دعوة المصالحة مع الإسلاميين في هذا التوقيت و بهذه الكيفية خيانة للشهداء و أستفزاز للضحايا

عبدالسلام صابون يوسف

 

المصالحة الوطنية تعتبر من أهم مرتكزات العدالة الإنتقالية و تحقيقها الأنتقال إلي مرحلة الاستقرار و الأمان و بناء دولة المؤسسات  وسيادة القانون .
فلكن الدعوة لها بالطريقة التي نسمعها من تصريحات بعض المسؤلين في وسائل الإعلام أو عبر التغريدات في مواقع التواصل الإجتماعي بهذه الكيفية السطحية لن توصلنا إلي عدالة إنتقالية و المصالحة الوطنية  لا بد من معالجة إرث الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، سواء التي وقعت في ظل النظام السابق أو التي تلت سقوطه، بما فيها تلك التي وقعت خلال مرحلة الحرب والأثار المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا من خلال العدالة الانتقالية لأنها جسر الوصول إلى مجتمع مستقر أمن .
الحديث عن المصالحة سابق لأوانه لأبد ان يسبقه حضور بعض العناصر الأساسية للعدالة الإنتقالية المتمثلة في:( المحاكمات – أصلاح المؤسسات – لجان الحقيقة – جبر الضرر – أحياء الذكرى) بعد هذه نأتي للمصالحة و تسبقه تشكيل محكمة يتم دعوة الشهود الذين كانوا ضحايا لحقوق الإنسان للأدلاء بشهاداتهم عبر جلسات مذاعة أمام الشعب و أن يعترفوا مرتكبوا الجرائم و يطلبون العفو من الملاحقة الجنائية و يتعهدوا الا ينتهكوا حقوق الإنسان في المستقبل.
مثلاً ما حدث في جنوب( أفريقيا ) تم تشكيل لجان الحقيقة و المصالحة
تنفيذاً لبنود قانون ترويج الوحدة والمصالحة الوطنية، رقم 34 في 1995، وكان مقرها في كيپ تاون. تفويض اللجنة كان للاستماع إلى، وتسجيل، شهادات وفي بعض الحالات منح عفو لمرتكبي جرائم متعلقة بانتهاك حقوق الإنسان، والتعويضات واعادة الأهلية. وقد ضمت لجنة الحقيقة والمصالحة عدداً من الأعضاء ذائعي الصيت: كبير الأساقفة دزموند توتو (رئيساً)، د. ألكس بورين (نائب الرئيس)، ماري برتون، المدعي كريس ده ياگر، بونگاني فينكا، پوملا گوبودو-ماديكي‌زلا، سيسي خامپپه، ريتشارد ليستر, Wynand Malan, Reverend خوزا مگوجو, Hlengiwe Mkhize, Dumisa Ntsebeza (رئيس وحدة التحقيق)، Dr. Wendy Orr, Advocate Denzil Potgieter, Mapule Ramashala, Dr. فاضل راندرا، ياسمين سوكا وگلندا ڤيلدشوت.
بدأت تجربة العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا في سياق التحضير لنهاية نظام التمييز العنصري، وأخذت شكل محاكمات شعبية أطلق عليها لجان الحقيقة والمصالحة، عهد إليها بإماطة اللثام عن التجاوزات والجرائم وإنصاف الضحايا وصولًا إلى تسوية غير جزائية للملفات العالقة. في البداية، نجحت التجربة بصفة خارقة في جنوب أفريقيا.[2] وأدى إطلاق سراح نلسون مانديلا عام 1990 بعدما قضى 27 سنة في السجن، إلى مفاوضات بين حكومة جنوب أفريقيا العنصرية والمؤتمر الوطني الأفريقي وإلى عقد إنتخابات في العام 1994. ثم في عام 1995، أعطى برلمان جنوب أفريقيا تخويلًا بتأسيس لجنة الحقيقة والمصالحة التي أصدرت في العام 1998 تقريرًا تضمّن شهادات أكثر من 22,000 ضحيّة وشاهد، حيث جرى الإدلاء بألفي شهادة في جلسات إستماع علنية.
و مع ذلك لجان الحقيقة و المصالحة في جنوب أفريقيا تحوم عليها شكوك تم الاكتفاء ما تم من الإنتهاكات خلال الحكم العنصري عن طريق لجان استماع للضحايا وللجناة أيضا مع استبعاد خيار المتابعة خصوصاً بالنسبة للفاعلين السياسيين الذين شاركوا في وضع حجر الأساس للانتقال الديمقراطي وإقرار سيادة القانون والمساواة بين المواطنين واحترام حقوق الإنسان.
و الدليل على ذلك ما حدث في مدينة ماريكانا  في أغسطس 2012 الذي قتلت فيها الشرطة 30 من عمال المناجم يحتجون سلمياً على الظروف المعيشية ، أن العدالة الانتقالية لم تغير شيئاً من الظلم الاجتماعي الذي ظل متواجداً حتى بعد تفكيك نظام الأبارتهايد  (الفصل العنصري). وهو الأمر الذي بات يلقى ظلالاً وخيمة على نجاعة نهج العدالة الانتقالية.
* سؤال للذين يدعون المصالحة مع الإسلاميين هل اعتذروا هؤلاء الجماعة للشعب السوداني للأنتهاكات الذين ارتكبوها طيلة الثلاثة عقود؟.
* هل أعترفوا بأنهم قاموا بأنتهاكات حقوق الإنسان في كل  دافور  – جبال النوبة – النيل الأزرق – شرق السودان  – كجبار – بورتسودان  – و الخرطوم وغيرها من أقاليم السودان  الإجابة بكل تأكيد بالنفي بالعكس يتبجحون في كل منابرهم بأن تجربتهم أفضل التجارب و ما حصل من انتهاكات بعتبرنوه من باب الجهاد من أجل الأجر والثواب و الفوز بالجنة .
* كيف تدعون للمصالحة مازال دموع أمهات الشهداء لن تجف و دماء الشهداء لن يجف و مازال نسمع أنين المغتصبات
بقدر ما متحمسين للمصالحة مع هؤلاء الجماعة أيضا اتحمسو لأصلاح المؤسسات و استكمال هياكل السلطة الانتقالية و تحقيق الحد الأدنى من مكتسبات الثورة كيف تدعو للمصالحة و مازال بعض الجناة احرار يمرحوا و يمارسوا حياتهم و لازال الضحايا لن يجدوا من يحميهم و بعض الجناة في مراكز القرار في الدولة هذه يعتبر عدالة عرجاء يعتبر بمثابة( دفن الليل ام كراعاً برة).
و ختاماً أي دعوة للمصالحة بعيداً عن الضحايا و ذويهم يعتبر خيانة الثورة و أستفزاز للضحايا لأن المصالحة لابد ان تسبقه محاكمات سواء كان امام القضاء الدولي أو الوطني.
هوامش
^٢-المصدر

^ د. السيد ولد أباه (2011-04-25). “الثورة وجدل العدالة
القاهرة
3 أغسطس 2021م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.