سلسلة مقالات عن فن إدارة العمل الجماعي (٤-٧)
الباحث: عبدالعزيز أحمد ديرو
القارئ العزيز/ة ،،،،،،
في البداية أهنئ الشعب السوداني العظيم بحلول العام ٢٠٢١م وانشاء الله يكون عام للسلام الشامل، سلام يخاطب جزور الأزمة السودانية، سلام يتساوى فيه الناس علي قيم العدالة والمساواة والحرية، يسُود في البلاد حكم القانون، لا مجال للتفرقة بين الشعب علي اساس اللون أو العرق أو الدين أو الجهة اوالنوع، كما كان متبع في عهد السودان القديم، سلام يتمتع به النازحين واللاجئين في قراءهم ووسط وديانهم ومزارعهم وجبالهم.
ننتقل في الموضوع، ألتمستُ في المقال الثالث علي بناء الجماعة والعوامل المؤثرة فيها وأدوار القائد في عملية بناء الجماعة، نواصل من حيث توقفنا ونتناول اليوم مفهوم تماسك الجماعة ومقاييسه ودور القيادة في تماسك الجماعة، والمتغيرات التي تؤثر على تماسكها، ومفهوم التفاعل الإجتماعي، ومستوياته وأنواع التفاعل الإجتماعي.
لكل جماعة من الجماعات قدر معين من التماسك الذي يتضمن في مفهومه شعور الأعضاء بانتمائهم إلي الجماعة والتماسك بعضويتها والولاء لها والعمل للوصول إلي أهدافها والدفاع عنها ويسير في إطار معاييرها الخاصة. تماسك الجماعة هو نوع من التماسك الإجتماعي، أي الارتباط الوثيق بين أفراد الجماعة في أهدافهم القريبة وغاياتهم البعيدة. فهو وسيلة ليشيع احساس مشترك لدي جميع الأفراد بالميل للبقاء والاستقرار في مسيرة واحدة مع تعظيم الشعور بالانتماء للجماعة.
يري البعض أن تماسك الجماعة ” هو محصلة القوي الناتجة التي توجه الأعضاء نحو الجماعة” وهذا يؤكد على جاذبية الجماعة لأعضائها،
مقاييس تماسك الجماعة: اتجه الباحثون إلى وضع مقاييس يمكن بها الوقوف على درجة التماسك ومنها:-
– طريقة تحدث العضو عن الجماعة: وهو أن يتحدث العضو عن الجماعة بدلاً من أن يتحدث عن نفسه والأعمال التي قام بها فقط، ويلاحظ ذلك باستخدام العضو لكلمة (أنا) وليس( نحن).
– الصداقة بين أعضاء الجماعة: وهي تتمثل فى الرضا الإجتماعي وقوة العلاقات الإجتماعية بين أعضاء الجماعة.
– درجة الإلتزام بالمعايير:
– احتفاظ الجماعة بالتماسك في وقت الأزمات، أن الجماعات المنظمة تكون متماسكة وأقل عرضة للتفكك من الجماعات غير المنظمة في وقت الأزمات والمواقف الطارئة.
– المساهمة والانتظام في نشاط الجماعة،
– الحالة الانفعالية لأفراد الجماعة، إذا افترضنا ان البيئة تؤثر في الحالة الانفعالية لأفراد الجماعة، يمكن ان نأخذ هذه الحالة مقياساً لتماسك الجماعة.
مفهوم التماسك:
من الواضح أن كل مقياس من هذه المقاييس التي يشيع استخدامها للتحقيق من تماسك الجماعة، يتأثر بمفهوم معين عن التماسك. وقد تشعبت هذه المفهومات في السنين الأخيرة، واكتسبت موضوع التماسك أهمية كبري في ميدان ديناميات الجماعة، حيث أنه يمثل الظواهر الجماعية الأساسية لاستمرار الأفراد في عضوية الجماعة. وقد تعددت معاني التماسك، فتضمنت ما يقرب من أحدي المعاني الآتية: الروح المعنوية، الاتحاد، التنسيق بين جهود الأعضاء، الإنتاج، القوة، الاندماج في العمل، الشعور بالانتماء، الفهم المشترك للأدوار، العمل الجماعي بروح الفريق، التجاذب نحو الجماعة، ومقاومة التخلي عن عضويتها،…..إلخ.
وأن تماسك الجماعة يتأثر بعدة عوامل منها: مشاركة الأعضاء في تحديد أهداف الجماعة وفي وضع الخطط لتحقيقها وفي إقامة المعايير الجماعية، ونمط القيادة في الجماعة، ومستوى الروح المعنوية في الجماعة وغيرها من العوامل. فالناس إذا شاركوا فى المعايير أو القيم، بكونوا جماعة أكثر تماسكا من الناس الذين يختلفون اختلافاً كبيراً في قيمهم.
دور القيادة في تماسك الجماعة:
قد ينظر البعض إلي دور القيادة في الجماعة الديمقراطية علي أنه دور قليل الأهمية، إلا أن هذه النظرة غير واقعية، لأنها تتجاهل حقيقة واضحة، وهي أن الناس في كل الجماعات سواء كانت ديمقراطية أو اوتوقراطية أو فوضوية، تعتمد على الأقل في البداية، على قيادة شكلية أو مقررة، وذلك لأن الجماعة لا يمكن أن تعمل بدون توجيه.
المتغيرات التي تؤثر على تماسك الجماعة: من بين هذه المتغيرات هي:
أ- تماثل خصائص الأفراد: تشير نتائج البحوث إلي أن التماثل في خصائص الأفراد لا يرتبط بالضرورة بتماسك الجماعة في كل الأحوال، وإنما تتوقف هذه العلاقة علي نوعية الخصائص محل التماثل أو الإختلاف، وعلى طبيعة العمل التي تقوم بها الجماعة.
ب- حجم الجماعة: تفسر هذه العلاقة أن الجماعة ذات الحجم الصغير تتيح فرصاً أكبر للتعارف وللتفاعل بين أفراد الجماعة عن الجماعة ذات الحجم الكبير.
ج- كثافة وتكرار التفاعل بين أفراد الجماعة: كلما زاد تفاعل واتصال أفراد الجماعة ببعضهم البعض، وكل ما زاد تكرار هذا التفاعل كلما أدى هذا إلي تقوية الروابط بين الأفراد وإلي زيادة تماسك الجماعة.
د- جاذبية الجماعة للفرد: كلما كان الإنتباه للجماعة والعضوية فيها مصدراً لتحقيق أفراد الجماعة لأهدافهم وإشباعهم لحاجاتهم، كلما ازداد ارتباطهم بالجماعة، وازداد بالتالي تماسك الجماعة.
ه- الضغوط والتهديدات الخارجية: كلما زادت الضغوط والتهديدات الخارجية التي تتعرض لها الجماعة كلما أدي هذا إلي زيادة تماسكها، وكل ما قلت هذه الضغوط كلما قل التماسك.
التفاعل الاجتماعي:
يعد التفاعل الإجتماعي في المجتمع من أكتر المواضيع انتشاراً في علم الإجتماع، وعلم النفس، وهو الأساس في دراسات علم النفس الإجتماعي، الذي يتناول دراسة كيفية تفاعل الفرد مع المجتمع. في العلوم الإجتماعية، تعرف العلاقة الإجتماعية أو التفاعل الإجتماعي بأنها أية علاقة تنشأ بين فردين أو أكثر. ويستخدم مفهوم التفاعل الاجتماعي لتعريف العملية التي تحدث في مجري الحياة الاجتماعية والسلوك الإنساني. حيث أن سلوك الكائنات البشرية لا يفهم كلية إذا لم يتحقق الإنسان من الأفعال الإجتماعية للأفراد، تلك الأفعال التي توجههم نحو غيرهم من كائنات إنسانية. وهكذا فإن الوحدة السوسيولوجية الأكثر بساطة والمتميزة عن الوحدة السيكولوجية، هي العلاقة بين فردين على الأقل، تلك العلاقة التي تبدو في تأثير سلوكهما المتبادل. وأن تفاعل الذات ego والغير Alter هو الشكل الجوهري في النسق الإجتماعي.
مستويات التفاعل الاجتماعي:
– التفاعل بين الأفراد: يظهر شكل التفاعل واضحا بين بين الأفراد فالزوج والزوجة يتكلمان والصديق والصديقة يلعبان وآلام تربي طفلها،
– التفاعل بين الأفراد والجماعات: ويظهر هذا التفاعل بين الرئيس والمرؤوسين والواعظ وجماعة المصلين والمدرب والفريق والمدرس والفصل الدراسي. فالرئيس يؤثر في تابعيه كما أنهم يؤثروا فيه.
التفاعل بين الأفراد والثقافة: يشير هنا لفظ (الثقافة) إلي العادات والمعتقدات وطرائق التفكير والفكر والعلاقات الغير شخصية التي تظهر في المجتمع.
– التفاعل بين الأفراد ووسائل الإتصال الجمعي: وتنتشر الثقافة عن طريق الراديو والتليفزيون والصور المتحركة والجرائد وغيرها. لذا ترفع وسائل الإتصال الجمعي من درجة التفاعل بين الفرد والثقافة.
أنواع التفاعل الاجتماعي:
أ- التعاون Cooperation
لايستطيع المرء أن يعيش منعزلا، ولذا فالتعاون عبارة عن تفاعل في حدود فهم عام للحاجات الإنسانية. ويعني ذلك العمل سويا بغية غايات عامة مشتركة من ناحية، ومن ناحية اخرى يعني الحدة. وهنالك نوعين من التعاون: التعاون بين أعضاء الجماعة الواحدة، والتعاون بين جماعتين أو أكثر.
ب- التنافس Competition
التنافس شكل من أشكال التفاعل بين شخصين أو أكثر. جماعتين أو أكثر يتنافسون للحصول علي نفس الأشياء والموضوعات، والخدمات، في نفس الوقت. وفي المنافسة فإن نجاح أحدي الجماعات يعني فشل الأخري وقد يؤدي ذلك إلي صراع الجماعة داخلياً أو صراعها مع الجماعات الأخري.
ج- الصراع Conflict
الصراع عبارة عن تفاعل، بمعنى أنه المقاومة للحصول علي نفس الأشياء والخدمات وغيرها. العلاقة بين الأشخاص أو الجماعات الداخلية في حالة الصراع تكون من أجل ارتقاء كل منها، ولربما تتوحد الجماعات الداخلية في الصراع إذا ما توحد هدفها حيث يحتم عليها التعاون. وأساس العلاقات بين الجماعة هو الإتصال، ولذا يحدث الصراع بين الأعضاء داخل الجماعة إذا ما تراخي الإتصال بينهم. ويرجع الصراع بين الجماعات لسببين أساسيين: الأول هو تطور الأنواع الإنسانية في مختلف الأزمنة دون أدني صلة دم بينهم. والثاني هو عدم التأكد من ارتقاء الجماعات والأجناس.
وإذا كان الصراع بين قوتين متكافئتين، فإنه ينتهي عادة إلي التعاون بينهما، أما إذا كان الصراع بين قوتين غير متكافئتين فإن النصر يكون حليف الأقوي والأقدر علي الكفاح بينما يكتب للأضعف الخضوع.
والحديث عن الصراع يتطلب وقتا كافيا للحديث دوافع الصراعات وأنواع الصراعات ونتائجها والتي أغلبها تنتهي بحروبات طاحنة بين المجتمعات أو الدول.
ونواصل،،،،،،،،،