ديرك الفريد… روح حاضرة رغم الغياب

كتبت إستيلا قيتانو

 

في هذه الايام يطل علينا الموسم الرابع من مهرجان ديرك الثقافي ، بثوبه الذي يجمع بين موسيقى الحاضر والماضي في مزج بديع . بالاضافة لاحياء المسرح وتقديم عدد مقدر من الاوراق العلمية ولثقافية المهمة التي ستشكل مستقبل البيئة الثقافية في جنوب السودان .
لا يفوتنا ان نرسل تحيتنا وشكرنا لكل الاصدقاء والزملاء الذي حملوا على عاتقهم تنظيم المهرجان وفاءاً لشخصية لطالما كانت شعلة من النشاط والفكر والمشاركة الفعالة في البلاد .
ديرك الفريد كان صديق الجميع ، يحب أن يكون جزء من العمل العام ومشاركة الناس في بيئاتهم .
وذات الروح هي التي تجمعنا كل عام لنلحق حول تجارب فنية غنية واصيلة . روحه التي تهتم بانسانية الانسان ، روح ثائرة باحثة عن الحرية والعدل والكرامة والحق في الاعتراف . نتذكر جيدا كيف أن ديرك الفريد وصديقه استيفن اوشالا وخيرة من الشباب المبدعين في (كواتو) طيبة الذكر ، كيف نقلوا الجنوب الى قلب العاصمة و الى ارقى الصالات المحلية والدولية . وبذات الروح كانوا يشاركون الرقص مع اهلهم في معسكرات النازحين حول مدن السودان المختلفة ، لم يكن ذات عقلية مركزية . كان يحلق في كل مكان كطيف من نور ونار ، يرسل رسالة واضحة مفادها أن للجميع الحق ذاته في متعة المشاهدة والمشاركة ، وللفنانين دوراً مهما لجعل الفنون حقا مكفولا للجميع .
أما عن شخصية العام البروف تعبان لوليونق فكان هو اختيار موفق دون جدال ، تقديراً لمساهماته الكبيرة على مستوى افريقيا والعالم . وآن الاوان للاحتفاء به وشكره على كل ما انجزه خلال مسيرته الفنية والاكاديمية وان يتبنى مَنْ يدعمون المهرجان ترجمة اعماله .
بالتأكيد كنت محظوظة ، عندما جمعنا ملتقى الكتاب السودانين الذي يكتبون بالعربية والانجليزية – في جبل البركل في عام 2008 تحت رعاية المجلس الثقافي البريطاني في الخرطوم . ومن لحظة المصافحة شعرت بتلك الهيبة التي تحيط بشخصية نادرة وكاتب ملتزم للكِتاب والكُتب والكُتاب .
ولا انسى كيف استمعنا لشهادته بانبهار . لم تكن مجرد شهادة كاتب ، كانت فصلا من رواية هو بطله ، قطعة فنية مكتوبة بشكل بديع ، والبروف حكاء مدهش كعادته ، لدرجة أن تجد نفسك العوبة ، تتقاذفك المشاعر مع بداية كل فقرة . تحزن احيانا ، وتضحك احيانا وتغرق في تفكير عميق في اخرى . شيء لا يمكن نسيانه لانها مكتوبة من قبل روائي وشاعر مقتدر وانسان عايش حياة اصقلتها التجارب فكان كل ذاك النقاء . مر بتجارب مريرة دون أن يحقد على أحد ، يتمتع بخبرة كبيرة فكان ذاك التواضع الجم .
كان من الاوائل الذين يشجعون الكُتاب الجدد ، مهما كانت اللغات التي يستخدمونها .فلقد همس لي بنصيحة غالية ونحن على وشك توديع بعضنا في نهاية تلك الرحلة البديعة ، كان معنا الاستاذ .جوثان ميان – لترقد روحه بسلام – والاستاذ فكتور لوقالا ، كتاب جنوبيون يكتبون بالانجليزية ، كنت الوحيدة من الجنوب التي تكتب باللغة العربية .
قال لي حينها : اكتبي باللغة التي تجيدنها .. حتى لو كنتِ الكاتبة الجنوبية الوحيدة التي تكتب بالعربية .. افعليها دون تردد . الى أن التقينا مجددا في جوبا اثناء عشاء اعد على شرف تدشين كتاب لي . فلن ينسى أن يكرر ما قاله لي في جبل البركل . شكرا بروف تعبان لوليونق على كل ما قدمت .
شكرا لمهرجان ديرك الثقافي ً
شكرا لروح المحتفى به دائما وابداً ، ديرك الفريد اويا .

#مهرجان_ديرك_الثقافي
#نوفمبر_العظيم
#ثقافة
#جنوب_السودان
#إفريقيا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.