
خطاب في بريد الريس عمر الدقير
بقلم: عمار نجم الدين
—————————————
الريس عمر الدقير،
السلام عليك من وطنٍ تعبَ من طول الرقاد، وسلامٌ على صوتك الحر في وجه الاستبداد، وسلامٌ على تاريخٍ ناضلتَ فيه من أجلِ وطنٍ يُعاد. فـ«نتطلعُ لعهدٍ جديدٍ تنتصرُ فيه السنابلُ على أسرابِ الجراد»، عهدٌ تتفتّح فيه زهورُ العدالةِ بعد خريفِ الفساد، وتشرق فيه شمسُ الحريةِ على شعبٍ أنهكه الظلمُ والبعاد.
الريس عمر الدقير،
كما ترى ويرى كل من ألقى السمعَ وهو شهيد، فقد كان الإسلاميون ومن شايعهم حريصين على تقسيم هذا الوطن، لم يترددوا لحظةً في ظلم الجنوبيين حتى اختاروا الانفصال على وحدةٍ قهريةٍ يرون فيها أنفسهم مجرد “كفار وفجّار” في نظر الآخر. لم يَدَّخر هؤلاء الظالمون أداةً من أدوات الموت إلا استهلكوها وتفنّنوا فيها، حتى بلغ عدد ضحايا حربهم الظالمة أربعة ملايين من أبناء جنوبنا الحبيب.
ثم واصلوا ذات الجريمة في جبال النوبة والنيل الأزرق، قتلاً وإبادةً جماعية، وحرماناً من أبسط الحقوق المدنية والسياسية، لأكثر من أربعين عاماً، ومُنِعَت عنهم الجنسية السودانية، واتُهِمُوا بالعمالة زُوراً وبهتاناً. عاش أبناء تلك المناطق حياةً قاسية، يعانون الجوع والمرض، وتُنتهك حقوقهم الإنسانية على يد أنظمةٍ عنصرية لا تعرف الرحمة، ولا تؤمن بحق الآخر في الوجود.
ولم يَسْلَم إقليم دارفور من ذات النهج منذ عام 2003، حيث ارتُكبت مجازرُ ومذابحُ بشعةٌ في حق المدنيين العُزّل، وظل الإقليم يحترق بنيران الحرب والانتهاكات اليومية حتى صارت مأساة دارفور عنواناً عالمياً للظلم والاستبداد، دون أن تجد جراحه طريقاً للشفاء.
وبعد حرب أبريل 2023، أصبح الموت عقوبةً جماعيةً لكل مواطن سوداني. توسعت دائرة العنف لتشمل الجزيرة ودارفور ومدناً أخرى، ومعها انتهاكاتٌ يوميةٌ جديدة. ومع ذلك، ظلّ أحد طرفي الحرب، وهو حكومة بورتسودان ومن خلفها الإسلاميون المتطرفون بكتائبهم الداعشية، يرفض أي تفاوض أو سلام، مصراً على الاستمرار في إراقة الدماء، متجاهلاً نداءات المجتمع الدولي وكل وساطة إنسانية.
هم ذاتُهم، الذين بعد انقلابهم المشؤوم في 25 أكتوبر 2021، اعتقلوك أنت ورئيس الوزراء حمدوك وأعضاء تحالف قوى الحرية والتغيير، ليقطعوا الطريق على التحول الديمقراطي، ويعلنوا السودان دولةً عربيةً خالصةً والشريعة الإسلامية مصدر تشريعها، ضاربين عرض الحائط بالتنوع الإثني والثقافي والعرقي لشعب السودان، ومنتهكين ما تبقى من وثيقة دستورية كانوا هم أنفسهم طرفاً فيها.
لقد وضع هؤلاء الجميع أمام طريقٍ واحد: إعادة تأسيس السودان من جديد، على أُسس المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية، فليس هنالك بديلٌ أمام من حُرِموا من جنسياتهم وحُرِموا من التعليم والصحة والخدمات الأساسية سوى أن يعملوا لبناء دولتهم الجديدة التي تسع الجميع.
والآن، بعد إعلان «تحالف تأسيس السودان» في نيروبي، والذي جاء كضرورة قصوى بعد حرمان مناطق الحركة الشعبية ليس فقط من الخدمات الحكومية، بل وحتى من الإعانات الدولية في انتهاك واضح لحقوق الإنسان، نرى فيك وفي حزبك مواقف أصيلة تجاه قضايا الشعب السوداني، ونؤمن بأنك ستقف دوماً في صف حقوق الإنسان، والمواطنة المتساوية، والديمقراطية، والحفاظ على وحدة ما تبقى من السودان.
الريس عمر الدقير،
إذا لم تكونوا جزءاً من هذا التحالف الجديد، فإننا ندعوكم اليوم لدعمهِ وتأييدهِ، نصرةً للعدالة، والمواطنة، والديمقراطية، وصيانةً لما تبقى من وحدة الوطن، التي لم تكن يوماً في حسابات الإسلاميين ولا جيشهم، وهاهم اليوم يسيرون على ذات الخُطى التي ساروا عليها في فصل جنوب السودان.
إن الوطن أمام مفترق طرق، والتاريخ لا ينتظر، ونحن جميعاً مسؤولون عن أي طريق سنختار.
لك التحية والسلام.
و لك التحية كمرد عمار نجم الدين و أحمد خاطر
و لك التحية كمرد عمار نجم الدين و أحمد خاطر
أرجون