لماذا تصر الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال SPLM-N على علمانية الدولة؟

 

تقارير: splmn.net

الدولة السودانية الحديثة منذ تأسيسها في العام 1821 عملت على زج الدين في الشأن العام ومكنت (علماء الإسلام السياسي) للسيطرة على السلطة والثروة.

وبعد خروج المستعمر في العام 1956 كان الصراع حول تأسيس الدولة الدينية هو الطاغي والمسيطر على حوارات النخب التي ورثت الحكم والسلطة والثروة من المستعمرين حيث أصروا على إقرار (دستور إسلامي) يوجه البلاد بهدف إقصاء وتهميش الآخر المختلف (ثقافيا ودينيا) من أجل الحفاظ على تلك الإمتيازات التاريخية الإقصائية.

تبنت تلك النخب الفاشلة الآيديولوجيا (الإسلاموعروبية) للوصول إلى مبتغاهم، وأصبح الخطاب الرسمي (السياسي، الإعلامي، وفي مناهج التعليم) هي الأدوات الإستراتيجية لتحقيق هذه الأهداف.

تم إستغلال السودانيين بهذا الخطاب مستفيدين من التركيبة الإجتماعية الهشة والمشوهة للوصول إلى السلطة في كافة الحقب التاريخية، وتم تتويجها بإقرار (قوانين سبتمبر) 1983 وإنقلاب الإسلاميين في العام 1989.

هذه القوانين التي إرتكزت على مبدأ (الحاكمية لله) والتي لا تسمح بحكم وسلطة (غير المسلم) أقصت بقية الشعوب السودانية وحولتهم إلى مواطنين من (الدرجة الثانية) في دولتهم.

الدولة الدينية فرقت بين الشعوب وأشعلت الحروب بإسم الدين عبر الفتاوي الدينية والعنصرية مما أدي إلى تقسيم المواطنين وإنفصال جنوب السودان. وكانت أسوأ نظام حكم مر على البلاد حيث تم ممارسة الإقصاء (العرقي والثقافي والديني والسياسي والإقتصادي) بأبشع صورة. أضف إلى ذلك إرتكاب الجرائم ضد للإنسانية وجرائم الحرب والإبادة، كل ذلك تم بإسم الدين.

يفتخر (الإنقاذيون) الذين حكموا السودان في الفترة (1989 – 2019) بانهم بنوا (5,000) جامع في العاصمة المثلثة تحديا وتفوقا على القاهرة التي إشتهرت في السابق بانها قاهرة ال(1,000) جامع.

الإسلاميين يفضلون العيش في الدول العلمانية التي تتيح الحريات ويريدون فرض نموذج (الإسلام السياسي الإقصائي) على شعوب بلدانهم.

الدولة العلمانية لا تميز بين (المواطنين) وتتيح حرية الإعتقاد والعبادة وممارسة الشعائر الدينية.

مهمة الدولة هي تقديم الخدمات للمواطنين بعدل ومساواة وبدون تمييز، وليس مهمتها (إدخال الناس إلى الجنة).

العلمانية توفر لكافة المواطنين – بمن فيهم المختلفين في الطوائف الدينية – وفئات (النساء والشباب) الحرية والعدالة والمساواة. وكذلك تتيح المجال للإبداع العلمي والتقدم.

العلمانية هي واحدة من شروط الدولة الحديثة، ولها علاقة وثيقة بالإعلان العالمي لحقوق الانسان.

الدولة الدينية في السودان صرفت أموالا طائلة لبناء (المساجد) وليس (المدارس) وفرخت الأصوليين والمصابين بالهوس الديني والإرهابيين الذين يقتلون الناس في المساجد والكنائس.

أضر إستغلال الدين في السياسة بالعملية الديمقراطية بإشاعة أجواء التكفير والإقصاء والتضييق على حرية التفكير والتعبير ومطاردة أصحاب الآراء الحرة وتصفية الخلافات السياسية بإستخدام تفسيرات الحاكمية، وقد يؤدي الأمر للقتل كما حدث لمحمود محمد طه الذي أعدم في العام 1985. وكذلك تم إستغلال الدين في الدعاية الإنتخابية.

في السودان بعد إستغلال الدين لأكثر من ثلاثين عاما من قبل نظام فاشي، فقد أثر ذلك على السكان سلبا في سلوكهم وتصرفاتهم (العصبية الدينية والتطرف، عدم قبول الآخر، والإرهاب بكافة أشكاله، …إلخ).

الدول الديمقراطية ذات الحكم الرشيد تخلصت من تأثير الدين في السياسة وخطر الإسلام السياسي وحافظت على إستقرار البلاد وحققت التنمية والرفاه والتقدم.

العلمانية تعني المواطنة المتساوية ومن يعترض عليها فإنه ينتقص من حق الآخرين.

لمعالجة هذه المشكلات لابد من بناء دولة علمانية ديمقراطية تقبل وتحترم الجميع دون تمييز.

لذلك تتمسك الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بالدولة العلمانية الديمقراطية.

على كافة قوى التغيير الإختيار الآن: دولة تسع الجميع، أو تقسيم البلاد وإلغاء الحدود الجغرافية المعروفة ب(السودان).

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.