حوار مع سكرتير الصحة بالسلطة المدنية للسودان الجديد – دكتور أحمد زكريا
حوار : عامر توتو : Splmn.net
- صمدنا 11 عاما في وجه الطغاة وسنصمد مائة عام أخرى
- عدد الأطباء والكوادر الصحية في مناطق جبال النوبة محدود وفي الفونج الجديد لايوجد ولا طبيب
النظام البائد إستهدف المرافق الحيوية مثل المراكز الصحية والمستشفيات، المدارس، والمساجد، وإستخدم الغذاء والعلاج كسلاح طوال 11 عام، كما تم منع وصول الأمصال لتطعيم الأطفال بالنيل الأزرق من السل الرؤي، فيما يتعلَّق بالأمصال هناك نقص حاد في أمصال الثعابين، وقال زكريا في حوار له مع الموقع الإلكترونى للحركة الشعبية شمال انهم يعملون في ظروف صحية بالغة الصعوبة لكنهم صمدوا 11 عاما، وأشار إلى انهم مستعدِّين للصمود لمائة عام أخري قادمة، وقطع بعدم وجود منظَّمات داعمة لهم فى مجال الصحة. و أوضح ان معظم الدعم يأتي من المجتمعات المحلية والحكومة المدنية في الإقليمين، وذكر زكريا أن وكالات الأمم المتحدة ومنظَّماتها العالمية تجاهلت آلام وأوجاع إنسان المنطقتين خلال 11 عاما، غير أنه عاد وقال ان بعض المنظمات تدعهم ببعض الأمصال لكنها غير كافية، وكذلك هناك مشاكل في سلسلة التبريد للأمصال والأدوية وأشار دكتور أحمد زكريا إلى تحسُّن الأوضاع في جبال النوبة مُقارنة بالفونج الجديد بحسب مؤشِّرات المسح الذي تم تنفيذه مؤخَّراً. و إتَّهم زكريا بعض المُنظَّمات الإنسانية بالتقصير، وقال ان منظمة اليونسيف (طلبت منا إستلام حصتنا من تطعيم شلل الأطفال فى الخرطوم) . وتساءل زكريا مستنكرا (كيف نذهب إلى الخرطوم ونحن لم نوقع معها إتفاق سياسي ؟!!)، وذكر ان تدخل منظمة الصحة العالمية في جائحة كورونا كان ضعيفا بالرغم من تعيينهم لأشخاص مُكلَّفين بذلك لكننا لم نرى منهم أي خدمات صحية. و رداً علي سؤال كيفية إدارتهم لأزمة كورونا قال سكرتير الصحة بالسلطة المدنية للسودان الجديد إنهم عقب ظهور الجائحة عقدوا إجتماعا موسعا وقرَّروا إتباع الخطوات والإجراءات الإحترازية التي تحدَّثت عنها منظمة الصحة العالمية لحماية المواطن في مناطق سيطرة الحركة الشعبية، و ذكر أن من بين القرارات التي إتخذوها كان قرار إغلاق الحدود ومنع الدخول والخروج، كما تم تنظيم ورشة عمل كبيرة شاركت فيها القطاعات المُختلفة من أصحاب المصلحة في مجال الصحة حيث تم توزيع المهام بين أصحاب المصلحة والحكومة و تم إصدار أمر طوارىء من حكام الاقليمين.
وحول الأوضاع الصحية بالمناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية – شمال قال ان الأوضاع الصحية بالبلاد عموما منهاره وتُخصِّص للصحة ميزانية ضعيفة مقارنة بالصرف علي الأمن والدفاع والدليل علي ذلك إضراب أطباء الإمتياز لعدم صرفهم لمرتباتهم لأكثر من عام، أما الأطباء والكوادر الصحية في مناطق سيطرة الحركة الشعبية فعددهم محدود وفي الفونج الجديد لا يوجد ولا طبيب، و المواطنون يعانون مُعاناة شديدة. و رداً علي سؤال التَّدريب قال زكريا لدينا مركز واحد للتدريب وهو معهد حكيمه للتمريض في كاودا وهذا المعهد يمكن ان يستوعب عددا من الطلاب.
أولاً: نرحب بك د. أحمد زكريا إسماعيل – سكرتير إدارة الصحة بالسُلطة المدنية للسُّودان الجديد – و نشكرك على إتاحتك لنا فرصة إجراء هذا الحوار – في البدء نرجو أن تعرِّفنا بماهية إدارة الصحة – وماهي مهامها في السلطة المدنية للسودان الجديد؟
بدءاً – أوجه الشكر للموقع الالكترونى للحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال، و نشكر كل القائمين على العمل الإعلامي لتسليط الضوء على المناطق المُحرَّرة، وأكرِّر شكرى لكم مرة أخرى لإتاحة هذه الفرصة لنلقي الضوء على الموقف الصحي في المناطق المُحرَّرة، فإدارة الصحة فى الفترة السابقة منذ بداية الحرب في 6 يونيو 2011 لم تكن هناك مستويات قومية بل كانت موجودة على المستويات الإقليمية، لكن عقب إنعقاد المؤتمر الإستثنائى للحركة الشعبية 2017 تم تشكيل الإدارة المدنية على المستوى القومي وهي تضم رئيس، وإثنين نواب، وسكرتير أول ومجموعة من سكرتيريات مُتخصِّصة بما فيها سكرتارية الصحة، الزراعة، التعليم، وباقى السكرتاريات المُتخصِّصة. واحدة من السكرتاريات القومية المُتخصِّصة هي سكرتارية الصحة التي إشغل منصب سكرتيرها ومُهمَّتنا هي تقديم الخدمات الصحية ما أمكن للمواطنين وضمان سلامة صحة الطفولة والأمومة وباقى الإجراءات الصحية المُتَّبعة في أرجاء العالم فهذه الإدارة تأسَّست بتكليف من رئيس السلطة المدنية لتأسيس السُلطة المدنية ومن ضمنمها السكرتاريات المُهمَّة كالصحة والتعليم و الزراعة، و مُهمتنا هي وضع السياسات للأقاليم وبحث طرق توفير المعونات لتقديم الخدمات الصحية للمواطنين في المناطق المُحرَّرة في المنطقتين إقليم جبال النوبة والفونج الجديد، هذه هى مهمَّتنا بإختصار.
شهد العالم منذ أكثر من عام جائحة كورونا، نريد أن نعرف الموقف الصِّحى والإجراءات الإحترازية التي إتخذتموها ضد هذه الجائحة في مناطق سيطرة الحركة الشعبية ؟
بعد ظهور أول حالة في الخرطوم – والقادمة من الإمارات – إجتمعنا و قرَّرنا وضع إجراءات إحترازية وإتَّبعنا الثمانية نقاط التي قرَّرتها منظمة الصحة العالمية لحماية المواطنين في مناطق سيطرة الحركة الشعبية لجهة الحد من خطر جائحة كورونا و بتاريخ 21/3/2020م نظمنا ورشة في كاودا دعينا لها كل أصحاب المصلحة في مجال الصحة (health stake holders)، أي المنظَّمات التي تعمل معنا في مجال الصحة ووزعنا المهام بين مشاركة الحكومة والـ stake holders، و بعدها تم إصدار أمر طوارئ من حكام الإقليمين و تم قفل المداخل سواء كانت حدودية – مثلاً في جبال النوبة هنالك مدخلين في (إيدا) و (كاو نجارو)، ومداخل الشمال المُتثِّملة في الأسواق وفي الفونج الجديد لدينا حدود مع جنوب السودان و إثيوبيا وحدود مع الشمال تم قفلها جميعاً بأمر طوارئ في 21/4/2020. تم تنفيذ الإجراءات الإحترازية وأوقفنا عملية الدخول والخروج من وإلى المناطق المُحرَّرة وهي واحدة من الأسباب التي ساعدت في عدم إنتقال الجائحة الى مناطق سيطرة الحركة، والعامل الثاني هو أن الثقافة و طبيعة السكن في المناطق المُحرَّرة فيها تباعد إجتماعي اصلاً social distancing حيث لا يوجد إحتكاك مُباشر بين السُكَّان حتى ولو أصيب أحد السكان يمكن السيطرة على الوضع بسهولة بالإضافة الى الدعم المادى والمعنوي الذي قدَّمه الكثير من رفاقنا في مكاتب الحركة الشعبية بالخارج برغم تأثُّرهم بجائحة كورونا إلا انهم إقتطعوا حتى من قوت أبناءهم لمساعدتنا في توفير الوقود وتحريك فرق التوعية الصحية بمخاطر كورونا، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر (رابطة جبال النوبة الخيرية / جمعية جبال النوبة في فنلندا / مكتب الحركة الشعبية بفنلندا الذين قدَّموا مُساهمات كبيرة / بلجيكا / أمريكا / دول الخليج / وكثير من دول العالم الأخرى). هؤلاء ساهموا معنا في توفير طرق للحراك وتوعية المواطنين لأن الإجراءات المُتَّبعة عندنا كانت إجراءات إحترازية ووقائية لوقف انتشار المرض، فهؤلاء كان لهم دور كبير جداً، و نحن في السلطة المدنية للسودان الجديد وخاصة إدارة الصحة – نشكرهم كثيراً على دعمهم السخى و المجهود الكبير الذي بذلوه رغم الظروف والتحدِّيات حتى في بريطانيا و إيرلندا في كل الدول ساهموا كثيراً للسيطرة على هذه الجائحة في مناطق سيطرة الحركة.
إقليمى جبال النوبة والفونج ذات خصوصية حتى في قضاياهما وخصائصهما وموقعهما الجغرافى، كيف وجدت كسكرتير الأوضاع الصحية؟ وما هو تقييمكم خلال هذه الفترة التي توليت فيها مقاليد إدارة الصحة بالسلطة المدنية للسودان الجديد؟
في البدء أود ان أقول إن الصحة تحتاج لأموال، وسكرتارية الصحة هي مؤسَّسة خدمية اذا لم يتم توفَّير ميزانية لإدارتها ستعانى كثيراً، بالنسبة لخصوصية الإقليمين الفونج وجبال النوبة الوضع صعب، كما تعلمون في خلال 11 سنة من الحرب كان يتَّخِذ النظام البائد الغذاء والدواء كأسلحة حربwar weapons ، بقطع الإمدادات الصِّحية وترك الناس يموتون بأبسط الأمراض مثل الملاريا مثلاً، هم يستخدمون ذلك كسلاح لمحاربتنا نحن المناضلين في المناطق المُحرَّرة في المنطقتين الفونج و جبال النوبة. توجد صعوبات كبيرة مُتمثِّلة في قلة الامكانيات وهذا يحتاج لإمكانيات كبيرة – مثلاً لقد تجوَّلت في جبال النوبة والفونج الجديد وحضرت مؤخراً من الفونج الجديد، و قد تحدَّثت من قبل مع ديفيد بيزلى (David Beasley) و ممثلى منظمات الأمم المتحدة كاليونيسف ومنظمة الصحة العالمية فكان واجبهم هو حماية حياة الناس to save the life of people، كما قال السير/ لويس باستير “I will not ask you about your religion or your race but I will ask you about your complain ، أنا لن أسألك عن دينك، أو عرقك، لكنني كطبيب أسألك عن شكواك و عن ما تعاني منه. ولكن واضح إنهم يتجاهلون آلامنا و يهملوننا حتى وكالات الامم المتحدة، خلال إحدى عشر عاماً أهملوا منطقتين فى السودان، و سنتحدث عن ذلك بالتفصيل حينما نأتي للحديث عن الأمراض المدارية المُهملة (neglected tropical diseases)، يتحدَّث الناس عن الأمراض المُهملة و لكننى أتساءل ماذا عن الناس المهملين neglected people، لقد تم إهمال المنطقتين جبال النوبة والفونج الجديد لما يقارب الـ 11 سنة، الحكومة من جانب تتخذ الدواء و الغذاء كأسلحة ومن جانب آخر وكالات الأمم المتحدة لا تتدخل لحماية هؤلاء الناس المهملين!
هل لديكم برنامج لتطعيم الأطفال ضد أمراض الطفولة كشلل الأطفال و الحصبة و ما إلى ذلك؟
المنظمات الصديقة تحاول توفير بعض الأمصال ولكنها غير كافية توجد مشاكل فى سلسلة التبريد. في جبال النوبة الوضع أفضل من الفونج الجديد حسب المسح الأخير، مثلاً كانت هنالك حملة للتطعيم ضد شلل الأطفال في السودان في خطة الحكومة السودانية لإعلان السودان خالى من شلل الأطفال و نحن كمنطقتين محسوبين على شمال السودان، وبعض قادة اليونيسيف تحدثوا حديثاً غير مسؤول ومن هنا أرسل لهم هذه الرسالة، عندما بدأت حملة تطعيم شلل الأطفال في شمال السودان كان يفترض ان يرسلوا نسبة المنطقتين لأن اليونيسيف منظمة تابعة للأمم المتحدة، وقالت لنا منظمة اليونيسيف أن حصتكم من الأمصال موجودة في الخرطوم ان أردتم فلتأتوا ولتأخذوها، و هذا كلام غير مقبول وغير مسؤول فكيف نذهب إلى الخرطوم ونأخذ الأمصال من هناك ونحن لم نصل إلى إتفاق سياسي مع الحكومة ؟ و كيف لنا الذهاب و أخذ هذه الأمصال في حين انه بإمكان اليونيسيف توصيلها عبر الحدود عن طريق جوبا أو أي من المناطق الحدودية للمناطق المحررة و هى لديها مكاتب في كل الدول المجاورة. و كذلك منظمة الصحة العالمية WHO، تدخُّلها كان سيئء جداً أثناء جائحة كورونا وقد عينوا أثيوبي يُدعى (بيتيجن) مسؤولاً عن المنطقتين في ال WHO، و آخر يدعى (تشافان) وهو هندى الجنسية و لكن حتى هذه اللحظة لم نر أي شيء يذكر منذ تعيينهما خلال زيارة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك و دافيد بيزلي ليابوس لم نشهد لهما أى تدخُّل، و لكن مسألة الإنهيار الصحي هذه ليست محصورة فقط في المناطق تحت سيطرة الحركة الشعبية و لكنها مشكلة عالمية.
قياساً لما سردت لنا من صعوبات واجهتموها – هل لك ان تحدِّثنا عن الأوضاع الصحية فى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة الشعبية بالإقليمين من ناحية البنية التحتية والكادر الطبي؟ و هل لديكم ما يكفى من أطباء و كوادر طبية لتغطية حاجة المستشفيات والمرافق الصحية؟
اريد ان ابدأ بتصريحات سابقة لوزير الصحة السابق الدكتو أكرم علي التوم حيث قال : اننا ورثنا نظامًا صحيًا منهاراً في السودان حيث لا توجد ميزانيات للصحة، وتُخصَّص للصحة والتعليم ميزانية ضعيفة مقارنة بالأمن والدفاع والأجهزة الأمنية. هذا على مستوى السودان فما بالك في المناطق المُحرَّرة حيث لا تتوفَّر الإمكانيات كما هي في الدولة الصحة منهارة على مستوى السودان بدليل انه حتى لحظة هذا الحوار أطباء الإمتياز لم يصرفوا مرتباتهم لأكثر من 18 شهراً، وقد إنسحبوا من المستشفيات، وهنالك نواب الإخصائيين في السودان قد دخلوا في إضرابات لعدم صرف إستحقاقاتهم المالية بسبب الظروف حيث أن الطبيب في السودان يدفع من جيبه للتدريب و في النهاية يتم إستغلاله في الخدمة دون مقابل.
أما من ناحية الإمدادات الدوائية فحدِّث ولا حرج. أنا مُشارك في مجمعات كبيرة للأطباء و تعانى الإمدادات الدوائية في السودان من شح كبير وتجد من يبحثون بروشتاتهم لأيام عن دواء غير متوفر. هذه واحدة من المشاكل. أما بالنسبة للأطباء و الكادر الصحى في المناطق المحررة فعددهم محدود، ففى إقليم جبال النوبة يوجد عدد من الأطباء لكن لا يوجد ولا طبيب واحد فى الفونج والمواطنين هنالك يعانون بشكل كبير جداً – فعلى سبيل المثال يمكن ان يموت شخص جراء التهاب الزائدة الدودية appendicitis نسبة لعدم توفر طبيب لإجراء العملية الجراحية ولكن هنالك عدد كبير من الشباب لديهم القابلية والجاهزية للتدريب والتأهيل لتغطية هذه الفجوة متى ما توفَّر الدعم اللازم لذلك تم إختيارهم من هذه المناطق لتدريبهم وتأهيلهم للعمل في المجال الصِّحي.
هل لديكم معاهد لتدريب الكادر فى المجال الصحي؟
لدينا معهد واحد فقط وهو معهد حكيمة للتمريض في كاودا ويمكن ان يستوعب عدد من الطلاب و لكن المشكلة في توفر المعلمين الأكفاء.
ماحجم المعونات والدعم الذي تتلقُّونه من المُنظمات الدولية أو الإقليمية العاملة في مجال الصحة إن وجدت؟
لا توجد منظمات داعمة في مجال الصحة كما ذكرت من قبل فهؤلاء أناس مُهملين منذ الحرب الأولى عندما تم حرمانهم من عملية شريان الحياة، ولا يوجد أي دعم لهم ومعظم الدعم الذي نتلقَّاه ذاتى و محلى من المجتمعات المحلية والحكومة فى الأقاليم المُحرَّرة، ومؤخَّراً أثرت جائحة كورونا إقتصادياً حتى على المانحين و الداعمين فإنكفأت معظم المنظمات العالمية إلى العمل في حدود دولها واصبحت هذه واحدة من الصعوبات التي تواجهنا فى أن المنح في مجال الصحة محدودة جداً و تحتاج لذوى العلاقات القوية بالقضية لتقديم المساعدة.
هل لك ان تطلعنا على الإنجازات التي حقَّقتموها حتى الآن في سكرتارية الصحة قياساً بحجم التطلُّعات والآمال؟
شخصياً كسكرتير لإدارة الصحة فأن طموحي أكبر من ما أنجزناه حتى الآن وهو نقطة فى محيط لأن العمل الصحي يحتاج لتضافر الجهود، فالصحة تحتاج لحماية الكادر الصحى وهذا يتم بواسطة الأجهزة الأمنية مُحتاج لتوفير الدعم، يحتاج الناس للمال، و تحتاج للكادر المُدَّرب وهذه تكلفتها عالية إذا كان التَّدريب داخلياً أو خارجياً، إذا أرسلنا كوادر او طلاب للتدريب كأطباء نحتاج لستة سنوات و سنة سابعة للإمتياز و لكي يصبح إختصاصي يحتاج الى ثلاثة أو اربعة سنوات، فمسألة الانجازات مرتبطة ارتباط وثيق بالإمكانيات و فى غيابها صعب جداً انجاز ولو القليل في مجال الصحة و هذه واحدة من المشكلات الموجودة لدينا. لكن بامكانيتنا البسيطة نحن محافظين على النظام و على أصدقائنا المتضامنين مع شعبنا و الذين يقدمون له الدعم و رغم قلته يتم إستخدامه لسد الفجوات.
تحدثت عِدَّة تقارير عن خسائر في المُمتلكات العامة بالمناطق المُحرَّرة جراء القصف الجوى المتكرر أثناء الحرب مع النظام البائد، إلى أي مدى طال التدمير المرافق الصحية؟
كما ذكرت النظام البائد إستخدم الغذاء و الدواء كسلاح فى الحرب بحيث يمنع وصول الدواء والغذاء للمتضررين، وفي نفس الوقت إستهدف المرافق الصحية بطلعاته الجوية و أذكر على سبيل المثال : (مستشفى أم الرحمة بقديل تم قصفها مرتين بالانتنوف و قد كنت أعمل طبيباً في المستشفى، كذلك مستشفى لويرى ونجوكور بمقاطعة دلامى، وعندما اتيت 2016 الى مستشفى الجغيبة و مستشفى أطباء بلا حدود الفرنسية الـ MSF في فرندلا وجدت أنه قد تم استهدافها بشكل مُباشر) وعدد آخر من المستشفيات والمرافق الصحية في المنطقة الغربية والمناطق الأخرى، فقد كانوا يستهدفون المستشفيات – و هذه أمثلة بسيطة للمستشفيات بإعتبارها المستشفيات الرئيسية.
حدثنا عن وضعية الأمصال الخاصة بالثعابين والعقارب؟
المسألة ليست في الثعابين و العقارب و لكنها أكبر من ذلك بكثير لأنه يمكنك ان تتفادى العقارب و الثعابين، و لكن الأمصال الثانية و أولها برنامج التحصين الموسع بالنسبة للأطفال (the expanded Program on Immunization (EPI) ثم نأتى لمسألة الثعابين و العقارب بإعتبارها من الأمراض المدارية المهملة (Neglected Tropical Disease)، فبالنسبة لل(EPI) كما ذكرت فانها مسؤلية اليونسيف و منظمة الصحة العالمية لتوفير الأمصال و لكنهم لا يقومون بذلك بالصورة المطلوبة، ثانياً ذهبنا مؤخراً الى الفونج الجديد و وجدنا أنه خلال الـ 11 عام لم يتم تطعيم أى طفل فى النيل الأزرق ضد مرض السل الرئوى بسبب أن الثلاجات ومعدَّات التبريد غير متوفِّرة، أما الحيوانات والمواشى لا تتلقَّى التطعيم لذات الأسباب، فهذه هى إحدى المشاكل، أما بالنسبة للثعابين و العقارب فلا توجد أمصال مضادة لها على الاطلاق. نواجه أيضا مشكلة السعر عند الكلاب فكل ما نستطيع عمله هو قتل الكلاب لكسر سلسلة العائل الوسيط و قد قمنا بحملة قبل شهر، استناداً الى القوانين المجازة في مثل هذه الحالات، و لكن لا يوجد لدينا ولا مصل واحد للثعابين و العقارب، و هي حالات تظهر في فصل الخريف حيث يتعرَّض المزارعون للدغات العقارب و الثعابين، وقد قمنا بعمليات لعدد كبير من الحالات وبسببه فقد عدد من المواطنين أطرافهم نسبة لعدم توفر الأمصال.
لماذا لا يوجد تحديث من إدارة الصحة حول الأوضاع الصحية فى المناطق المحررة؟
مجال الصحة يتطلَّب عمل كبير ومجهود جبار، و هذا العمل يجب ان يتم بعيداً عن الإعلام، لا يحتاج للإعلام بل للعمل، دعونا نعمل بدل التركيز على الإعلام. لكن الوضع الصحي بصورة عامة يمكن تحديثه كل فترة، و حتى لا نخيف المواطنين نفضل التحفظ على المعلومات الصحية خصوصاً فيما يتعلَّق بالفجوات الصحية الجمة التي نعانى منها، فمثلاً اذا اخبرنا المواطن باننا لا نملك الدواء لعلاج الملاريا سيدخل المواطنين في صدمات نفسية أسوأ بما يمرون به من صدمات جرَّاء الحرب الدائرة، وبالتالى فى مجال الصحة لا نتسرع للظهور الإعلامى بل نركز على القيام بعملنا و عدم التسبُّب في هلع الناس.
الدكتور أحمد زكريا، فى كلمة اخيرة هل لديكم اي توصية او مناشدة للأصدقاء و المنظمات؟
ليست توصية بل أوجه اللوم لمنظمات اليونسيف ومنظمة الصحة العالمية WHO لانهم لا يقدمون شيئاً، حيث أنهم يعملون على الأمراض المهملة و لكنهم يتجاهلون البشر المهملون، فأنا مشكلتى هي الإنسان و ليس المرض، فالمرض يصيب الإنسان مما يحتم ضرورة رعاية الانسان لتفادي المرض، ففي .زيارتنا الأخيرة للفونج الجديد رافقتنا مجموعة من منظمة Accelerated Sustainable Control and Elimination of Neglected Tropical Disease -ASCENTD في الفونج و جبال النوبة – والسؤال هو : ماذا عن الناس المهملين، و لماذا نركز على الأمراض وليس على البشر أنفسهم ؟!
شكراً جزيلاً لك، مع خالص تمنياتنا لكم بالتوفيق!
شكراً جزيلاً لكم و للموقع الالكتروني للحركة الشعبية فانا سعيد جداً بهذه الإستضافة ونحن نعمل بجد وصعوبة برغم شح الإمكانيات، لقد صمدنا على مدار الـ11 سنة ويمكن أن نصمد لمئة سنة قادمة.
قدام والنضال مستمر