
فكرة المؤتمر وعلاقته بالفكر التنظيمي الهندي وليس فكر المقاومة الهندية الغاندية ( المهاتما غاندي) ، والسؤال هل مثل المهاتما غاندي نموذجا إرشاديا لطلائع المتعلمين السودانين؟

في البداية خرح المؤتمر مرموقا ودعا لإصلاحات جمة، فأصاب كثيرا من النجاح ونجح بوجه خاص في يوم التعليم وجمع الأموال وإفتتح المدارس في شتي أنحاء القطر. وكان له دور ونشاط في الميدان الإقتصادي وفي إصلاح القري وإصلاح الفرد و محاربة الأمية، وتحسين الصحه العامه إلي آخر ما إلي ذلك مما جعل المؤتمر مرجوا.

لقد كان مؤتمر الخريجين عبارة عن آراء وغايات تعبر فقط عن الخريجين دون سواهم ولكن بمجرد ميلاد الحركه الوطنية إنحرف المؤتمر عن مساره.
وبالنسبة لمذكرة حق تقرير المصير وعن الرأي الرسمي للمؤتمر فقد أحيطت بتكتم رهيب ولم تمنح الديمقراطية للإدلاء فيه حتي للجان الفرعية التي تتبع له. ونجد أن الإنقسامات داخل المؤتمر في البدايه تمت علي أساس الصداقات وتجانس الميول ثم تطورت بأن أخذ كل فريق إسما سياسياً له، فمنهم من يريد للبلاد إندماجا مع مصر ومنهم من بريد لها إتحادا ومنهم من بريد لها شيئاً لا هو بهذا ولا هو بذاك، وإنما يختلف عنها إختلافا هو على أقل تقدير في تخليد أصحابه، وعلي أولئك إنبنت وتأسست الأحزاب وتعددت وإختلفت .

إختلاف جوهري آخر غير جوهري ولكنهم متفقون علي الإحتراب علي كراسي المؤتمر وحرب المذكرات مع الحكومة، وبعد تبادل المذكرات مع الحكومة وبعدها حصلت المساومات والترضيات بين من يريد الإنجليز وبين من يريدون المصريين وظهرت الوثيقة التي تنص على حكومة ديمقراطية حرة في إتحاد مع مصر وتحالف مع بريطانيا وقد عرفت بوثيقة الأحزاب المؤتلفة في عام ١٩٤٥ التي تبناها المؤتمر في إكتوبر.
وهذا كان موقف سياسيينا ومثقفينا إن لم يكن كلهم فهو جلهم موقف مخالف للمبادئ الأساسية.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.