سؤال الهوية؟!.. لاعب كرة قدم فى مرمى عنصرية دولة الجلابة

أنس آدم

 

تابعنا عن كثب في الوسائط الإعلامية المختلفه ردود أفعال واسعه حول حادثة العنصرية التى تعرض له لاعب المنتخب السوداني لكرة القدم جون مانو في مباراة السودان والنيجر التى أقيمت بمدينة جوبا. فقد طلب مصور المنتخب من اللاعب <<جون مانو>> أثناء التصوير نزع الصليب الذي كان يرتديه، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً وضجه إعلامية على المنصات الرقمية وأعاد سؤال الهوية مره أخرى إلى الواجهه. وبالطبع هذه ليست المره الأولى أوالأخيره التي تتعرض فيها الشعوب الافريقية للعنصرية المذدوجية Double Aprthied <<العرق والدين>>. وهذا يؤكد صحة تشخيص الحركة الشعبية للأزمة السودانية- بأن قضية الهوية تعتبر أبرز أسباب الحروب فى السودان.

وإمتداداً لوقائع التشبث بالعروبة الوهميه فقد شاهدنا كغيرنا مؤخرا في حفل إفتتاحية أولمبياد باريس ٢٠٢٤ تهافت مجموعة ترتدي الجلابيب والشالات بإعتبارها زياً سودانيا قومياً فى محاوله يائسه ومكشوفه منها لتقديم وتعريف الدولة السودانية للعالم على أساس انها دولة عربية وإسلامية.

الدولة السودانية التي كتبنا عنها كثيرا وكذلك الباحثين الأكاديميين الذين يمتلكون الجرأة ويتمتعون بالمصداقية، انها دولة تتسم بالتنوع والتعدد العرقي والدينى ما زالت النخب الشمالية ترى وتتعامل معها كـ”دولة عربية إسلامية” فى حالة إنكار واضح منها لحقائق الواقع، مما يعني إصرار تلك النخب (حاكمه ومعارضه) إلى جانب الدولة في سياسة ونهج فرض الهوية الآحاديه <<ثوابت العروبة والإسلام>> بكل الوسائل والآليات، من بينها مشروعية العنف والغلبه عبر الترسانة العسكرية <<الجيش المؤدلج>> والالة الإعلامية المؤدلجة ومقررات المناهج الدراسية المشوهه وبالإضافة إلى السياسة الخارجية.

بالتأكيد أي حديث فى المنابر عن صياغة مشروع وطنى لبناء سودان جديد يسع الجميع دون إمتلاك الرغبة والإرادة السياسية لمواجهة سؤال الهوية بشجاعه لا يعدو كونه مجرد تكتيك وهروب إلى الأمام من الأزمة السودانية الحقيقية التى ولدت الحروب العنصرية وأقعدت البلاد لأكثر من سبعه عقود. فالشعوب الأفريقية تعرضت للتهميش المركب الذي تتداخل فيه العوامل الإقتصادية والعرقية بإعتبارها <<موانع هيكلية Strcurural barries>> وضعتها الدولة أمامها لإبعادها من حيازه السلطة والثروة بل شرعنت إبادة وتنزيح وتشريد تلك الشعوب.

إن اللاعب جون مانو وكوكو وبحسب مخيله الجلابه محله ليست النجوميه والشهره وإظهار موهبته الكروية وإنما موقعه الذى رسمها دولة التفويض الإلهى هو ارصفة الطرق متسولا وماسحا للأحذيه وحاملا لفوطه وباقه لغسل السيارات بالرغم من انها مهن شريفه – إلا ان مؤسسة الجلابه قسمت العمل، اي هنالك عمل للعبيد وعمل للساده لذلك تجدهم فى بعض الأحيان عندما يضطرون للعمل في المهن والحرف التى يرون انها وضيعه وهامشيه يرددون المقوله الشهيرة <<الشغله ما شغلتنا لكن الظروف جبرتنا>>.

إن حادثة قهر وإضطهاد جون مانو دينياً وغيرها من شواهد عنصرية دولة الطيب مصطفى <<وجدي صالح – الناس ديل ما بيشبهونا>> <<ونعت الإعلامى لقمان بالعب أبو نخره كبيره>> كلها تجليات وإنعكاسات للتوجهات الرسمية للدولة – فواقعة جون مانو يجب أن تدفع السودانيين بقواهم السياسية والمدنية فى إتجاه تحمل المسؤولية التاريخية والتحلى بالشجاعة للتصدي لقضية علاقة الدين بالدولة ووضع حد لتسييس الدين وهذا لا يتأتى إلا من خلال تحييد المجال العام <<جهاز الدولة>> وفصل السلطة الروحية من الزمنية، وذلك بتبنى وتطبيق مبدأ علمانية الدولة كروشته ناجعه لمخاطبة ومعالجة قضية علاقة الدين بالدولة بإعتبارها احدى جذور المشكلة السودانية. وبالتالي تحرير الدولة من قبضة القوى الدينية الرجعية – لأن فرض الهوية الاحاديه وعدم الإعتراف بالتنوع وحسن إدارته دفع شعب الجنوب القديم إلى الإستقلال وإعلان دولتهم؛ ولنا فى التاريخ ما يكفي من الدروس والعبر للمحافظة على ما تبقى من سودان.!

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.