عطاء من لا يملك لمن لا يستحق ، هو ما اعطته قوى الحرية والتغيير لشمس الدين كباشي .
الفاتح حسين / المحامى
الخطأ الأساسي الذي وقعت فيه قوي الحرية والتغيير مجتمعة ، هو ترك التحقيق في جريمة فض الإعتصام أمام القيادة العامة واعتصامات الولايات للجنة وطنية مستقلة ، وهذا ما جعل أمثال شمس الدين كباشي يستهزئ بالحكومة المدنية وصلاحياتها ورئيس وزرائها ، وهو من تسلق موقعا” لا يستحقه وما كان يحلم به لولا التهاون والتهافت من بعض الافراد الذي سيطروا علي القرار في قوى الحرية والتغيير بعقد اتفاقات وتحالفات متجاوزة للكتل المكونة لقوى الحرية والتغيير وفي بعض الأحيان متجاوزة حتي للتنظيمات التي ينتمون إليها سوي كانت سياسية أو مهنية أو مدنية.
شمس الدين كباشي تحديداً من أوائل المسؤولين عن هذه الجريمة ، ويكفي فقط تصريحه الحقير ومقولته البائسة تعليقا” علي قتل الشرفاء من أبناء وبنات بلادي بعد فضهم للاعتصام (حدث ما حدث)، أي استخفاف بدماء الشهداء أكثر من هذا .. !.
كل الذين كانوا في موضع القرار في قوى الحرية والتغيير يعلمون ان هذه الجريمة (جريمة ضد الإنسانية) ولا يستطيع القانون الداخلي ان يلاحق المسؤولين عنها لأنهم من عتاة الجنرالات في الأجهزة الأمنية ، وقلنا لهم ذلك مراراً وتكراراً وفي مواقع متعددة ، بل ان التحقيق الدولي كان أحد شروط الرجوع للتفاوض المباشر مع المجلس العسكري بعد فض اعتصام القيادة العامة واعتصامات الولايات ، لكنهم في البدء جاؤوا بإفادة من الوساطة بقيادة المدعو (بن لباد) الوسيط غير النزيه ، الذي عمل في كثير من الأحيان لمصلحة المجلس العسكري، بل كانت جل التاكتيكات التي اتبعها والرؤى التي طرحها في المفاوضات مخالفة للتكليف الذي أوكله له الاتحاد الافريقي ، وقد أفرزت وساطته ما نحن فيه الآن في هذا الإنتقال الأعرج ، واللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في فض الإعتصام ليست إستثناءا من هذا العرج لطبيعة تكوينها وليس بسبب من تم تكليفهم بتولي المهام فيها.
في البدء أتو من اجتماع مع الوساطة بفرية مفادها أن إسناد التحقيق للجنة دولية يدخل الوساطة والاتحاد الافريقي في حرج ، َوأن الاتحاد الإفريقي جزء من المنظومة الدولية ، لذلك قالوا يجب أن يسند التحقيق في فض الاعتصام للجنة تابعة للإتحاد الأفريقي، وللأسف وبي قدرة قادر تحورت الي لجنة وطنية مستقلة ، ولذر الرماد في العيون تم النص علي انه يمكنها ان تستعين ب(دعم افريقي) عند الاقتضاء (هكذا جاءت في الوثيقة الدستورية) ، فكان هذا أول مسمار يتم غرسه في خاصرة الثورة..
هذه جريمة دولية مكتملة الأركان ولا يستطيع القضاء المحلي في أي دولة حتى في الدول المتقدمة في سيادة حكم القانون ، أن يلاحق ويعاقب للمسؤولين عنها ، لذلك لا أرى أن اللجنة الوطنية المستقلة برئاسة مولانا الأستاذ نبيل أديب ستصل لنتائج ، وان وصلت لا تستطيع الاجهزة العدلية القائمة في بلادنا ملاحقة ومعاقبة المسؤولين الحقيقين عنها ، فمن أمرو بتحريك القوات ومن أعطوا الأوامر بفض الإعتصام أمام القيادة العامة واعتصامات الولايات ومن تقاعسوا عن الدفاع عن المدنيين هم قادة الأجهزة الأمنية وقت ارتكاب هذه الجريمة المنظمة َواسعة النطاق ، وللأسف هم نفسهم من أصبحوا اعضاء في مجلس السيادة الانتقالي وبعضهم يتمشدق ويسخر من الحكومة المدنية حالياً ، وللأسف بعضنا يرى أهمية وضرورة إستقرار واستمرار الشراكة معهم ، ويقصدون بذلك السكوت عن هذه الجرائم البشعة.
فعهد الإفلات من العقاب قد ولى، ولن يفلت المجرمون مهما طال بهم الأمد ، ومهما حصنوا أنفسهم ، حتى لو تحالفوا مع كل مجرمي هذا الكوكب لن يفلتوا من هذه الجريمة وستطالهم أيدي العدالة.
كما أن هذه البلاد لن ينصلح حالها إلا بمعرفة تفاصيل هذه الجريمة وكبار المسؤولين عنها، وأدوارهم فيها ، وهذا لا يتم إلا بواحد من خيارين لا ثالث لهما.
الخيار الاول :-
وهو الطريق السليم والصعب ولكنه الطريق الذي سيضع بلادنا بالفعل في مرحلة الانتقال الحقيقي ، وهو أن يعترف هؤلاء أمام الملأ بهذه الجريمة ويطلبون العفو من الشعب السوداني والانسانية ، لأن كل الشعب هزته هزه الجويمة وأرقت الضمير الانساني ، على أن يتزامن ذلك مع طلب العفو من الضحايا وأسرهم ورفاقهم ، باعتبارهم أصحاب الحق ومن يطلب منهم العفو او الصلح والأولى بالإنتصاف ، فهذا هو المدخل الحقيقي للإنتقال الصحيح وللعدالة الانتقالية .
أما الخيار الثاني:-
هو الإصرار علي السير في ذات الدرب الذي سلكه من عينهم في اللجنة الأمنية لحمايته وأمرهم بفض الاعتصامات نيابة عنه ، ولكنهم فضوها هم بالأصالة بعد أن حبسوه في مكان آمن كما زعموا.
فهذا هو الطريق السهل بالنسبة لهم ، وهو الذي يسلكونه الآنَ ويؤمنه لهم من يسمون أنفسهم بشركاء الانتقال من المدنيين ، فهذا المسار هَو السبب الرئيسي في صعوبات الانتقال وهو الذي سهل للمجرمين وضع العراقيل أمام استكمال مهام وشعارات الثورة ، فلو ساروا عليه بذات الدروب التي سار عليها من عينهم في اللجنة الأمنية لن يكونوا في مأمن أبداً ، وسيتربصون بالثورة ويضعون العراقيل أمام الحكومة المدنية وسيبحثون ليل نهار على الحلفاء في الداخل والخارج ، لأنهم يعلمون أنهم لامحالة سواجهون بمن يعرفون دروب ومسالك هذا الطريق كلها مهما طال بهم الأمد ، ولانهم يعرفون جيداً ان الجرائم التي تقع تحت طائلة القانون الجنائي الدولي لا تسقط بالتقادم.
حرية سلام وعدالة
الثورة خيار الشعب
حرية سلام وعدالة
مدنية قرار الشعب