لقاء مع أحد رواد التعليم في جبال النوبة … منذ أيام ( مدارس الغابة )

 

التقى الموقع الإلكتروني للحركة الشعبية لتحريرالسودان – شمال مع أحد اعمدة التعليم في إقليم جبال النوبة ، الأستاذ الرفيق كوكو الدقير دمجلا ، أبن كاودا وهيبان ، وهو احد الشخصيات التي لعبت دورا بارزا في تعزيز التعليم في مناطق سيطرة الحركة الشعبية بجبال النوبة ، طوال رحلة الكفاح من اجل التحرير منذ بواكير الثمانينات من القرن الماضي .
أفادنا كوكو بمعلومات مهمة تستحق ان تجد حظها من التوثيق ، حتى تتعرف عليها الأجيال ، فإلى مضابط الحوار .

حاوره: مروان ملقة

س1 – مرحبا بك الاستاذ كوكو الدقير دمجلا في الموقع الألكتروني للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ، اولا حدثنا عن التعليم في ريفي هيبان ، كيف كان في السابق ،قبل ان تصبح المنطقة تحت سيطرة الحركة الشعبية
ج 1 كان التعليم صعب جدآ خاصة بالنسبة للضعفاء ، لأن التعليم في ذاك الوقت كان محصورعلى أبناء السلطة والمال ، وبالرقم من انه كان هناك مدارس في المنطقتين ،( كاودا – وهيبان ) لكنها لم تكن كافية لكل سكان ريفي هيبان نسبة للكثافة السكانية
س2 – متى وكيف بدأت فكرة مدارس الغابة ؟
ج 2- في عام ١٩٨٨م توقف التعليم في ريفي هيبان نهائيا بعد إندلاع الحرب في جبال النوبة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة الخرطوم واستمرت الحياة بدون تعليم بمناطق سيطرة الحركة الشعبية لمدة ( ٧ ) سنوات من( ١٩٨٨م – ١٩٩٥م) لكن عندما شعرنا بحجم الضرر الذي يقع على أطفال جبال النوبة ، وبحكم مسؤوليتنا في القطاع المدني ،وانشغال الرفاق العسكريين بالعمل العسكري ، تحركنا من كاودا وذهبنا إلى القائد يوسف كوة مكي في منطقة ( شنقارو ) في ريفي أم دورين وطرحنا له فكرة التعليم في ظل الحرب رحب بالفكرة مبدئيا وطلب منا التصور وطريقة العمل ، في وقت كانت فيه تدور العمليات العسكرية بين قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان وقوات العدو ، لكن تمكنا من طرح تصورنا بشكل مبسط جدا وتفهم هو الموقوف ، نظرا الى ان يوسف كوة هو ايضا معلم ، وأكثر ألناس حبا للتعليم ، وقرر ان نبقى معه لفترة لمناقشة الفكرة بشكل أفضل وقد كان . وفي النهاية تمكنا من الاتفاق مع المعلم القائد يوسف كوة مكي بفتح مدارس الغابة BUSH SCHOOL
وقمنا بإستدعاء المعلمين القدامى وكل من له علاقة بشئون التعليم داخل صفوف الجيش الشعبي لتحرير السودان بغرض المساعدة في التعليم ، بعدها نظمنا ورشة لتدريب أول دفعة للمعلمين
بمنطقة ( شنقارو ) كان عددهم( ٢٦ ) معلم ومعلمه وتم اختيارونا لمواصلة التدريب وكنا ( ٨ ) معلم وتم تقسيم المشرفين على الأرياف.

س3 – هل يمكن ان تذكر لنا المدارس الأولى ، ومتى تم تأسيسها ؟
ج3 – تم تأسيس اول مدرسة في العام ١٩٩٥م وهي مدرسة كاودا النموذجيه التي حدث فيها أول مجزره للطلاب من قبل طيران الخرطوم في عام ١٩٩٧م ثم عدد من المدارس في نفس العام ١٩٩٥م مثل مدرسة( كمبرا – كرندي – أراد – كارقا …..الخ) ومعظم المدارس كانت في ريفي هيبان في الفترات الأولى.
س4 – هل تذكر اسماء بعض المعلمين الأوائل في مدارس الغابة؟
ج4 – اوائل المعلمين على سبيل المثال الشهيد المعلم سايمون كالو كومي ، الشهيد المعلم التجاني تيمة ، والأستاذ عوض جبرالله كوة ، الشهيد/الأستاذ يعقوب النور عبداللطيف والأستاذ المكي كافي المكي والأستاذ فاروق موسى .
س5- كيف كانت المقومات التعليمية في هذه المدارس ؟
ج5 – لا يوجد أي مقومات في ذلك الوقت. لا كتاب ،ولا طباشير، ولا حتى سبورة ،ولا فصل ولا كرسي يجلس عليه المعلم . بدينا ( برواكيب)، و(الحجر والحطب مقاعد للتلاميذ والمدرسين)، (الجير الأبيض والفحم طباشير) لكن بروح العزيمة والإصرار بدينا حتى ما وصلنا إلي ما نحن فيه اليوم.
س6 – كم كان مرتب المعلم انذاك؟
ج6 – ضحك. نحن من قررنا تعليم أطفال الجبال وليس هنالك أي جهة مسؤوله من مرتبات للمعلم ولا من رسوم التعليم حتى اللحظة ناهك عن زمان . فكانت الحياة صعبة جدا حتى الاسوق لا توجد فيها عملة للتداول بين المواطنين في الأسواق فكانت التجارة محدودة وهي عبارة عن مأكولات محلية فقط والبيع والشراء عبارة عن عملية تبادل السلعة بين المواطنين( انت محتاج لهذه وأنا محتاج لذاك) نتبادل وفي الأشياء الكبيرة مثل البهائم تحسم البيع بالتبادل. فالمعلمين يدفعوا للطالب بعض إحتياجاتهم ليستمر في المدرسة وليس العكس الطالب أو ولي أمره يدفع للمعلم شيء. التعلم مجاني واجباري ، ومهنة التدريس طوعية ،وهي كانت بمثابة واجب وطني يجب ان يؤديه المعلم .
س7 – قمتم بتقسيم مشرفين على قطاعات اذكر لنا عدد القطاعات والمشرفين؟
ج 7- بعد عمليات شرسه وبفضل الجيش الشعبي توسعة الرقعة الجغرافية للأرضي المحررة وقمنا بتعيين مشرفين تربوين في مناطق مختلفة منطقة ( لقاوة ) تم تعين المشرف التربوي الاستاذ ( تاو كنجلا تية )في غرب كادقلي الاستاذ (جعفر الفاضل) وفي منطقة امدورين الأستاذ ( كنونة شنطة) و في منطقة هيبان شخصي ( كوكو الدقير دمجلا) .
بعدها قمنا بتدريب المعلمين في كاودا وكان عددهم
( ٣١ )وتمكنت من تأسيس ( ٢٦ ) مدرسة أساس في الفترة مابين ١٩٩٦م – ٢٠٠١م. في المراكز الثلاثة لريفي هيبان ( إلدو – كمبر – إيرال ).
س8 – حدثنا عن السلم التعليمي والمناهج الدراسية في ذلك الوقت؟
ج8 لم يكن هناك أي منهج أو سلم تعليمي متبعه في تلك الفترة ، بدينا اولا بتعليم الأطفال الحروف من اللغتين الإنجليزية والعربية وتركيزنا كله كان في تعليم الأطفال القراءة والكتابة بأي لغة وكنا نركز مع اللغة الانجليزية أكثر إلي أن وصلتنا المناهج والسلم التعليمي من شرق إفريقا وتمكنا من تنظيم وترتيب طريقة التدريس وفق المناهج الدراسية المتوفرة وهي عبارة عن مناهج لمرحلة الأساس مكتمل وبدء التعليم يتقدم نحو الأمام بشكل أفضل وشعرنا بالراحة.

س9 – في رأيك ماهو تأثير المناهج الدراسية التي تأتي من دول الجوار على ثقافة مجتمع جبال النوبة ؟
ج9 – صدقني له تأثير كبير من كل الجوانب لكن بالمقابل نحن اعتبرنا نفوسنا خارج الدولة السودانية وقررنا ركوب الصعاب لنتعلم القراءة والكتابة ونحمد الله باننا كنا داخل وطنا وسط الثقافة والتراث النوبة بالفطرة. رغم غياب الثقافة والتراث في المنهج الذي يدرسه أطفالنا. لكن في نفس الوقت ثقافة إنسان جبال النوبة لم تكون موجودة أصلا في المناهج التي تاتينا من ( بخت الرضا ) سابقا. مناهج السودان لا تهتم بإنسان جبال النوبة ، فهي موضوعة بخلفة اسلامية عربية ، وتاريخ الفتوحات الإسلامية ، والحروبات الصليبية وبطولات مزيفه لشخصيات غير سودانية. فكان أفضل لنا مناهج من دول إفريقية لأننا على الاقل افارقة . أفضل من المناهج التي يتحدث عن تاريخ العرب ودول عربية ونحن لسنا عرب .
باختصار مناهج السودان ليس له علاقة بإنسان جبال النوبة نهائيا ، نفس مناهج شرق إفريقيا.
س10 – أذكر لنا بعض الطلاب كانوا في مدرسة الغابة والان مكان فخر عندكم كمعلمين مدارس الغابة؟
ج10- بصراحة عدد كبير من الطلاب من مدارس الغابة BUSH SCHOOL الان مكان فخرنا ومنتشرين في كل مكان ، البعض منهم أصبحوا أستاذة جامعات ، وموظفين في البنوك وفي الصفوف الأمامية للثورة إلا أن الإبن الدكتور/ مارتن زكريا نوح والذي حصل على ماجستير في الاقتصاد. وهو موجود الان داخل الأرضي المحررة و يعمل بنفس الروح التي اتربى عليها من مدرسة الغابة.وربما يختلف معي بعض زملائي المعلمين في ذلك الفترة الصعبة لكن انا أعتقد ان الدكتور مارتن زكريا على رأس المجموعة ويجب عن نفتخر به . لأنه درس في كليتي ( الطب و الاقتصاد ) وهي أصعب الكليات في الجامعات .
س11 – ماذا عن مناهج السودان الجديد المرتقب ؟
ج 11 – قضية مناهج السودان الجديد تم مناقشتها في ورش متعددة ، أخيرا في مؤتمر التعليم الذي انقعد في هيبان قبل ثلاثة سنوات عام ٢٠٢١م والذي حضره عدد من الخبراء في مجال المناهج التربوية التي جاء تحت شعار 🙁 المنهج مراءه الأُُمة ) فإن إدارة التعليم على مستوى السلطة المدنية للسودان الجديد هي المسؤولة من إيجاد حل لمشكلة المنهج قبل ان تتخذ السلطة السياسية للحركة الشعبية لتحريرالسودان قرارات مصيرية بشأن إقليمي النيل الازرق وجبال النوبة في حالة استمرار السودان في افتعال الأزمات من أجل بقاء مجموعة محددة على السلطة وقهر الأخرين تحت مسميات مختلفة وصناعة مليشيات عرقية ضد الشعب السوداني. لأنه السودان في مفترق طرق ، فلابدا من إدارة التعليم ان تجهز المنهج بأسرع فرصة ممكنة.
س12 – هل أنت راضي عن إنجازاتكم في تأسيس التعليم في المناطق تحت سيطرة الحركة الشعبية ؟
ج12- نعم راضي كل الرضا ولدي الكثير لأقوله، الان داخل إقليم جبال النوبة فقط لدينا أكثر من (٢٧٥) مدرسة أساس وأكثر من( ١٦ )مدرسة ثانوية و(٣ )معهد لتأهيل المعلمين ومعهد لتدريب الكادر الصحي ، بالإضافة للمدارس المهنية ومعاهد أخرى لا نريد ان نذكرها الان . و الإنجازات متواصلة ، سنويا الأرضي تحت سيطرة الحركة الشعبية تستقبل خريجين جدد من جامعات مختلفة وبخبرات متعددة ، خريجين تربو تحت ادارة السلطة المدنية للسودان الجديد ، ومنذ ان كانوا أطفال لا يعرفون حاجة عن الخرطوم سوى الطيران الذي يقصف القنابل على رؤسهم وهم داخل القاعات الدراسية.
س13 – متى أصبحت منطقة كاودا تحت سيطرت الحركة الشعبية ؟
ج13 – في عام ١٩٨٩م بعد وصول قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في جبال النوبة وتم تأسيس رئاسة ( لويري ) في عهد القائد يوسف كرة هارون أصبح منطقة كاودا تحت سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان

س14 – رسالة أخيرة ولمن تريد أن توجيها؟
ج14 – اريد أن أوجه رسالة قصيره لمجموعه دولة النهر والبحر الذين حكموا السودان( ٦٨ ) عام وفشلوا في وضع مشروع وطني يجمع السودانيين أو منهج دراسي على الاقل يستطيع ان يجمع السودانيين ، وتجد كل مجموعة اثنية في السودان نفسها عبر المنهج التربوي. وأن يتحملوا انفصال إقليم جنوب السودان والاقاليم الباقيه التي الآن في طريقها الى الإنفصال بسبب السياسات الخاطئة والتي دومآ تقود لنتائج خاطئة حتى ماوصلت البلاد إلى ما نحن فيه اليوم. كما ارسل صوت شكر أخير لزملائي المعلمين ، من مدرسة الغابة الأحياء منهم والأموات الذين كانوا ومازالوا سببأً في تثبت وتخطيط لمستقبل السودان الجديد عبر ترسيخ قيم ومفهوم العلمانية الديمقراطية للطلاب في الأرضي تحت سيطرت الحركة الشعبية لتحرير السودان ، منذ أكثر من( ٢٨ ) عام وهي سنين كافية لتغيير مجتمع حسب الدراسات التي أثبتت بأن تغيير أي مجتمع يحتاج إلى مابين( ١٥ – ٢٠ ) سنة وهذا ما نسعى إليه من أجل بناء جيل وعد قادر على إدارة الدولة. وفي الختام المحبة لكل البشر غض النظر عن إنتماءاهم ومحبة فائقة لكل إنسان ، وللموقع الالكتروني للحركة الشعبية لتحريرالسودان.

بروفايل

– الإسم بالكامل : كوكو الدقير دمجلا – ملقب ب جبرائيل اندروس
– مكان وتاريخ الميلاد:من مواليد ١٩٦٦م بقرية كمبرا تقع غرب مدينة هيبان
– المراحل الدراسية:بداية بمدرسة كاودا الابتدائية، وهيبان المتوسطة، ثم مدرسة تلو الثانوية كادقلي واخيرا امتحنت الشهادة السودانية ببورتسودان الثانوية في ١٩٨٦م
– تاريخ الأنضمام للحركة الشعبية: انضمت إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان بعد ما أكملت الثانوية مباشرة عام ١٩٨٦م
– أول تكليف تنظيمي على المستوى الفردي أو الجماعي : أولا كنت الأمين العام لتنظيم الإدارات المدنية بريفي هيبان انذاك في عام ١٩٨٩م وبعد دخول كتيبة كوش الجديدة جبال النوبة ، بعد ذلك اصبحت سكرتيرا للمجلس الاستشاري في عام ١٩٩٢م حتى ٢٠٠١م ، ثم امينا عاما للحركة الشعبية لتحريرالسودان بمقاطعة رشاد ، وقتها قمنا بتقسيم رشاد كاونتي الي( ٥ ) مراكز لتسهيل العمل السياسي حسب التوجيهات وهم مركز ( إلدو – كمبر – إيرل- كواليب – لوقان ) ومنطقة الرشاد كاونتي كانت تشمل كل من مقاطعة هيبان الحالية ومقاطعة دلامي ومنطقة الدكا وضواحيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.