سلسلة حوارات إقرأ.. فكر … ناقش

إبراهيم خاطر مهدي

الحلقة (2)
مفهوم الإستعمار

بعد أن حددنا مفهومين أساسيين للحوار في الحلقة الأولي من السلسلة وهما الشعوب الأصيلة والمهاجرين كنقطة إنطلاق؛ وقمنا بتلخيص مغتضب مفاده أن كل القبائل السودانية الموجودة حالياً في السودان هي أصيلة في مواطن إقامتها في وطنها السودان، ولا ينقص حقها في المواطنة إختلافاتها الثقافية والإثنية، All of them are indigenous. بصرف النظر عن دعاوي الهجنة والتنكر علي أصولها الأفريقية بعد عملية الإستعراب.

في هذه الحلقة سنتطرق لمفهوم الإستعمار كواحدة من القضايا الكبري عند التفكير في، أو العمل علي؛ إنجاز مرحلة التحول الديمقراطى، وبناء دولة المواطنة، التي واحدة من أهم مسؤولياتها؛ حسن إدارة التنوع بوصفه مصدر إثراء للشعوب السودانية وليس سبب لإحتراقها.

الإستعمار/Colonization:

الإستعمار؛ هو عملية بسط السيادة، التي تقوم بها، أمة علي أمة، أو أمم أخري”Domination of a nation on another nation or nations”، بغرض إستغلالها مادياً، أومعنوياً، أو؛ الإثنين معاً، في حلبة الصراع بين الأمم، وتقوم العلاقات فيه علي منظور؛ سائد “Dominant” ومسود “Sub-Ordinate”. وينقسم الإستعمار الي نوعين “قديم وحديث”. القديم؛ يتمثل في الإستعمار: “الهندو آري”، في إستعمار شبه القارة الهندية “الروماني المسيحي”، إستعمار أوروبا، و “العربي الإسلامي”، ما يسمي بالفتوحات الإسلامية والذي أتي للسودان في 1821م، والمعروف بالإستعمار التركي المصري. وما يميز هذا النوع من الإستعمار؛ أنه، إستعمار إستيطاني “Settler Colonization” وفيه ينتقل المستعمِرين الي البلدان التي يغزونها للعيش فيها، وقد يحدث عن طريق الغزو المباشر “Conquest”، أو عن طريق الإنتشار التدريجي “Instillation”.

أما الحديث؛ فهو إستعمار أوروبا للعالم بعد مؤتمر برلين 1885م، وبدوره يحتوي علي عِدَة أشكال؛ الإحتلالي “Occupational”، سواءاً جاء عن طريق الإنتداب أو الحماية. وهناك أيضاً الإستعمار الجديد “New Colonization”، هذا المصطلح صاغه كوامي نكروما في كتابه “الإستعمار الجديد – المرحلة الأخيرة للإمبريالية (1965)” و الإستعمار الداخلي “Internal Colonization”. هذا المصطلح من منجزات النظريات النسوية. هذين النوعين من الإستعمار (الجديد والداخلي) يتداخلان في كثير من المفاهيم التي سنأتي إليها لاحقاً.

وأخيراً، الإمبريالية “Imperialism” وتعني فكرة صُنع الإمبراطورية، ويعرفها إدوارد سعيد في كتابه؛ الثقافة والإمبريالية: بأنها، الجانب التبريري/ الأيديولوجي؛ للإستعمار (العولمة) أو الإستعمار الثقافي.

فكما جاءت تسمية الجديد؛ من مقاربة وضعية الكمبرادور (حلفاء المستعمر من أبناء الوطن)، مع الآخرين المهمشين أو المسيطر عليهم داخل الدولة ما بعد الإستعمارية، عن طريق تكريس وتوطيد العلاقات القديمة بين الكومبرادور والمستعمِر في إطار التبادل غير المتكافئ وإستنزاف موارد الشعوب. جاءت تسمية الداخلي؛ من مقاربة، وضعية، المرأة بالرجل، في ظل المجتمعات البطرياركية (النظام الأبوي الذكوري المتشدد)؛ بوضعية المستعمِر والمستعمَر.

الأعمال الوحشية التي نفذها المستعمرين في مستعمراتهم، جعلت الأمم المتحدة تدخل مفهوم الشعوب الأصيلة لحمايتها، كتمييز إيجابي تحت مسمى : Indigenous people’s، هذا المفهوم ليس له علاقة من بعيد أو قريب بخطابات العنصرية والكراهية والبغضاء المستشرية في الساحة السياسية السودانية الراهنة ولا نستثني أحد.

قل ما تشاء
كن ما تقل …

نواصل…
إبراهيم خاطر مهدي
17 يناير 2023م.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.