“كاثي ويكلوك” والدعاية المشوَّهة.. من هي “كاثي” ؟ ومن هو “المستفيد” من دعايتها.

عادل شالوكا

 

 

كتبت “كاثي ويكلوك” التي لا نعرفها من قبل، مقالاً بتاريخ: 11 نوفمبر 2024 بعنوان: (تتمثل قصَّة الأفارقة مُقابل العرب، في الدعاية الجنوبية) – وتقصد “دولة جنوب السودان”. وقالت: (لقد روَّجت النُخب الجنوبية لفكرة تقسيم السُّودان على أسُس عِرقية في فترة ما بعد الإستعمار لبناء الدعم بين الجهات الفاعلة الدولية المُناهضة للَعرب).

 

وذكرت أيضا: (إن الفهم النموذجي للسياسة السودانية في “الغرب” مدفوع بتركيز غير مفيد على ثنائية “الشمال” العربي مقابل “الجنوب” الأفريقي).

 

وأضافت: (وقد إنتشرت هذه المجازات عالمياً في “الدعاية السودانية الجنوبية” بدلاً عن مساعدتها. فلماذا إستخدمتها النخب الجنوبية؟). 

 

وواصلت “كاثرين” بقولها: (وقد إنتشرت هذه المجازات عالمياً في الدعاية الإعلامية “السودان – جنوبية” في حقبة ما بعد الإستعمار المُبكِّرة. وقد فعلت المزيد لعرقلة القضايا الجنوبية، فلماذا إستخدمتها النخب الجنوبية؟ إن الداعمين الأقوياء على مستوى العالم – وليس المُشتبه بهم المُعتادين دايماً – هو أحد الأسباب المُهمَّة وراء إنتشار الرواية).

 

وقالت أيضاً: (في عصر إنهاء الإستعمار، واجهت الدول الأفريقية الجديدة العديد من التحدِّيات المستحيلة، وكان أحد التحدِّيات تعزيز الهوية الوطنية بين المُجتمعات التي لم يكن لديها سوى القليل من التاريخ المشترك واللغة والثقافة. وكان التحدِّي الآخر هو البقاء “طافياً” مالياً دون قاعدة ضريبية. وكانت هذه التحدِّيات أكثر وضوحاً بالنسبة للنُخب التي كانت تأمل في قيادة بلدانها بعد إنهاء الإستعمار، ولكنها لم تمنح وضع الدولة المستقلة؛ وجنوب السودان هو مثال بارز على ذلك).

 

وقالت كذلك: (كان للدول الأفريقية المُستقِلة حديثاً والإنفصاليين على حد سواء، ضرورة مزدوجة على النحو التالي: 1/ تعزيز الوعي الوطني بسرعة دخل في إطار حدودها 2/ تأمين التمويل من خارجها. وكانت الدعاية السياسية إحدى الأدوات المُهِمَّة التي إستخدمتها النُخب لمُعالجة هاتين الأولويتين، ولكن المشاكل تنشأ عندما تؤثِّر الحاجة الأخيرة على الأولى).

 

وأضافت : (كانت الدعاية لبناء الأمة التي كتبتها “حركة تحرير جنوب السودان” – العنصرية. بشكل عدواني إلى الحد الذي قوضِّت رؤيتهم الطويلة الأجل لجنوب مُستقِل. إن أحد التفسيرات لهذا الإيقاع بالذات في فخ السرد هو ان الدعاية أُستخدمت لاستقطاب الدعم من إسرائيل، وهي جهة فاعلة عالمية صغيرة ولكنها مؤثرة في أفريقيا ما بعد الإستعمار) – إنتهى. 

 

وتحدثت كثيراً في غير ما عرضناه هنا، ويمكن الرجوع لمقالها عبر (قوقل) لمعرفة ماذا قالت. ونحن هنا نكتفي بالبعض من حديثها المنشور.

 

بحثنا عن “كاثرين” لنعرف من هي قبل أن نرد عليها، وكانت الحصيلة كالآتي:

 

1/ ناشطة سياسية، وأستاذة في جامعة “شيفيلد” – بريطانيا؛

 

2/ مهتمة بقضايا “العروبة” وتؤمن بها، وقد كتبت من قبل مقالاً بعنوان: (تضامناً مع حق الشعب الفلسطيني .. لا للإبادة الجماعية في عزة .. لا لقتل المدنيين .. لا لإستهداف المستشفيات والمدارس .. لا للتضليل والكيل بمكيالين .. أوقفوا الحرب وأنشروا السلام العادل والشامل) !!. ولماذا السلام الشامل والعادل يكون في “غزة” فقط؟.

 

ونحن بالطبع لا نرفض السلام الشامل والعادل في “غزة” لأنهم بشر ويستحقون ذلك – والإنسانية لا تتجزأ. ولكن كنا سنحترم رأيها لو كتبت مثل هذا الكلام في أحداث أخرى مُماثلة حدثت في “أفريقيا”، عشان نعرف إنها ما قاعدة “تكيل بمكيالين”.

 

ووفقاً لهذه الخلفية فإننا نرد عليها على النحو التالي:

 

أولاً: تعمَّدت “كاثرين” أن تسمِّي “الحركة الشعبية لتحرير السودان -SPLM” بـ”حركة تحرير جنوب السودان” وهذا بالطبع غير صحيح، وهي تعلم ذلك جيِّداً. وهي ليست “حركة عنصرية” كما تدَّعي، وهو أمر مُثبت بالحقائق وليس بالإداعاءات. وهذا يؤكِّد عدم مصداقيتها وينسف جميع مقولاتها في مقالها الموجَّه “ذو الغرض”.

 

ثانياً: “كاثي” لا تعرف شيئاً عن السودان وتاريخه الحديث والمعاصر، ولا تعرف إن السودان أصلاً لا يوجد فيه ما يُسمَّى بـ”العرب”، وإن ما تم إستخدامه وأدَّى إلى إنفصال جنوب السوان كانت “الآيديولوجيا الإسلاموعروبية”. وهذا لن تستطيع ان تتحدَّث عنه بناءاً على التوجُّهات التي ترتكز عليها.

 

ثالثاً: النخب الجنوبية لم تروِّج للإنفصال إن كانت “كاثرين” تقصد “الحركة الشعبية لتحرير السودان” التي ناضلت وقاتلت من أجل السودان “العلماني الديمقراطي – الموحد”. فمن أين أتت بهذه المعلومات المشوَّهة؟ (شمال “عربي” – مقابل جنوب “أفريقي”)، وحتى مصطلحاتها غير دقيقة للتعبير عمَّا تريد إيصاله. والعنصرية في السودان معروف جذورها وكيف أُستخدمت. لقد عانى شعب جنوب السودان من العنصرية المزدوجة على أساس (العِرق – الدين)، وهي نفس العنصرية التي تُعاني منها بقية الشعوب السودانية بعد العام 2011.

 

رابعاً: الروايات المشوَّهة، يتم الترويج لها عبر الدوائر المشبوهة التي قبلت “كاثي” أن تكون جزءاً منها.

 

خامساً: التحدِّيات التي تواجه الدول الأفريقية سببها “الغرب” الذي حتى الآن لا يُريد أن يترك الدول الأفريقية في شأنها للتطوُّر والتحرُّر الكامل، وهذا نضال مستمر.. وحتماً سينتهي بالإستقلال الكامل كما تفعل الآن بعض دول “غرب أفريقيا”، والغرب يُريد إستمرار هذه الوضعية.. ولكن هيهات.

 

أخيراً: إدخال “إسرائيل” في مقال “كاثي” هدفه معروف، وكذلك هي تعلم جيداً إن الكثير من “الدول العربية” لديها إتفاقيات وعلاقات مع “إسرائيل” ولن تتحدَّث عنها إطلاقاً. وإدخالها في مقالها لقضايا مثل “غزة” و”إسرائيل” هدفها الإستمالة العاطفية فقط.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.