قراءات في الاستراتيجية مع صن زو (Sun Tzu) 5– 5
بقلم: كموكي شالوكا (إدريس النور شالو)
11- المواقف التسعة
فى فن الحرب، يمكن تمييّز تسع أنواع لأرض المعركة هي:
(1. أرض الشتات: عندما يقاتل الزعيم فى أرضه.
(2) أرض سهلة: عندما تتغول داخل اقليم معادي ولكن لمسافة غير بعيدة .
(3) الأرض المتنازع عليها: هي الارض الذي يملك فيها أيّ من الجانبين ميزة كبيرة.
(4) الارض المفتوحة: هي الارض الذي يملك فيها الجانبان حرية الحركة.
(5) أرض يتقاطع فيها الطرق: هى مفتاح لمقاطعات متنافسة، فمن يقوم باحتلالها أولاً يكون اغلب الامبراطورية تحت قيادته.
(6) أرض عالية الخطورة: عندما يخترق الجيش قلب ارض العدو تاركاً خلفه عدد من المدن المحصنة .
(7) أرض صعب عبورها : ذات جبال مغطاة بالغابات و حادة الانحدار هذا أرض صعب عبورها.
(8) أرض محصورة: هي ارض لا يمكن الوصول اليها الاّ عبر ممرات ضيقة ومتعرجة ويمكن لقوة صغيرة من العدو سحق قوة كبيرة من جنودنا
(9أرض الوضع فيها ميؤوس منها: هي ارض لا ينقذنا من الدمار فيه الاّ بالقتال بدون تأخير.
هكذا، فى أرضك لا تقاتل، وفى الأرض السهلية لا تتوقف من التقدم الى الامام، وفى الأرض المتنازع عليها لا تهاجم. فى الارض المفتوحة لا تحاول سد الطريق على العدو، وفى الأرض ذات طرق متقاطعة تعاون مع حلفائك. فى أرض عالية الخطورة ركز على الغنائم وفي أرض صعب العبور تقدم بسرعة بعيداً عن المنطقة.
فى الأرض المحاصرة ألجأ للحيلة و المراوغة، وقاتل فى الأرض التي لا خلاص لك الا بالقتال.
اذا سئلت كيف تتعامل مع جيش منظم الصفوف وزاحف للقتال، سأقول لك أبدأ بالاستيلاء على موقع مهم للعدو هكذا سيكون خاضعاً لإرادتك.
أرمي بجنودك الى مواقع حيث لا مهرب لهم وسيفضلون الموت على القتال، واذا واجهوا الموت فليس هناك شئ لا يمكن تحقيقه، الضباط و كذلك الجنود حينها سيبرزون أقصى قوتهم و مهاراتهم.
فى مواقف اليأس يفقد الجنود الاحساس بالخوف، وحيث لا ملجأ لهم سيقفون صامدين. اذا كانوا فى بلد معادي سيظهرون كجبهة موحدة وسيقاتلون بشراسة.
وهكذا فهم من دون تحريكهم للقتال فالجنود دائماً فى حالة جاهزية وبدون إنتظار التعليمات فهم يفعلون ما يريده القائد، فهم مخلصون، وبدون إعطاء الأوامر يمكن الثقة بهم.
امنع عنهم التشاؤم، لا تجعلهم اسري للوساوس ، وحتى ياتى الموت نفسه، لا داعي للخوف من وقوع كارثة.
فى يوم صدور الاوامر للمعركة قد يبكى بعض جنودك، واولئك الجالسين فى فراشهم يكفكون دموعهم بثيابهم فى صمت، والبعض مستلقين والدموع تجري فى خدودهم ، لكن دعهم حين يصلون لأرض المعركة فسيماثلون شجاعة “الشو” أو “كوي”.
العسكري التكتيكي الحاذق قد يُشبّه بثعبان “شواي جان”، وهذا ثعبان يوجد فى أحد جبال الصين، اذا ضربته فى الرأس فسوف يهاجمك بذيله، واذا ضربته فى ذيله فسيهاجم بالرأس ، واذا ضربته فى وسطه فسيهاجم بالاثنين، رأسه و ذيله.
المبدأ الذي يحكم ادارة الجيش هو وضع معيار للشجاعة الذى ينبغى للجندي بلوغه.
مهمة القائد هو ان يكون هادئاً وبذلك يؤكد السرية، وأن يكون حازماً وفى نفس الوقت عادلاً وهكذا يحافظ على النظام. بواسطة إلغاء ترتيباته وإلغاء خططه يجعل العدو لا يعرف عنه خطة محددة. وبواسطة تحريك معسكره وإتخاذ طرق ملتوية ، سيمنع العدو من ان يتوقع أو يخمن هدفه.
التدابير المختلفة المناسبة لانواع الارض التسعة، هى تناسب- التكتيكات الهجومية أو الدفاعية، وكذلك القوانين الاساسية للطبيعة البشرية، هذه هى الاشياء التي يجب بالاخص على القائد دراستها.
واجب الجندي هو أن يبدي مقاومة شديدة عندما يحاصر ، وأن يقاتل بشراسة اذا لم يكن له مهرب، وان يطيع فوراً اذا وقع فى خطر.
أمنح المكافآت بغض النظر عن القواعد، اصدر الاوامر دون النظر الى الترتيبات السابقة، وسوف تستطيع التعامل مع الجيش كما لو انك تتعامل مع رجل واحد فقط.
واجه جنودك بالافعال وليس الاقوال، ولا تدعهم يعرفوا شيئاً عن ترتيباتك، فإذا كان الوضع جيداً ضعها امام أعينهم، أما اذا كان الموقف سيئاً لا تقل لهم شيئاً.
لأنه بالضبط عندما تقع القوة فى طريق خطر فهو يستطيع توجيه ضربة للنصر. استبق خصمك بالاستيلاء على ما يعتبره عزيزاً، وانتظر زمن وصوله لأرض المعركة.
سير فى الطريق الذي تحدده القاعدة، وتعامل مع العدو حتى تتمكن من خوض المعركة الحاسمة .
إذن فى البداية أظهر خجل الفتاة، حتى يمنحك العدو فرصة، وبعد ذلك قم بمحاكاة سرعة الارنب وسيكون الوقت قد فات على العدو فى إعتراضك.
12- الهجوم بالنيران
هناك خمسة طرق للهجوم بالنيران، الطريقة الاولى هو حرق الجنود فى معسكرهم والثانية حرق مخازنهم و الثالثة حرق مركباتهم و الرابعة هو حرق ترساناتهم ومستودعاتهم الحربية وأخيراً القاء النيران وسط الجنود.
هناك أنسب مواسم للهجوم بالنيران وايام خاصة لبداية اشعال النيران الهائلة. انسب موسم هو عندما يكون الطقس جاف جداً، والايام الخاصة هي عندما يكون القمر فى أبراج (الغربال أو الجدار أو الجناح أو العارضة) لأن هذه الايام الاربعة هي أيام هبوب الرياح.
عند الهجوم بالنيران لا بد أن تكون مستعداً لخمسة تطورات هي:
1- عند اشتعال النيران وسط معسكر العدو بادر فوراً بالهجوم.
2- عند إنتشار النيران ولكن يظل جنود العدو هادئين، وفّر وقتك ولا تهاجم.
3- عندما يصل قوة لهب النيران أقصاها فاتبع ذلك بالهجوم اذا كان عملياً، واذا لم يكن ذلك ممكناً أبقى حيث كنت.
4- اذا كان ممكناً الهجوم مع اشتعال النيران لا تتردد حتى تخمد النيران ،بل هاجم فى اللحظة المناسبة.
5- عندما تبدأ الهجوم بالنيران، كن فى مواجهة الرياح ولا تهاجم من جهة الرياح.
بائس الحظ هو من يحاول كسب معاركه والنجاح في هجماته من غير استغلال روح المبادرة بالهجوم، لأن النتيجة هى ضياع الوقت و الجمود العام.
لا تتحرك الاّ اذا رأيت ميزة فى الهجوم، اذا لم يكن هناك مكسب تراه فلا تحرك قواتك، ولا تقاتل الاّ اذا كان الوضع حرجاً.
لا يدفع الحاكم بقواته الى ميدان المعركة فقط لإرضاء طموحه، ولا ينبغي للقائد أن يخوض معركة لمجرد الغضب. اذا كان القتال يجلب لك ميزة فهاجم والاّ أبقى فى مكانك حيث كنت.
الغضب قد يتحول بمرور الوقت الى فرح، وقد يخلف السخط الرضا.
المملكة التي تم تدميرها لا يمكن أن تعود الى الوجود مرة أخرى، ولا يمكن إعادة الاموات الى الحياة أبداً.
من هنا فالحاكم الحكيم يكون فى غاية الإنتباه والقائد الجيد شديد الحذر، هذا هو الطريق للمحافظة على السلام فى البلد والجيش سليماً.
13- استخدام الجواسيس
قد تواجه الجيوش المتحاربة بعضها البعض لسنوات وتسعى جاهدة لتحقيق النصر الذي يتم تحقيقه فى يوم واحد. ولما كان الامر كذلك ، فإن البقاء في جهل بحالة العدو لمجرد ان المرء يشعر بالضغينة من انفاق المال على شكل تكريمات و مكافآت هو قمة اللاإنسانية.
ما يمكن الملك الحكيم والقائد الجيد من الضرب و الغزو وتحقيق اشياء بعيدة عن متناول الرجال العاديين هو المعرفة المسبقة لأحوال العدو.
الان لا يمكن الحصول على هذه المعرفة المسبقة من الوحي، ولا يمكن الحصول عليها بالاستقراء من التجربة ولا عن طريق اي حساب استنتاجي. ولا يمكن الحصول على معرفة تصرفات العدو الا من خلال رجال آخرين.
ومن هنا جاء استخدام الجواسيس، والتي يوجد منهم خمس فئات:-
1- جواسيس محليون: يعني توظيف سكان المنطقة فى التجسس
2- جواسيس الداخل: استخدام مسئؤولي العدو
3- جواسيس متحولون: هو اسر جواسيس العدو واستخدامهم لاغراضنا الخاصة
4- جواسيس محكوم عليهم بالفشل: القيام باشياء معينة بشكل علني بغرض الخداع والسماح لجواسيسنا بمعرفتها وابلاغ العدو عنها
5- الجواسيس الذين نجوا من الموت: هم الذين يعودون بالاخبار من معسكر العدو
عندما تعمل هذه الانواع الخمسة من الجواسيس لا يستطيع احد اكتشاف النظام السري ، انها الملكة الاثمن للسيادة. ومن ثم فان هذا هو ما لا يمكن الحفاظ عليه فى الجيش باكمله اكثر حميمية من العلاقات مع الجواسيس، لا ينبغي لاحد ان يكافأ بشكل اكثر تحرراً. ولا ينبغي الحفاظ علي قدر اكبر من السرية فى اي عمل آخر. وبدون براعة العقل الدقيقة لا يمكن للمرء التأكد من مصداقية تقاريرهم.
اذا أفشى الجاسوس خبراً سرياً قبل حلول الوقت المناسب، فيجب اعدامه مع الرجل الذي اخبره السر. سواء كان الهدف هو سحق عدو او اقتحام مدينة او اغتيال فرد، فمن الضروري دائماً البدء فى معرفة اسماء الحاضرين ومساعدي المعسكر وحراس البوابات وحراس القائد، ويجب تكليف جواسيس للتأكد من كل ذلك.
يجب البحث عن جواسيس العدو الذين جاؤوا للتجسس علينا، و اغرائهم بالرشاوى وإقتيادهم وإيوائهم فى مكان مريح وبالتالى سوف يصبحون جواسيس متحولين ومتاحين لخدمتنا.
المعلومات التى جلبها الجواسيس المحولون هي التى يمكننا الحصول عليها وتوظيف جواسيس محليين و جواسيس الداخل. وبفضل هذه المعلومات مرة أخرى، يمكننا ان نجعل جاسوساً محكوماً عليه بالفشل يحمل اخباراً كاذبة للعدو. وأخيراً من خلال هذه المعلومات يمكن استخدام الجاسوس الذي نجا من الموت فى مناسبات معينة.
ان غاية و هدف التجسس بجميع أنواعه الخمسة هو معرفة العدو، ولا يمكن إستخلاص هذه المعرفة الاّ فى المقام الاول إلاّ من الجاسوس المتحوّل. ومن ثم فمن الضروري أن يتم التعامل مع الجاسوس المتحول بأقصى قدر من الحرية. ومن ثم فان الحاكم المستنير و القائد الحكيم فقط هو الذي يستخدم أعلى درجات الذكاء لغرض التجسس وبالتالى يحققون نتائج عظيمة. الجواسيس هم العنصر الاكثر أهمية لأنه عليه يعتمد الجيش على التحرك.
***************
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.