جهاز الأمن والمخابرات يلاحق الفارين من حرب الخرطوم بـ(سنار)، وتضييق السلطات يجبر البعض على المغادرة.

 

وكالات: splmn.net

مآلات عسيرة يعيشها الفارين من الحرب في ولاية سنار، تضييق من جهاز المخابرات العامة، وعجز حكومة الولاية عن تقديم أبسط مقومات الإيواء، فبات المصير الذي يعيشونه “نزوح غير آمن في بقعة من بقاع البلاد.. فرار مهدد بالإبعاد والتضييق أكثر” بطش بعد بطش مصحوب بالعناء، أي مصير أسوأ من هذا الحال الذي يواجهه نازحي الخرطوم هناك؟.

هكذا يواجه “الفارين” من الحرب والذين استقروا بولاية سنار وعاصمتها (سنجة) مآلات الحرب اللعينة مرتين!، بعد أن أمرتهم السلطات بإخلاء عدد من مراكز الإيواء التي استقروا بها لأكثر من (120 يوما) بحجة دمج هذه المراكز لتوزيع الإغاثة، وبحجة أخرى بأن هذه الولاية هي ولاية عبور فقط ولا يوجد فيها إيواء، وبسبب هذه المضايقات التي بدأت منذ أول يوم لتسكين القادميين، مما جعل بعضهم يختار الرحيل قسرا إلى المجهول.

 

تخبط وتعسف

وأرهبت السلطات الأمنية بمدينة سنجة عاصمة ولاية سنار الفارين من الحرب، وأمرتهم بإخلاء عدد من مراكز الإيواء التي استقر بها (الفاريين) من حرب العاصمة بالقوة الجبرية، وسط سخط ورفض المتطوعين الذين يديرون هذه المراكز بالجهد الشعبي.

وأمرت السلطات المكونة من (جهاز المخابرات ومفوضية العون الإنساني وآخرين) الفارين بإخلاء بعض المراكز بقوة السلاح، دون مراعاة لأي أعراف أو تقاليد إنسانية، حيث يوجد أطفال ونساء ومرضى، تم إجبارهم على إخلاء المكان والذهاب إلى المجهول، وبسبب هذه المضايقات تركت أعداد كبيرة من القادمين مدينة سنجة والذهاب إلى الولايات المجاورة الأخرى، بحثنا عن الأمل والأمان، أو العودة إلى بيوتهم ومواجهه الموت.

وفرّ آلاف السودانيين من العاصمة الخرطوم عقب اندلاع المواجهات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل الماضي، واستقر عدد كبير منهم بولاية سنار، الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي من العاصمة السودانية وتبعد عنها حوالي (360) كيلو متر.

تكاتف مجتمعي

يقع عبء إدارة هذه المراكز على متطوعين من أبناء المدينة، التي بها أكثر من (11) مركز إيواء وإعاشة، تضم حوالي (1436 فردا بواقع 257 أسرة) أنشأت في مدارس الأساس بالمدينة، ويقدم المتطوعون مساعدات غذائية وعلاجية بالجهد الشعبي الخالص، بالشراكة مع بعض المنظمات الولائية والخيرين وشُعب الغرفة التجارية المكونة قبل انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م.

وقال المتطوع (محمد الهادي) لـ(الجريدة) يتم جمع الأموال عبر التبرعات، تبرعات المواد العينية من الأعيان والتجار بالأسواق و المقتدرين بالمدينة (دقيق وزيت وفحم ولحمة وخضروات) وغيرها من المواد التي تلبي جزء بسيط من الاحتياجات، وسط غياب تام لأي مساعدة حكومية أو دولية.

ويقاوم المتطوعون من أبناء المدينة محاولات الأجهزة الأمنية المستمرة منذ اليوم الأول بتفريغ مراكز الإيواء في وقت لا تقدم فيه السلطات أي مساعدات للنازحين.

وأضاف الهادي: استغرب من إصرار السلطات الأمنية على تفريغ هذه المراكز في الوقت الذي لا تقدم فيه الحكومة أي مساعدة للفارين في تلك الظروف الصعبة ويعيشون الأصعب، مؤكدا على سوء البيئة في هذه والتي لا تتوفر فيها أى مقومات للسكن، لولا الظروف القاهرة التي تمر بها البلاد لما انتظر داخلها أحد، بعد دخول فصل الخريف زاد من تردي الأوضاع وكثر (الناموس و البعوض) والأمراض بسبب الأمطار وسوء البنية التحتية لهذه المدارس.

 

نشأة وتكوين

وذكر عضو غرفة طوارئ سنجة الأستاذ “مهلب العاقب” الناشط بمراكز الإيواء والإعاشة لـ(الجريدة) أن عملية النزوح للفارين من الحرب بدأت منذ الأيام الأولى لإندلاعها، وكانت مدينة سنجة ضمن الولايات والمدن التي استقبلت أعدادًا كبيرة، ولم تكن هنالك خطة موضوعة من الجهات المعنية ذات الصلة لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية، فتم تكوين غرفة طوارئ سنجة لسد الفراغ وشاركت أيضا بعض منظمات المجتمع المدني الولائية حيث بدأ العمل وتكونت اللجان لمساعدة الفارين بالمراكز التي استقروا بها، وتقديم المساعدة لهم عبر الجهد الشعبي الخالص في ظل عجز كامل من السلطات.

مؤكدا أن مدينة سنجة بها (11) مركز إيواء وإعاشة وحوالي 257 أسرة بعدد 1436فرد، وأن الداعم الحقيقي لهذه المراكز هم الخيرين من أبناء المنطقة بالتنسيق مع المبادرات الشعبية مع غياب تام للجهات الرسمية، بالرغم من أن هنالك لجنة عليا للنازحين بالولاية.

مع ذلك تجاهلت الجهات الرسمية هذا العدد الكبير من المراكز والقادمين، ولم يتوقف الأمر عند هذا فقط، فقد بدرت من الجهات الأمنية سلوك غير أخلاقي وغير مسؤول، يشابه سلوك العهود المظلمة ذات البطش والقهر، فقد قاموا بعملية إفراغ “قسري” لبعض مراكز (الفارين) بالقوة الجبرية، بحجة دمج هذه المعسكرات بغرض توزيع الإغاثة، مع العلم أن هذه المراكز لا تتحمل عملية الدمج نظرًا لضيق المراكز ومحدودية غرفها ومشاكل الحمامات والصرف الصحي وإنقطاع المياه والكهرباء لفترات طويلة.

مضيفا أن تداعيات كل هذه الأحداث المريرة جعلت بعض النازحين يفكرون في مغادرة الولاية ويفضلون الموت في بيوتهم التي نزحوا منها قبل أربعة شهور بسبب الحرب.

و ينشط المتطوعون وشركائهم (غرفة طوارئ سنجة) وبعض المنظمات الولائية “منظمة شباب نهضة سنجة” نموذجا، ومبادرات أخرى في مساعدة القادمين، حيث أقامت منظمة شباب نهضة سنجة بالشراكة مع غرفة طوارئ سنجة والجهات ذات الصلة أكثر من (20) يوما علاجيا استفاد منه أكثر من (1367) مريضاً من القادمين، شمل اليوم العلاجي مقابلة الطبيب والفحوصات المعملية وصرف الدواء مجانا.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.