سقوط الاطارى وعودة دارفور الى الجنائية
الاستاذ المحامي السر العجمي
تقرير حقوق الانسان الأخير الذي قدم في جنيف من قبل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان بالسودان السيد فولكر تورك، كان في غاية الخطورة بشأن الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان بالسودان، وربما تؤدى هذه الانتهاكات الى عودة محكمة الجنايات الدولية مرة أخرى على المشهد بالسودان، هذا من الناحية القانونية، اما من الناحية السياسية فان التسوية الأساسية الجارية الان (الاتفاق الإطارى) فقد قلل من فرص نجاحها.
فمن الناحية السياسية أشار التقرير الى أن العملية السياسية بالسودان المتمثلة في التسوية السياسية (الاتفاق الاطارى) انها في مازق كبير وان الانتقال الديمقراطي في السودان تواجهه صعوبات وتحديات كبيره، وجاء مؤكدا لما ورد في التقرير تصريح الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرنيش عندما أعرب عن قلقه بشأن الوضع الساسي بالسودان عندما قال: (بان الأمم المتحدة في حالة عدم اليقين بشأن الديمقراطية بالسودان.
وبمجرد نشر التقرير وتصريح الأمين العام للأمم المتحدة، اقر قادة الهبوط الناعم بالسودان ضمنيا بفشل الاتفاق الاطارى حيث صرح رئيس حزب الامة المكلف في حوار معه نشر على صحيفة الراكوبة الالكترونية بتاريخ 7/مارس/2023 ، بان هناك معوقات اذا لم يتم الاتفاق على حلها ستنسف الاتفاق الاطارى، فاذا لم تسير الورش في الطريق السليم وتحقق الاتفاق الاجماع الوطني وأهدافه المرسومة سوف تنسف الاتفاق الاطارى. ولابد ان تكون مفتوحة للشعب السوداني لأبداء رايه في قضاياه الخمسة. والملاحظ ان تصريح برمه هو نفس خطاب البرهان فيما يتعلق بالأجماع الوطني. ولقد أشار التقرير الى بعض القضايا الخمسة خاصة فيما يتعلق بالعدالة الانتقالية ، وانها أيضا تواجه تحديات وهى ليست بالمسالة السهلة ، حيث ذكر فولكر تورك: (أن العدالة الانتقالية ليست سهلة ابدا والمسالة لها جوانب عديدة لاسيما في سياق معقد مثل السودان من الإفلات الراسخ من العقاب عن انتهاكات حقوق الانسان على مدى عقود )، وتزامن مع تصريح رئيس حزب الامة نية الحرية والتغيير لتكوين مجلس للأشراف على الحكومة ، (المصدر الترا سودان ) وأضاف المصدر ان الحرية والتغيير عبر هذا المجلس تريد ضمان نفوذ سيأسى على الحكومة المقبلة عبر تكوين مجلس تمثل فيه الأحزاب الموقعة على الاتفاق الاطارى. بالإضافة الى التصريح الأخير لدكتورة مريم الصادق وهذه التصريحات كلها تؤكد الى لهث أصحاب الهبوط الناعم الى السلطة، باي طريقة، وهذه بالتأكيد سمه من سمات الانتقال الديمقراطي حيث تكون هناك رغبات مكبوتة لدي بعض الأحزاب في الوصول الى السلطة وهذه الرغبة لا يمكن تحقيقها الا في فترة الانتقال الديمقراطي.
ولكن يبدو من خلال هذا التقرير فيما يتعلق بالناحية السياسية ارسال رسالة الى المجتمع الدولي بفشل عملية الانتقال الديمقراطي، والتي ظهرت بوادر فشلها منذ زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، والتخلي عن خيار الانتقال الديمقراطي ودعمه واستبداله بالخيار البديل وهو المحافظة على الدولة من التفكيك والتشظي وذلك من خلال بقاء العسكر في السلطة، مع إمكانية استعمال سياسة الجزرة والعصا مع العسكر. ويبدو ان هناك محفزات تجعل المجتمع الدولي في البقاء على الخيار البديل وهو حرب التصريحات المفتعلة بين الدعم السريع والجيش، وبوادر الحرب النفسية التي الغرض منها تخويف الشارع والمجتمع الدولي، وبذلك يكون البرهان وحميدتى قد نجحا في البقاء في السلطة من خلال تبادر الأدوار التي قاموا بها على المشهد الساسي السوداني.
أما من الناحية القانونية فقد حزر التقرير من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية بالسودان، في ظل غياب مؤشرات واضحة عن مدى تأثير العملية الأساسية على الوضع الإنساني، حيث أوضح التقرير عدد انتهاك ضحايا الحق في الحياة بلغ مئة وثلاثة وخمسون شخصا، وأشار أيضا الى حالات القتل الجماعي والعنف الجسدي والتعذيب والاختفاء القصرى، وقتل النساء والأطفال، وحدد هذه الحالات بالأرقام، فان ما ذكر في التقرير تعتبر كلها تجاوزات لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني، وكل هذه الجرائم تدخل في نطاق المحكمة الجنائية الدولية بموجب المادة الخامسة من النظام الأساسي لميثاق روما. فضلا عن ذلك أن التقرير حدد المتورطين بارتكاب هذه الجرائم وهم جماعات مسلحة تابعة للدولة بما في ذلك المليشيات والحركات المسلحة، وركز التقرير على مركز الاحداث في دارفور وشمال دارفور، ويبدو ان هذه دعوة صريحة الى السيد كريم خان مدعى عام المحكمة الجنائية والى مجلس الامن بتحريك الدعوى الجنائية، وتكون قد عادت دارفور مرة أخرى للجنائية الدولية بمتهمين جدد. ويكون في ذات اللحظة كرت ضغط على العسكر والحركات المسلحة الذين سوف يديرون الحكم في البلاد بعد موت الإطار.
فلا تحلموا بعالم سعيد ، وقوموا الى ثورتكم، من اجل التغيير الجزرى.