عصر الانتهازيين يتنامي في الثورة السودانية .

 

نضال الطيب حامد

إن تضحيات شعبنا ممتدة إلى مايزيد عن الثلاثة عقود من حكم الفاشية الدينية الإسلامويين في السودان، قدم خلالها الغالي والنفيس في سبيل التغيير ومشروعه الوطني وحقوقه التي ظل يحلم بهآ طوال الثلاثين عاماً، فإن حجم التضحيات التي بذلها ولايزال يقدمها من أجل غداً مشرق متواصلة حتى الآن.. ولكن هناك سؤال جوهري يطرق باب ازهاننا كل يوم! وهو أين مصدر الخلل في هذه المعادلة الثورية المتراجعة منذ لحظة التوافق بين المكون العسكري والمدني.. نجد أن الشعب هو صاحب العطاء المطلق دوماً في سبيل قضيته فبتالي، فإن الخلل الرئيسي يكمن في البنية القيادية للشعب في مراحل نضاله الثوري! فمن جهة تقف القيادة الثورية عاجزة عن تنظيم التفاعل والنضالات وتأطيرها في كم تراكمي من الإنجازات التي تعمل كقوة دفع للثورة! ومن جهة أخرى يصب في مجرى الهدف الإستراتيجي الذي من أجله انطلقت الثورة بكل ألوان طيفها السياسي.. ويجب أن نعترف أن مطلق الثورات يصاحب مسيرتها أخطاء ومخطئون وانتهازيون، يعتلون موجات النضال الجماهيري تحقيقاً لمصالحهم الشخصية، غير أنه من صحيح القول إن الحالة الثورية المفترضة في المجرى النضالي يتوجب أن تكون قادرة على إصلاح الأخطاء أولاً بأول، و اجتثاثها من الجذور لتصويب مسار الثورة من جهة، ولقص جذور الانتهازيين من ذوي المصالح الشخصية من جهة أخرى.
فهؤلاء الانتهازيين ليس بأكثر من كوابح تعيق تقدم الثورة إلى الأمام.. وبين التراجع التدريجي وصولاً إلى الأنحسار الكامل والسقوط النهائي للثورة . بدلاً من التمسك بالهدف الاستراتيجي للثورة – وهو تحقيق التحول الديمقراطي تحت الشعارات الثورية – الحرية – والعدالة – والسلام العادل الشامل.. نجد أنه غلبة عليهم الأهداف الذاتية وعنوانها : العجز وإفتقاد القيادة للقدرة على تحقيق المزيد من الإنجازات الثورية ( من الطبيعي جداً أن تمر الثورة في خطوط متعرجة ومنحنيات طبيعية، ونفهم إنه من المستحيل أن اتبقي الثورة في خط مستقيم وصاعداً دون أن تتعرض لمنعطفات وتخزيل الانتهازيين.
ونفهم إنه من الطبيعي جداً وتجنباً للأحراج أمام الجماهير المغلوبه على أمرها، أن تعمل القيادة في الحرية والتغيير على تقزيم ومسخ الهدف الإستراتيجي للثورة وتحويله إلى أهداف أقل منه بكثير، بما يعنيه ذلك من مساومة ليست مشروعة وليست عادلة على الحقوق الأساسية لجماهير الشعب السوداني. هناك تسقط القيادة فى خطأ استراتيجي قاتل ومدمر ينم عن الجهل بكل معانيه! ذلك أن الثورة هي أولاً وأخيراً تعبر عن صراع الارادات بين الثوريين والانتهازيين… فمجرد أن يقدم الشخص الثوري تنازلاً، في إحدى القضايا سيفهم الانتهازي إنه يحتاج إلى المزيد من التشدد والمطالبة بالمزيد من التنازلات، وهذه كانت واضحة في حالة العسكريين في مجلس السيادة برئاسة البرهان، استقلوا حالة التنازلات من قبل المدنيين والقيادة الثورية.

الانتهازيون هم أصحاب الأقنعة من أولئك الذين تتعدد وجوههم، يتربصون بالبعض من الثوريين الأنقياء المخلصين من الذين لا يخشون في الحق لومة لائم! الانتهازيون يمتازون بالتملق والتودد والإفراط في المديح والاطراء والمجاملة حتى تظن أن الانتهازي شمعة تحترق من أجل إسعاد الآخرين. وللأسف الشديد تنامت هذه الظاهرة مؤخراً بشكل مخيف، حتى فرضت نفسها على العديد من القضايا والملفات الثورية الهامة.. وإذا لم ننتبه لها ونقطع دابرها سوف تعود بنا إلى أحضان النظام الفاشي الاسلاموي القديم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.