كيف يعبر الإعلام القومي عن التنوع؟
وكالات: splmn.net
أعادت حادثة اقتحام مباني الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون في بورتسودان صباح الخميس 20 يونيو 2024 طرح الكثير من التساؤلات حول قومية الأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة وكيفية تطويرها لتكون منصات تعبر عن التنوع السوداني بكل ثرائه الثقافي والعرقي والديني والجهوي.
القومية مفهوم ثقافي غير مكاني
واعتبرت الدكتورة أمال عوض الحسن، أستاذ الإعلام والاتصال بالجامعات السودانية وخبيرة الإعلام التنموي، في حديث لبرنامج ملفات سودانية يذاع يوم غدا السبت أن التلفزيون منذ إنشائه في ستينات القرن الماضي ظل ملتصقا بمفهوم القومية، لكن لا تمثيل حقيقي فيه لكلمة القومية. وربطت الدكتورة أمال عوض الحسن القومية بالثقافة أو المدلول المعين لمجموعة معينة ترتبط بثقافتها وكينونتها وهويتها المعينة. وهذا مفهوم غير مطابق لوصف التلفزيون بالوطني لأن الوطني يرتبط بالمكان.
وأضافت أستاذة الإعلام وعلوم الاتصال أن الإنسان بطبعه ينتمي لدوائر معينة يرتبط بها تبدأ من الأسرة ومن المجموعة القبلية أو القوم المعين الذي ينتمي له. وضربت مثالا بمجموعة البجا التي تمثل مجموعة ثقافية بمكونات معينة من بينها اللغة والتراث المميز والعادات والتقاليد التي تمنحها صفة وهوية معينة والانتماء لقومية بذاتها. في حالات، تتجاوز القومية حدود المنطقة لتصبح مفهوم أكثر اتساعا مثل القومية العربية التي تشمل العرب ككل أو قوميات أصغر مرتبطة بمجموعات قبلية وثقافية محددة مثل مجموعة البجا.
التلفزيون القومي غير قادر على تمثيل كل السودانيين
ونوهت خبيرة الإعلام التنموي في حديثها لراديو دبنقا بأن التلفزيون كجهاز قومي في بلد مثل السودان، يتمتع بثقافات متعددة مصدرها قوميات ومجموعات ثقافية كثيرة، يفترض أن تكون لديه القدرة على تمثيل كل هذه المكونات، وأن يشاهد الجميع أنفسهم في هذا الجهاز القومي وأن يلبي كل احتياجاتهم بفرص متساوية وبعدالة وأن يكون قادر على إبراز هذا التنوع وأن نشاهد كل هذه الثقافات وأن يجد كل سوداني نفسه في هذا الجهاز القومي.
وأبدت الدكتورة أمال عوض الحسن أسفها بالنظر إلى أنه ومنذ إنشاء التلفزيون في ستينات القرن الماضي لا نجد فيه هذا التنوع. نحن نرى التلفزيون كوحدة مركزية تسيطر عليها الدولة بالكامل سواء أن كان ذلك عبر صيغ البرامج أو التوجه أو الإستراتيجية السياسية والثقافية العامة لهذا الجهاز. نشاهد في هذا التلفزيون القومي شكل محدد ومجموعة محددة ولا نشاهد فيه كل السودان. النزاع الذي حدث يوم الخميس في مقر التلفزيون القومي في بورتسودان يوم الخميس 20 يونيو 2024 كان لا بد من حدوثه خصوصا في ظل صراع التشكيل المجتمعي الدائر الآن في السودان.
الإصلاح يبدأ من الدستور
وأشارت أستاذة الإعلام وعلوم الاتصال في حديثها لبرنامج ملفات سودانية الذي يبث يوم غدا السبت إلى أن إصلاح الأجهزة الإعلامية القومية يبدأ بالنص على القومية في الدستور والذي تبني عليه كل عمليات الإصلاح. في حال شاركت جميع فئات ومكونات المجتمع السوداني في إعداد وصياغة الدستور، فإن ذلك يعني أن المجتمع السوداني هو الذي سيقوم بإنشاء وتشكيل مؤسسات الدولة المختلفة بما فيها الإعلام.
وشددت الدكتورة أمال عوض الحسن إلى أن الإصلاح القانوني وحده لا يكفي، وأن تأهيل الكوادر لن يكون كافيا، بل أن العملية هي كم متكامل ومتسق يسير إلى الأمام بشكل متزامن. الإنسان ومن خلال التدريب والتأهيل والقانون في ظل وجود رؤية وإستراتيجية إعلامية واضحة لخدمة المرحلة القادمة يمكن أن تمهد لتأسيس إعلام قومي ضمن عملية شاملة لإعادة بناء المجتمع السودان.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.