دعوة البرهان للقائد عبدالعزيز الحلو للعمل معه لبناء السودان الجديد دس للسم فى الدسم

✍🏿 الجاك محمود أحمد الجاك

 

كغيرى تابعت البيان الإنقلابى للقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان يوم الإثنين الموافق 25 أكتوبر 2021 و الذى حل بموجبه مجلس السيادة و مجلس الوزراء و قام بتعليق العمل بسبع من أهم مواد الوثيقة الدستورية، فى الوقت الذى إدعى فيه التمسك بالوثيقة الدستورية و الإنتقال الديمقراطى.

و فى خطوة تنم عن مكر سياسى إدعى البرهان فى بيانه أن ماحدث ليس إنقلابا، و إنما هو تصحيح لمسار الثورة و الإنتقال. و فى إستخفاف واضح بعقول الثوار و إرادة الشعب، يحاول البرهان تأكيد مضى القوات المسلحة فى الإنتقال الديمقراطى إلى حين تسليم السلطة إلى حكومة منتخبة. حاول البرهان إيصال رسالة تطمينية لقوى الكفاح المسلح غير الموقعة على إتفاق السلام، و لذلك كان لا بد من تشريح بيان البرهان و توضيح خطل حديثه و كشف حيله التى لن تنطلى علينا. و ثمة أسئلة يتعين أن يجيب عليها البرهان إبتداءا قبل دعوته للحلو للعمل معه لبناء سودان جديد:

أولا: كيف يدعو البرهان قوى الكفاح المسلح غير الموقعة للعمل معه لبناء السودان الجديد فى الوقت الذى أعلن فيه حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد، و هو الذى ضاق ذرعا بشركاء الإنتقال من المكون المدنى ممزقا الوثيقة الدستورية التى مكنت المكون العسكرى و أعطته اليد الطولى؟!

ثانيا: كيف يمكن تحقيق السلام و البناء فى ظل فرض حالة الطوارئ؟!

ثالثا: متى كان التحول الديمقراطى و تهيئة المناخ لإجراء إنتخابات حرة و نزيهة ناجحا فى ظل الشمولية و الدكتاتورية العسكرية، و لماذا الإنقلاب الآن تحديدا إذا كان ذلك ممكنا؟!

رابعا: ما علاقة القوات المسلحة بالإنتقال الديمقراطى و الديمقراطية نفسها، و لماذا كانت الإنتفاضة و إزاحة المخلوع عمر البشير من السلطة أصلا إذا كان الجيش قادر على تحقيق الإنتقال الديمقراطى؟!

خامسا: كيف يدعى البرهان التمسك بأهداف ثورة ديسمبر فى الوقت الذى يقوم فيه بإعتقال شركاء الإنتقال و ممثلى الثوار بدءا من رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك، بالإضافة إلى أكثر من ثلاثمائة من القيادات المدنية، و حرمان المواطنين من حقهم فى الإتصال و حرية تداول المعلومات بقطع خدمة الإنترنت، و التضييق على على حرية الصحافة و قتل المتظاهرين السلميين بالذخيرة الحية؟!

صحيح أن هنالك ضرورة لتصحيح مسار الإنتقال و خاصة بعد المسخ الثورى الذى قدمته قوى الحرية و التغيير بأخطائها التى أدخلت البلاد برمتها فى هذا النفق و المنعطف الخطير و الذى ينذر بإنهيارها، فقحت تتحمل مسئولية تسليم قيادة الإنتقال للجنة البشير الأمنية، كما تتحمل مسئولية تقنينها و شرعنتها لمليشيات الجنجويد/قوات الدعم السريع و هذا ما لم يفعله حتى النظام البائد الذى صنع هذه المليشيات. فعلت قحت كل ذلك مقابل المحاصصة على السلطة و الإنفراد بها و تحقيق المكاسب و الإمتيازات الحزبية و الشخصية الضيقة ضاربة بأهداف ثورة ديسمبر عرض الحائط ريثما إنتهى بها المقام كأذيال للعسكر و ديكور لسلطتهم. ما حدث و يحدث الآن هو تمظهر حقيقى لأزمة الدولة السودانية و نتاج لعدم نضوج و إكتمال الثورة. فالثورة فى أساسها ظاهرة تستهدف التغيير الجذرى، أى تغيير طبيعة الدولة نفسها. فالثورة ليست مجرد تغيير سلطوى كما إعتقدت قحت التى حاولت تحقيق أهداف التغيير بأدوات و تحالفات ذات الدولة القديمة المرفوضة التى إتبعتها قوى الحرية و التغيير و التى تشكل أساس الأزمة. فقحت هى من خذلت الثورة عندما رضخت للعسكر و قبلت بالنكوص و العودة من منتصف الطريق بمحاولة إنتاج مركز جديد و إستبدال تمكين الإسلاميين بتمكين آخر بعد سقوط البشير. لكن فشل قحت لا يبرر لكائن من كان تأييد ما قام به البرهان و زمرته من إنقلاب كامل على مدنية السلطة، غض النظر عن رأينا فى قحت و تورطها فى شراكة الدم. إن قرارات البرهان غير الدستورية خطوة و مغامرة خطيرة بكل المقاييس وضعت مصير السودان موضع قلق العالم بأسره، و هذا ما يفسر الإدانة الإقليمية و الدولية الواسعة للإنقلاب على الرغم من فشل إجتماع مجلس الأمن الدولى الذى إنعقد أمس الثلاثاء فى التوصل إلى قرار أو بيان مشترك لإعتبارات تتعلق بتوازن القوى و تقاطع المصالح.

صفوة القول أن البرهان قد أخطأ التقدير السياسى Political miscalculation بدعوته للحلو للعمل معه لبناء سودان جديد، لأنه لا يمكن للحركة الشعبية بكل تاريخها و مبادئها و إرثها النضالى أن تقف فى الجانب الخطأ من التاريخ بدعم الإنقلابيين و الإصطفاف مع قوى الردة و الظلام ضد قوى الثورة و التغيير. فالحركة الشعبية لم و لن تحيد عن الكفاح من أجل التغيير الجذرى و التحول الديمقراطى الكامل فليس هناك مجال للحياد عندما تكون الحصة وطن. فنحن كما أكد ييان رئيس الحركة الشعبية و القائد العام للجيش الشعبى نقف دون تردد مع الشعب السودانى فى خندق واحد لمقاومة إنقلاب الطغمة العسكرية Military junta، فقد علمتنا التجارب أن الشعب هو القوة الحاسمة فى التاريخ. و الشعب السودانى لديه آلياته المجربة و هو صاحب تجارب متفردة فى منازلة و إسقاط الدكتاتوريات….فليسقط الشموليون و الفلول عسكريون و مدنيون، و ليبقى الشعب السودانى معلم الشعوب.

وسلاااااااام يااااااا وطن!

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.