حول الاعلان السياسي
امجد فريد
الاعلان السياسي الذي تم التوقيع عليه بالامس في قاعة الصداقة بغرض توحيد قوى الحرية والتغيير ليس شيئاً سيئاً على الاطلاق، ولكنه لا يحقق وحدة قوى الحرية والتغيير ولا يحقق هدف وحدة قوى الثورة وبالتأكيد فانه لا يخلق الكتلة الانتقالية التي تحدث عن ضرورتها رئيس الوزراء في مبادرته. هذا الاعلان والتوقيع ضم قوى المجلس المركزي للحرية والتغيير بالاضافة الي بعض اطراف الجبهة الثورية وهي كلها قوى متفقة مع اتجاهاتها السياسية ولها تنسيق عالي مع بعضها البعض بالاضافة الي بعض التنظيمات الاسمية والشكلانية والتي جاء توقيعها من قبل تكبير الكوم بحسب القاعدة التي اصبحت السائدة في الواقع السياسي الحالي بان (الكترة في الجرجير). وفي المقابل جاء بيان مضاد من قوى اصيلة في تموين الحرية والتغيير (الاصل) وصدرت بيانها باسم قوى الحرية والتغيير وضمت حركة/جيش تحرير السودان وحزب البعث السوداني والحزب الاتحادي الموحد والحزب الوحدوي الناصري وكيانات اخرى مثل تمازج تحت نفس شعار (الكترة في الجرجير) لتعلن رفضها لهذا التوقيع، وضمت هذه التوقيعات على البيان المضاد قوى ادعت تمثيل حزب الامة ومبادرة المجتمع المدني وحركة الشعبية قطاع الشمال والحزب الاتحادي الجبهة الثورية وغيرها من الاجسام الموقعة على الاعلان الاول لتفضح حالة الاستقطاب الحاد والانقسام والتشظي وسط النادي السياسي الوطني السوداني، ومنهج التجميع العبثي للاسماء والكيانات دون اتفاقات او تحالفات حقيقية. فيما اكتفت تنظيمات سياسية مثل حركة العدل والمساواة والحزب الشيوعي وغيرهم بالانزواء عن الساحة معترضين على كل الطرفين. وقدم تجمع القوى المدنية اجمل فاصل كوميدي بتوقيعه على الاعلان السياسي ثم اصداره لبيان يفصح فيه عن اعتراضه على المنهج والطريقة التي تم بها صياغة ما تم الاتفاق عليه… في مشهد يليق بمسرح العبث السياسي الذي نعيشه في السودان.
ما حدث اليوم في قاعة الصداقة هو مجرد تجميع للمجتمعين وما تم من اعتراض عليه لا يعدو سوى تأكيد مكرر على مواقف مسبقة، بما يجعل حالة الدهشة هي الغالبة حول ما الذي كان يتم التفاوض حوله في الشهرين الماضيين. ولكن اخطر مافي الموضوع ان توقيع قاعة صدق تم بحضور ومباركة السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الوزراء وبعض اعضاء طاقم مجلس وزراءه (والذي تكون بشكل تحاصصي ليمثل كافة طيف الوسط السياسي)وهو امر من الخطورة بمكان كونه يجعل السلطة التنفيذية لها انحياز واضح وذات موقف غير محايد في خضم صراع سياسي بين قوى يفترض انها تمثلها كلها.
ما حدث اليوم ينبغي ان تتبعه مؤسسات الدولة التنفيذية باعتبارها اقحمت نفسها في التناقض السياسي المباشر بوضوح لتجميع ما هو ناقص من من مجموعات وتجميعها في التحالف السياسي الذي انشأته… حتى لا يتحول الي محض اتحاد اشتراكي جديد ومجرد تحالف او تنظيم سياسي للسلطة… اما لو التفت لدورها في الضغط على النادي السياسي لاكمال اجهزة السلطة بتكوين المجلس التشريعي الذي يضم الجميع فهنا يستحق ان نقول لها شكرا على واجب.