عالقون في مرمي النيران : المهاجرون السودانيون في ليبيا.. رحلة الحياة والموت المنسية

 


بقلم: د. أميرة أحمد

 

“أنا لاجئة من السودان من منطقة “شطايا”، داهمتنا الحرب، ثم قتل “الجنجويد” زوجي وولدي الإثنين، دخلنا “معسكر كلما ” للنازحين فلاحقتنا الحرب مرة أخري، و هذه المرة قتلوا العمدة والشيخ و ١٤ شاب، هربنا إلي منطقة “جبل مرة”، وكان أن اندلعت الحرب مرة أخري، فتوجهنا هاربين إلي منطقة “الطينة”، مكثنا بها خمسة أيام، ومنها وصلنا إلي دولة تشاد وبقينا بها ثمانية شهور في منطقة اسمها “أبشي” لا نعرف فيها أحد، استمررنا بالعيش هناك لثلاثة أشهر، ثم طلبت أن ننقل إلي منطقة بها سوق حتي أستطيع أن أجد عمل، وقد كان وعملت أنا وابني الوحيد في أحد المطاعم، واستطعنا ادخار مبلغ، فقررنا التوجه إلي ليبيا علنا نستطيع أن ننطلق منها إلي أوروبا ..”
ذلك هو الواقع الذي يصنع رحلة يطول مداها ولا يقصر فرارا من حرب لوطن مفترض تنتهي عادة إما بالموت في صحراء أو بباطن البحر أو بالخضوع قسرا لقوانين المليشيات المنفلتة ولا قانونها الذي يهدر كرامة البشر وينتهك حقوقهم .. هربا من جحيم الحروب وفرارا من واقع بلداننا، وتلك هي رواية الهاربين.. أو من يسمون مجازا في لغة العالم.. بالمهاجرين غير الشرعيين.. للقصة خلفيات وللمهاجرين اسماء وما يجري في ليبيا للمهاجرين السودانيين عنوان عريض اسمه انتهاك حقوق الإنسان ومخالفة القوانين الدولية التي يغض العالم الطرف عنها، وتتجاهلها الحكومة السودانية عن علم أو جهل.. وفي كلا الحالتين هي المسئولة عن معاناتهم.

يعيش اللاجئون السودانيون في ليبيا أوضاع معيشية معقدة للغاية، فقد عانوا مرارات النزوح واللجوء لأكثر من مرة، في السودان وفي داخل ليبيا نفسها، حيث يتنقلون عدة مرات من الجنوب الليبي مرورا ربما بطرابلس حتي الشمال الليبي قرباً للحدود مع أوروبا، وفي أثناء رحلاتهم المستمرة بحثاً عن الأمان والعيش، كثيرا ما يجدون أنفسهم في ظروف حياتية قاسية، وقد يتعرضون أيضاً لصنوف من الانتهاكات والعذاب وانعدام الأمن والسلامة علي أيدي عصابات تعرضهم للخطف والابتزاز والعنف والاستغلال والعمل القسري، وحتي القتل علي أيدي الميليشيات والجماعات المسلحة وعصابات الإتجار بالبشر .

منذ عام ٢٠١٤م، دخلت ليبيا في حرب أهلية بين عدة فصائل متحاربة مختلفة، يشمل ذلك الصراع مستويات متعددة، بما في ذلك: الحكومات المتنافسة محلياً:
– حكومة الوفاق الوطني المتمركزة في طرابلس.
– المتمردون الشرقيون بقيادة الجنرال حفتر المتمركز في بنغازي.
– العديد من الجماعات المسلحة أو الميليشيات المتنافسة.
– القوميون والفيدراليون.
– المليشيات القبلية.
– القوى الخارجية المتنافسة إقليمياً ودولياً.
وفي ظل كل هذه الظروف، وبعد أن كانت ليبيا مقصداً للعمالة المهاجرة من دول أفريقية وعربية عديدة، أصبحت مساراً رئيسياً لتهريب المهاجرين والإتجار بالبشر، خاصة المهاجرين القادمين من أفريقيا وجنوب الصحراء، ولكن أيضا من أجزاء أخرى من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

في روايتها التي ابتدرنا بها هذا المقال تحكي “السيدة نفيسة”، كيف أنها ونجلها قطعوا الفيافي في رحلة مطولة وشاقة من معسكر النازحين بدارفور في غرب السودان، مرورا بتشاد، وصولا إلى طرابلس، حيث تعيش في ضيافة أحد المهاجرين السودانيين في منزل صغير ومتواضع جدا بمنطقة “أبو سليم”، منزل فقير ينقطع عنه التيار الكهربائي باستمرار ولساعات طويلة، كما هو الحال في العاصمة طرابلس.

ولفائدة القارئ لابد من توضيح أن واحدة من أكبر المجتمعات الوافدة إلي ليبيا هي من السودانيين، إذ وفقًا للبيانات التي جمعتها “مصفوفة تتبع النزوح” التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، يعيش حوالي ٦٦٠ الف لاجئ ومهاجر في ليبيا في أواخر عام ٢٠٢٠م، معظمهم من النيجر (٢١٪) ، مصر (١٦٪) ، تشاد (١٦٪) ، السودان (١٣٪) ونيجيريا (٨٪). يتركز ما يقرب من نصف المهاجرين واللاجئين في غرب ليبيا (٤٩٪)، بينما يعيش (٢٨%) و (٢٣%) في شرق وجنوب ليبيا، على التوالي.

وقد شكلت ليبيا وجهة معروفة للسودانيين الذي كانوا يقصدونها طلبا للعمل، أما الآن، فأنهم يتخذونها معبرا أملاً في الوصول لأوروبا، خاصة أن ليبيا هي الآن واحدة من المنافذ القليلة المتبقية التي يستطيع المحظوظون فقط الوصول من خلال أراضيها إلي سواحل أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط، ذلك بعد أن قامت أوروبا بإغلاق منافذ الدخول إليها عن طريق اعتراض المهاجرين في البحر وقطع رحلاتهم، أو ما يسمي بإنقاذهم في البحر، وإرجاعهم مرة أخري إلي دول العبور، وذلك بالتعاون مع أجهزة هذه الدول وتقديم الدعم المالي والفني للحكومات والأجهزة ذات الصلة مثل قوات حرس الحدود، مع الانحسار الكبير لأعداد المهاجرين الواصلين إلي أوروبا في الثلاث السنوات الأخيرة وتوقف بعض مسارات الهجرة، نشطت مسارات أخري بديلة، ووجدت طرق وشبكات التهريب والاتجار في ذلك أسواقًا مزدهرة، كان علي رأسها ليبيا التي أصبحت مركزًا رئيسيًا لتهريب المهاجرين العالقين وكذلك الإتجار بهم.

شبكات التهريب والإتجار بالبشر

لا يشكل السودان بلد مقر للمهاجرين واللاجئين بقدر ما هو أيضاً في حد ذاته بلد عبور لمهاجرين آخرين يتخذونه محطة وصول إلي ليبيا، أملاً أن تحملهم رحلتهم إليها شمالاً إلي شواطئ الدول الأوربية.
وفي خضم ذلك، تنشط شبكات تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر علي جانبي الحدود، وأحيانا يمر المهاجرون بدول عبور أخري مثل مصر أو تشاد، كما حدث مع السيدة السودانية نفيسة التي دخلت إلي الحدود الليبية عن طريق تشاد.

وكما هو معروف، يسيطر الدعم السريع (ميليشيات الجنجويد سابقاً)، حاليا علي غالبية الحدود في السودان، وذلك منذ أن تم تقنيين وضعها في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، وذلك بموجب قانون الدعم السريع لسنة ٢٠١٧م، وأوكل إليها مهمة حراسة الحدود خاصة في إطار ما يعرف ب “عملية الخرطوم”، ورغم أن قوات الدعم السريع قد أوقفت بالفعل عددا من المهربين والمهاجرين قبل مغادرتهم الحدود السودانية، إلا أن التقارير لازلت تشير إلي الدور المزدوج الذي تقوم به قوات الدعم السريع في إدارة الحدود، فإن بعض عناصرها ما زالت تستفيد من الانخراط في تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر، خاصة مع ليبيا (مثلا: التقرير السنوي للاتجار بالأشخاص ٢٠٢٠م).

ومنذ عامي (٢٠١٦/ ٢٠١٧م)، تطورت مسارات الهجرة الخارجية السودانية إلي ليبيا وأصبحت أكثر تنوعا، حيث يسلك المهاجرون واللاجئون الفارين من الحروب والأنظمة غير الديمقراطية في بعض دول القرن الأفريقي طريقهم عبر هذه المسارات.

مسارات الهجرة هذه لا تكون دائماً آمنة، حيث تروي شهادات المهاجرين بأنهم يتعرضون لانتهاكات مفزعة مثل الاستغلال، والطرد والعودة القسرية إلى بلدانهم، ومطالبتهم بدفع مبالغ من المال “فدية” ليأمنوا من التعذيب والقتل، وأحيانًا لتسهيل تهريبهم إلى ليبيا، يؤكد ذلك ما ورد في تقرير الاتجار بالبشر السنوي الذي يشير الى أن ” بعض مسؤولي قوات الدعم السريع الفاسدين استفادوا مالياً من دورهم كحرس حدود وقاموا بدور مباشر في الإتجار بالبشر” (تقرير الاتجار بالبشر، ٢٠٢٠: ٤٦٥)

بالإضافة إلى تهريب المهاجرين واللاجئين، يفيد تقرير نشرته صحيفة الغارديان ، بأنه هناك ما لا يقل عن ثلاثة الف مقاتل سوداني يقاتلون الآن في ليبيا كمرتزقة. وأشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن المقاتلين يقاتلون على جانبي الصراع مع الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر وحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا في طرابلس (المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام ، ٢٠٢٠). ففي يناير / كانون الثاني ٢٠٢٠م ، أفادت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة إن العديد من العرب من منطقة دارفور التي مزقتها النزاعات في السودان وتشاد المجاورة يقاتلون كـ “مرتزقة أفراد” في ليبيا.

وكما صرح رئيس حركة تحرير السودان، منى أركو مناوي، في بيان علني أن لديه بالفعل قوات متمركزة في ليبيا لكنها لا تشارك في أي حرب.
ومما يذكر أن اتفاق سلام جوبا الموقع في ٣ أكتوبر ٢٠٢٠م بين الحكومة الانتقالية السودانية والجبهة الثورية السودانية، لإنهاء القتال في دارفور ومناطق الصراع الأخرى في جنوب كردفان والنيل الأزرق، لم يتناول قضية هؤلاء المقاتلين على الرغم من حقيقة أن الجماعات المتمردة التي وقعت الاتفاق لديها بعض القوات في ليبيا كما جاء في تصريح مناوي.

هناك العديد من الدلائل التي تؤكد أن مسارات تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر نشطة وتدار عن طريق شبكات منظمة من جنسيات متعددة، من أشهر هذه الوقائع، هي قضية ما يعرف ب “شركة بلاك شيلد”، حين نشرت الشركة إعلانا في إحدى الصحف المحلية يطلب سودانيين للعمل بصفة عناصر حراسة، وتم بالفعل التعاقد مع المتقدمين ومنحهم تأشيرات دخول إلي الإمارات، إلا أن الشباب اكتشفوا بعد وصولهم بأنهم في ليبيا، وليس الإمارات وما كان من أسر الضحايا في السودان إلا أن احتجوا وكشفوا ما حدث مع أبنائهم، وقاد ذلك لإرجاع عدد كبير من هؤلاء المهاجرين المخدوعين مرة أخري إلي الخرطوم.

من ناحية أخري تقوم المحاكم في السودان بالنظر والتحقيق في عدد من قضايا الإتجار بالبشر والارتزاق، يذكر أنه لا يوجد في السودان قانون ضد الارتزاق، ولذلك يتم محاكمة الجناة بموجب قانون الإتجار بالبشر لسنة ٢٠١٤م وقانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة حيازة الأسلحة.

إحدى القضايا التي سلط عليها الإعلام الضوء في الأشهر الماضية، تحديدا في سبتمبر ٢٠٢٠م، تركزت حول إدانة المتهم السر أدم علي التوم الذي افاد بأنه عضو في حركة العدل والمساواة لخرقه المادة (٥) من قانون مكافحة الإرهاب السوداني لعام ٢٠٠١م والمادة (٩) من قانون الأسلحة والذخيرة السوداني لعام ١٩٨٦م.
وبحسب سجل محاكمته، فقد اعترف بأنه أسس حركة عسكرية في ليبيا عام ٢٠١٨م، تم اعتقال السر بعد العثور معه علي وثيقة تحوي اتفاق بينه وبين المواطن الليبي أحمد محمد مفتاح، وبحسب ما ورد في الاتفاقية: “وافق السيد السر الذي عبر الحدود إلى ليبيا عبر شمال دارفور على تزويد السيد محمد مفتاح بألف مقاتل سوداني تحت إمرته، وفي المقابل، كان من المقرر أن يستلم السيد السر مركبتين من طراز لاند كروزر وثلاثة رشاشات آلية ، وبندقية كلاشينكوف” (المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام ، ٢٠٢٠).

الوصول إلي ليبيا: فصول أخري من المعاناة

الدخول إلي ليبيا لا يمثل نهاية وعثاء السفر ولا تلقي التهاني بسلامة الوصول، وإنما هو بمثابة باب ولوج تفتح علي إثره أبواب وفصول أخري من المعاناة، ولنعد لرواية السيدة نفيسة فهي تجسد ما نود التعبير عنه فهي تروي ما كان بانتظارها فور وصولها إلي داخل الحدود الليبية قائلة:

“قطعنا الصحراء، واستولي “القرعان” علي ما تبقي معنا من مال، أنزلونا في شركة “أم الأرانب” في الجنوب وقالوا لنا أننا لا نستطيع أن نغادر دون أن ندفع لهم مبلغ من المال، وهددونا بالقتل أثناء تصويبهم للسلاح نحو رأسنا، ثم طلبوا مني الاتصال بشخص أعرفه، وفعلا أعطيتهم رقم الواتساب بالشخص الذي سهل خروجنا من تشاد وهو حالياً مفقود غير معروف مكانه حتي الآن، ” ينقطع حديثها بعدما أجهشت بالبكاء”، وتواصل روايتها؛ كان بالفعل أن أرسل لنا مبلغ ألف دينار، استلمها “القرعان”، ثم أطلقوا سراحنا توجهنا لمنطقة اسمها “المحروقة”، يسكن بها سودانيون، ولكن بعد خمسة أيام، اختطف مسلحون ابني الوحيد وطلبوا منا فدية مبلغ خمسة آلاف دينار ليبي، تكاتف معنا السودانيون في المحروقة وجمعوا المبلغ ودفعناه للخاطفين، ثم جمعوا مبلغ ٧٥٠ دينارا إضافية أعانتنا علي استكمال رحلتنا الى طرابلس التي لم نكن نعرف بها أحد…”

وكما روت السيدة نفيسة في شهادتها، فور وصول قوافل التهريب البشرية، تقوم الميليشيات والجماعات المسلحة باستقبال واستهداف وخطف المهاجرين طلبا للفدية.
ومن اللافت للنظر أن المهاجرون الذين دخلوا البلاد كانوا يتوقعون تعرضهم للهجمات العشوائية والخطف والابتزاز أثناء وجودهم في ليبيا، وبالفعل يقوم المهربون باحتجاز وأسر الواصلين في مجمعات، ويطلب منهم إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم ومعارفهم بغرض توفير مبلغ الفدية. في هذه الأثناء، يتوقع أن يتعرض المهاجرون لصنوف من سوء المعاملة قد تصل إلي الضرب والتعذيب، ولا يغيب عن الذاكرة ذلك الفيديو الصادم، الذي بثت فيه مقاطع تعذيب وجلد شابين سودانيين لابتزاز عائلتيهما ومطالبتهما بفدية تقدر بسبعة الف دولار مقابل الإفراج عن ابنيهما، ومقدار الألم المبرح والذل والإهانة الذي رأيناه علي وجوه وأجساد هؤلاء الشباب جراء هذه الأفعال الوحشية.

يتم أيضاً استغلال المهاجرين في هذه الأثناء للعمل بالسخرة أو الاستغلال الجنسي، وقد يكونوا عرضة للخطف والاختفاء جراء هجمات عشوائية من قبل مجموعات مسلحة أخري.

وتتفاقم هذه المخاطر خاصة إذا لم يتمكن المهاجرون من الحصول علي المال من ذويهم ودفع الفدية المفروضة عليهم، ويمر هؤلاء تحديدا بظروف قاسية للغاية خاصة قلة الإمداد بالطعام والماء وعدم القدرة على الحركة أو الخروج إلي الشارع.
قد يحاول البعض منهم الفرار ولكن قد يكلفه ذلك حياته، فمثلا وثقت منظمة العفو الدولية في يوليو ٢٠٢٠م حادثة قام فيها مسلحون بإطلاق النار على نحو مائتي لاجئ ومهاجر احتجزتهم عصابات الاتجار بالبشر بالقرب من بلدة مزدة، فقتل ما لا يقل عن ثلاثين شخصاً، وأصيب أحد عشرة شخصاً، ولا يزال مصير الآخرين مجهولاً أو يخشى وفاتهم أو اختطافهم.

بمجرد دفع الفدية، يتم نقل المهاجرين إلى مكان آخر في المجمع وربما يتم منحهم امتيازات أخري مثل حرية الحركة، بعض المهاجرين “الميسورين” يواصلون الرحلة بمعية المهربين صوب شمال ليبيا إلي الساحل، تجهيزا لتهريبهم علي متن القوارب المتجهة عبر البحر الأبيض المتوسط، أما الذين لم يكن لديهم مبالغ لمواصلة الرحلة، فإنهم يتحركون داخل ليبيا علي مسئوليتهم الخاصة.

شمال ليبيا.. بوابة اوروبا

تواصل السيدة نفيسة وتحكي مواصلة لمحطات رحلتها من النزوح السوداني “أنزلنا السائق في منطقة “الكرمية” في السوق، وكان هذا في تاريخ يوم ١٧ مارس ٢٠١٩م، انتظرنا في الشارع حتي نهاية الليل، إلا أن مر شابان سودانيان، ألقيا التحية والسلام وسألنا أحدهما من أين أنتم؟ قلنا لهما نحن من السودان جئنا من الجنوب من منطقة “أم الأرانب” ولا نعرف أي شخص هنا، فقاما باصطحابنا إلي الحوش الذي يسكنون به في “السواني”، مكثنا يومين ثم قال الشباب لابني واسمه “الطيب”، إنه يمكن أن يبقي معها لكنني يجب أن أغادر، لأنه من الممكن أن تندلع الحرب في أي لحظة، وهم يستطيعوا القفز والهرب وهو ما لن أقدر عليه، ولذلك يجب أن نجد لها مكان سكن، سألتهم ما إذا كانت هناك جهات يمكنها تقديم المساعدة، فقاموا بأخذي إلي “شارع الشوك” ، كان السراج والبرج مغلقين.
كانت لدي بطاقات اللجوء التي منحوني لها في دارفور في معسكر النازحين حيث أني كما ذكرت “لاجئة”، أدخلوني مكتب اللاجئين وسجلوا إسمي واسم ولدي وأعمارنا وأرسلوا أوراقنا إلي تونس ومنها إلي جنيف، حيث تم التأكد من هويتي وأني بالفعل لاجئة من دارفور، وقد كان أن أجروا معنا مقابلة اضطرارية وخيرونا بين أن نظل في ليبيا أو نرجع دارفور، رفضت وقلت لهم أننا سنظل في ليبيا وأنه لم يعد تفرق معي ليبيا من دارفور، هنا حرب وهناك حرب. شاركت واحدة تدعى “آسيا” في السكن، و رجع ابني للسكن مع الشباب، وفعلا بعد يومين اندلعت الحرب في “السواني” وهنا أيضا في “أبو سليم” حيث رأينا إطلاق الصواريخ فوق رؤوسنا، هرب ابني ورفاقه خوفا من دخول القوات إلي سكنهم ومحاولة تجنيدهم بالقوة، ثم أتصل بي ابني وأخبرته أن المنطقة تم ضربها، ذهبنا ومعنا صديقة اسمها “راوية”، ثم قيل لي ألا أعود مرة أخري للسكن مع “آسيا” لأنها ليس لديها مصاريف، بدلا عن ذلك، توجهت للإقامة مع ابني في “مدرسة أحمد بن شتوان” وفعلا ذهبنا هناك ومكثنا ثلاثة شهور، وكانت هناك أسرة عراقية اشتبكت مع إدارة الهلال الأحمر، فقامت المديرة بطردنا بعد رمضان مباشرة. ثم ذهبنا وجلسنا أمام باب المفوضية، ضربونا وهرب الأولاد خوفا من استهدافهم أو اختطافهم، بقينا بالشارع شهور، نعيش علي صدقات السابلة، الذين يأتون إلينا أحياناً بالطعام، إلا أن جاء فاعل خير “توفى لاحقا في الجبهة اسمه مبروك”، دخلنا إلي “المدرسة” مرة أخري وبقينا فيها ثلاثة شهور، ثم جاء مدير جديد بعد وفاة السيد “مبروك” وطردنا مرة أخري إلي الشارع”.

في خلال شهور بسيطة، تنقلت السيدة نفيسة من جنوب طرابلس لتبدأ رحلة لا تتوقف من العوز والتشرد من منطقة لأخري ومن بيت لغيره، كل هذا تحت نيران وقاذفات حرب لم يتوقف قرع طبولها، كما تقطعت بها السبل في بعض الأحيان وعاشت في مكان منفصل معظم مدة إقامتها في ليبيا بمعزل عن نجلها الوحيد، ونظرا لارتفاع قيمة الإيجار مقارنة بالظروف الاقتصادية التي توسم حياة المهاجرين، فإن الكثير منهم ينتهي به الحال في العراء لا يسد رمقه إلا صدقات الخيرين الليبيين.

قد يتعرض المهاجرون أيضاً لخطاب عنصري خاصة تجاه السود الأفارقة، مثلا في حادثة اتسمت بالتمييز المجحف الصارخ، ووثقتها منظمة العفو الدولية، منعت جماعة مسلحة حافلة من دخول مدينة الكفرة جنوب شرق البلاد، ما لم ينزل ثلاثة مواطنين تشاديين من تلك الحافلة، وأمرهم المسلحون بالخضوع لفحص فيروس كوفيد-19 وتركوهم في الصحراء خارج المدينة، وسمح للركاب الآخرين، أي جميع المواطنين الليبيين، بالمضي قدما دون الحاجة إلى إجراء فحوص خاصة بفيروس كوفيد-19 أو إجراء أي اختبارات أخرى، وتلخص تلك الحالة في النظر للمهاجرين بأنهم من حملة الوباء وأسبابه.

أما أبشع أنواع العنصرية تتجلي في البيع والشراء علانية في البشر، جاء في تقرير منظمة العفو الدولية “اللاجئون والمهاجرون في ليبيا: محاصرون في رحلة مفرغة بين الحياة والموت”، أن تجار البشر حولوا بعض الساحات في ليبيا إلى “أسواق للاتجار بالبشر”، حيث يُباع المهاجرون علانية قبل احتجازهم للحصول على فدية، ويُجبرون على العمل دون أجر أو يتم استغلالهم جنسيًا، هؤلاء ضحايا للمهربين والمتاجرين بالبشر وللتخلص منهم يتم إحضارهم إلى الأسواق لبيعهم لمن يرغب في شراء رقيق، كما يمتلك المشتري أي قطعة أثاث أو قماش أو سيارة أو جرار زراعي أو حيوان أليف.. كشفت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير لها عن وجود “أسواق عبيد” حقيقية في ليبيا ، حيث يُباع المهاجرون الأفارقة مقابل عدة مئات من الدولارات ، وقال عثمان بلبيسي ، رئيس المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا: “تذهب إلى السوق حيث يمكنك دفع ما بين مائتي الى خمسمائة دولار للحصول على مهاجر واستخدامه في عملك، “وبعد شرائه، تصبح مسؤولاً عن هذا الشخص، يهرب بعضهم ويبقى آخرون في العبودية “.

أيضاً ارتكبت الميليشيات والجماعات المسلحة انتهاكات للقانون الإنساني الدولي ضد المهاجرين واللاجئين ترقي لجرائم الحرب، وتكشف إفادات بعض المهاجرين عن أنهم قد أجبروا علي حمل الأسلحة، وتنظيف القواعد العسكرية وأحياناً الانخراط في صراعات مسلحة، وقد فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات على ستة أشخاص في ليبيا متهمين بقيادة شبكات تهريب بشر عبر البحر المتوسط، حيث فرض حظر السفر وتجميد الأصول العالمية على أربعة ليبيين واثنين إريتريين، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الأمم المتحدة عقوبات ضد مهربي البشر، وتشير بعض التقارير إلي أن إثنين من هؤلاء المهربين علي الأقل قد شوهدوا ضمن القوات النظامية لخفر السواحل الليبي حتي بعد صدور قرار مجلس الأمن، في ظل وضع أمني هش يصعب فيه تطبيق وإنفاذ القانون.

تمتد المعاناة إلي مراكز الاحتجاز التي تأوي المواطنين غير الليبيين، حيث أن الكثير منها يشهد ظروفا سيئة للغاية، و يوجد ٢٧ مركز احتجاز رسمي موزعين علي الأراضي الليبية تابعة لجهاز مكافحة “الهجرة غير الشرعية” – وزارة الداخلية – حكومة الوفاق الوطني. حيث أفاد تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أن هؤلاء قد تعرضوا لظروف احتجاز قاسية ويواجهون انتهاكات جسيمة، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب، فضلا عن التزاحم الشديد وضيق المكان، يوثق التقرير الاكتظاظ الشديد والظروف غير الصحية وسوء التغذية في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية للاجئين، كذلك وثقت ذات المنظمة وجود أعداد كبيرة من الأطفال، بما فيهم أطفال حديثي الولادة، محتجزين في ظروف سيئة للغاية.
أشهر هذه المراكز هو سجن “زوارة”، القريب من الحدود التونسية، وسجن “تاجوراء” بطرابلس، ثم سجن “السكة” في ضواحي طرابلس، وهو أحد أسوأ السجون سمعة في ليبيا، وهو مشيد تحت الأرض، وكان يستخدم في عهد القذافي ضد معتقلي الرأي.

بسبب هذه الظروف، رفضت السيدة نفيسة ومن كانوا معها أن تبقي في مركز الإيواء الذي اصطحابهم إليه مدير البلدية كما جاء في روايتها، إلي أن تم نقلهم إلي مقر السفارة السودانية:

“بعد قضاء مدة طويلة مشردين في الشارع، جاء مدير البلدية في الأندلس، وقام بترحيلنا بالسيارات واستدركت قائلة (أنا عشان جديدة ما بعرف الحتات)، وتواصل.. أخذونا إلي مقر هناك في “تاجوراء”، علمنا أنهم يرجعون منه الناس إلي السودان فيما يسمي بالعودة الطوعية، كان هذا المكان مزدحم جدا ومكتظ بالرجال، ولا يوجد به مكان للعائلات، رفضنا أن ننزل من السيارات، فتوجهوا بنا إلي السفارة السودانية التي قالت إنه ليس في يدها شيئا، حيث أن هؤلاء مسجلين في الأمم المتحدة، وعلي هذا الأساس توزعنا وأي شخص بحث عن قريب أو صديق، أنا استضافتني سودانية اسمها “رحاب” في حوشها، سكنت معها لمدة شهر ولم أقو علي دفع الإيجار، هي تقوم بتأجير غرف حوشها للأثيوبيين …”

مركز إيواء تاجوراء للاجئين الذي تحدثت عنه السيدة نفيسة في شهادتها، هو نفس المركز الذي تم تفجيره بضربة جوية في يوليو ٢٠١٩م، أدت إلي مقتل أكثر من ٤٠ شخص وإصابة العشرات.

لاعودة إلي الوراء: “السمبك” هو الحل؟

بالرغم من كل الظروف القاسية التي يختبرها المهاجرون أو يعيشون تحت خطر الوقوع ضحايا لها في أي لحظة أثناء تواجدهم في ليبيا، وبالرغم من ضعف حكومات بلدانهم في تقديم أي نوع من الرعاية أو الحماية لهم، وكذلك انحسار برامج العودة الطوعية التي من شأنها توفير مسارات آمنة وقانونية للخروج من ليبيا نتيجة لإجراءات كوفيد-19، يستمر المهاجرون في البقاء في ليبيا، علي أمل أن تأتي ساعة الحظ لتسري وتعرج بهم علي سواحل أوروبا – أو كما يقول السودانيون “السمبك هو الحل”- أي ذلك القارب الصغير الذي يبحر بهم في رحلة الموت اليهم أقرب فيها من الحياة.

ويفقد بعض المهاجرين حياتهم ثمنا لركوب السمبك، ولا تنفك أن تطل علينا أخبار موت المهاجرين في عرض البحر الأبيض. وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، قُتل مهاجر سوداني برصاص خفر السواحل الليبي يوم الخميس ١٩ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٠م، بعد اعتراضه في البحر أثناء محاولته الهرب ليتفادى إعادته إلى مركز الاحتجاز.
وهو واحد من مجموعة تضم أكثر من مائة شخص أعيدوا إلى البر في نقطة النزول في “أبوسيتا” في العاصمة طرابلس، وقد قاوم هؤلاء “العائدون” عودتهم إلى مراكز الاحتجاز، تكرر نفس الأمر في يوليو ٢٠٢٠م، عندما قتل ثلاثة مهاجرين سودانيين بالرصاص عند نقطة النزول في “الخمس”، بعد اعتراض خفر السواحل الليبي قاربًا، كان يحمل أكثر من سبعين شخصًا وإطلاق النار عليهم.

أحمد مصطفى لاجئ سوداني يعيش في مكب للنفايات في تاجوراء بليبيا، يطمح للعيش في مكان آمن في بلد أوروبي، وصل احمد إلى ليبيا قادما من شمال دارفور عام ٢٠١٧م، البحث عن الأمان في أوروبا دفع أحمد للمخاطرة بحياته، لكن القارب الذي كان يقله مع مجموعة مهاجرين آخرين غرق وتوفي كل من كان معه، أحمد هو الوحيد الذي نجا حسبما يقول..
أنقذ خفر السواحل الإيطالي المهاجر السوداني وأعاده إلى ليبيا “عندما استيقظت وجدت نفسي في مركز الاحتجاز وهو سجن يتم فيه تعذيب المهاجرين”، بمساعدة أصدقائه خرج أحمد من السجن “الصدمة النفسية التي عانيت منها كادت أن تودي بحياتي، ما دفع أصدقائي لدفع مبلغ مادي لي لأخرج من السجن” يقول أحمد ويضيف “في السجن أمامك خيارين، إما أن تدفع مبلغا ماديا لإطلاق سراحك أو توافق على العودة طواعية إلى بلدك، سأحاول الوصول إلى أوروبا مرة ثانية وثالثة ورابعة “، يبيع أحمد الخردة لكسب قوت يومه وحتي يتمكن من جمع مبلغ يدفعه للمهربين حتي يصل أوروبا، ويعمل كذلك في أعمال الزراعة والبناء.

كما اختار أحمد البقاء من أجل إعادة المحاولة لأن يسافر إلي أوروبا، فعلت كذلك السيدة نفيسة، التي تعتمد الآن في قوت يومها علي بعض المساعدات من الرحيمين من الأسر الليبية:

“أخيرا، توجهت إلي شارع امدرمان، وسألت رجلا سودانيا إذا كان لديه غرفة صغيرة للإيجار، قال لي أنه يسكن في بيت صغير جدا لا يتحمل، ولكن عشان خاطرك تعالي وسوف أعطيك غرفة، جاء معي ابني وعندما رأي حجم الغرفة قال أنها لن تكفينا، ثم ذهب مرة أخري للسكن مع الشباب.
تعرض ابني الطيب في السابق للضرب وكسروا يده وسرقوا منه ما معه مرتين أثناء عمله، حالياً أنا مستقرة في هذه الغرفة الصغيرة، ولكن ليس لدي ما أدفعه للإيجار، واستطردت (أنا عندي مرض السكر والتهاب الكلي والتهاب الغضاريف وعندي قولون وقرحة في الاثني عشر وخشونة في العظام، ورغم ذلك حاولت البحث عن فرصة عمل ولم أوفق، أذهب لبعض المناطق، مثل “الأندلس”، وأنتظر أن يعطوني صدقة أو بعض الطعام إذا كان لديهم، لم تدفع لي المفوضية أي مساعدات منذ أن سجلت معهم..”).

ولكن الرحلة إلي أوروبا ليست مضمونة، حيث تتعاظم مخاطر الموت في عرض البحر غرقاً، وهذا يشكل الهاجس الأقل أهمية بالنسبة للمهاجرين، أمام هاجس احتمالية إرجاعهم مرة أخري إلي ليبيا ووضعهم في مراكز الاحتجاز، فمنذ عام 2016، تتعاون الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بقيادة إيطاليا مع السلطات الليبية، فتوفّر القوارب السريعة والتدريب والمساعدة في تنسيق العمليات في البحر، لضمان اعتراض الأشخاص الذين يحاولون الفرار من البلاد بالقوارب في البحر، وإعادتهم إلى ليبيا وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا، فإنه اعتبارًا من ١٩ نوفمبر ٢٠٢٠م، تم تسجيل عشرة الف وتسعمائة وخمسون لاجئًا ومهاجرًا على أنهم تم إنقاذهم أو اعتراضهم في البحر، من قبل خفر السواحل الليبي وتم إنزالهم في ليبيا، غالبية الذين نزلوا هذا العام سودانيون، يليهم مهاجرون من مالي وبنغلاديش.
في حين أن العدد الكلي للمهاجرين الذين تم اعتراضهم وإنزالهم في ليبيا منذ ٢٠١٦م قد بلغ ٦٠ ألف مهاجر، وتعالج الأوضاع القانونية للمهاجرين واللاجئين في ليبيا بموجب قانون رقم ٦ لسنة ١٩٨٧م المعني بدخول وخروج وإقامة الأجانب وقانون رقم ٩ لسنة ٢٠١٠م لمكافحة “الهجرة غير الشرعية”.

في خضم كل هذه المشاق، وكما اختتمت السيدة نفيسة روايتها، يستمر المهاجرون في انتظار رحلة الحياة أو الموت هذه علها تبعث حياة من رحم الموت:

“مهما يكن أنا لا أستطيع أن أرجع بلدي في ظروف الحرب والموت، أريد أن أذهب مع ولدي لأوروبا حتي يجد لنفسه مستقبلا وأن أستطيع العلاج، “السودان ده أنساه”، هكذا رددت بحسرة واستطردت قائلة “أنا أعلم أن أوراقي للسفر مرت، ولكن ليس لدي أي مصاريف حاليا، والدنيا حرب وأنا مريضة، وأنا في مكان وابني في مكان آخر، حالياً أسكن مع هذا الشاب السوداني وهو يتعطف علي، هذا الشخص موجود من زمن طويل وليس لاجئ، هو عامل مهاجر أحيانا لا نستطيع الخروج من المنزل خوفا من الخطف أو السجن أو القتل”.

بالرغم من التحديات الجمة التي تواجهها حكومة السودان التي أتت بعد ثورة ديسمبر المجيدة، وبالرغم من تثاقل خطوات الفترة الإنتقالية، إلا أن وضع المهاجرين واللاجئين السودانيين في ليبيا يجب أن ينال الاهتمام الكافي من الجهود الرسمية ويجب أن تقدم لهم الحماية.

كما يجب أن تقوم الحكومة الليبية وشركاءها، لا سيما الاتحاد الأوروبي بوضع حد للاعتقال التعسفي، وإغلاق مراكز احتجاز المهاجرين، ولا ينبغي أن يعاد المهاجرون إلا إلي مناطق آمنة.

يبذل الناشطون الليبيون مجهودات مقدرة في تقديم الدعم والحماية للمهاجرين وتعريف الرأي العام بقضاياهم والمعاناة التي يتعرضون لها في ليبيا، ويذكرون السلطات الليبية بأن تضطلع بمسئوليتها الأخلاقية والقانونية تجاه اللاجئين والمهاجرين علي أراضيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.