قراءات في الاستراتيجية مع صن زو (Sun Tzu) 5– 3

بقلم: كموكي شالوكا (إدريس النور شالو)

  • النقاط الضعيفة والقوية

من يأتى لميدان القتال أولاً وينتظر مجئ العدو  سيكون مستعداً للقتال، ومن يأتى للميدان فى المركز الثانى ويضطر الى الإسراع الى المعركة سيصل منهكاً. ولذلك فان المقاتل الذكي يفرض إرادته على عدوه ولا يسمح بأن تفرض عليه إرادة العدو.  فمن خلال تقديم المزايا له يمكنه ان يجعل العدو يقترب من تلقاء نفسه، أو من خلال إلحاق الضرر يمكن أن يجعل من المستحيل على العدو الإقتراب.

إذا كان الجيش مسترخياً فيمكن مضايقته، وإذا كان مزوداً جيداً بالطعام يمكن تجويعه، وإذا كان معسكراً بهدوء فيمكن إجباره على التحرك. أظهر فى النقاط التى يجب على العدو أن يسرع فى الدفاع عنها، وإندفع بسرعة الى أماكن لا يتوقع العدو  وجودك فيها.

يمكنك التأكد من نجاح هجماتك إذا هاجمت فقط الأماكن غير المحمية، ويمكنك ضمان سلامة دفاعاتك اذا كنت تشغل فقط مواقع لا يمكن مهاجمتها. علينا التعلم أن نكون غير مرئيين وغير مسموعين، و بالتالى يمكننا أن نضع مصير العدو بين أيدينا.

إذا أردنا القتال فيمكن إجبار العدو على الإشتباك حتى لو كان محمياً خلف سور مرتفع وخندق عميق . كل ما نحتاج إليه هو مهاجمة مكان أخر سيضطر إلى الإسراع الى حمايته. وإذا كنا لا نرغب فى القتال فيمكننا منع العدو من الإشتباك معنا حتى فقط من خلال طمس خطوط مكان معسكرنا التى يمكن تعقبها على الأرض. كل ما نحتاجه هو رمي شئ غريب وتافه القيمة فى طريقه.

المكان الذي نعتزم القتال فيه يجب الاّ يتم الإعلان عنه، لأن العدو سيتعين عليه الإستعداد ضد هجوم محتمل فى عدة نقاط مختلفة ، و بالتالي يتم توزيع قواته فى إتجاهات عديدة والأعداد التي يتعين علينا مواجهتها فى أي نقطة معينة ستكون قليلة نسبياً. بمعرفة مكان وزمان المعركة القادمة، يمكننا التركيز من أبعد المسافات للقتال.

حتى إن كان العدو أقوى فى العدد، فقد نمنعه بإكتشاف خططه وإحتمالية نجاحها، إزعاجه وعرقلة نشاطه أو  عدم نشاطه، إجباره على الكشف عن نفسه وذلك لمعرفة نقاط ضعفه. فى جعل التصرفات التكتيكية على درجة يمكن تحقيقها هي إخفائها و إخفاء تصرفاتك، و ستكون فى مأمن من تطفل أذكى الجواسيس ومن مكائد أحكم العقول.

يمكن لجميع الرجال رؤية التكتيكات التى إنتصر بها، لكن مالا يمكن أحد رؤيته هى الإستراتيجية التى ينتج منها الإنتصار. لا تكرر التكتيكات التى أكسبتك نصراً واحداً، لكن دع أساليبك تنظمها مجموعة لا حصر لها من الظروف. إن التكتيكات العسكرية تشبه الماء، لأن الماء فى مساره الطبيعي يبتعد عن الأماكن المرتفعة ويسرع نحو الاسفل. فالشخص الذي يستطيع تعديل تكتيكاته فيما يتعلق بخصمه و بالتالى ينجح فى الفوز يمكن أن نطلق عليه لقب  “هبة السماء”. ولذلك فكما لا يحتفظ الماء بشكله الثابت، لا توجد ظروف ثابتة فى الحرب.

  • المناورة

في الحرب يتلقى قائد الجيش التعليمات من – الملك- (القائد العام). بعد أن يجمع القائد جيشه وتركيزها، يجب عليه أن يمزج وينسق عناصره المختلفة قبل أن ينصب معسكره. وبعد ذلك تأتى المناورة التكتيكية، الذى لا يوجد شئ أكثر صعوبة منها. تكمن صعوبة المناورة التكتيكية فى تحويل المراوغة الى فعل مباشر، وسوء الحظ الى مكسب. سلوك طريق طويل غير مباشر بعد إخراج العدو  من الطريق و الإنطلاق من بعده لمحاولة الوصول الى الهدف الذي أمامه يدل على معرفة حيلة الانحراف وتغيير الإتجاهات. ان المناورة مع الجيش مفيدة، أما مع حشد غير منضبط فهو الاكثر خطورة.

إذا أمرت جيشك أن يشمر عن سواعدهم وتقدمت بها دون توقف ليلاً  أو نهاراً، وقمت بقطع ضعف المسافة المعتادة، وقطعت مسافة مائة ميل من أجل انتزاع ميزة ما، فان قادة كتائبك الثلاث سوف يقعون  أسرى فى أيدى العدو. واذا تقدمت خمسين ميلاً من اجل التغلب على الجيش فسوف تفقد قائد القوة المهاجمة، ولن يصل سوى نصف قوتك إلى الهدف.

يمكننا إذن أن نعتبر  أن الجيش الذي لا يحمل إمداداته معه سوف يضيع، والذي بدون إحتياطي كافى سوف يضيع ، وكذلك الذي بدون قواعد الامداد سوف يضيع أيضاً. لا يصلح لقيادة الجيش الاّ  من كان على دراية بطبيعة البلاد، جبالها وغاباتها، ومنحدراتها، ومستنقعاتها.

فى الإغارة والنهب كن  سريعاً كالنار، وكن ثابتا كالجبال، ولتكن خططك مظلمة كالليل وغير قابلة للإختراق ، وعندما تهاجم تسقط كالصاعقة. سينتصر فى الحرب من تعلم حيلة الانحراف، هذا هو فن المناورة .

يقول كتاب إدارة الجيش: فى ميدان المعركة إن الكلمة المنطوقة لا تكفي لإيصال الرسائل. الصنوج والطبول، واللافتات و الأعلام هي وسائل يمكن خلالها تركيز آذان وعين المخاطب على نقطة معينة. فى القتال الليلي إستخدم كثيراً إشارة النيران والطبول، وفى القتال نهاراً إستخدم الاعلام و اللافتات كوسيلة للتأثير على آذان جيشك وأعينه.

تكون روح الجندي المعنوية فى أقصى حالاتها فى الصباح، وبحلول الظهر تكون قد بدأت فى التراجع وفى المساء يتجه عقله فقط للعودة الى المعسكر. ولذلك فإن القائد الذكي يتجنب الجيش عندما تكون روحه المعنوية عالية، ولكنه يهاجمه عندما يكون بطيئاً ويميل الى العودة الى المعسكر. هذا هو فن دراسة الحالة المزاجية.

 أن تكون قريباً من الهدف بينما العدو لا يزال بعيداً عنه، وأن تنتظر مرتاحاً بينما يقدح العدو  ويكافح من التعب، وأن تتغذى جيداً بينما العدو جائع ، هذا هو  فن إستغلال قوة المرء.

إنها بديهية عسكرية الاّ تتقدم صعوداً الى الجبل ضد العدو، ولا أن تعارضه عندما يأتى نازلاً، لا تطارد  عدواً متصنعاً انه يهرب ولا تهاجم جنوداً حادي المزاج، لا تبتلع الطُعم الذي يقدمها لك العدو، لا تعترض جيشاً عائداً الى وطنه.

عندما تحاصر جيشاً أترك له منفذاً حراً ليخرج.

هذا هو فن الحرب.

نواصل …………..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.