كبسولات عن العدالة الافلاتية بالسودان

السر العجمي المحامي

 

• من أبرز ما جاء في نصوص الاتفاق الاطارى ، اصلاح الأجهزة العدلية بما يحقق استقلاليتها ونزاهتها، واطلاق عملية شاملة تحقق العدالة الانتقالية تكشف الجرائم وتحاسب مرتكبيها وتنصف الضحايا وتبريء الجراح وتضمن عدم الإفلات من العقاب، وعدم ارتكاب الجرائم مرة أخرى.
• من المعلوم ان العدالة الانتقالية لا تحقق الا في اثناء الفترة الانتقالية أي في حالة حكم انتقالي، لكشف الحقيقة ومعرفة الحقيقة ذات البعد التاريخي أيضا، فهي توضح للأجيال الاتية حقيقة ما حدث في بلادهم، من خلال تقديم صورة شاملة تترسخ في ذاكرتهم، فقيمة العدالة الانتقالية هي مشاركة الناس من خارج هياكل السلطة السياسية (مشاركة الضحايا وغيرهم من الطبقات المهمشة) في تحقيق أفضل السبل لتحقيق العدالة الانتقالية.
• انطلقت ورش العدالة الانتقالية في ظل غياب تام من قبل أصحاب المصلحة، وظهر ذلك من خلال البيانات التي صدرت من قبل اسر الشهداء والنازحين والمهمشين بمقاطعة تلك الورش، وغيرها من البيانات الأخرى الرافضة لذلك، وبالتالي يكون هناك غياب تام من قبل المشروعية المجتمعية، بالرغم من ان تلك الورش الغرض منها اتاحة الفرصة لمزيد من النقاش حولها بمشاركة جماهيرية واسعه وأصحاب المصلحة من اجل التوصل الى توافق بشأنها ، ومن ثم الخروج بتوصية تضم في الاتفاق النهائي ومن ثم النص عليها في الدستور، ولكن نحن شعب ساسته وقادته يعشقون الاتفاق دون التقيد والالتزام بتنفيذه، فضلا عن ذلك ليس لديهم ذاكرة تاريخية تشكل لهم مرجعية لكى تحميهم من الفشل، في التاريخ الغريب تم تضمين العدالة الانتقالية في الوثيقة الدستورية 2019 ، الا انها لم تنفذ. .
• ولكن يبدو ان العدالة الانتقالية بالسودان الغرض من الإفلات من العقاب (العدالة الافلاتية) وليس عدم الإفلات منه، وذلك لان هذه الورش هدفان هدف ظاهر وهدف خفي، فالهدف الظاهر هو تخدير الشعب بتحقيق العدالة وخداع المجتمع الدولي بالنص عليها في الدستور الانتقالي. وذلك بغرض الوصول الى التسوية السياسية، وتحقيق الرغبات المكبوتة لأحزاب التسوية في الوصول الى السلطة، حيث ان هذه الرغبات المكبوتة لا يمكن تحقيقها الا في فترة الانتقال الديمقراطي.
• أما الهدف الخفي والجوهري هو افلات العسكر من العقاب، وقد تم منح حصانه للعسكر من العقاب قبل التوقيع على الاتفاق الاطاري، وفقا لحديث رئيس حزب الامة المكلف برمه ناصر، وهذا من ضمن الأسباب التي جعل العسكر يوقع على الاتفاق الاطاري، وذلك لان النص على العدالة الانتقالية في الاتفاق الاطارى، سوف تكون عدالة إصلاحية فقط، أي اصلاح القطاعات الخدمية وربما المنظومة القضائية، وغيرها من مؤسسات الخدمة المدنية، ولم تكن هناك أي عدالة جنائية في حالة تطبيقها،
• ان الغرض من العدالة الانتقالية انها تعبر عن فكرة تحقيق العدالة للذين تعرضوا للانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، على ان يكون تحقيق هذه العدالة اثناء الفترة الانتقالية، وقد حدد الاتفاق الاطارى الفترة الانتقالية بسنتين، والسؤال هل سوف تمر هذه السنين دون تشاكس حول تكوين البرلمان، والذي بدوره سوف يقوم بإصدار قانون العدالة الانتقالية؟ وذلك لأنه في التاريخ القريب لقد نص على تكوين البرلمان في الوثيقة الدستورية الا انه لم يتم ذلك. فهل التاريخ يعيد نفسه؟ وإذا مرت الفترة دون تشاكس ونجح البرلمان في اصدار القانون، فما تبقى من فترة لإصدار القانون هل كافية لتحقيق العدالة الجنائية؟
• أن العدالة الانتقالية يجب ان تطبق على كل الجرائم والانتهاكات في ظل النظام السابق، وكل الجرائم التي ارتكبت منذ بداية الثورة السودانية بما فيها جريمة فض الاعتصام. والجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بعد انقلاب أكتوبر. وبافتراض ان برلمان الفترة الانتقالية نجح في اصدار قانون العدالة الانتقالية، الا ان هناك إشكاليات قانونية تجعل هذا القانون لا يمكن تطبيقه على كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت في ظل النظام السابق، وعجز القضاء الوطني عن محاكمة تلك الجرائم.
• ان الجرائم التي ارتكبت في ظل النظام السابق والجرائم التي ارتكبت منذ ثورة ديسمبر، كلها جرائم تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفقا لنص المادة الخامسة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وان السودان بحكم انه موقع على اتفاقية روما فقام جبرا وفقا لاتفاقية فينا للعام 1969 ، والتي تلزم الدول الموقعة على اتفاقية دولية بإدخال بنود الاتفاقية في تشريعاتها الوطنية، أضاف السودان تلك المواد الى القانون الجنائي السوداني من ضمن التعديلات التي أجريت على القانون الجنائي في العام 2017 ، ووفقا للمادة (17) من نظام روما الأساسي الذى منح الأولوية في المحاكمة للقضاء الوطني، الا ان القضاء الوطني سوف يعجز عن المحاكمات لكل فترات النظام السابق وذلك بسبب الأثر الرجعى للقوانين والذى نصت عليه المادة الرابعة من القانون الجنائي السوداني : (على الرغم من احكام المادة (2) يطبق القانون الذى كان معمولا به وقت ارتكاب الجريمة)، عليه اذا صدر قانون العدالة الانتقالية فانه سوف يحاكم فقط الجرائم التي وقعت من العام 20017، فيما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية، وبالتالي يكون هناك افلات من العقاب بشان الجرائم التي ارتكبت قبل العام 2017.
• من اليات العدالة الانتقالية المسألة وتعنى تحديدا ضمان محاسبة المسؤولين مسؤولية مباشرة وغير مباشرهن الانتهاكات لحقوق الانسان التي تعرض لها الضحايا وفقا لسيادة القانون. فالسؤال هل تستطيع حكومة الفترة الانتقالية مسالة القادة الذين وقعوا معهم الاتفاق الاطارى عن تلك الجرائم؟ ام تلتزم الصمت خوفا من الانقلاب مره أخرى؟
• أيضا من اليات العدالة الانتقالية العدالة الجنائية التي تهدف بالأساس الى مواجهة الجناة ومعاقبتهم، فهل تستطيع حكومة الفترة الانتقالية ملاحقة كباشي جنائيا وهو في قمة الهرم العسكري من خلال التصريح الشهير المنشور على كافة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والذي يعتبر إقرار بجريمة فض الاعتصام.
# لا تحلموا بعالم يسوده العدل، مع عدم ثقافة سياسية للعدالة الانتقالية
# وقموا الى ثورتكم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.