كولومبيا مرة اخرى: حملات “نضافة” تمتد بين زالنجي والخرطوم!

محمد فاروق سليمان

 

الجريمة نفسها في تطورها قد تكون انعكاس لنسق الممارسة السياسية السيئة، وقد يبدو لصوص عاديين ومعتادي الاجرام اكثر نبلاً من قادة البلاد في مرحلة ما، وقد ينظر غمار الناس في ظل اعتيادهم لانتهاك حقوقهم من قبل الدولة بكثير من التقدير لمعتادي الاجرام كتهديد مطلوب لهذه الدولة لن يزيد من وضعهم سوءا، دون ان يكونوا ارسين لوبين او روبن هود او جاكي لوك راعي البقر الصعلوك، فقد خرجت كل مدينة بحري القديمة في تشييع الواثق صباح الخير بعد اعدامه اواخر ايام مايو حتى كان الموكب يبدا من ساحة الاعدام في كوبر وينتهي عند المقابر بعد منزل اسرته في الشعبية.

هذه المشاهد لقوات مشتركة لمكافحة التفلتات والظواهر “السالبة” ستكون طريق لاكبر ردّة يمكن ان تحدث في مسار التغيير في السودان. وبدل تهديد احتكار الدولة للعنف بواسطة حركة الكفاح المسلح كمغالطة مشروعة لقيمة هذا الاحتكار في حفظ الحياة والحماية من القهر والاستبداد في ظاهرة الدولة الوطنية لما بعد الاستعمار، سيتحول دور حركات الكفاح المسلح من خلال النموذج الحالي لادارة الانتقال في الثورة السودانية لدورة جديدة من عنف الدولة وحيوية هذا العنف من خلال تعدد القوات التي تحتكر العنف باسم الدولة!

ما حدث في مدينة زالنجي اليوم قد يكون بداية لهذا الفصل الجديد من عنف الدولة في دورته الجديدة والتي يجب ان ننتبه اليها خارج سياق الدهشة، والادانة الخاوية، فمواجهة متظاهرين سلميين بدبابة ليس امر عادي في ظل دولة تحاول الخروج من فصل من فصول تكونها تتمناه اخرها دموية، وتهديد لعقيدة السلمية في الثورة السودانية وتمادي في تهديد حق التظاهر الامن منذ جريمة فض الاعتصام.

علينا الانتباه لمقدرات العنف التي تتزايد عند الدولة وفق هشاشة هذا الانتقال سياسياً، وتراجع طبيعة الدولة المدنية امام تعدد جيوشها، وتاخر عملية دمج هذه الجيوش والتراخي في واجبات الاصلاح الجذري لمؤسسات الدولة وبسط حكم القانون وتعزيز استقلال السلطات في جهاز الدولة وإحكام دورها والتزامها في تحقيق المصلحة العامة وصون حيواة الناس بدلا من تهديدها والمضي في رعاية المصالح الخاصة في الابقاء على نموذج دولة الهيمنة والاختلال للسودان القديم في فصل غير ضروري بعد استنفاد شروط الدولة القديمة لاسباب بقاءها!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.