حميدتي في وطن الخطايا والعطايا…..!!!!
بقلم : عبد العزيز أبو عاقلة
اول الكلام : اِرْجعيني إلى حُضنِكِ الشَّعبيِّ
يا ساحةَ الاعتصام..
فقد نَكِرَتني المدينةُ، عرَّابُها، أغرابُها الأغبياءُ،
والصَّدى المتردِّدُ في الكلماتِ مِن ألفِ عام.
اِرْجعيني لدُمُوعِ الرِّجال..
والمطرِ المُتنزِّلِ بين صوتِ المنازلِ للشَّمسِ
جهراً،
وبين كِفاحِ الجَمَال. (أبوبكر الوسيلة )
# ما ظلّ يؤرق مضاجع السودانيين بعد تحررهم من نظام الإخوان الاستبدادي الفاسد وقطع قطار ثورتهم العظيمة وشعاراتها المجيدة هو تعيين المجرم حميدتي في ابريل ٢٠١٩من قبل (قحط ) في قمة الهرم للفترة الانتقالية وهم يشاهدون يوميا ذلك المجرم في أجهزة إعلامهم ،الذي تسلق حائط ثورتهم بغتة ومعه آخرين من سدنة النظام الاستبدادي وبتواطؤ من البعض ، وتركوا له بوصلة القارب بما فيه يوجهها حيث يشاء حسب مزاجه و يمارس الوصاية ويفتي في الأمن والخارجية والاقتصاد والتدبير المنزلي وتربية الماشية والاستيراد والتصدير والكورة والغناء والموسيقي والفن ومعاش الناس ويعلّم وزرائهم كيف يستقبلون المستثمرين في المطارات بل يوبخ أحد وزراء الثورة كتلميذ امام ناظر مدرسة ابتدائية في طابور صباحي ، ويأمر وينهي بلا خجل او ندم أو اعتذار عما جنته يده في حق المواطن في وقت سابق ولاحق .
# أسئلة حائرة موجعه حارقة كثيرة ظلت تدور في أذهان الوطنيين من السودانيين ولاسيما اهل الضحايا المدنيين من الذين استشهدوا في المدن والهامش و خاصة أمهات الشهداء (ما أقسي وجعاً للامهات وهن يرون أبنائهن يغيبون او يقتلون غدرا ) والجاني أصبح يطلُ عليهم يومياً عبر شاشتهم كبطل يوزع العطايا والخطايا حسب مزاجه ، يجول ويصول باسم ثورتهم وشعاراتها تدليساً وخداعاً ولسان حالهم منكسرُ يقول (من تسلمه سلاحك لا تلومه وهو يطلق عليك الرصاص ) كما أن بعض النخب السياسية منها التقليدية والثورية ترسل اليه رسائل الشكر والعرفان لحفظ البلاد والعباد من التلاشي ،ويضع بعضهم صوره (سليفي ) معه تبركاً بمسيرته الخالدة القافزة بالزانة السحرية السلطوية .اما بعض الرأسمالية الذين اجتمعوا سراً إبان إنتفاضة الجماهير فيضعون صورته في مكاتبهم كتعويذة جالبة للحظ ومانعة للحسد ومحافظة علي وجودهم و امتيازاتهم . اما الاقتصاديين فقد ركلوا كل ما آمنوا به من نظريات الرأسمالية والاشتراكية خاصة بعد ما شاهدوا خبير الاقتصاد والمنظمات الدولية د.حمدوك يقدمه كرئيس للجنة الاقتصادية في مؤتمر واستبدلوا نظرياتهم بمقولاته الموجزة السحرية والتي يمكن في المستقبل تحويلها إلي نظريات عالمية تدّرس في ارفي الجامعات وتنقذ الاقتصاد العالمي من الاستقطاب والانهيار. اما اهل القانون فهم الان يعكفون علي إلغاء كل القواعد القانونية المعروفة واستبدالها بمقولاته المشهورة (كل شئ بالغانون) اختصاراً للجهد و للزمن وتوفير الورق وتكاليف المحاكم. كما أنها تسهم في حسم الجدل الدائر بين ما هو دولة علمانية ودولة دينية . أما المافيا الايطالية فقادتها أصيبوا بالذهول : كيف ضيعوا كل هذه السنين من عمرهم تطاردهم استخبارات الدول بينما يُستقبل الأول رسميا علي ابواب السفارات ويدعم بالأموال . واما ضباط الجيش الاحرار فسيظلون يتحسرون علي التدريبات المرهقة وتخطي امتحان اللياقة البدنية وتعلم ضرب النار في جميع الأسلحة وكيفية تعطيل الدبابات في كلياتهم الحربية ومدي ما كانوا يقدمونه من تنازلات لإرضاء قادتهم ليحصلوا علي رتب اعلي . وربما فكر في الوطن بعض طحالب الفنانين في تأليف اغاني لذلك البطل الاستثنائي يكون مقطعها الأول : (حميدتي يا حميدتي لينا زمن نفتش ليك يا مفرح الايتام وبلسم الارامل..)
# الأسئلة حائرة و تأتي الاجابة من الأحرار السودانيين/ت الذين يرون الحق حقاً والباطل باطلاً ولا أمور متشابهات بينهما علي شاكلة: هل الثورة وصلت إلي محطاتها الأخيرة الفاجعة؟ لماذا لم يتم القبض علي الجناة وهم طلقاء الان ؟ أين هم وزراء الثورة المدنيين الذين ارتضوهم وأداروا لهم ظهورهم ؟؟ بل اين هي الدولة ؟؟؟ ومتى يستطيع القضاء السوداني محاكمة الجناة والقتلة من دون تدخل ووصاية مجلس القتل والسحل ؟؟؟؟ وهل أزمة البلد في التطبيع مع إسرائيل ام توفير العيش والوقود والدواء ؟ ومتي يتحول رئيس وزراء ثورتهم من مراقب ومحلل إلي رجل سلطة مصادم شجاع؟ ومتي تستطيع أجهزة شرطتهم ضمان أمن المتظاهرين في مسيرتهم السلمية ؟ متي تتوقف مليشيات ما يسمي بالدعم السريع عن تدخلها دون أن تبيح لنفسها إطلاق الرصاص عليهم و خطفهم واغتيالهم واعتقالهم في مكان وجهة غير معلومة . يتساءلون من يوقف وزارة الشعب (المالية ) من سداد التعويضات بالملايين من الدولارات إلي الذين نهبوا ثروات البلد والأجيال من الذهب ، ويعلمون حقاً من هم الذين ساهموا في تدميرها اقتصاديا . وهل هذا هو الوطن الذي يحلمون به ؟عزيزي القارئ هذه بعض الأسئلة وهي غيضٌ من فيض فهي كثيرة لا يتسع المكان لها هنا ولا مبالغة فيها فهي تدور الان همساً في المجالس وغداً القريب ستكون جهراً .وتتحول الي ثورة غضب جماهيري تلفظهم جميعاً فهل يتعظون من سيرة الأولين .
# استعادة إرادة الاوطان وبنائها علي أسس جديدة مهمة شاقة. تحتاج إلى بلورة إرادة وطنية جامعة. تحتاج إلى الرهان على أحصنة رابحة ليست من خشب تقاتل بسيوف ليست صدئة ؛ محاطة وآمنة سياجها دولة الدستور والقانون علي الواقع ؛ لا دولة الميليشيات المنفلتة . و تحتاج إلى من يؤمن بأن التعايش السلمي والمواطنة حقٌ للجميع لا بالتخويف والابتزاز والترويع والتجييش القبلي والعشائري.
# الذين يعرفون قسوة الماضي و وطأة الحاضر، ويخافون على مستقبل الوطن : يدركون جيداً أن تجربة انتفاضات سابقة ٦٤ و٨٥ تمت سرقتها ( باللصق والترقيع) وتم بناء بيادق شطرنج من شمع كانت قاتلة للوطن والمواطن وايضا لمن صنعها والنتيجة ديكتاتوريات متتالية عسكرية او مدنية موغلة في الاستبداد وخنق الحريات العامة والخاصة والإقصاء والكراهية والانقسام ، فالأوطان التي يراد بناؤها لا تبني بالخداع والمراوغة . بل تصان من خلال مشروع وطني قومي يتفق عليه الجميع يكون هو الدواء الوحيد لكل امراضها المزمنة تاريخيا وحاضرها او الطوفان . وواضح ان من في السلطة لا يعنيهم وجود مليشيات تسعي كل يوم جديد لتأخذ شرعية وتفويض أكبر لتقضي علي ما تبقي من مؤسسات الدولة وساعتها سيعلن لكم جهارا نهارا هذا الجنجويدي او غيره من مغامرِ سلطوي (انا او الطوفان )
& آخر الكلام : لابد ان يستعيد الوطن عذريته وطهارته ويتحرر من دنس وقبح هؤلاء الاوصياء الجدد.
عبدالعزيز ابوعاقلة
[email protected] أكتوبر ٢٠٢٠