كلمة السكرتير العام في تأبين القائد المعلِّم يوسف كوَّة مكِّي بالمملكة المتحدة

كلمة السكرتير العام العام للحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال الرفيق عمَّار أمون دلدوم في تأبين القائد المعلِّم يوسف كوَّة مكِّي المقام بواسطة اللجنة التمهيدية للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بالمملكة المتحدة في يوم 2 أبريل 2023م

تأبين القائد المعلم يوسف كوَّة مكِّي
• تحية ثورية للرفاق عضوية الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال في المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا، وأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية؛
• تحية ثورية للجنة التمهيدية للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال في المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا؛
• تحية ثورية للرفيق الدكتور عمر مصطفى شركيان، ممثل الحركة الشعبية في المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا؛
• نحييكم اليوم وأنتم تُحيُّون الذكرى الثانية والعشرين لرحيل القائد المعلم يوسف كوَّة مكِّي كما كان يحلو له أن يُسمِّي نفسه (معلم): كان كثيراً ما يقول أنا ببساطة معلم.

صحيح، القائد يوسف كوَّة مكِّي كان معلِّماً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ألهم أجيالاً كثيرة، كما قدَّم لهم نموذجاً رائعاً في قيادة فذة في أصعب فترات مرَّت بها الحركة الشعبية خلال تاريخها النضالي، حيث كانت ولا زالت الأجيال تذكره على أنَّه الأب والمربي والقائد.
للمعلم القائد يوسف كوَّة مكِّي إسهامات واسعة، وإنجازات لا تحصى، لعبت دوراً هاماً في تماسك وبقاء الحركة الشعبية ليس فقط في جبال النوبة، بل حتى في جنوب السودان في ذلك الوقت، نذكر بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر.

التعليم بالمناطق المحرَّرة في جبال النوبة
أعطى المعلِّم يوسف التعليم أولوية قصوى عندما كان قائداً لقطاع جبال النوبة، حيث حُظي التعليم باهتمام كبير مثله مثل الأمن والدفاع، وقد تمَّ في عهد قيادته تأسيس نموذجين من المدارس: مدارس عادية وأخرى نموذجية.

حق تقرير المصير
تحدَّث القائد المعلم يوسف كوَّة مكِّي عن المعايير التي بموجبها قبلت حكومة الخرطوم ممارسة حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان، ورفضها لشعبي جبال النوبة والفونج، حيث قال: لو كان الأمر يتعلَّق بالتخلف فنحن في جبال النوبة والفونج أكثر تخلفاً من الجنوبيين، ولو كان الأمر يتعلَّق بالظلم والتهميش فنحن في جبال النوبة والفونج أكثر تهميشاً وتعرُّضاً للظلم مقارنة بالجنوبيين. وإنَّه لا يري أي منطق في إنكار الحكومة حق تقرير المصير لشعبي النوبة والفونج، وإنَّ الشعبين في الإقليمين يستحقون ممارسة حق تقرير المصير بجدارة كما استحقها شعب جنوب السودان.

منظمة نوبا للإغاثة وإعادة التعمير والتنمية
عندما تدهورت الأحوال الإنسانية نتيجة لشراسة وتكثيف العمليات العسكرية، أصبحت هناك ضرورة قصوى استدعت إيصال مساعدات إنسانية عاجلة للمواطنين المحتاجين في مناطق كلا الجانبين – مناطق الحركة ومناطق الحكومة. وبعد نقاش طويل بين الأمم المتحدة والحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة الخرطوم، تمَّ التوصل إلى اتفاق يفضي إلى تكوين منظمة سُمِّيت شريان الحياة في عام ١٩٨٩م، حيث اضطلعت تلك المنظمة بمسؤولية توصيل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في المناطق المذكورة أعلاه. انضوت تحت مظلة شريان الحياة منظمات إنسانية كثيرة قدَّمت مساعدات إنسانية للنازحين في معسكرات النزوح في مناطق مختلفة من جنوب السودان ومناطق الحكومة.
إلا أنَّ الحكومة وكعادتها استخدمت المساعدات الإنسانية كسلاح ضد شعبي الإقليمين – جبال النوبة والفونج، ورفضت أن تشمل عمليات شريان الحياة الإنسانية مناطق جبال النوبة والفونج تحت سيطرة الحركة الشعبية.
الرفيق القائد المعلِّم يوسف كوَّة مكِّي قبل بتلك الترتيبات، وهو غير راضٍ عنها، وقال: “لا أريد أن أكون سبباً في حرمان شعب جنوب السودان من المساعدات الإنسانية.”
فكَّر يوسف بعدها كثيراً مع الرفاق منهم أبونا بشير، المتواجد في الولايات الأمريكية حالياً، في إيجاد سبل لتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين في جبال النوبة، وذلك بعد أن حُرِموا منها عبر منظمة شريان الحياة. فكانت فكرة تأسيس منظمة نوبا للإغاثة وإعادة التعمير والتنمية، كمنظمة وطنية في عام ١٩٩٣م، والتي أصبحت تعمل في عام ١٩٩٥م. قدَّمت منظمة نوبا للإغاثة وإعادة التعمير والتنمية، منذ ذلك الحين وما تزال تقدِّم، مساعدات إنسانية متواصلة نيابة عن المانحين للمحتاجين في إقليم جبال النوبة إلى يومنا هذا.

أحداث عام ١٩٩١م
كان القائد الدكتور جون قرنق دي مبيور يولي اهتماماً كبيراً بإقليم جبال النوبة، كما كان يكنُّ لقائدها الرفيق يوسق كوَّة مكِّي احتراماً متزايداً، حيث كان يشاوره في كثيرٍ من الأمور داخل التنظيم وخارجه، وزاد اهتمامه بالإقليم بعد الانشقاقات التي ضربت الحركة الشعبية لتحرير السودان في عام ١٩٩١م، والتي ثبتت فيها الحركة الشعبية في جبال النوبة برغم من توقُّف الإمدادات والدَّعم من جنوب السودان. كان للانشقاقات داخل الحركة الشعبية أثرٌ كبيرٌ في تطوُّر الوعي لدي أبناء النوبة بخصوصية الإقليم في العملية النضالية.
الحركة الشعبية، بقيادة القائد المعلم يوسف كوَّة مكِّي في إقليم جبال النوبة، ظلت متماسكة وحقَّقت انتصارات كبيرة برغم من انقطاعها عن المركز في مدينة توريت آنذاك، وذلك نتيجة لقفل قوات الدكتور رياك مشار والدكتور لام أكول مناطق أعالي النيل، التي كانت تمثل البوابة إلى جنوب السودان، وتوقُّف الدَّعم اللوجستي عنها لسنوات، والحصار الذي فرضته حكومة الخرطوم عليها.
دعا الرفيق القائد يوسف كوَّة إلى مؤتمرٍ تاريخي هام في منطقة بلينجا في عام ١٩٩٢م، وبعد نقاشٍ محتدمٍ اتفق الرفاق على مواصلة النضال برغم من الانشقاقات في صفوف الحركة الشعبية في جنوب السودان، وانقطاع الحركة في جبال النوبة عن المركز، ومن ثمَّ تمَّ تكوين جسم سُمِّي بالمجلس الاستشاري برئاسة الرفيق موسى عبد الباقي.
أشاد الرفيق القائد الدكتور جون قرنق بالمواقف الصلبة لرفيقه القائد يوسف كوَّة مكِّي، وطلب منه الحضور إلى جنوب السودان ليكلفه فيما بعد بتنظيم أوَّل مؤتمر عام للحركة الشعبية على غرار مؤتمر بلينجا، حيث كان مؤتمر شقدوم في عام ١٩٩٤م، والذي كان الرفيق القائد يوسف كوَّة مكِّي رئيساً له.

أثر مؤتمر بلينجا على تطوُّر المؤسَّسات داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان
كان لمؤتمر بلينجا أثرٌ كبيرٌ في تكليف الرفيق القائد الدكتور جون قرنق لرفيقه يوسف كوَّة مكِّي بتنظيم أوَّل مؤتمر للحركة الشعبية، الذي اختار له الرفيق يوسف كوة مدينة شقدوم بعد أن تعرَّضت المناطق الأخرى التي تم اختيارها لقصف مكثف من قبل طيران الحكومة.
انبثق عن مؤتمر شقدوم قرارات بتكوين مؤسَّسات مدنية وقضائية منفصلة عن المؤسَّسات العسكرية والقضاء العسكري، حيث تمَّ تكوين هياكل السلطة المدنية، سُمِّيت بالسلطة المدنية للسودان الجديد.
استقرار الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في إقليم جبال النوبة لم يكن أمراً سهلاً في بادئ الأمر، وبعد قدوم كتيبة البركان “فولكانو”، تحتَّم على الرفيق يوسف كوَّة مكِّي الرجوع إلى جنوب السودان مرة أخرى، نتيجة لقلة تعداد قوَّات الجيش الشعبي في الإقليم آنذاك، وتكالب الحكومة بكل ترسانتها الحربية عليها. وعلى الرغم من ذلك كله، نجح الرفيق القائد يوسف كوَّة مكِّي في تقديم نموذجاً فريداً في القيادة السياسية والعسكرية، وكان لقبه العملياتي “الأسد”، ونشكر هنا القائد عبد العزيز آدم الحلو الذي أصبح خير خلف لخير سلف، حيث سار على نهج الرفيق القائد يوسف كوَّة مكِّي.

القائد/ عمَّار أمون دلدوم
السكرتير العام للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال
كاودا، السودان الجديد
الأحد، 2 أبريل 2023م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.