درس حرب الخرطوم، فهل تعي النخب – أو في الاسئلة الكبرى (2)

خالد كودى

 

كتب الدكتور عبد الله علي ابراهيم مقالا بعنوان: اليوم كلنا القوات المسلحة السودانية قال فيه:( في هذه الحرب طرف واحد له البيعة على أعناقنا هو القوات المسلحة التي لها احتكار السلاح مهنياً في دولة حديثة.)

الحكومات المتعاقبة لم توقف سياسات قمع المطالب بالحقوق بالقوة، ومن تولي قيادة وزارة الدفاع منذ الاستقلال، نفذ سياسات الدولة الشريرة … وللتذكرة يتسلسلوا كالاتي:

خلف الله خالد، 9 يناير 1954 – 16 نوفمبر 1955. اسماعيل الازهري ، 17 نوفمبر 1955 – 2 فبراير 1956. عبد الله بك خليل، 3 فبربر 1965- 17 نوفمبر 1958. ابراهيم عبود، 18 نوفمير 1958- 21 اكتوبر 1964. سر الختم الخليفه 22 اكتوبر 1964 – 9 يونيو 1965، محمد احمد المحجوب 8 يونيو 1965 – 4 مايو 1966، ومرة اخري من 8 يونيو 1965 الي 4 مايو 1966. عبد الله عبد الرحمن نقد الله، 28 يوليو 1966 – 14 ديسمير 1966. احمد عبد الرحمن المهدي، 15 ديسمير 1966- 15 يوليو 1967. ادم موسي مادبو، 16 مايو 1967 – 26 مايو 1967. امين التوم ساتي، 27 مايو 1968- 24 مايو 1969. جعفر محمد نميري 15 مايو 1969 – 19 يونيو 1969. عمر الحاج موسي، 20 يونيو 1969 – 28 اكتوبر 1969. خالد حسن عياس، 29 اكتوبر 1969- 16 ابريل 1972. جعفر محمد نميري 17 ابريل 1972 – 10 يوليو 1973 . عوض خلف الله عمر 8 اكتوبر 1972 – 25 اكتوبر 1975. جعفر محمد نميري مرة اخري 26 اكتوبر 1975 – 9 اغسطس 1976. بشير محمد علي ، 18 اغسطس 1976 – 1 فبراير 1979. وجعفر محمد نميري ثايا، 2 فبراير 1979 – 28 مايو 1979. عبد الماجد حامد خليل، 28 مايو 1979- 25 يناير 1983. وجعفر نميري مرة اخري، 26 يناير 1983- 6 مارس 1985. فضل الله برمه ناصر 15 مايو 1988 – 25 ابريل 1989. عبد الرحمن سوار الدهب، 7مارس 1985- 22 ابريل 1985. عثمان عبد الله محمد، 22 ابريل 1985- 3 مايو 1986. الصادق المهدي، 4 مايو 1986- 15 مايو 1988. مبارك عثمان رحمه، 26 ابريل 1989- 30 يونيو 1989. عمر البشير 7 يناير 1989- 19 اكتوبر 1993. حسان عبد الرحمن علي، 20 اكتوبر 1993- 3 اغسطس 1998. ابراهيم سليمان حسن، 3 سبتمبر 1998 – 3 يونيو 1999. عبد الرحمن سر الختم، 7 يوليو 1999- 7 اكتوبر 2000. بكري حسن صالح، 7 نوفمبر 2000- 21 سبتمبر 2005. عبد الرحيم محمد حسين، 22 سبتمبر 2005- اغسطس 2015. عوض احمد ابنعوف، اغسطس 2015- …. والان، عبد الفتاح البرهان ….

رغما ان بعض هؤلاء يعتبروا من الابطال القوميين لدولة ما بعد الإستعمار الا ان الجيش السوداني الذي يحارب صنيعته في الخرطوم اليوم ليس الا وامتداد لنفس الجيش الذي قادته نخب مابعد الاستعمار. فعبر الحقب لم يتوقف الجيش عن إنشاء المليشيات والتي اخرها مليشيا الدعم السريع/ الجنجويد.

تعاقبت الحكومات في الخرطوم، ولم تتغير سياسات الدولة العدائية تجاه الناس في الهامش، والتي كما اسلفنا سياسات معبرة عن امثال الدكتور عبد الله علي ابراهيم وتحمي مصالحهم كنخب، وتحفظ موقعهم في التراتبية الإجتماعية، فكان لزاما علي الدكتور ان يرتجف من ضياع حظوة لاضمان لها الا ببقاء اليد الباطشة، فمصلحتهم ان يبايعها ويرفع من قدر البيعة الي الاعناق كمان! فسلوك الجيش السوداني تجاه المواطنين لم يتغيير تاريخيا، فالقتل العنصري علي حد ماهو اثني وديني وجهوي، نصيب من وعي بحقوقه في الهامش ثم استشرت الحروب لتشمل كل ثوري وعي بحقوقة ونادي بوطن يسع الجميع وان كان شابا في العاصمة القومية.

لم يتساءل امثال عبد الله علي ابراهيم من النخب ماذا تعني الحرب الدائرة في الخرطوم اليوم لمواطن مثل السيد عمر عبد الرحمن الذي فقد ابنته امل ذات ال 11 عاما ، او للسيد عمر الرشيد الذي فقد ابنته هناء 15 سنه، او لوالد عوضية حسين ذات ال 12 عاما، هؤلاء فقدوا ابناءهم اثر القصف الجوي بواسطة سلاح الطيران السوداني لقرية تنقلي.
ماذا تعني الحرب في الخرطوم لعبد المجيد محمد مكي من امبربيطة او للسيد التوم ونيس الذي اوصف القصف المدفعي طويل المدي من قبل كلا من مدفعية الجنجويد والجيش وبمصاحبة القصف الجوي بطائرات الانتنوف والسوخوي والميج، وصف هذه الاعتداءات بانها كانت امرا عاديا وشبه يومي لسنوات… فلماذا يبايع الناس اي من قاتليهم!

فلسان حال ضحايا حروب النخب يقول: ان تضامنا مع الجيش السوداني ليقضي علي مليشيا الدعم السريع، فماهي الضمانات ان لا يكون نفس المليشيات مرة اخري لينفذا معا أجندة وسياسات نخب ما بعد الاستقلال ويستمر قتلنا وتشريدنا وسرقة ثرواتنا؟ وان انحزنا الي قوات الدعم السريع، ماهي الضمانات ان لا تكرر هذه المليشيا الجرائم البهيمية التي مارستها منذ تكوينها والي حرب الخرطوم، هذه الجرائم التي لأتعرف غيرها؟

سؤال الوطن والوطنية الذي يجب يجاوب عليه كل سوداني اليوم، ويبدا بمدي الإستعداد لاستيعاب ان بناء جيش نظامي ووطني يبدا باختبار رؤي النخب التي حكمت السودان وتفكيك بنية دولة مابعد الإستعمار وسلطاتها السيادية التي بنيت علي مطلقات عنصرية متخلفة و قاصرة بما في ذلك الجيش بكل ما يمثل ويعني، ثم تأسيس جيش وطني يعبر عن كل السودان في بنيته المادية وعقيدته القتالية. لابد من الوعي بان ما ادي الي حرب الخرطوم اليوم هو اصرار النخب التي حكمت السودان منذ الاستقلال والي يومنا هذا علي تراتبية إجتماعية لايحيدوا عنها ايا كان الثمن. فلايزال من سرق ثورة الشعب السوداني يبشر بعملية سياسية معزولة يتقاسمون فيها الوطن كغنيمة لا صليح لها.

وبناءا علي هذا، من الذي يمتك الحق لمطالبة ابناء وبنات السودان لدعم اي من الاطراف المتحاربة في الخرطوم اليوم ؟
هل ثمة سلطة اخلاقية تسمح للبعض بمطالبة ضحايا جرائم الابادة بدعم اي من المجرمين الذين نفذوا الإبادة عليهم ؟

والاختبار اليوم كيف تري ضحايا حروب الخرطوم حرب الخرطوم، وليس فرض عين الانحياز او مبايعة احد الأطراف كما يدعوا امثال الدكتور عبد الله علي ابراهيم وغيره من النخب!
والاختبار اليوم، كيف تري ضحايا الحروب النخب التي شاركت او تواطأت او صمتت او في افضل حالاتها لم تبالي بشأن حروب القوات المسلحة السودانية ومليشياتها المختلفة علي الناس في المناطق المهمشة وامام ميدان القيادة العامة للجيش السوداني والانف في كل احياء العاصمة القومية؟

فهذه هي اسئلة الوطن والوطنية التي يجب ان يواجهها كل سوداني وسوادانية.

خالد كودي، بوسطن
13/5/2023

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.