لإيقاف الحرب يجب إيقاف العقليات التي أشعلتها أولاً وإبعادها..

 

الذين يعتقدون أن الحرب الحالية في السُودان بدأت بتاريخ 15 أبريل 23 عليهم تحسس رؤوسهم ونفض الغبار عن عقولهم… الحرب في السُودان قديمة ولكنها وصلت الخرطوم مُتأخرة… الحرب في السُودان تشتعل مُنذ عشرات السنيين وحصدت وقتلت وشردت الملايين من السُودانيين… الحرب في السُودان أشعلتها عقليات لاتزال تعيش بيننا وتُستنسخ لتُخرب في بلادنا ومُستقبل أجيالها…
الحرب لم تبدأ بالبُرهان وحميدتي وقد لاتنتهي بزوالهما طالما بقيت العقليات التي وراءها تُشعلها وتُأججها وتقف خلفها…
من هؤلاء؟؟ وماهي تلك العقليات؟؟..
هي ذاتها العقليات التي إستأثرت بالحُكم في السُودان وبالثروة ووظفت التنمية علي محدوديتها لصالحها… هي ذات العقليات الإقصائية المُتحكمة والإحتكارية… هي ذات العقليات الإستبدادية والديكتاتورية… هي نفسها من أشعلت الحرب في الجنوب وفي دارفور وفي النيل الأزرق وفي جبال النوبة وفي جنوب كردفان وفي الشرق ثم أخيراً في الخُرطوم…
هروب سكان الخرطوم الحالي من القصف العشوائي والمدفعية وأصوات الرصاص هو صورة مُتكررة و(مُخففة) جداً لما حدث في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق علي سبيل المثال… حركة النزوح وأعمال السلب والنهب وماهو أفظع كلها و العنف بأنواعه والجوع والمرض و الإحتياج والمُعاناة جميعها ظلت تحدث في أجزاء واسعة من السُودان… الهجرة العكسية التي تحدث الآن من الخرطوم للأقاليم والقري ودول الجوار حدثت قبلها من الأقاليم والقري والأطراف للخرطوم حتي أصبحت سُودان مُصغر يعيش فيها ثُلثي أهل السُودان أو نصفهم!…
كُل تلك الحروب لم يشعر بها أهل الخرطوم والمُدن الكبري لأنهم بعيدون عنها ، ففي الوقت الذي كان فيه الأطفال في الخرطوم يذهبون لمدارسهم صباحاً كان في ذات التوقيت الآلاف من أطفال دارفور وجبال النوبة إما يختبئون في الخنادق أو في كهوف الجبال ذُعراً وخوفاً من قصف الطيران والإنتنوف والمدفعية العشوائية…
كل هذه الفظائف وقفت خلفها ذات العقلية وهي من أشعلتها… تم توظيف الدين فيها و العرق و القبيلة ولكنها كلها كانت للوصول لنتيجة واحدة وهي السُلطة والمال والنفوذ… لا يهم أن تُحرق وتُباد قري وتُدك مُدن بأكملها ويُقتل مئيات الآلاف بل والملايين ويُشرد الملايين وينزحوا ولكن الأهم هو البقاء في السُلطة (المُنفردة) والحصول علي الأموال وتقاسمها مع من يجلبون لهم السلاح من ذات الدويلات والدول التي ساهمت وتساهم في الحرب الحالية والخراب الذي يتم من ورائها… سُذج من يظنون إن الحرب الحالية من أشعلها هما البُرهان وحميدتي ومليشياتهم في الجيش والدعم السريع … أو حتي الكيزان فقط؟؟ نعم هؤلاء هُم جزء كبير من صُناعها وأدواتها ولكن العقلية التي تقف خلفها تظل هي نفسها..
العقلية المُتسخة المُستنسخة!…
عقلية الكيزان والأخوان المسلمين والحركة الإسلامية كلها عقليات إحتكارية إقصائية مُتحكمة ولكنهم ليسوا الوحيدون؟؟ هنالك الأيدولوجيون و وكلاء الإستعمار وسماسرة الحروب والعُملاء كلهم ساهموا ويُسهموا فيما يحدث الآن خاصة الذين كانوا في مواضع القرار أو صناعته!!…
لن تقف الحرب الحالية حتي إذا دخلنا في هدنة طويلة وإستقرار وسُكون مؤقت إن لم تُبعد هذه العقليات وتمضي بعيداً وتتوقف عن العبث في مُستقبل البلاد والأجيال القادمة وتجريب المجرّب… سيظل شبح الحرب قائماً في بلد يسهل فيه صنع الصراع والأزمات الإشتعال من وراء وبسبب ذات العقليات المُنتجة للخراب…
بعض من يحاولون الآن الركوض لوقف الحرب الحالية أملاً في إستعادة السُلطة هم نفسهم من كانوا سبباً في إشعالها… هم جزء و أسباب رئيسية من أزمتها الحالية فلن يكونوا جزءاً و سبباً في الحلول … حتي بعض المجتمع الدولي الذي يحاول وقفها الآن مُتلعثماً ومُتأخراً هو بذات العقلية وله إسهامه الكبير فيما يحدث لأنه رهن نفسه (لمجموعة) أدمنت الفشل ولم يفهم بشكل صحيح طبيعة الصراع في السُودان وطريق الحل الصحيح والفاعل لأزمته وظنّ أنه قادر علي الوصول لنتائج مُستحيلة وفقاً لواقع الصراع وأطرافه…
لن تستطيع الحرية والتغيير ولا الجبهة المدنية بتركيبتها الحالية وأدواتها وقياداتها ولا حتي ناس التغيير الجذري ومجموعة الإيدولوجيون إيقاف الحرب أو علي الأقل إستدامة هذا والوصول لتحول ديمُقراطي حقيقي وسلام وإستقرار مالم تُبعد العقليات المتحكمة والإقصائية والمُنكفية وضيقة الأُفق و المتوهمة والنرجسية من المشهد… ذات العقليات من الفئة القليلة التي ذواتها تعشق الظهور والحديث من خلف الشاشات (بالبدل والكرفتات ولا بأس من بعض الأزياء الأفريقية ) وآخرين يعشقون التحرك في الظلام ليس فقط البُرهان وحميدتي و الكيزان فقط من عليهم الترجُل والإبتعاد ليتعافي هذا السُودان وينهض!!!…
الواقع الآن مُختلف يحتاج لمواجهة (شُجاعة) أولاً ويحتاج لقيادة جديدة وحقيقية ولأدوات جديدة أُخري ليس من بينها مؤكد (الفقه الإطارئ والفقه الجذري والمشروع الإقصائي الإسلامي)…
من يعتقدون أنهم ورثوا الوصاية علي بلادنا عليهم تحسُسس مواقع أقدامهم… فالتغيير قادم من خلف أصوات الرصاص وبعد إخماده… فالأولوية الآن نقولها ونكررها لدينا في وقف الحرب…

#السُودان أولاً والديمُقراطية
#لاللعقليات التي صنعت وتصنع الحرب
#لا للحرب نعم للسلام والتغيير
3 مايو23

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.