حرب إستنزاف !

زهير السراج

 

[email protected]

بينما يواصل الشعب نضاله السلمى وعدم الانجرار لمقابلة العنف بالعنف لتحقيق الانتقال المدنى الديمقراطى المشروع، يُصر البرهان وزمرته العسكرية على التوغل فى الدم وممارسة القتل، استجابةً لاوامر سادتهم وحماية مصالحهم الشخصية، ولكنهم واهمون إذ إعتقدوا انهم قادرون على إسكات صوت الشعب ولو استخدموا أقوى ما لديهم من عتاد الحرب، ومارسوا ابشع انواع القتل والعنف وتوجيه الرصاص الحى الى ادمغة وقلوب المتظاهرين السلميين ودهس أجسامهم الطاهرة بالعربات المصفحة واقتحام المستشفيات والبيوت الآمنة، ما يدل على أنهم وصلوا قمة الضعف والهوان ولم يبق لهم الا السقوط .. او الهروب خانعين، كما فعل (عيدى امين) و(زين العابدين بن على)  من قبل!

ليس هذا تخمينا او ضربا بالغيب ولكنه الواقع المعاش، فالشعب المعلم لن يتخلى ابدا عن اسقاطهم بكل الوسائل السلمية المشروعة مهما كان حجم التضحيات، ولقد ظهرت فى الافق ملامح الاضراب العام والعصيان المدنى الكامل وانتقال الحراك الثورى والنضال الجماهيرى الى مرحلة حاسمة لتحقيق النصر النهائى على الشمولية العسكرية البغيضة التى اذاقت البلاد ألوانا من العذاب والهوان منذ استقلالها حتى اليوم، وجعلتها أسيرة لهوى ورغبات بعض الدول الاقليمية التى وجدت ضالتها فى ضعف وهوان الدكتاتوريات العسكرية وارتزاقها، لتفعل بها ما تريد!

* كما جدد المجتمع الدولى ــ وإن كان الشعب الثائر قد تجاوزه بمراحل كبيرة ولم يعد يحتاج اليه فى شئ ــ رفضه للانقلاب الغادر ووقوفه مع الشعب السودانى فى قضيته العادلة، واطلقت العديد من دول العالم الحر التحذيرات للانقلابيين بعدم الانفراد بالحكم وممارسة العنف ضد المتظاهرين السلميين، وإلا ستحجم عن التعامل معهم وتقديم المساعدة فى اعفاء الديون الثقيلة وتجاوزالازمة الاقتصادية الطاحنة التى وصلت الى الذروة بارتفاع نسبة التضخم الى اكثر من 600 % والزيادة الفاحشة فى الاسعار وندرة السلع الاساسية، وهددت بفرض العقوبات والمثال على ذلك القانون الذى اجازته  لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب الامريكى فى التاسع من شهر ديسمبر الماضى (2021 ) بفرض عقوبات فردية على الذين يعيقون مسيرة الانتقال الديمقراطى فى السودان وينتهكون حقوق الانسان، وهو فى انتظار الاجازة النهائية بواسطة الكونجرس الامريكى (مجلسى النواب والشيوخ) عبر الخطوات المعروفة ليصبح قانونا نافذا يخول الادارة الامريكية تطبيق العقوبات فى الوقت المناسب، مما يجعله سيفاً معلقاً فوق رأس كل من يحاول اعاقة الانتقال المدنى الديمقراطى وانتهاك حقوق الانسان فى السودان الذى تجاوز الانتهاك الى القتل والبطش والدهس بالمصفحات واقتحام البيوت الامنة والمستشفيات والاعتداء على الاطقم الطبية وخطف المصابين ومنعهم من العلاج واطلاق الغاز المسيل للدموع فى عنابر المرضى، وكلها جرائم موثقة بالفيديوهات والصور، بالإضافة الى وجود آلاف الشهود فى انتظار لحظة الحساب!

لقد تبدد برحيل (حمدوك) الضباب الديمقراطي الغامض الذي كان يكتنف النظام القائم في الخرطوم، فظهر على حقيقته دكتاتورية عسكرية بشعة ــ كما تقول صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية ــ وحُرم من الواجهة المدنية والتواصل مع المجتمع الدولي، ليبقَ المجلس العسكري وحده في السلطة، وانتهت بذلك كوميديا النظام العسكرى المتدثر بغطاء المدنية التى لم ينخدع بها أحد في السودان، وهو ليس سوى عودة لدكتاتورية الرئيس المخلوع عمر البشير العسكرية المتدثرة بالاسلام، خاصة أن الرجل الاول فى النظام (عبد الفتاح البرهان) ونائبه (حميدتي) كانا مقربين من البشير، ومارسا كل انواع الجرائم تحت قيادته وباشرافه!

واضيف الى ما قالته الصحيفة الفرنسية .. “أنهما ما زالا يواصلان القيام بنفس الدور الآن، وارتكاب الجرائم ضد الشعب السودانى المسالم الذى اثبت عشقه للديمقراطية وتمتعته بشجاعة لا تحدها حدود فى مواجهة القتل والرصاص والمدرعات، وتمسكه بسلميته التى ابهرت العالم”!

* لم يبق للطغمة العسكرية الانقلابية سوى الهروب، كما فعل (عيدى امين وبن على) من قبل، أو الاصطدام بالشعب الثائر فى حرب استنزاف سلمية، وليست معادلة صفرية كما يزعم البعض، سلاحنا الاوحد فيها التظاهرات والشعارات والاهازيج السلمية وتقديم التضحيات، ضد عدو غادر مدجج بكل انواع السلاح … ونحن حتما سننتصر، طال الزمن أم قصر !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.