حرب السودان الأخيرة، وليست الآخرة -(القوات المسلحة والدعم السريع) – نموذجا.              

✍🏿 مقبول الأمين (كوكامي)

 

تحية للشعب السوداني لصموده في هذه الحرب التي فرضت عليه في الدولة التي عاشت سنين عمرها حروبا عبثية طويلة مما ساهم بشكل مباشر في تدني الإقتصاد وغياب التنمية، وإفرازات التخلف والتشرد والنزوح واللجوء غير المبرر، ولا يزال هذا الشعب السوداني المتآمر عليه والمغلبوب على أمره يكتوي بنيران هذه الحروب.

وجب الترحم للذين سقطوا كضحايا لهذه الحرب، والشفاء العاجل للجرحى. كل هذا نتاج لتخبط النخب الحاكمة في مركز السلطة في الخرطوم ومكاوشتهم على الإمتيازات التاريخية منذ خروج المُستعمر في العام (1956) ورفضهم لمخاطبة جذور الأزمة وإصرارهم على المحافظة على هذه الإمتيازات التي ورثوها بوضع اليد، حتى وإن كان ذلك عبر (البارود وسلاح الجو “الميج والأنتينوف والسوخوي”)، حتى لو كلفهم ذلك إنهيار الدولة بشكل كلي (علي وعلى أعدائي) – عجبا.

القراء الأماجد: نعود إليكم بعد مرور شهور من الكتابة وللإنشغال ببعض الأمور الخاصة. لقد جرت أحداث كثيرة في الشأن العام السوداني، لم نتطرق لها في حينها، وفي هذه السطور نود أن نسلط الضوء على (حرب العبث السلطوى) الدائر في الدولة السودانية بين القوات المسلحة والدعم السريع التى شكلت نقلة نوعية في طبيعة الصراع السوداني، والتى إندلعت داخل مركز السلطة في الخرطوم.

طيلة سنين الحرب التي دارت في الدولة السودانية كانت تصدر وتدار خارج العاصمة الخرطوم أي إنها كانت تدار في مناطق الهامش السوداني وحينذاك كانت تسوق وتوصف بالعنصرية وتمرد الهامش على المركز، ولكن الحرب الأخيرة التى قامت في المركز بين القوات المسلحة  نفسها – أي بين الجيش وإحدى فصائلها – أي بين أصحاب الآيديولوجية الواحدة المختلفة على ميزان إختلال الإمتيازات وتم تسويقها بتمرد الدعم السريع على الجيش، وهذا غير معقول وغير صحيح البتة.

القوات المسلحة السودانية: قوة نظامية عسكرية لديها قوانين وأسس تحكمها وتعمل عليها، لكن للأسف هذه القوات منذ تأسيسها كانت تخدم مصالح النخب في المركز ولم تقود حربا خارج حدود السودان لإسترجاع الأراضي السودانية المنهوبة يوما ما ولحماية الدولة السودانية وشعبها الوفي بل كل حروبها كانت تصب وتوجه لأبناء شعبها أي تجاه جماهير شعبنا، الحرب في جنوب السودان وفي جبال النوبة والنيل الأزرق والشرق وفي دارفور نموذجا.

وعندما تعقدت طبيعة الصراع في إقليم دارفور حيث الشعب المسلم المسالم وأحفاد السلطان علي دينار الذين كسوا الكعبة، تطور الصراع ليصنف إنه بين زرقة وعرب لكي تجد تسويق لها من قبل الجامعة العربية وأفرزت تكوين ما يسمى بقوات الدعم السريع من قبل القائد العام للقوات المسلحة حينذاك الرئيس المخلوع عمر البشير كقوة تابعة وجزء أصيل من القوات المسلحة وتتلقى تعليماتها مباشرة من القائد العام.

قوات الدعم السريع صنيعة النظام البائد وجزء أساسي من القوات المسلحة السودانية وتقاتل بعقيدتها الآيديولوجية لكن عندما تعارضت مصالحها حدث ما شهدنا من حرب عبثية في مركز السلطة الخرطوم، ومع ذلك الطرفين غير مهتمين بمصالح وقضايا ومتطلبات الشعب الأساسية من (حرية.. سلام.. وعدالة) .

الحرب الدائرة حاليا هي حرب عبثية كما وصفناها تعارضت فيها مصالح وإمتيازات الطرفين أصحاب الآيديلوجيا الواحدة في مركز السلطة في الخرطوم. لست هنا بصدد دعم أحد طرفي النزاع والخاسر الوحيد فيها هو الشعب السوداني، لذا كان حتما مسرح العمليات الأساسية تكون في الخرطوم من ثم تنتشر لأقاليم السودان المختلفة ويكون الشعب دروع بشرية وضحية لهذه الحرب.

سيطرة قوات الدعم السريع على قطاعات مهمة في الدولة لن يفيدها ويجعلها المنتصر في هذا المعركة، وتراجع القوات المسلحة وفشلها في الحفاظ على القطاعات الحيوية لا يعني إنهيار الدولة لأن الخلاف بينهم في الأساس لم يكن خلاف آيديولوجي بل في مسائل تخص مصالحهم وإمتيازلتهم ووجد تحريض من قبل بعض السياسيين المدنيين ضعيفي النظر حول إدارة الدولة.

المساعي السعودية الأمريكية ما هي إلا تأجيل للمعركة المصيرية والخلاف وتقريب وجهات النظر بين الطرفين هو حول إختلال ميزان الإمتيازات، وبهذا النهج المعركة القادمة سوف تكون بين الشعب السوداني – أي معركة الكل ضد أصحاب الإمتيازات.

# لا للحرب
# نعم لوقف إطلاق النار الدائم
# نعم للسلام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.