في الرد على مقال المدعو (حمدان سليمان أغبش) حول أحداث (الياواك) – لقاوة.
عادل شالوكا
طالعنا مقالاً منشوراً في الأسافير بإسم (حمدان سليمان أغبش) بتاريخ 18 أكتوبر 2022 تحت عنوان (الحركة الشعبية بقيادة الحلو تعترف بتورطها في أحداث لقاوة) حيث إتَّهم الحركة الشعبية بالتورُّط في هذه الأحداث المؤسفة والموثَّقة بالصور والفيديوهات التي تم تصوير بعضها بواسطة الجنود (أنفسهم) الذين قاموا بقتل المواطنين من (النوبة، الداجو، والفلاتة) وحرق منازلهم ونهب مُمتلكاتهم وهم يرتدون زي الدَّعم السريع والقوات المُسلَّحة (الكاكي). وقد رد (أغبش) على مقال لنا كتبناه بخصوص هذه الأحداث ونعتنا بالعُنصرية التي نعت بها الحركة الشعبية أيضاً، وقال إنها تخلَّت عن مشروع السُّودان الجديد. وقال إنني أدعو لإقامة سودان جديد بلا عرب !! – وهذا هو التَّحريض بعينه الذي يجعلكم تقتلون المواطنين العُزَّل وتحاولون فرض وجودكم بالقوة في مدينة (الياواك) التي تعني بلغة النوبة (سيقان السمسم) – وقد تم تعريب إسم المدينة إلى (لقاوة) وحاولتم رفع لافتة مكتوب عليها (دار مسيرية) مما تسبب في هذه الأحداث. وقد إستدل (حمدان أغبش) في إتهامه للحركة الشعبية وزعمِه إعترافها بالتورُّط في هذه الأحداث بكونها قد نشرت المقال في الموقع الإليكتروني الرَّسمي للحركة الشعبية – شمال. ومضَى في إدعاءاتِه وإتهامه للحركة الشعبية بقوله: (الحركة الشعبية أطلقت عدد 12 دانة مدفع هاون 120 بشكل عشوائي على مدينة لقاوة، وإنه تم إستهداف منزل ناظر المسيرية الزرق “الصادق الحريكة”) – إنتهى. وهذه التُهمة تزامنت مع تصريح لجنة الأمن بولاية غرب كردفان وتصريح الناطق الرسمي للقوات المُسلَّحة ممَّا يؤكِّد عدم الحيادية وحجم المؤامرة والخطة الإستراتيجية والتنسيق المُحكَّم. وإتَّهم (حمدان أغبش) كذلك الحركة الشعبية بالقتل والنهب والإختطاف وقطع الطرق. فهذه الحركة التي يتَّهمها (أغبش) هي نفس الحركة التي سلَّمت (9) أسرى حرب (من المسيرية) يتبعون لقوات الدِّفاع الشعبي – التي تغيَّر إسمها إلى (قوات الإحتياط) في محاولة للتَّضليل والتمويه – ولكن بطاقات منسوبيها لم تتغيَّر حتى الآن، فلا زالت بمُسمَّى (الدِّفاع الشعبي)، وقد كانوا في مُهمَّة رسمية (إستطلاع) وهم مُسلَّحين ويرتدون الزي العسكري، وقد تم نشر صورهم وبطاقاتهم وأسلحتهم مصحوبة ببيان من الناطق الرسمي بإسم الحركة الشعبية. فالعُنصرية هي قتل هؤلاء وليس تسليمهم – برغم إنهم كانوا في مُهمَّة عسكرية رسمية، ولكن الحركة الشعبية لا تقتل أسراها. كان رد المسيرية على ذلك هو قتل النوبة في (الياواك) – لقاوة – وحرق ديارهم. فمتى سلمتُم من قبل (بجميع مُكوِّناتكم القبلية أو النظامية) أسرَى للنوبة !! ؟. ونحن لا نتبنَّى خطاب عنصري (نوباوي) كما ذكرت، ولكننا ندافع عن جميع السُّودانيين في المقام الأول – وهذا معلوم للجميع ولا يحتاج لشهادة منك أنت – ثم (كغيره من الشعوب المُهمَّشة والتي ظُلِمَت تاريخياً) ندافع كذلك عن هذا الشعب الذي لا تعترفون به ولا بتاريخه وإمتلاكه للأرض التي إستضافوكم فيها قبل (222) سنة – وحسب رواياتكم أنتم (322) سنة – وهذا كله موثَّق ولا يمكن نكرانه.
ذكر أغبش في إدعاءَاتِه وإتهامِه للحركة الشعبية إنها: (تريد الإستيلاء على مدينة لقاوة لتحسين شروط تفاوضها السِّري مع قادة الإنقلاب العسكري .. !!) – وهي بالطبع تُهمة لا تستحق الرد، وقد وضَّحت لنا إلى أي حزب سياسي ينتمي هذا (الأغبش).
أما مُحاولة الإبتزاز بخطاب مشروع السُّودان الجديد ووجود بعض أبناء (المسيرية) في الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال، فهذه إستراتيجية فاشلة ولن تجدي – لأن وجود (المسيرية) في الحركة الشعبية لا يعني عدم التحدُّث عن الحقائق من جانبنا، أو رفضها من جانِبهم، فالسُّودان الجديد يبنَى فقط على الحقائق وليس غير ذلك، سوا كانت حقائق تاريخية أو ما يحدث الآن.
ماذا حدث في (الياواك) – لقاوة – بتاريخ 14 أكتوبر 2022:
حسب روايات السُّكان – دخلت قوة مُسلَّحة من (المسيرية) بالمواتر والتُكتُك إلى المدينة يحملون لافتات مكتوب عليها (لقاوة دار للمسيرية) وحاولوا مُضايقة بعض المواطنين في الأحياء، وقد حاولت القوة الموجودة في نقطة التفتيش منعهم من الدخول إلَّا إنهم دخلوا بالقوة. وقد إستنكر شباب (الياواك) هذا التصرُّف الغريب والدخيل على المدينة، ولكن تصدَّت لهم القوة التي قوامها (المسيرية) بالضرب والقتل وبعد ذلك مُباشرةً دخلت قوة من 60 عربة رباعية الدفع (لاندكروزر) مُحمَّلة بالأسلحة الثقيلة تتبع للدَّعم السريع (من المسيرية) حيث وفروا الحماية الكاملة لمُمارسة القتل ونهب المُمتلكات وحرق المنازل بينما لم تتدخَّل القوات المُسلَّحة والأجهزة الأمنية لحسم الأمر علماً بأن بعض منسوبيها من أبناء المسيرية شاركوا في تلك الأحداث. ويُقال إن قائد حامية الجيش رفض هذه الأحداث وإستنكرها لكن دون جدوَى، وقد تم قتل عدد كبير من التُّجار ونهب متاجرهم وبعد ذلك نزحت أعداد كبيرة (أكثر من سبعة آلاف) من المواطنين إلى جبل (الطرين) الذي يقع تحت سيطرة الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال، وإحتمى بعض المواطنين داخل حامية الجيش، وقد تم نهب جميع المُمتلكات بما في ذلك نزع الزنك من سقوف المنازل – وتم ترحيل المنهوبات الى قرى وفُرقان المسيرية خارج الياواك – لقاوة. وهذه القرَى والفُرقان هي: (الحنبول، الحرزاية، أم عدارة، البطحة، المشايش، درنقاس، جنقارو طوال، السنوط، أبو نكوجي، وساطة، الكركر،.. ومناطق أخرى).
وماذا حدث في الماضي ؟:
بدأ الإستهداف المُمنهج للنوبة منذ تسليح فضل الله برمة ناصر وجعفر نميري للمسيرية في العام 1983، وأحداث الهجوم ونهب (فاريانق) والإعتداء على النوبة (شات) فى يناير 1984 وما تلاها من أحداث القردود وتسريح أبناء المسيرية في القوات المُّسلحة الذين عاثوا فساداً وقتلوا الجنوبيين الأبرياء في (تالودي وأبوجبيهة) وغيرها من مدن جنوب كردفان في العام 1985 – ثم تواصُل العدوان بعد ذلك ضد المجموعات الزنجية الأصيلة “أصحاب الأرض” بصورة عامة، بدءاً بـ(جبال النوبة، ثم الفونج، ودارفور) لتصل مرحلة الإبادة والتَّطهير العرقي الذي كشفته الأمم المتحدة خاصة عندما إكتملت دائرتهِ في دارفور وبسببه صارت قيادة البلاد مطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية .. وقد حاولت الحكومة المركزية (1986 – 1989) تسمية مجلس ريفي (الياواك) – لقاوة – بـ(مجلس ريفي المسيرية) في وقتها كان حزب الأمة على رأس الحكومة بقيادة الصادق المهدي، وفضل الله برمة ناصر وزيراً للدفاع، وعبد الرسول النور حاكماً لإقليم كردفان. وقد تم توزيع السلاح للمسيرية وتكوين قوات المراحيل وإستهداف النوبة على نطاق واسع بالإبادة والتطهير العرقي عبر تنفيذ سياسة الأرض المحروقة للإستيلاء على أراضيهم، ولكنهم صمدوا بسبب بسالتهم وإختيارهم للكفاح المُسلَّح كوسيلة للبقاء.
إن العواء والصراخ والكذب وضرب طبول الحرب لا يخفي عوراتكم .. فقد سمحتم لأنفسكم في الماضي – ولا زلتم تفعلون حتى الآن – بأن تكونوا آليات لتنفيذ أجندة عُنصرية توسُّعية .. وأمثالك يا (حمدان أغبش) هم الذين ورَّطوا المسيرية فى صراعات لا حصر لها .. (مع النوبة في الشرق، مع الرزيقات في الغرب، وفي الجنوب مع دينكا نقوك في أبيي، ومع دينكا أويل فى الميل 14، ومع الحمر في الشمال). فمن هو صليحكم الآن .. !؟. فيا لها من قيادة هذه التي تقودون بها أهلكم .. ولا لوم على (الجلابة).
أحداث لقاوه الأخيرة – كل الشواهد تؤكِّد أن (المسيرية) الذين أغرتهم عربات الدَّعم السريع المُحمَّلة بالمدافع قاموا بالعدوان على مواطني (الياواك) الأبرياء العُزَّل دون سبب سوَى الطمع فى أرضهم وأملاكهم الصغيرة .. وحكاية اللافتة (ديار المسيرية) حقيقة لا يمكن إنكارها وهنالك تصريحات كثيرة بذلك، وهذا الأمر معلوم حتى لدى (لجنة أمنكم) في الولاية لأن هذه المعلومات تم إيصالها إليهم وحاولوا منع ذلك ولكن أهلك أصرَّوا على إجتياح المدينة عنوةً وفي النهاية قرَّرت لجنة الأمن وكافة القوات بالولاية التواطوء وتزوير الحقائق. ولا جديد في ذلك لأن المسيرية قاموا بمثل هذا الفعل أيضاً في (أبوزبد) نتيجة لأطماع وهوس التوسُّع وإحتلال أراضي الغير. وهو ما أدَّى إلى الإقتتال في سبتمبر 2022 بين المسيرية والحمر. فهل تسبَّبت الحركة الشعبية والجيش الشَّعبي في مُشكلة (أبو زبد) وأشعلت ذلك الصراع ؟. نحن نُفرِّق بين شعب (المسيرية) وقياداتهم الذين وضعوا أنفسهم في خدمة أجندة المركز مُقابل مكاسب ذاتيه تافهة، وبالتالي صاروا يستخدمون أفراد قبيلتهم كوقود لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل .. المركز بسياساتِه الظالمة والخاطئة هو الذي أوقد تلك النيران مع الجنوب وجبال النوبة والفونج والبجا ودارفور .. وأخيراً في الخرطوم نفسها.
إن الكذب وإثارة الغُبار لذر الرماد في العيون بهدف إخفاء الحقائق هو سِمة أمثال المدعو (حمدان أغبش) وقد أدَّى ذلك لجر الشعوب السُّودانية في كافة أنحاء البلاد لمعارك لا طائل منها .. وهذه المعارك ستؤدي عاجلاً أم آجلاً لتفكيك السُّودان وبعدها لا ينفع الندم .. وبعدها سنرَى مصير تلك الأبواق (الحمدانية – الغبشاء) ..
دا رد ممتاز السيد شالوكا و الرب يباركك، فمن اراد ان يفهم، له ذلك!