لماذا يتفرج الشعب السوداني على الحرب؟

كتبه:✍️ محجوب مدني محجوب

 

سؤال يفرض نفسه:

لماذا يتفرج الشعب السوداني على هذه الحرب الدائرة في السودان الآن بين الفريق البرهان ممثل عن الجيش وبين الفريق حميدتي ممثل لقوات الدعم السريع؟

لماذا لم يخرج الشعب السوداني عن بكرة أبيه داعما ومساندا جيشه ويحسم المعركة لصالح جيشه؟

وهل إذا هجمت قوة خارجية على الخرطوم سيكون موقف المواطنين مثل هذا الموقف الذي انحصر في الدهشة والمراقبة والمشاهدة على الحرب وكأنها تحدث في كوكب آخر ؟

 

سببان رئيسيان أدا إلى وقوف السودانيين متفرجين على الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع وليس من هذه الأسباب كون الفريقين يحملون الجنسية السودانية.

وليس من هذه الأسباب كون الفريقين لهم قبائل وجهات تدعم كل فريق من الفريقين.

ليست هذه هي الأسباب التي جعلت السودانيين متسمرين لا يحركون ساكنا إزاء الحرب بين الطرفين

فما هما هذان السببان إذن؟

 

السبب الأول:

هو أن كلا الفريقين لا يمثلان الثورة التي أسقطت النظام البائد.

فالجيش بقيادة الفريق البرهان جعل من الإجراءات التي قام بها منذ العام ٢٠١٨ مولد قيام ثورة ديسمبر جعلت هذه الإجراءات تشهد ضده.

هذه الإجراءات التي قام بها البرهان سواء المباشرة أو غير المباشرة جعلت منه عدوا للثورة لا ناصرا لها.

فمن الإجراءات المباشرة قيامه بانقلاب في ٢٥ أكتوبر على حكومة الفترة الانتقالية بقيادة حمدوك والتي وضع الشعب عليها آمالاً عريضة.

ومنها عزله لرئيس وزراء الثورة وعدم جديته في إيجاد بديل له.

بل عمل على إعادة رموز النظام البائد لجميع المؤسسات الحكومية وإعادة الأموال والأراضي التي نهبوها لهم وفك حساباتهم وحسابات شركاتهم المجمدة اليهم.

ومنها عدم حسمه لأي قضية من القضايا العالقة سواء تلك الخاصة بأرواح الشهداء أو تلك الخاصة بنهب وسلب ثروات البلد .

ومن الأسباب الغير مباشرة خطابه الغير صادق والغير ثابت في جميع تعامله مع أهداف الثورة.

فتارة يقول أنه مع الثورة، وتارة يقول أنه غير مستعد لتسليم الدولة لعشرة أشخاص.

ومرة يقول أنه ضد النظام البائد، ومرة لا يستطيع أحد أن يميز بينه وبين النظام البائد.

ومرة يدخل رموز قوى الحرية والتغيير السجن لدواعي جنائية على حد قوله، ومرة يفرج عنهم دون أي إشارة لتلك الدواعي الجنائية.

ومرة يقوم بتأسيس وبحماية (الاتفاق الإطاري) ومرة ينقلب عليه.

هذا الجو المتناقض الذي أحدثه الفريق البرهان منذ ظهوره بعد قيام الثورة جعلت حتى المتعاطف معه لا يستطيع أن يقول عنه أنه مساند للثورة.

أما الفريق حميدتي فكونه زعيم لميليشيا الدعم السريع التي ارتبطت بالنظام البائد ولا يمكن كذلك أن تنفك عن تاريخها الدموي في ولاية دارفور إبان الحكم البائد، فضلا عن ذلك فإن قواتها ليست قوات تنتسب للقوات النظامية لكل هذه الأسباب لا يمكن بحال من الأحوال أن تتبنى هذه المليشيا أهداف الثورة.

مهما ادعى مناصروها والمتحدثون باسمها ..

أقصى ما تصل إليه هي أن تقول أنها ليست عدوا لأهداف الثورة.

أقصى ما تصل إليه هي أن تقول أنها لن تقف حجر عثرة في وجه متطلبات الثورة.

أما أن تمثل هذه الميليشيا الثورة والحكم المدني أو الدولة الديمقراطية أو أن تكون هي اللواء الذي يحمل أهداف الثورة فلا تاريخها ولا شكل تأسيسها ولا إمكانيتها تسمح لها بذلك.

السبب الثاني:

هو ارتباط الجيش بالنظام البائد لمدة ثلاثين عاما جعلت منه جسما على الأقل يحتاج لقيادة تجعل الشعب يثق فيه.

تجعل الشعب يعيد ارتباطه به كحامي لتطلعاته وبلاده.

أما أن يعيد الشعب ثقته في جيشه هكذا مباشرة دون ظهور رموز عسكرية وطنية تفصل بين العهد البائد وعهد ما بعد الثورة بحيث تعبر عن آمال هذا الشعب فبذل هذه الثقة يبدو أمراً في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا.

لهذين السببين يتفرج الشعب إزاء الحرب الدائرة بين جيش الفريق البرهان وميليشيا الفريق حميدتي.

بالرغم من أن هذه الحرب يعتبر أول المتضررين منها هو المواطن، وبالرغم من أنه سوف يكون أول ضحاياها.

ظل هذا المواطن يتفرج على الحرب وكأنها لا تعنيه في شيء لأن الجيش بقيادة البرهان بعيد عنه.

ولأن ميليشيا الدعم السريع شكلا وموضوعاً بعيدة عن طموحات الشعب وتطلعاته.

 

السبب الثالث:-

انتصار الجيش في هذه الحرب يعني عودة النظام البائد بقضه وقضيضه وهو المساند حالياً لهذه الحرب والذي أشعل شرارتها

وانتصار ميليشيا الدعم السريع يعني دخول البلاد في نفق مظلم لن تخرج منه إلى قيام الساعة من القبلية والعنصرية والفوضى ..

وهما أمران أحلاهما مر ..

لذلك يقف الشعب موقف المتفرج حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً ودعاؤه لرب العزة: اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا اللهم من بينهم سالمين ..

محجوب مدني محجوب

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.