
د. كامل إدريس: دمية للبرهان أم سيرورة بؤس النخب؟
خالد كودي، بوسطن، 22/5/2025
في خضم حرب أهلية مدمرة، وتفكك شامل في بنية الدولة والمجتمع، أعلنت سلطة بورتسودان، بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، عن تعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء، في مشهد يُقرأ بجلاء على أنه محاولة جديدة لتزيين وجه الحكم العسكري، وتوفير غطاء مدني لسلطة فقدت كل مقومات الشرعية الأخلاقية والدستورية. قيل إن أولى مهام الرجل ستكون “إنهاء الحرب”، غير أن السؤال الجوهري لا يتعلق بما يُقال، بل بقدرته، بما يُفعل وما يُفكر فيه: كيف سينهي الحرب؟ بأي أدوات؟ وبأي رؤية؟ هل يمتلك مشروعًا سياسيًا وفكريًا يعالج جذور الصراع؟ أم أن وجوده مجرد امتداد وظيفي لإرادة العسكر؟
بتتبع سيرة الدكتور كامل إدريس، لا نعثر على تاريخ نضالي أو فكري يشير إلى انحياز واضح لقضايا التغيير الجذري برؤية أعمق من تدوير مقولات التنمية المتوازنة، أو لمواقف مبدئية تتصل بالعدالة التاريخية والاجتماعية أو مقاومة التهميش البنيوي الذي عانت منه غالبية شعوب السودان لرؤية للتفضيل الايجابي. لم يُعرف عنه ارتباطه بأي حركة مقاومه سياسية ديمقراطية، أو أي موقف داعم لثورات الهامش العادلة، او ربما كان يتفق مع البرهان ويري هذه الحركات هي “محض تمرد علي الدولة سيادتها وقوانينها واستقرارها”. لم يعرف له أي جهد متميز لرؤية إصلاحية شاملة في بنية الدولة السودانية، مايتم تدويره هنا وهناك محض رؤي مكررة لما تم تجريبه واثبت فشله. لم نسمع له مساهمة واحدة عن معسكرات النزوح، عن دارفور، عن جبال النوبة، عن المجازر التي وُثِّقت بالصوت والصورة. لم نعرف انه قد قام بزيارة معسكرًا واحدًا للاجئين او للنازحين، ولم يلتقِ بضحايا الدولة التي عين ليرأس وزراءها، ولم ينخرط في مسار العدالة، لا نظريًا ولا عمليًا. فكيف لرجل لم يعرف واقعه، أن يجرؤ على صياغة مستقبله؟
حين يتحدث الجنرال بلسان المدني: وهم التحول الديمقراطي في السودان،
السلطة المطلقة في يد البرهان: قراءة في التعديلات الدستورية ومقارنتها دوليًا:
ما يجعل تعيين الدكتور كامل إدريس مدخلاً غير مُبشّر بأي تحول ديمقراطي، هو السياق الدستوري المختل الذي تم فيه، حيث جاءت الخطوة بعد إدخال تعديلات جوهرية على الوثيقة الدستورية الانتقالية (تعديل 2025)، منحت الفريق عبد الفتاح البرهان صلاحيات سيادية وتنفيذية مطلقة، خلقت وضعًا شاذًا تكون فيه كل السلطات الأساسية متمركزة في يد القائد العام للقوات المسلحة، الذي يرأس كذلك مجلس السيادة.
وفقًا لنص التعديل، فإن المواد الجديدة والمعدلة قد نقلت الصلاحيات الأساسية من الجهاز التنفيذي والتشريعي إلى يد البرهان ومجلس السيادة الذي يُشكله العسكر بأغلبية مطلقة:
– المادة 12 (أ): يعيّن رئيس مجلس السيادة رئيس الوزراء ويعفيه، بناءً على توصية السلطة التشريعية الانتقالية، والتي لم تُشكل بعد، مما يترك القرار فعليًا في يده.
– المادة 11 (3): يُرَأس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، ما يمنحه القيادة الدستورية والعسكرية والسياسية العليا.
– المادة 12 (ج): يعين البرهان حكام الأقاليم والولايات
– المادة 12 (ط) و(ك): يعين ويعفي القائد العام للقوات المسلحة، ومدير جهاز المخابرات، ومدير عام الشرطة، دون إشراف مدني فعلي.
– المادة 12 (ل): يضع السياسة الخارجية ويشرف على تنفيذها.
– المادة 12 (ي): يعلن حالة الطوارئ بناءً على توصية من مجلس الوزراء، على أن تصادق عليها السلطة التشريعية الانتقالية، التي لم تُفعل بعد.
هذه المواد تُكرّس فعليًا حالة من التمركز السلطوي المطلق في يد رئيس مجلس السيادة – البرهان – وتُقصي دور رئيس الوزراء ومجلس الوزراء إلى مجرد أدوار تنفيذية غير مستقلة. وهذا يتناقض جذريًا مع المبادئ الديمقراطية التي تفترض توزيع السلطات وتوازنها، وخضوع الجيش للمؤسسات المدنية.
مقارنة مع النظم الدستورية العالمية:
ألمانيا: (Grundgesetz)-
يتم انتخاب المستشار من قبل البرلمان، ويُعزل فقط من خلال “تصويت بناء لحجب الثقة”. لا يملك الرئيس أي صلاحية تنفيذية منفردة.
– جنوب أفريقيا (دستور 1996): يخضع الرئيس لمساءلة تشريعية دائمة، ولا يمكن اتخاذ قرارات مصيرية كإعلان الحرب أو الطوارئ دون موافقة البرلمان والمحكمة الدستورية.
– فرنسا (الجمهورية الخامسة): رغم سلطات الرئيس، إلا أن تعيين الوزراء وإقالتهم يتم بمشورة البرلمان، ويخضع الجيش للرقابة البرلمانية
– كينيا (دستور 2010): يمنع الدستور تركّز السلطات التنفيذية في يد شخص واحد، ويتطلب إعلان الطوارئ موافقة ثلثي البرلمان وتصديق المحكمة العليا. الرئيس مسؤول أمام القضاء والمجلس التشريعي.
– رواندا (دستور 2003 وتعديل 2015): رغم أن نظام الحكم رئاسي، إلا أن الرئيس يخضع لنظام مراقبة دستورية، ولا يستطيع تعيين القادة العسكريين أو الأمنيين دون مشورة وموافقة مجلس الوزراء والبرلمان.
خلاصة الامر:
تمثل الوثيقة الدستورية المعدلة لسنة 2025 في السودان نموذجًا سلبيًا لإعادة إنتاج السلطوية من خلال أدوات القانون. فهي تُكرّس تركّز السلطة بيد القائد العام، وتُفرغ الحكومة من مضمونها، وتحوّل مجلس السيادة إلى سلطة ديكتاتورية مطلقة، ذات طابع عسكري، مع سيطرة كاملة على الأجهزة التنفيذية، الأمنية، والخارجية!
هذا الإطار الدستوري لا يُسهم في بناء دولة مدنية ديمقراطية، بل يُعيد السودان إلى حالة ما قبل الدولة الحديثة، حيث تندمج السلطات التنفيذية والتشريعية والعسكرية في يد قائد واحد، دون رقابة فعالة أو مشاركة شعبية حقيقية.
التحول الدستوري الحقيقي لا يكون بإعادة هندسة الوثيقة لخدمة مراكز القوة، بل بإعادة تأسيسها على مبدأ المواطنة، التعددية، وتوازن السلطات، كما تُظهره النماذج الحديثة من كيغالي إلى نيروبي، ومن برلين إلى كيب تاون…رالي وثائق تحالف تأسيس الذي بني علي هذه النماذج.
مدنيون تحت قبضة العسكر: نماذج التبعية وخطورة التزيين الديمقراطي:
منذ عقود، لجأ العسكريون في سياقات استبدادية شتى إلى أسلوب سياسي معروف: استخدام المدنيين كواجهة ناعمة تخفي قبضة الحكم العسكري. يُطلق على هذا النمط “التزيين الديمقراطي”، وهو منح السلطة مظهرًا مدنيًا بينما تبقى القوة والسيطرة الحقيقية في يد العسكر. ليس المقصود بذلك إشراك المدنيين في الحكم بقدر ما هو توظيفهم كأدوات رمزية لشرعنة الاستبداد وتمويه الطغيان. وقد أصبح هذا التكتيك من أبرز سمات الأنظمة التي تتقن فن تغليف القمع بشعارات الحداثة والديمقراطية الشكلية.
في التاريخ السياسي الحديث، ثمة سجل طويل لهذا التكتيك في الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا. ففي تونس، استعان زين العابدين بن علي بعد انقلابه عام 1987 بعدد من الأكاديميين والإعلاميين من أجل إضفاء طابع حداثي على سلطته، غير أن النظام في جوهره بقي سلطويًا يقمع الحريات ويمنع التعددية السياسية الحقيقية. وفي مصر، وظّف حسني مبارك نخبة من الشخصيات الثقافية والقانونية لتبرير سياسات الاستبداد، فتحولت وجوه مثل جابر عصفور ويوسف والي ورفعت المحجوب إلى أدوات رمزية تُطبع بها المراسيم السلطوية، بينما ظلت أجهزة الأمن تمسك بالمفاصل الفعلية للسلطة.
أما في السودان، فالنموذج ليس استثناءً، بل قاعدة مكرّسة ومألوفة في تاريخه السياسي الحديث. ففي عهد عمر البشير، لجأ النظام إلى استقطاب مثقفين وأكاديميين ضمن ما سُمّي بـ”حكومة الحوار الوطني”، والذين قُدِّموا للرأي العام كرموز مدنية إصلاحية، بينما كانت الدولة تمارس القمع والانتهاكات وتُعمِّق التهميش البنيوي. كانت مهمتهم تجميل النظام لا تغييره، وتوفير غطاء نخبوي لاستمرارية السلطة العسكرية–الإسلامية.
النمط ذاته يتكرر اليوم مع تعيين د. كامل إدريس. شخصية دبلوماسية مرموقة وسط النخب سابقًا، لكنها ظلت على هامش اللحظات الوطنية الحاسمة. لم تسجل لها مواقف علنية تجاه الحرب الأهلية الجارية، أو سياسات التهميش، أو العدالة التاريخية، أو المطالب الجوهرية لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة. وكما وصفه أحد النقاد السودانيين بدقة، فإن د. كامل إدريس هو ابن “نادي النخبة الخرطومية”، لا ابن الخنادق، ولا النازحين، ولا معسكرات الهامش. لم يعرف الصراخ في كريندق، ولا جراح جبل مرة، ولا دموع نيالا ومدني.
النموذج هنا لا يمثل فقط حالة رمزية، بل أداة سياسية وظيفية. فالعسكر لا يعيِّنون مدنيين لإشراكهم في القرار، بل لتجميل قراراتهم وشرعنتها دوليًا. المدني يُستخدم لتوقيع الاتفاقات، لإلقاء الخُطب، للظهور في المؤتمرات والمحافل، لكن القرار الحقيقي يُتخذ خلف أبواب مغلقة داخل المؤسسة العسكرية. وهو ما أشار إليه الكاتب التشيلي أرييل دورفمان حين وصف حكومة بينوشيه: “كانت الديمقراطية تجلس على المنصة، بينما الديكتاتورية تدير الصوت من خلف الستار”
التاريخ مليء بنماذج مشابهة. في الأرجنتين، استخدمت الديكتاتورية العسكرية ما يُعرف بـ”الوزراء المدنيين التكنوقراط” لتجميل صورتها لدى المؤسسات المالية الدولية. في البرازيل، ظهر وزراء مدنيون تم تعيينهم لتجميل الحكم العسكري لكن دون صلاحيات حقيقية. في سوريا، كان يُعيَّن رؤساء وزراء من خلفيات قانونية ليؤدوا طقوس التكنوقراطية الشكلية، بينما كانت القرارات تصدر من الأجهزة الأمنية.
وفي إيران، مثّل شهبور بختيار نموذجًا كلاسيكيًا لهذا النوع من الاستخدام السياسي. فقد عيّنه الشاه محمد رضا بهلوي رئيسًا للوزراء قبيل انهيار نظامه، في محاولة يائسة لتقديم واجهة إصلاحية مدنية، بينما بقيت أدوات القمع في يد الشاه وجهاز السافاك. لم يكن لبختيار أي سلطة حقيقية، بل وُضِع ليكون آخر ستار شرعي لحكم استبدادي يتداعى.
أما في آسيا، فتكرر النموذج بأشكال متعددة. في ميانمار، استخدمت المؤسسة العسكرية شخصيات مدنية ضمن واجهات برلمانية زائفة بعد دستور 2008، مع احتفاظ الجيش بـ 25% من مقاعد البرلمان وسلطة النقض. وفي باكستان، جرى تعيين رؤساء وزراء من خلفيات مدنية كظفر الله خان جمالي، كانوا مجرد أدوات تنفيذية لسلطة الجنرال برويز مشرف. وفي إندونيسيا إبان عهد سوهارتو، شكّلت النخبة المدنية غلافًا سياسيًا لحكم عسكري–بيروقراطي مركزي اعتمد على قمع الهويات المحلية وكتم الأصوات المستقلة.
إن خطورة هذا النموذج لا تكمُن فقط في رمزيته الشكلية، بل في آثاره العميقة على إمكانيات التحول الديمقراطي الحقيقي. فهو يُنتج وهمًا مؤسساتيًا، حيث تبدو الدولة متزنة ومدنية بينما تُدار فعليًا من داخل مؤسسة عسكرية مغلقة وغير خاضعة للمساءلة. كما أن هذا النموذج يُعطل نشوء قيادة مدنية حقيقية، ويقوض إمكانات الحركات الاجتماعية والسياسية في بناء بدائل جذرية. النخبة المدنية تتحول تدريجيًا من موقع المقاومة إلى موقع التبرير، ومن دور الضمير العام إلى دور الناطق باسم السلطة.
وهكذا، تُجهَض التحولات في مهدها، وتُصنع دول ظاهرها مدني وباطنها عسكري، وتُؤجل ولادة الدولة الجديدة باسم استقرار زائف تُديره فوهات البنادق، وشرعية شكلية تُوقِّعها أيدٍ مدنية لا تملك من أمرها إلا الحبر.
أزمة النخب وشرعية الدم: تحليل تاريخي- سوسيولوجي لفقدان الثقة:
ليس من المنصف، بل من المستحيل أخلاقيًا وسياسيًا، مطالبة المهمشين بأن يثقوا فيمن لم يسمع أنينهم، أو يشاركهم خندقهم، أو يعايش قهرهم. هذه الفجوة بين النخبة والمجتمع المهمش تمثل ليس فقط عجزًا تمثيليًا، بل اختلالًا أخلاقيًا يُسهم في إعادة إنتاج التهميش بآليات احتيال ناعمة. كما قال جون رولز: “لا يمكن بناء عدالة حقيقية دون مشاركة الذين عانوا من الظلم في رسم ملامح النظام الجديد”
وفي السودان، تبرز هذه الإشكالية بحدة حين تُقدَّم وجوه مألوفة، منفصلة عن قضايا الأرض والدم، لتكون رموزًا للسلام. فالتجربة العالمية، من جنوب أفريقيا إلى غواتيمالا، علّمتنا أن المصالحة لا تتحقق إلا بالاعتراف العميق بالمظالم، وبنزع أدوات السيطرة القديمة من يد النظام القديم. قال فرانز فانون في هذا السياق: “إن الذين يستخدمون أدوات الاستعمار لبناء الدولة الوطنية، إنما يؤسسون للاستعمار مرة أخرى بأسماء جديدة”.
إن تعيين د. كامل إدريس، بما يحمله من رمزية للنخبة الخرطومية، ليس مشروع إصلاح، بل امتداد لسيرورة تاريخية من التواطؤ المدني مع المركز السلطوي. فهذه النخبة، بتكوينها الاجتماعي، تتفادى الأسئلة الحقيقية التي يطرحها الهامش، وتركز على التهدئة لا التغيير، وعلى التسوية لا العدالة. وتؤدي، كما وصفها أنطونيو غرامشي، دور “المثقف التقليدي” الذي يُبرّر البنية بدل أن يُخلخلها.
أما الحكم العسكري، فقد أنتج عنفًا ممنهجًا ارتكز على مليشيات أيديولوجية متشددة، مارست انتهاكات ترقى لجرائم حرب: ذبح، وبقر بطون، وقصف عشوائي جوي وبري ، ونهب ممتلكات. هذا العنف لم يكن استثناءً بل استراتيجية حكم. وكما كتب توماس هوبز، “حين تحتكر الدولة العنف وتفقد المساءلة، تتحول من ضامن للأمن إلى مصدر دائم للخوف.”
جذور الحرب لا تُروى بالتصالح اللفظي:
تاريخيًا، الحروب لا تنتهي بمجرد قرارات سياسية، بل حين تُجتث جذورها البنيوية. قال كونفوشيوس: “عندما يغيب العدل من القلوب، يظهر السيف بين الناس”. وقال الإمام علي بن أبي طالب: “ما جاعت أمة إلا ذلّت، وما ذلّت إلا سُلبت، وما سُلبت إلا حاربت”. وأضاف مانديلا: “السلام لا يكون باتفاق، بل عندما يشعر الطرفان أن العدالة قد تحققت”
إن الرؤية البديلة التي تطرحها قوى الهامش في السودان عبر مشروع السودان الجديد، كما تجسدت في وثائق مثل ميثاق تأسيس، لا تقوم على تسويات سطحية، بل على إعادة صياغة الدولة من جذورها: عبر إعادة توزيع السلطة والثروة، وبناء جيش قومي، وفصل الدين عن الدولة، وتأسيس عقد اجتماعي جديد يقوم على المساواة والمواطنة.
كامل إدريس: الأزمة لا الخلاص:
د. كامل إدريس، في هذا السياق، لا يمثل انفراجًا بل تجسيدًا للأزمة. إنه انعكاس لحالة بؤس النخبة التي لم تنحز يومًا لقضايا الثورة أو الهامش. وكما قال غرامشي: “الأزمة هي اللحظة التي يموت فيها القديم، ولا يستطيع الجديد أن يولد”. كامل إدريس هو صوت القديم الذي يلفظ أنفاسه، بينما يعلو في الخلفية صوت المولود القادم من ركام القصف، من خيام النزوح، من دموع النساء، ومن ثبات الذين لم يتزحزحوا عن أرضهم.
إن شرعية المستقبل في السودان لا تُصنع في غرف مغلقة ولا بقرارات فوقية، بل تُنتزع في الحقول والمخيمات، في أجساد المنكوبين، وفي مقاومة من رفضوا أن يكونوا مجرد أرقام في تقارير الأمم المتحدة. لا مستقبل لحكم مدني حقيقي دون عدالة، ولا سلام دون مساءلة، ولا مصالحة دون اعتراف. وكل محاولة للالتفاف على هذه الحقائق ليست سوى إعادة تدوير للظلم بلغة أكثر احتيالا. وهكذا، فصوت المستقبل لا يأتي من فوق، بل من قاع المعاناة؛ وهناك فقط، في وضوح الجراح وشجاعة المطالبة، تُكتب بدايات الدول التي تُحترم.
النضال مستمر والنصر اكيد.
(أدوات البحث التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.