ضرورة إصلاح القطاع الإقتصادي في الدولة السودانية “نموذج إعتماد النظم البنكية التقليدية” (2-4)

بقلم: مقبول الأمين(كوكامي)

 

في المقال السابق، توقفنا في مسألة الفائدة التى جنتها شريحة رأس المال الطفيلي الأسلاموي من الدعم الخليجي، سواء كان فردي أو حكومي. ذلك الدعم الذي تدفق في شكل أموال زكاة ودعم دعوى وغيره والتي سمح نظام نميرى بدخولها للسودان بدون ضوابط. حيث صبت هذه الأموال في مواعين الجبهة الإسلامية والتي وظفتها من خلال كوادرها في مجالات المضاربة والتخزين والإحتكار وغيرها. أدت هذه الأموال، التي لا يوجد حصر لها إلى تقوية وتعزيز المؤسسات المالية التابعة للجبهة الإسلامية، في هذا المقال سوف نفرد مساحة مهمة للنظم البنكية التقليدية .

النظم البنكية التقليدية: تعد المصارف التقليدية إحدى أهم و أقدم المؤسسات المالية الوسيطة و ظيفتها الأساسية قبول الودائع الجارية و التوفير ولأجل من الأفراد و المشروعات و الإدارات العامة، و إعادة إستخدامها لحسابها الخاص في منح الإئتمان و الخصم و بقية العمليات المالية للوحدات الإقتصادية غير المصرفية.

– تقبل البنوك التقليدية جميع أنواع الودائع، و بالتالي فهي تتيح للمدخرين فرص متنوعة لإستثمار مدخراتهم، فهناك الودائع الجارية، و لأجل، و التوفير بالإضافة إلى شهادات الإيداع التي تمثل فرص إستثمارية قصيرة الأجل.
– تقوم البنوك التقليدية بتقديم خدماتها المصرفية لجيمع العملاء، ولا تقتصر على خدمة قطاع معين دون القطاعات الأخرى.
– تمنح البنوك التقليدية أنواع مختلفة من القروض سواء قصيرة أو طويلة الأجل و هو يتيح فرص متنوعة للمقترضين.
– تتمتع البنوك التقليدية بحرية في تمويل عدد متنوع من المشروعات الصناعية و الزراعية و العمرانية و التجارية و الخدمية عبر خدمات مصرفية متنوعة.
– تقديم الخدمات المصرفية التقليدية مثل قبول الإيداعات و منح القروض.
– يمكنها أيضاً تقديم عدد أخر من الخدمات غير التقليدية مثل الخدمات الألية (Computer – Based Banking Services)، و دراسات الجدوى و الإستشارات المالية و الخدمات الشخصية للعملاء.

أهداف البنوك التقليدية: تستهدف البنوك التقليدية تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي الربحية Profitability و السيولة Liquidity و الأمان Security

1- الربحية Profitability: تسعى إدارة المصارف التقليدية دائما إلى تحقيق اكبر ربح ممكن لأصحاب المصرف، إذ أن المعيار الاساسي لمدى كفاءة الإدارة، هو حجم الأرباح التي تحققها . وحتى يتمكن المصرف تحقيق الأرباح ينبغي أن تكون ايراداته اكبر من تكاليفه، و تشتمل إيرادات المصارف  التقليدية البنود آلأتية:
– الفوائد الدائنة على التسهيلات الائتمانية .
– العمولات الدائنة التي تتقاضاها المصارف نظير خدماتها التي تقدمها للاًخرين .
– اجور الخدمات التي تقدمها المصارف و غير المتعلقة بطبيعة العمل المصرفي كقيامها بتقديم إستشارات إقتصادية ومالية وإعداد دراسات الجدوى الإقتصادية .
– عوائد العملة الأجنبية أي الأرباح المحتققه من الفرق بين اسعار الشراء والبيع .
– ايرادات اخرى كعوائد الإستثمار في الأوراق المالية ، والعوائد المتحققة من خصم الكمبيالات، وأي أرباح رأسمالية ناتجة عن بيع المصرف لأصل من اصوله بسعر اعلى من قيمته الدفترية .
أما فيما يتعلق بتكاليف المصرف فإنها تشتمل على الأتي :
– الفوائد المدينة على الودائع التي يقوم المصرف بدفعها .
– العمولات المدينة التي يدفعها المصرف إلى المؤسسات المالية الأخرى نظير تقديمها خدمات للمصرف ذاته .
– المصاريف الإدارية والعمومية .
2-  السيولة Liquidity: سيولة أي أصل من الأصول، تعني مدى سهولة تحويله إلى نقد بأقصى سرعة ممكنة وبأقل خسارة، وبناء عليه فان البضاعة اكثر سيولة من العقارات، والذمم المدينة اكثر سيولة من البضاعة، وهكذا أما السيولة، في المصارف فتعني قدرة المصرف على الوفاء بالتزاماته المتمثلة في القدرة على مجابهة طلبات سحب المودعين، ومقابلة طلبات الإئتمان وأي طلبات او إحتياجات مالية اخرى وهذا يعني أن على البنوك التقليدية أن تحتفظ بنسبة سيولة تمكنها من الوفاء بالتزاماتها في أي لحظة، فالبنوك التقليدية لا تستطيع كبقية منشآت الأعمال الأخرى تأجيل سداد ما عليها من مستحقات ولو لبعض الوقت، فان مجرد اشاعة عن عدم توفير سيولة كافية لدى المصرف، كفيلة بان تزعزع ثقة المودعين و يدفعهم فجأة لسحب ودائعهم مما قد يعرض المصرف للإفلأس .
3-  الأمان Security: لا يمكن للبنوك التقليدية أن تستوعب خسائر تزيد عن رأس المال الممتلك فأي خسائر من هذا النوع تعنى إلتهام جزء من اموال المودعين، وبالتالي أفلاس المصرف التجاري لذلك تسعى البنوك التقليدية بشدة إلى توفير أكبر قدر من الأمان للمودعين من خلال تجنب المشروعات ذات الدرجة العالية من المخاطرة، والى تعدد المناطق الجغرافية التي يخدمها المصرف، لأن ذلك يؤدي إلى تباين الزبائن ( المودعين والمقترضين ) وأنشطتهم وأيضا تباين في مدى حساسية تلك الأنشطة للظروف الإقتصادية العامة، وباختصار تسهم الفروع في تنويع (Diversification) ودائع المصرف والقروض التي يقدمها وهو ما يقلل من إحتمالات حدوث مسحوبات ضخمة مفاجئة، تعرض المصرف لمخاطر العسر المالي .

يرى بعض الباحثين ان الهدف الأساس الذي يجب ان يسعى اليه المصرف التقليدى هو تعظيم الربح  (Profit Maximization) وهو ما يستهدف اصحاب المصرف بالدرجة الأولى, اما السيولة والأمان فيستهدفهما المودعين (Depositors) ويتحققا من خلال القوانين وتوجيهات البنك المركزي التي تقلل إحتمالات تعرض المصرف التجاري للعسر المالي, وتزيد من حالة الأمان ومن ثم تصبح السيولة والأمان بمثابة قيود (Constraint) وليست اهداف، مقارنة بهدف الربحية . ويمكن للمصرف ان يراعي من خلال سياساته في التوظيف تحقيق الملائمة والتوفيق بين الربحية والسيولة والأمان حفاظا على سلامة مسيرته وتحقيق اهداف مالكيه. و تسعى البنوك التقليدية أيضاً إلى توجيه المدخرات إلى المجالات التى تخدم التنمية الإقتصادية و الإجتماعية، و ربط أهداف التنمية الإقتصادية بالتنمية الإجتماعية و النهوض بمستوى المعيشة الى الافضل.

نواصل ……………………

دمتم و دام النظم البنكية التقليدية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.