سلاح الإغتصاب! أوجاع السودانيين وشماتة الإسلاميين
✍🏾 بثينة تروس
لقد سادت في أوساط السودانيين موجة سخط وحزن عميقة، وغضبة عارمة حين تناقلت الوسائط رسالة القيادي بلجنة تفكيك وازالة التمكين الطيب عثمان والتي ذكر فيها اعتداء مجهولين، اختطافهم واغتصابهم لابنته الصبية ذات الخامس عشر ربيعا وارسال رسالة عبرها الي والدها (قولي لأبيك اننا قادرون ان نصل اليك). الشاهد ان سلاح الاغتصاب، وذل الشعب بامتهان كرامة رجاله ونسائه، لتصفية الخصومات السياسية هي بدعة الإسلاميين طوال ثلاثين عام، وسوء اخلاق الاخوان المسلمين جوّد تلك الصنعة المبتدعة في تاريخ السياسة السودانية، حتى بلغ بها شأو التخصص الوظيفي (اختصاصي اغتصابات) الذي دفع به أحدهم في محكمة قتلة (اخوهم) الشهيد أحمد الخير ومن غير استحياء، وكان قد تم تفعيل هذا السلاح المنحط قبلاً في مناطق اقليم دارفور، وجبال النوبة، وجنوب كردفان، ضد المواطنين السلميين الآمنين كوسيلة من وسائل إدارة الحرب ضد ذويهم.. وكانت ساحات مجزرة فض اعتصام القيادة العامة التي راح ضحيتها شباب سلميين، مسرحاً لممارسة موظفي اللجنة الأمنية والجنجويد لمهام تخصصهم، وسيظل أثر ذلك جرحاً عميقاً غائراً في ضمير الامة، يتحمل وزره الاخوان المسلمون وجميع من شايعهم من عسكريين ولا يسقط ذلك بالتقادم.
وفي مقابل سخط واحباط المواطنين من الانحطاط الأخلاقي الذي وصلت اليه البلاد باختطاف ومحاولة اغتصاب الصبية الضحية، شهدت نفس الوسائط شماتة الإسلاميين من الفلول، وعديمي النخوة، من الذين لم يتدبروا قول الرسول صلي الله عليه وسلم (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء) فاخرجوا عفن دواخلهم وسوء تربيتهم الدينية. وهؤلاء هم من يتصايحون في التظاهرات كأدعياء لحماية الشريعة الإسلامية والدين والفضيلة، ويتهمون المعارضين السياسيين بالكفر والخروج عن الإسلام، بجريرة طرحهم مطالب ثورة ديسمبر في الحكم المدني والدولة الديموقراطية، ولكنهم في الحقيقة ينبحون خوفاً على مكتسباتهم وفضح فسادهم.. واَخرون منهم يظهرون وجه التسامح والتوافق مع الثورة وهم يبطنون العداوة، أمثال الاخواني د عمار السجاد (المؤتمر الشعبي) حين عاب علي عضو لجنة التمكين صلاح مناع نقله للحادثة المؤسفة بقوله (انها جريمة عادية من جرائم تسعة طويلة المنتشرة وصلاح مناع عاوز يعمل منها بطولات ويتاجر بيها) وكذلك تطاول متهما والد الصبية بدلاً من ان يأجره في مصيبته (الجريمة البشعة التي حدثت لعضو لجنة التمكين هو نفسه ارتكب اسوا منها بعشرات المرات).. وللسجاد موجدة مع لجنة التمكين بعد ان تم تدوين بلاغ ضده بتهمة تقويض الدستور حين دعم الناظر ترك وقطع شريان الشرق والشمال، وهو عمل لم ينكره، بل ادعي انه فخور به.. صحيفة السوداني 15 يونيو 22
بالطبع فإن السجاد واخوته ضحايا للتربية السيئة والفهم الاسلامي المغلوط الذي يشرعن للعنف ضد النساء، ويجيز بالنصوص القرآنية ضربهن، ولا يبالي من امتهانهن، ومع ذلك يظهرون بأنهم مع التجديد الديني ومواكبة العصر، ويعجزون عن الفكر المتسق الذي يسوقهم الي الايمان بقيم المساواة والقضاء علي التمييز بين النساء والرجال، ولا تعنيهم الحقوق الأساسية في شيء طالما أنها سوف تسلبهم مصالحهم ومكتسباتهم من النظام السابق.. فالنساء في باطن عقولهم هن مظنة الريبة، ومجلبة للعار، وفي أحسن حالات اعترافهم بالنساء انهن أدوات متعة للرجال وماعون للنسل والتعدد وزواج المسيار والمتعة، وملك اليمين ان تيسر لهم تطبيق نظام طالبان المهووس في الخرطوم.. وقد شهدنا خلال حكمهم للبلاد كيف تمت إهانة وتحقير النساء السودانيات بصورة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، وذلك مرده لتربية التنظيم الذي اعفي فيه امامهم المخلوع امام جامع اغتصب طالبة ثانوي اخرى وادين امام القضاء بالإعدام، وعاد ليصلي بالناس في المسجد.
وكذلك هم أبناء المشروع الحضاري الإسلامي الذي اغتصب 200 من النساء في قرية تابت الصغيرة، وحين خرجت التظاهرات الاحتجاجية للسودانيين في المنافي في شتى انحاء العالم، كذب الاعلام النساء والاباء والاهل المكلومين واصفاً للجريمة بانها دعاوى المعارضة المغرضة لهدم دولة تحكيم الشريعة الإسلامية. وحين طالبت الأمم المتحدة قوات اليوناميد بالتحقيق، منعت الحكومة البعثة وعوقت وصولها الي شمال دارفور، وحين وصلوا تم إرهاب وتخويف الناجيات من الاعتداءات الجنسية واهلهن، حتى أنكروا ما حاق بهم من عدوان، خوف التنكيل بهم بعد مغادرة قوات التحقيق. والذي حدث لفتيات تابت، حدثننا عنه فتيات الاعتصام في تظاهرات 19 ديسمبر التي خرجت احتجاجاً على انقلاب البرهان وبحسب إفادات بعض المغتصبات فقد تم تهديدهن بفتح بلاغات جنائية ضدهن بممارسة الدعارة وذلك لإجبارهن على الصمت.
وعلي التحقيق فقد استباح الاخوان المسلمون، وميلشياتهم، ولجنتهم الأمنية، وكتائب ظلهم، وفلولهم، طوال حكمهم وحتى بعد إسقاط نظامهم ومعاركهم ضد الثورة، أجساد النساء واعراضهن وجعلها ساحة ومسرحاً للمعارك السياسية وقهر الخصوم.. كيف تنمحي من ذاكرة الشعب عن الهلع والرعب الذي ساد المنازل الاَمنة حين كان العسكر يقتحمون المنازل بحثا عن الثوار، يدخلون غرف البيوت مروعين للنساء ودون مراعاة لحرمات البيوت، كما لم تتم مراعاة المرضى والمسنين، وانكرت القلوب ان يكون هؤلاء سودانيين ارضعتهم الأمهات وخرجوا من اصلاب هذا الشعب.
الحركة الإسلامية اكدت بهذه الحادثة حقدها علي الشعب، وبالرغم من ان خطها الجديد تبني المرونة والفكر التقدمي في الإصلاح، الا ان ثورة ديسمبر المجيدة هددت كيانها ومصالحها، والخط الذي تيسير فيه المقاومة في الشارع لن يحقق لها ما تصبو اليه، لذلك لا حل للشعب الا بمعرفة العدو الحقيقي الذي يتربص به، وباتحاد قوي الثورة الحية لإسقاط الانقلاب الذي يملك الجيش والقوة ثم يصمت عن هذه الانتهاكات وحماية المواطنين.