عبد العزيز الحلو ومشروع السودان الجديد: رؤية لمستقبل ديمقراطي وعادل.

قراءة / مايكل كير

 

يمثل مشروع السودان الجديد الذي يقوده عبد العزيز الحلو بارقة أمل حقيقية للسودان، حيث يقدم رؤية شاملة لإنهاء الحروب وإرساء دعائم دولة مدنية ديمقراطية تقوم على أسس العدل والمساواة. في ظل الأزمات السياسية والأمنية التي تعصف بالبلاد، يبرز هذا المشروع كخيار استراتيجي يمكن أن يضع حدًا لعقود من النزاعات، ويؤسس لسودان يتسع لجميع مواطنيه، بعيدًا عن التمييز الديني أو العرقي.

مشروع السودان الجديد
دعوة للحرية والمساواة يعود مفهوم “السودان الجديد” إلى رؤية زعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق، والتي تقوم على تأسيس دولة حديثة تتجاوز الانقسامات التقليدية المبنية على الدين والعرق، وتركز على قيم الديمقراطية والعدالة. أعاد عبد العزيز الحلو إحياء هذه الرؤية، مؤكدًا أنها السبيل الوحيد لضمان استقرار البلاد وتحقيق تنمية حقيقية تشمل الجميع. في ظل استمرار الحروب والنزاعات بسبب سياسات الإقصاء والتهميش، فإن السودان بحاجة ماسة إلى نظام سياسي جديد يستند إلى مبادئ مدنية واضحة تضمن المساواة بين جميع المواطنين.
عبد العزيز الحلو
تصريحات الحلو وأهميتها في المشهد السياسي في مقابلته الأخيرة مع “سكاي نيوز عربية”، أكد الحلو
أن السودان لن يشهد سلامًا حقيقيًا إلا إذا تم فصل الدين عن الدولة، مشددًا على أن استمرار التوظيف السياسي للدين أدى إلى تفاقم الأزمات والانقسامات في البلاد. إن مشروعه يمثل خطوة جريئة نحو بناء دولة حديثة، حيث تكون المواطنة هي الأساس في الحقوق والواجبات، بعيدًا عن أي تمييز ديني. وقد اشترط الحلو في مفاوضاته مع الحكومة السودانية تضمين مبدأ فصل الدين عن الدولة في الدستور، باعتباره الضامن الوحيد لعدم استغلال الدين في السياسة ومنع تكرار الممارسات التي أدت إلى الحروب وعدم الاستقرار.
فصل الدين عن الدولة
خطوة نحو سودان ديمقراطي إن الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة ليست معاداة للدين، بل هي خطوة أساسية لضمان حياد الدولة وعدالتها تجاه جميع مواطنيها. لطالما استخدم الدين كأداة سياسية لتبرير القوانين التمييزية وإقصاء الأقليات، وهو ما عمّق من الأزمة السودانية. يرى الحلو وأنصاره أن السودان لا يمكن أن يتقدم دون تبني نظام علماني يكفل الحريات الدينية، ويتيح لكل فرد حرية ممارسة معتقداته دون تدخل الدولة. في المقابل، تعارض بعض الأحزاب والتيارات الإسلامية هذا التوجه، معتبرة أن السودان بلد ذو هوية إسلامية، لكن هذه الرؤية الإقصائية تتجاهل حقيقة التنوع الديني والثقافي الذي يميز السودان. إن بناء دولة حديثة يتطلب إنهاء سياسات التمييز الديني، واعتماد دستور يعكس تطلعات جميع السودانيين، وليس فقط فئة معينة.
تحديات وفرص أمام مشروع السودان الجديد رغم التحديات التي تواجه مشروع السودان الجديد، مثل معارضة القوى الإسلامية والقومية، إلا أن هناك عوامل عديدة قد تسهم في إنجاحه. من أهمها دعم القوى الشبابية والمدنية التي تطالب بدولة ديمقراطية حديثة، إضافة إلى الضغط الدولي المتزايد لدعم التحولات الديمقراطية في السودان. كذلك، فإن التحولات السياسية الجارية في البلاد قد تفتح المجال لوضع دستور جديد يضمن الحريات الأساسية ويؤسس لنظام حكم ديمقراطي يتجاوز الفشل السابق في إدارة التنوع السوداني. إن نجاح المشروع يعتمد على قدرة القوى الإصلاحية على فرض رؤيتها وإقناع الشارع السوداني بأن مستقبل البلاد يكمن في نموذج حكم حديث يقوم على العدل والمساواة.
مشروع برؤية شاملة
إن مشروع السودان الجديد الذي يتبناه عبد العزيز الحلو ليس مجرد طرح سياسي، بل هو رؤية شاملة تهدف إلى إعادة بناء الدولة السودانية على أسس حديثة تضمن السلام والاستقرار للجميع. إن السودان اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يستمر في دوامة الحروب والانقسامات، أو يتبنى نموذجًا جديدًا يكرس قيم المواطنة والديمقراطية. ورغم التحديات، فإن الحاجة إلى التغيير باتت ضرورة ملحّة، ولا شك أن المشروع الذي يطرحه الحلو يمثل أفضل الحلول الممكنة لضمان مستقبل مزدهر وعادل للسودان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.