حرية وإستقلالية الجامعة

قتيبة عثمان

 

لست متفاجئا على الاطلاق من اقالة(اضف الى ذلك انها غير مسببة!!) د. مجدي عزالدين حسن، عميد شؤون الطلاب بجامعة النيلين من قبل مدير الجامعة، المعين بقرار من وزيرة التعليم العالي، وبصرف النظر عن بنى القرابة التي تجمع بين مديري اكثر من جامعة بالوزيرة(شبكات مصالح تستقوي بالدم والنسب، على النمط الكيزاني، وان شئت ماقبل ذلك مع صعود الطبقة التجارية(الجلابة) في اواخر مملكة سنار، نماذج احمد العركي ودفع الله نهاز الفرص كما اسماه جاي اسبولدنق، تعيد انتاج نفسها) فأن ما يجعل هذا المدير او ذاك، يتخذ قرارا تعسفيا ودكتاتوريا هو غياب الديمقراطية كوضع مؤسسي، فالديمقراطية لا تبنى بالرغبات او الشعارات او الثقة في الشخوص ايا كانوا، هي أوضاع مؤسسية يقيمها ويمارسها ويحرسها الفاعلون والاعضاء في اصغر تجمع يلتقي فيه الناس، الديمقراطية تشيد بالفعل اليومي المتراكم والحثيث، من اصحاب المصلحة في التغيير الديمقراطي، وليست فردوسا موعودا قابعا في المستقبل، والا سوف تعيد البنى والهياكل القائمة اعادة انتاج نفسها مع كل صعود جديد لفئات إجتماعية تبحث عن الامتياز والجاه المحروس بجبروت السلطة.
الجامعة مؤسسة حرة مستقلة وديمقراطية ولا ينبغي لها الا ان تكون كذلك في كل شأن يخصها والا تحولت لمقبرة للحريات الاكاديمية واصبحت مستنقعا لتصفية الخلافات ورعاية المحسوبية، وموئلا للتعسف والتخبط، ولكن استقلال الجامعة وحريتها لا تبنى بقرارات من عل، وانما من الاسفل، تأخر الاساتذة الديمقراطيون او ما نحسبهم كذلك في الجامعات السودانية في بناء مؤسسات ديمقراطية حرة ترعى شؤون منتسبيها عقب سقوط النظام ولا عذر في ذلك، فتكون النتيجة المنطقية لكل هذا مزيدا من العسف و القرارات الجائرة كما حدث مع د. مجدي، ومصادرة الجامعة بالمجمل كمؤسسة مستقلة وديمقراطية.
التضامن والتصعيد مطلوب وواجب مع قضية د. مجدي، حتى يعود لمنصبه، فما قرر بدون تسبيب وجيه وبشكل تسلطي، يرفض بدون مناقشة اصلا، ولكن الاهم هو اتخاذ هذه القضية كمنصة اقلاع لاقامة مؤسسات تعليمية حرة وديمقراطية، بدون انتظار لقرارات سلطوية فوقية، فالتغيير يبدأ من الاسفل.
معركة اساتذة الجامعات ان هم ارادوا اقامة مؤسسات مستقلة تحفظ الحريات الاكاديمية وتصون حقوقهم، هي معركة الديمقراطية القاعدية، لا شرعية لاي قرارات تفرض من اي سلطة عليا، اللوائح والقوانين يضعها اعضاء المؤسسة (الجامعة) بطريقة ديمقراطية، شاغلوا المناصب الادارية بدءا من مدير الجامعة ورئيس مجلس الجامعة الى ادنى درجة ادارية ياتون بالانتخاب من قبل الاعضاء او اي كيفية ديمقراطية يحددوها، وصولا الى الغاء وزارة التعليم العالي نفسها بعدم الاعتراف بها كخطوة اخيرة بعد انجاز المهام المنزلية الاساسية، والاستعاضة بدلا عن الوزارة بمجلس للتعليم العالي مستقل وديمقراطي ينتخب انتخابا من قبل اساتذة الجامعات بالطريقة التي يرونها، هذه المهمة ملقاة على عاتق كل الاساتذة الراغبين في اقامة قلاع ديمقراطية حرة ومستقلة.
ـــــــــــ

ناشط مدني | قتيبة عثمان؛ ماجستير الفلسفة جامعه النيلين..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.