حول بنية الدولة السودانية ووظيفتها وشرعيتها .. لا بد من النظام العلماني.
✍️ عرفة عبد الله كورتو
منذ عهود بعيدة عاصرنا في الدولة السودانية أنظمه حكم قمعية سيطرت علي مؤسسات الدولة للحفاظ على الإمتيازات التاريخية، وحولت المؤسسات الدينية إلى مؤسسات فاسدة. كذلك تحول رجال الدين إلى سدنة يدافعون عن الإستبداد، مما أدى لصعود بعض الأصوات والإتجاهات الفكرية التي تتحدث عن ضرورة تحديد دور رجال الدين وعلاقتهم بالسياسة. وذلك من خلال طرح النظام العلماني كبديل يحفظ كرامة المواطنين ويوضح بشكل مفصل دور المؤسسات الحكومية والمؤسسات الدينية. ذلك النظام العادل الذي لا يعادي الدين ولا يدعو للإلحاد ولكنه وبكل بساطة يخبرك بأن الدين مكانه الضمير وهو جزء من ثقافة المجتمع. وهي مسألة شخصية، والحكومات مهمتها فقط توفير الخدمات لمواطنيها لا الحرص على دخولهم الجنة. وتقديم الحلول الجذرية في المجال العام والمجال السياسي بما يتيح للمواطنين المساواة في الحقوق والواجبات وإصلاح ما تم تشويهه بإسم الدين.
الدولة الدينية أدت إلى تاجيج الصراعات والنزاعات من خلال إستغلال الدين في السلطة السياسية، حيث ميزت بين الشعوب بحسب الإنتماءات وفقا للآيديولوجيا (الإسلامو – عروبية) التي تتحكم في حياة الناس (الإجتماعية، الإقتصادية، السياسية، الثقافية، الدينية، .. إلخ).
إنطلاقا من هذا الواقع المليء بالصراعات والإنقسامات، فإن الدولة تحتاج لبناء نظام علماني ديمقراطي تعددي عبر مشروع وطني يتناسب مع تنوع المجتمع السوداني، (التنوع العرقي، الثقافي، الديني، ..إلخ) ومن خلال عقد إجتماعي يوحد جميع المواطنين السودانيين وفقا للدستور الذي يساوي بين الشعوب بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين أو اللون أو الثقافة.
إن إدعاء الدولة تطبيق الديمقراطية هو محض إفتراء فقط. فهي تقوم علي الولاءات والمحسوبيات والقمع والسيطرة الأمنية التي تصادر أي حق في المساواة. وهذا ما أدى إلى قيام حركات ثورية سياسية وفكرية تنويرية إنتقدت الواقع ودعت إلى قبول التعددية والإختلاف، والسعي إلى قيام دولة علمانية راسخة ومتطورة تلعب دورا كبيرا في التوعية والدفاع عن مصالح الفئات المهمشة والمحرومة من الحقوق.
# لماذا نحن النساء نطالب بالعلمانية في السودان؟
تتيح العلمانية قيام دولة مؤسسات وقانون ومواطنة حقيقية، وتضمن صدور قوانين وتشريعات تحقق المساواة بين الجنسين. وبالطبع لابد أن ننوه إلى إن الدولة العلمانية التي تحقق التحرر والمساواة بين النساء والرجال مرهونة بنضال النساء وكذلك النظرة النقدية المستمرة التي تبحث في مسببات إنعدام المساواة على كافة المستويات.
إن إحراز التقدم الحقيقي في حقوق المرأة مرهون أيضا بالتغيير والإصلاح الديمقراطي الحقيقي الذي يتيح مساحة واسعة من الحريات والحقوق الأساسية لجميع المواطنين دون تمييز، وتأسيس بيئة مناسبة من الحريات لتحصل المرأة على حقوقها مع التركيز على تقوية المرأة وتعزيز دورها في المجال العام والمشاركة في الشؤون السياسية. فبالرغم من التقدم الذي أحرزته المرأة السودانية في مجالات متعددة مثل: (التعليم، فرص العمل، …إلخ) إلا إن القوانين التي تحرر النساء لا زالت تشهد مقاومة شديدة تقف أمام التغيير في هذا الإتجاه لأنها لا زالت ترتكز على الشريعة الإسلامية، ولا تتماشى مع حقوق المواطنة المتساوية.
لذلك ندعو لسن قوانين علمانية تعزز المساواة بين الرجل والمرأة، وتجنبنا الصراع عى المرجعيات الدينية التي تنتقص من حقوق النساء بإسم المقدس.
لقد لجأت جميع الأنظمة التي تعاقبت على حكم السودان إلى إرضاء التيارات الدينية الموالية لها، ورفضت أي تعديل جوهري في القوانين التي يمكن أن تحمي حقوق النساء وتحقق العدالة والمساواة الكاملة بين الجنسين على المستوى الدستوري والقانوني وفقا لمرجعيات المواثيق والإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
نواصل ..
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.