سلسلة مقالات عن فن إدارة العمل الجماعي ( ٥-٧)

الباحث: عبدالعزيز أحمد ديرو

 

بدعوة كريمة من بعض الرفاق والاصدقاء طُلب مني بأن نكتب شياءً عن الفرق ما بين القيادة والإدارة أي “القائد والمدير”، وقد وعدتُ القراء بذلك في المقال الثاني، بأن نبحث لكم بقدر الٍاستطاع في هذا الموضوع.
يختلط الكثيرون من الناس بين مصطلحي القيادة والإدارة ويعتبرونهما وجهان لعملة واحدة. لكن المصطلحين مختلفان تماماً في الحقيقة. فالقاعد يمكن أن يكون مديراً أيضاً ولكن ليس كل مدير يصلح قائداً. أن تكون مديرًا جيّدًا لا يعني بالضرورة أنّك قائد ناجح، ومع ذلك فنحن كثيراً ما نرى أشخاصًاً يستعملون مصطلحي “القائد” و”المدير” بشكل متداخل، ممّا قد يسبّب بعض اللبس، فما هو الفرق بين القيادة والإدارة؟ إنّ معرفة أوجه الاختلاف بين القيادة والإدارة سيساعدك في معرفة دورك في المؤسسة التي تعمل فيها. ومن خلال معرفة الفرق بين هذين المصطلحين، ستتمكّن من تطوير قدراتك لتصل إلى أقصى إمكانياتك. ليس هذا وحسب، بل فأن تفهم ما يميّز القائد عن المدير سيتيح لك تحقيق التوازن بين مهاراتك القيادية والإدراية. في مقالنا اليوم، سنوضّح لكم ذلك.
على الرغم من استخدام المصطلحين بشكل متداخل إلاّ أنّهما يختلفان عن بعضهما البعض اختلافاً جذرياً، فالمهارات القيادية تأتي من قدرة القادة في الحصول على الموافقة من الآخرين، إنّهم يستخدمون تأثيرهم لتحدّي القواعد المختلفة وتوجيه الابتكار. إنهم حسب ما وصفهم المستشار الإداري بيتر دراكر، يغيّرون القواعد لإحداث التغيير. فإن القائد والمدير مفهومان غير مترادفين، تميّز جريس هوبر وهو جنرال متقاعد في البحرية الأمريكية بين القيادة والإدارة بقوله: ” أنت لا تدير الناس، بل تدير الأشياء. إنما القيادة للأشخاص”. غالباً ما تكون للقادة غير الرسميين نفوذ كبير علي زملائهم. أمّا الإدارة فهي عمليّة تنسيق وتنظيم نشاطات ومهامّ شركة أو منظّمة ما بهدف تحقيق أهداف معيّنة. وبناءً عليه تتمثّل مهمّة المدراء الأساسية في أنّهم يحرصون على أن يلتزم الموظفون بقواعد وسياسات الشركة. إنّهم يعملون لتحقيق الأهداف التي وضعها قادتهم من خلال مهامّ محدّدة كالتخطيط ووضع الميزانيات، والتنسيق ومهارات حلّ المشكلات. وعلى الرغم من أنّهم في الغالب ذو كفاءة عالية ويتمتّعون بروح المسؤولية إلاّ أن دورهم في المنظمة أو الشركة يقتصر على تنفيذ التعليمات.
لكلّ من القيادة والإدارة مميزات مختلفة ومجالات تركيز متباينة، نذكر لكم هنا أهمّ أوجه الإختلاف:
– يميل القادة للتركيز على أهداف ورؤى مؤسساتهم. إنّهم ينظرون إلى الصورة الكليّة، ويحاولون إيجاد سبل جديدة لتحقيق رؤيتهم على أرض الواقع. وإنهم يسعون على الدوام لتجربة امور جديدة ولكن مع التركيز على مهمّة المؤسسة الأساسية. أما المدراء فعلي الرغم من اهتمامهم برؤية المؤسسة إلا أن تركيزهم منصب في العادة على الإلتزام بسياسات وقواعد الشركة أو المنظمة.
– بما أن القادة مسؤولون عن الإبداع والابتكار، يتعين عليهم أن يقنعوا الأشخاص من حولهم أن أفكارهم هذآ تستحق الدعم. بينما المدراء غير مجبرين على إقناع الآخرين بافكارهم، لأن دورهم يتمثل فى فرض القواعد وضمان الإلتزام بها. فتجد مثلا الموظفون يفعلون ما يطلبه منهم مدراءهم حتي لو لم يكونوا مقتنعين بها.
– القادة يخوضون مغامرات لأنهم يسعون لإحداث التغيير. أما المدراء فهم يحاولون دوماً تقليل المخاطر.
– يقدم القائد لموظفيه التشجيع الدائم ويحثهم على التفكير خارج الصندوق. أما المدير فلديه صورة واضحة عن مجالات العمل المختلفة. وهو الشخص الذي تلجأ إليه لتعرف الطريقة الأفضل للقيام باعمالك.
– يحتاج القادة إلي التحدي، لكي لا يحدث ركود في التنظيم أو الشركة. بينما يسعي المدراء إلي الحفاظ علي الوضع الراهن والسير مع التيار.
– عند تجربة أمور جديدة، تزيد فرص الفشل ولذا يتعين على القادة أن يمتلكوا الحماس والحافز الكافي، ويحفزوا موظفيهم. يختلف الأمر بالنسبة للمدير الذي يتمثل هدفه الرئيسي في إتخاذ القرار المناسب حول ما إذا كان القيام بأمر ما مناسباً أم لا.
– يحتاج القادة إلي خرق القواعد العامة للشركة أو المؤسسة من أجل التقدم، خاصة إذا كان بعض القوانين جامدة ولا تسمح بالابتكار. على صعيد آخر، فإن الوسيلة الوحيدة التي يحافظ بها المدير على منصبه هي الإلتزام بالقواعد والاستراتيجيات التي حددها القادة. وخرق هذه القوانين قد يضر بمنصب المدير ويضعف الشركة أو المنظمة.
– عندما يقودك شخص ما عبر طريق جديد غير ممّهد، فلا شك أنك بحاجة لمستوى معين من الثقة المتبادلة بينك وبينه. أما المدير فمنبع قوته هو قدرته على السيطرة علي الموظفين.
– يزدهر وينمو القادة من خلال إجراء التحسينات وتجربة أمور جديدة. ولذلك نجدهم يتبنون الأفكار الجديدة ويحترمون حرية التفكير لأنها تدعم أهدافهم. وعلى العكس لا يستطيع المدراء تشجيع التفكير الحر لأنهم في هذه الحالة لن يتمكنوا من تحقيق توقعات الشركة أو المؤسسة.
للقيادة عدة أنواع منها: القيادة الاوتوقراطية: وهي القيادة الديكتاتورية المتسلطة، يفرض فيه القائد الأشياء علي الآخرين ليقوموا فقط بتنفيذها.
القيادة البيروقراطية: وهي قيادة مكتبية غير ميدانية حيث يدير القائد مهامه من المكتب دون أن يكون له احتكاك بقواعد والجمهور والواقع.
– القيادة الفوضوية: وهي قيادة ضعيفة بدون ضوابط أو نظام أو موجهات أو أهداف واضحة حيث يقوم كل شخص بفعل ما يراه مناسباً بلا مرجعية مما يؤدي إلى فوضى شاملة. بما أن للقيادة أنواع فإن للقادة
أنواع أيضاً وهي كما يلي:
– القائد السلبي: لايقوم بمهام القيادة، ويعطي المرؤوسين حرية منفلتة في العمل، ضعيف الإهتمام بالعمل والمجموعة العاملة، لا يحقق أي أهداف مما يعتبر عدم الرضا من قبل المرؤوسين، تكثر الخلافات والصراعات في العمل.
– القائد الرسمي: شديد الإهتمام بالعمل والنتائج، ضعيف الإهتمام بالمشاعر والعلاقات مع المرؤوسين ويستخدم معهم السلطة والرقابة.
– القائد الإجتماعي: يهتم كثيرا بالجانب الإنساني من حيث الرعاية والتنمية، يسعي حثيثاً للقضاء علي ظواهر الخلاف بين العاملين، واهتمامه بالعمل والإنتاج وتحقيق الأهداف ضعيف.
– القائد المتأرجح: يتقلب في الأساليب، أحيانأ يهتم بالناس والعلاقات وأحياناُ بالعمل والإنتاج، يمارس أسلوب منتصف الطريق، يفشل في تحقيق التوازن وفي بلوغ الأهداف.
– القائد الجماعي أى المتكامل: يهتم بالبعدين الإنساني والعمل حيث يكون اٍهتمامه كبير بالناس والعلاقات وكذلك بالعمل والإنتاج، يسود روح الفريق ومناخ العمل الجماعي ويشكلان محوراُ مهماً في ثقافتهم، ويحرص على إشباع الحاجات الإنسانية، يستمد سلطته من الأهداف، ويربط الأفراد بالمؤسسة، ويهتم بالتعبير والتجديد.
– القائد المؤجة: يشرف على التفاصيل الدقيقة ويحكم الرقابة والسيطرة، يمارس أسلوب التوجيه مع الأعضاء الجدد وذوي الخبرة المنخفضة.
– القائد المساند أو المشارك: يمتدح ويشجع أفراد المؤسسة ويصفي بشكل جيد لهم، يقوم بدور الميسر والمساعد لتنفيذ الأعمال. والقائد المفوض: يمنح الحرية للعاملين.
ولكي تصل لمرحلة القيادة هنالك عدة طرق تتبعها لإختيار القادة وهي الأقدمية كما توجد في القوات المسلحة والقوات النظامية الاخري والورثة وهي معروفة وموجودة في كثير من الدول خاصة العربية منها والانتخاب وهو النظام الأكثر انتشاراً في الدول المتقدمة والمؤمنة بالديمقراطية.
وفي الخلاصة نستطيع أن نقول بأن الإدارة تكون أكثر رسمية من القيادة وتعتمد على مهارات التخطيط والتنظيم والرقابة وهي تمثل مجموعة أدوات تقوم على علاقة السبب والنتيجة. بينما القيادة تقوم على رؤية وتبصر لما يمكن أن تكون عليه الوحدة التنظيمية وتتطلب توليد وتشجيع التعاون وروح الفريق وتحفيزهم بإستخدام كافة سبل التأثير والإقناع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.