حوار مع محافظ مقاطعة (دلامي) بالمناطق المحررة – إقليم جبال النوبة.
أجرى الحوار – منير بلل – splmn.net
مقاطعة (دلامي – “كالقي”) هي واحدة من أكبر مقاطعات إقليم جبال النوبة التي تقع في مناطق سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال. وهي مقاطعة حدودية بها عدد (6) بيامات “وحدات إدارية” : (1/ بيام “كالقي” دلامي 2/ بيام تنقلي 3/ بيام عبري 4/ بيام كولندر “سبات” 5/ بيام نيوكُر 6/ بيام كدنقي “أم حيطان”).
وبها عدد (15) مدرسة أساس حكومية و(6) مدرسة خاصة أساس، ومدرسة ثانوية واحدة بثلاثة أنهر وبها مساحات زراعية واسعة.
فريق عمل الموقع الرسمي للحركة الشعبية – شمال splmn.net – إنتقل إلى مدينة (تنقلي) عاصمة المقاطعة للتعرف على مجمل الأوضاع في المقاطعة.
إلتقينا بالأستاذ/ عبد الله آدم الزبير – محافظ مقاطعة دلامي، حيث أفرد لنا مساحة للحوار لا تنقصها الصراحة.
الأستاذ – عبد الله آدم الزبير محافظ مقاطعة (كالقي) – دلامي
أهلا ومرحبا بكم في الموقع الرسمي للحركة الشعبيية لتحرير السودان – شمال
أولا نقدم لكم التهنئة بتجديد الثقة لقيادة المقاطعة لفترة ثانية.
المقاطعة زراعية بالدرجة الأولي لذا دعنا نبدأ بالموسم الزراعي كيف يسير حتي هذه اللحظة ؟ وكم تبلغ المساحات المزروعة ؟
شكراً للسؤال، نحن في المقاطعة لدينا رؤية وهي المرشدة لنا وهي دليلنا الذي نسترشد به. ورؤيتنا هي إننا نحلم بمقاطعة آمنة ومتطورة ومنتجة ومكتفية ذاتيا ومحافظة على البيئة وعاداتها وتراثها المادي والمعنوي في حلول عام 2027.
كما أن لدينا أسئلة مفتاحية نطرحها لأنفسنا دائما وهي: (من نحن؟ أين نحن؟ وماذا نريد؟ وكيف نحقق ما نريد من خلال الخطط والبرامج، وماذا يعترض طريقنا، وكيف نعرف إننا في الطريق الصحيح. وهو ما يقودنا للتقييم والمتابعة.
بالنسبة للزراعة فعلا مقاطعة (دلامي) مقاطعة زراعية ولدينا أراضي زراعية شاسعة و تنقسم فيها الزراعة إلى نوعين:
- زراعة الأراضي الطينية، ويعتمد عليها السكان بنسبة تصل إلى 90%.
- وهنالك زراعات في المناطق الرملية.
في الموسم الماضي المساحة المزروعة كانت واسعة جدا وصلت إلى حوالي (586) مخمس زراعي للمنطقة الواحدة – حوالي (1,025) فدان.
وفي شمال المقاطعة مناطق واسعة تمتد إلى (هبيلا وفيو). لكن في هذا الموسم تقلصت المساحات المزروعة بنسبة كبيرة نسبة للأوضاع الأمنية في السودان لصعوبة وصول مدخلات الإنتاج من الوقود وقطع غيار الآليات الزراعية وغيرها.
غالبا في موسم الخريف تحدث إحتكاكات بين الرعاة والمزارعين وهذا يقودنا للسؤال عن الأوضاع الأمنية بالمقاطعة؟
فعلاً هنالك إحتكاكات بين المزارعين والرعاة ولكننا نفذنا عدد من ورش العمل للتعايش بين المكونات الإجتماعية المختلفة في المقاطعة بحضور خبراء، تم في الورشة تحديد : ( مصادر المياه، أماكن المخارف، الأماكن الزراعية …إلخ). لتجنب الإحتكاكات بين المزارعين والرعاة، ووصلنا لإتفاق حول موسم الطليق للمزارعين متي يحصدوا لإتاحة الفرصة للرعاة، وهنالك جسم مكون لحسم الخروقات والتفلتات التي تحدث.
الإقليم شهد دخول أعداد كبيرة من الفارين من أحداث الحرب التي يشهدها السودان، والمقاطعة بها عدد كبير من هؤلاء العائدين. حدثنا عن أوضاعهم؟ هل لديهم معسكرات إيواء؟ كم يبلغ تعدادهم؟
شكراً للسؤال، في الحقيقة بعد النزاع المسلح الذي حدث في السودان بين القوات المسلحة والدعم السريع حدث نزوح داخلي كبير إلى المناطق تحت سيطرة الحركة الشعبية – شمال حددنا معبرين لإستقبال النازحين الفارين إلينا من المدن المختلفة لتوفير بعض الخدمات الصحية والغذائية ويتم ترحيلهم إلى المقاطعات الأخرى، وجزء منهم بقوا هنا وذابوا في المجتمع، ومع تمدد الصراع إلى الولايات الطرفية في السودان، حدثت موجة نزوح جديدة من المناطق المتاخمة والحدودية وصل عدد الفارين إلى المقاطعة ( 2،027) أسرة. آويناهم في مركزين للإيواء: (مركز دري – ومركز يونس أبوصدر) . ونحن كمقاطعة وشعب المنطقة إستطعنا أن نوفر لهم بعض المعونات : مثل (الأغذية، الأدوية، المشمعات). ونحن في المتابعة مع الإقليم لتقديم العون اللازم.
هل هناك قبول من المجتمع المحلي لهؤلاء العائدين؟.
شعب جبال النوبة شعب مسالم يقدر الوضع الذي يمر به الشعب السوداني، وقد فتحوا أبوابهم وآووا بقدر ما يستطيعوا من النازحين وقدموا العون اللازم للفارين. وهنالك زيارات مستمرة من فئات المجتمع (المرأة، الإدرات الأهلية، والشباب) ولا يمكن أن لا نقبل جماهير شعبنا من السودانيين.
ماذا قدمت منظمات المجتمع المدني العاملة بالإقليم لهم ؟.
نشكر المنظمات لجهدهم، قمنا برفع تقارير لهم وهم يقومون بأدوارهم كما وعدوا ولكن حتي هذه اللحظة لم يصلنا أي شي من المنظمات، ومن هنا نناشدهم بالإسراع في ذلك لأن أوضاع النازحين صعبة وتزداد صعوبة كل يوم بسبب الخريف.
الإقليم يشهد ندرة وغلاء طاحن في أسعار المواد الغذائية والمحروقات. ماهو موقف مقاطعة (دلامي) من ناحية الأمن الغذائي؟ وهل من خطة لمواجهة ذلك؟
فعلا يمر الإقليم بندرة في الأمن الغذائي وهنالك شح واضح في المواد الغذائية الأساسية والمحروقات، وتعاني المقاطعة كغيرها من باقي المقاطعات بالإقليم من الندرة والشح. زد إلى ذلك دخول أعداد كبيرة من الفارين إلى الإقليم، بالإضافة لتأخر الموسم الزراعي بسبب إنعدام المحروقات كما أسلفت، ونحن نسعى بكل الطرق لكي نوفر المواد الغذائية للمواطن.
ماذا عن الموقف الصحي بالمقاطعة، وهل هناك أي وبائيات ؟
يزداد الوضع الصحي صعوبة في الخريف، ضف إلى ذلك زيادة التعداد السكاني بسبب الفارين من مناطق الحرب
تنتشر الأمراض الموسمية كالإتهابات لأن معظمهم يفترشون الأرض في العراء، بالإضافة إلى وجود الإسهالات والملاريات وهذا يحتاج إلى التدخل العاجل لإحتواء الموقف. وقد تم تكليف موظفينا لمناقشة الأمر مع حكومة الإقليم لأننا في المقاطعة توسعنا إلى مناطق كثيرة من ناحية التعداد السكاني لإحتواء وإعادة توطين الفارين. والوضع الصحي صعب ويحتاج لتدخل الجهات المعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ماهي أهم ملامح خطتكم لتنمية وتطوير المقاطعة ؟.
عندما إستلمنا مهام إدارة المقاطعة، أتينا ومعنا خطة معدة ومرتبة بعناية حسب الأولويات فأخذ التعليم الإهتمام الأكبر وقمنا ببعض الإصلاحات لتحسين البيئة المدرسية وقمنا ببعض الورش لتأهيل المعلمين وإستئناف الأنشطة المدرسية على مستوى المقاطعة ـ أما في مجال الزراعة، ولأن المقاطعة مقاطعة زراعية عملنا علي تطوير النشاط الزراعي ووضعنا خطط لتنويع المحاصيل وقد إستقرت المقاطعة وأصبحت مكتفية ذاتياً، وقد قدمنا تسهيلات للمزارعين لتوفير آليات زراعية.
أما في مجال (الصحة) عملنا على تأهيل مستشفى جبال النوبة المرجعي ” توجر”، وهو في طريقه إلى أن يكون ثالث مستشفى من حيث الحجم والتجهيز، وهو الآن جاهز. وهنالك غرف للعمليات. فقط تبقى تركيب الأجهزة.
وقد عملنا على تأهيل “الدايات” – ورفعنا شعار (وحدة صحية لكل قرية).
أما فيما يتعلق بالمجال التنموي في المقاطعة، فلقد أقمنا عدة ورش عمل للغرف التجارية وهنالك لجنة للتخطيط الإستراتيجي يرأسها خبير إقتصادي وهو يساعدنا بالموجهات والمشورة، كما غيرنا في مكاتب المقاطعة فأنشأنا مكاتب إضافية للمالية والتعليم، وشيدنا قاعة للإجتماعات لأنشطة المقاطعة.
فيما يتعلق بإصحاح البيئة عملنا على الحد من ظاهرة القطع الجائر للأشجار، وقمنا بزراعة الغابات والأشجار المثمرة، وشجعنا طلاب المدارس لزراعة شجرة لكل طالب حتى نحافظ على البيئة. ولقد أصدرنا حزمة قوانين لمنع القطع الجائر للأشجار، وهنالك قوانين سنت لحماية البيئة.
في مجال الثقافة والتراث هنالك عمل جاري لتطوير التراث الثقافي والمحافظة عليه وهو يسير ببطء نوعا ما ولكننا مستمرين.
شهد الموقع الرسمي للحركة الشعبية مراسم تقلدكم إدارة المقاطعة في الفترة الأولي وكانت أولى قراراتكم برنامج العودة إلى الجزور وتطوير اللغات وتشجيع الصناعات المحلية، حدثنا عن هذا البرنامج ومدى نجاحه؟
شكرا هذا سؤال مهم، فيما يتعلق بمسألة العودة إلى الجذور ولأهميته القصوى وأهمية اللغة كأحدى المحددات الثقافية لأي مجتمع، فلقد إتخذنا عدة قرارات في هذا الصدد أهمها إدخال منهج اللغة المحلية في المدارس، ولقد عملنا على إعادة المسميات بالمناطق المحررة إلى المسميات الأصلية. وعملنا على تشجيع المجتمع للإهتمام بالمنتوجات الثقافية وتحفيز المجتمع على تسمية الأطفال بالأسماء الأصلية. وهنالك ترتيب جاري لعقد (مؤتمر العودة إلى الجذور) – نتوقع أن يرى النور قريباً.
رسالة للفارين من حرب الخرطوم وللمجتمع المحلي؟.
رسالتنا للفارين من جحيم الحرب في الخرطوم هي: أن يصبروا لأنهم في أيادي آمنة، لن يصيبهم مكروه، وعليهم بالإندماج في المجتمع ليعملوا معه لبدء صفحة جديدة. ورب ضارة نافعة، فوصول هؤلاء الفارين قد يجلب إلينا بعض الخبرات والكوادر، ويساهموا في تنمية المنطقة. أما رسالتي للمجتمع المحلي.
فهي : ضرورة إستقبال هؤلاء الفارين ومعاملتهم معاملة جيدة، عليكم بإستقبالهم خير إستقبال. وعليكم تحملهم ومساعدتهم للإندماج في المجتمع، لأن في هذا التنوع فائدة لنا.
ورسالتي لحكومة الإقليم هي: إن الغابات المطيرة في جبال النوبة قد تكون هي الغابات الوحيدة التي تبقت في السودان، وأتمنى أن تقوم الحكومة بسن قوانين ناجزة تمنع منعاً باتا قطع الأشجار والحد من الحرائق للإستخدامات الآنية كالفحم وغيرها، لأن ذلك يؤدي إلى ظاهرة نقص هطول الأمطار وتأخر فصل الخريف وسرعة جريان مياه الخريف.
ورسالة أخيرة للمجتمع الدولي والمنظمات الوطنية بخصوص الفارين؟.
رسالتي للمنظمات المحلية:
أن يسرعوا في إجراء المسوحات، وتقديم يد العون للفارين لأنهم يعانون أوضاعا مأساوية من كل النواحي.
أما للمنظمات الدولية : فأناشدها من هنا للمساعدة العاجلة لإيواء النازحين لأن المناطق المحررة هي الوحيدة الآمنة حاليا في السودان. وعليكم القيام بالتدابير اللازمة في هذا الشأن بالتنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة وإعادة التعميىر والتنمية (SRRA)
كلمة أخيرة:
أشكر الغرفة الإعلامية والموقع الإليكتروني للحركة الشعبية لتكبدهم المشاق والوصول إلينا. لقد شرفتمونا بذلك وأضفتوا إلينا الكثير لأننا بعيدين عن الإعلام، نرجو أن تستمروا في سعيكم لتقديم مواد إعلامية حية، والمساهمة في عكس الصورة الحقيقية للمواطنين في المناطق المحررة.