قصر غردون بيد ضحاياه، وتحرير ناقص.

منعم سليمان عطرون

 

وللاحوال في تقديرها شئون!

لقد هزم الضحايا المستغلون سابقا (الدعم السريع) إخوانهم واشقائهم الضحايا المستعبدون (الجيش)، ويدخلون قصر غردون في مايو ٢٠٢٣. تاريخ ليته كان تاريخ تحرير ونصر الاثنين معاً.

بعض ضحايا الابرتهايد الجلابي يدخلون قصر غردون منددين بضحايا مثلهم ،الديش، انسحبوا أو هربوا، وخيرا ما فعلوه لأنهم لا يجدون في أنفسهم دافع وطني للصمود والاستبسال والاستشهاد من أجل الدفاع عن قصر غردون.
الا الهاربين والداخلين جميعا ضحايا التاريخ الوطني الحقيقي، وضحايا والوعي الإنساني، لا يعرفون دور وتاريخ هذا القصر، ولا يعرفون كيف وبأي طريقة يحررون هذا القصر.

وبالطبع لقد هرب اوليقارشية الجلابي التعساء، سكان قصر غردون، وبدون اي مواجهة. ويجري ورائهم فلاقنتهم علي هيئة كلاب قنيص شافو بهش.

اي تكن الظروف والطريقة التي دخل بها إحدى مجموعات ضحايا الابرتهايد الجلابي اليوم وبعد ٦٧ سنة من استعمار جواني، فإن لهذه اللقطة، (بدخول ثوار ريفيو، متمردون بدو قصر غردون،) مكانتها في تاريخ محاربة الظلم والاستبداد والاضطهاد، الإستغلال والفهلوة. وتعيد اللقطة الي الذاكرة السودانية الحية العديد من المشاهد المفرحة والمحزنة معا عبر التاريخ الوطني الحقيقي.

اولا تاريخ بناء بيت الاستعمار، وتاريخ مقتل غردون علي يد بعض أجداد هؤلاء المكدملون في يناير ١٩٨٥، وتاريخ إبادة كتشنر اجداد نفس هؤلاء عام ١٨٨٩ ودخوله الخرطوم. وتاريخ بناء كتشنر بيد طلبجية أجداد بعض هؤلاء القصر.

من المفارقات أنه ضم جيش كتشنر الغازي جنود مرتزقة الاستعمار ، من المستعبدين السودانيين ،جندوا وتم قيادتهم لغزو بلادهم بنفس الطريقة والهدف الذي يعمل ويقاتل بها الجيش، المستعبد اليوم بيد البازنقر الجلابي. ويدافع عن قصر غردون في مواجهة إخوانهم المستغلين سابقآ.

لقد قام الاستعمار البراني، الغازي كتشنر، ببناء القصر، ثم خلق المستعمرون اطفال فلاقنة شكلوا استعمار جواني واصل مهمته حتى هذا التاريخ.

والغازي غردون الذي قتل بالحراب، في مدرجات قصره علي يد أجداد هؤلاء كان اشجع من اوليقارشية الجلابي، وسفاح دارفور برهان وقبله الدبكتاتور الراقص البشير وقبله الديكتاتور النعجة سوار الدهب وقبلهم الديكتاتور الماجن نميري، وقبله الديكتاتور الغبي عبود وكل الجلابة الذين استعمروا السودان وجوانيا من هذا القصر. قتل غردون وهرب عبيده وخدمه كما هرب برهان.

كتشنر باني القصر، استعمل الدانات المهدمة في كرري لسحق أجداد هؤلاء الضحايا، ولم ينهزم الشهداء. اقرا كتاب ونستون تشرشل، حرب النهر. قال “لم نهزمهم ولكن سحقناهم. ولو أنهم قاموا لقاتلونا بنفس الشجاعة”.

قام الغازي كتشنر في ١٩٠٠ وتخليدا لذكري سلفه الغازي المستعمر غردون ببناء القصر. ومن هنا سكن الحكمداريين المستعمرين حتي ١٩٥٦. ومن هنا سيرت حملات قمع ومحاربة الثورات في دارفور، ضد السلطان علي دينار وثورة السحيني، وضد ثورة السلطان عجبنا في جبال النوبة،ثورة الانجواك، ثورة الدينكا،ثورة الزاندي.

ومن هنا خرج مرتزقة المستعمرات جذور الجيش الحالي في السودان ، للقتال في ليبيا وارتريا وهو تاريخ مشين ومهين لكل مستنير.

ومن داخل القصر خلق الانجليز والمصريين فلاقنتهم من افندية الجلابة سلموهم القصر وسياسة الاستعمار الجواني.

ولو كان في السودان دولة وطنية ما بعد الاستعمار البراني لما استعمل القصر من بعد الاستعمار رئاسة جمهورية، لكن نفس السياسات الاستعمارية استمرت بواسطة مستعمرين جدد.

إذا لم يهدم القصر، فاني أصر علي اقتراحي بتحويله الي متحف يجمع فيه تاريخ الاستعمارات البرانيات والجوانيان، تقدم للأجيال القادمة.
الي ساعة تحرير السودان بحضور الجمبع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.