كل حواسي عليهو نادو..!!
د. مرتضى الغالي
اليوم الخميس.. وفوق أنه معلق رياضي كان (طه حمدتو) شاعراً غنائياً صاحب موهبة طاغية في كتابة الشعر الغنائي.. وشعر الأغاني طبقة من الشعر تحتاج الي أخيلة وصياغات ومفردات خاصة وصبغة تنغيمية عالية هي من أهم ركائز هذا الضرب من الشعر.. وانفرد حمدتو بالملكية الفكرية في تقسيم ملعب كرة القدم الى مربعات حتى يقترب مستمع الاذاعة من مجريات الملعب.. ومن المعلوم أن الكرة لا تستقر على حال بين أقدام اللاعبين.. كما قال عنها الشاعر العراقي (معروف الرصافي): وقفوا لها متشمّرين فألقيت.. فتعاورتها منهم الاقدامُ/ وبرفس أرجلهم تُساق وضربها.. بالكف عند اللاعبين حرامُ/ ولقد تحلّق في الرءوس وان هوَت..شرعوا الرءوس فناطحتها الهامُ/ لا تستقر بحالة فكأنها.. أملٌ به تتقاذف الأوهامُ..إلخ وقد اشاد شيخ المعلقين الرياضيين المصريين (كابتن لطيف) بابتكار حمدتو في تقسيم الملعب.. وهو من ابداعات التقنية الاذاعية (الرؤية عبر الأذن) أو الرؤية بالسماع. وبذك تكون فكرته أول تطبيق سوداني لنظريات وسائط الميديا الحديثة الخاصة بالواقع الافتراضي (الفيرشوال)..!!ا
أما طريقة حمدتو في التعليق الرياضي فتكاد تشكّل مدرسة ذات قواعد ومناهج وأساليب.. فهو يملأ الفراغات بالمعلومات التي تتصل بالمباراة وظروفها وحصيلتها قياساً بترتيب التنافس وذكر الغائبين والحضور والطقس الذي تجري فيه وحال الملعب والمدرجات والمناخ النفسي الذي يكتنفها.. مع (خفة دم) عالية في وصف الانتصارات والهزائم والنجاحات والاخفاقات والحماسة المتصاعدة عند احراز الأهداف أو الاخفاق في تحقيقها.. وخفة الدم وسرعة البديهة والصوت الرخيم الذي يُشعرك بوجوده حتى في فترات الصمت هي من مطلوبات التعليق الرياضي بسبب طبيعة هذه اللعبة ومفاجآتها ومزاج جمهورها… وخفة الدم و(ثقله) من الهبات الربانية ودونك ما تسمع وترى من بعض العاملين في هذا الكار حالياً.. وإلى ربك الرجعى..!!
تبرز شاعرية طه حمدتو الغنائية في قصائده قليلة العدد.. فقد كان الرجل مُبدعاً في أغنيته التي كتبها لأحمد المصطفى: (الوسيم القلبي رادو..والجمال حاز انفرادو/ مالو لو مرة افتكرني.. مالو او انجز معادو).. وفيها: (شفتو كان في توب حدادو.. كل حواسي عليهو نادو/ استجاب لي نداي جاوب.. كان عواطف وكان تجاوب/ عزّ من بعدو التلاقي.. رغم قربو واشتياقي/ طرفي متزايد سهادو.. وجسمي جافا الرقاد مهادو/ ايه يكون في نظري زادو.؟؟ غير خصالو واعتدادو..؟!)..إلخ ثم غنى له ابراهيم الكاشف (سالب فؤادي وما عليك) وفيها: (يا من احبك واصطفيك أنا لي روح مفتونة بيك.. هِل مرة بين في منظرك.. وأسحر لكل من ينظرك/ يا أسمى آيات الوجود كل الخلوق تتشابا ليك/ كل الجمال وهبوه ليك.. وجعلوا السحر في مقلتيك/ خلقوك آية من الجمال.. خفة ورشاقة وطيب خصال/ يا من بحبك اكتفيت.. مكتول هواك والجرّحوني سهام عينيك../ اتمنى امثل بين يديك.. وتسألني عن تقديري ليك/ تلقاني مخلص في هواك..لم اوهب الحب لي سواك/ يا نور حياتي ودنيتي ظلموني بالقالوهو ليك..!!
في (حبيب الروح انت لي كل شيء) يغني حسن عطية: يا ريتو هواك ما بقى لي.. فضحهوه عيوني وقلبي.. وحكوا لي الناس عن حبي.. وعيوني بكت..بدموعا شكت.. وقلبي المسكين راح ما عاد لي..!! خايف يجي يوم تتنكر لي ..تنساني تنسي هواي.. وتكون مشغول بي سواي.. وتسيبني تروح يا حبيب الروح.. ما كان دا يكون.. لو جُدت عليّ.. عليّ يا حبيب عمري..!!
أما (حبي القديم يا كنار) فيصدح فيها الكاشف في لحن عجيب (حبي القديم ياكنار.. داريتو في الاعماق وطويت هواي على نار../ وصبرت صبر ايوب.. وعساي قلبي يتوب/ لكنو كان مكتوب.. ما لي فيهو نصيب..!/ يا قبلة الانظار.. ضاع في الخيال مسعاي.. واصبح أمل منهار../ ما حيلة الانسان.. ان جار عليهو زمان.. ونصيبو كان حرمان.. من طيبك الفياح.. يا نفحة الازهار.. غير يرضى بالمحتوم ويساير الاقدار..؟! لا تفتكر انساك.. رغم الحصل يا ملاك.. انا محتفظ بي ولاك.. حبك ملك قلبي.. وتخذتو ليا شعار.. حفظ الوداد يا جميل.. من شيمة الاحرار/.. يوم قسمو الارزاق…. لي معشر العشاق ..انا كان نصيبي فراق.. وانت العفاف زانك.. عفة وجلال ووقار… وانا ياحبيب الروح.. حرقت فؤادي النار…..النار النار..!!