جنرالات العصبة الثانية للحركة الإسلامية ومحاولة عودة الحكم .
نضال الطيب حامد .
يقول المفكر الفرنسي، غوستاف لوبون « إن رجالات الدولة الكبار في كل العصور ، وفي كل البلدان بما فيها الأكثر استبداداً ، قد اعتبروا الخيال الشعبي بمثابة أكبر داعم لسلطتهم ، فهم لم يحاولوا أبدأ أن يحكموا ضده » ثم ضرب لوبون مثلاً بإستعراص حديث نابليون بونابرت في مجلس الدولة الفرنسي ، عقب انتصاراته الباهرة في شتى بقاع العالم : « قال لم أستطع إنهاء حرب الفاندي ، إلا بعد أن تظاهرت بأنني كاثوليكي . ولم استطع الاستقرار في مصر ، إلا بعد أن تظاهرت بأنني مسلم تقي . وعندما تظاهرت بأنني بابوي متطرف ، استطعت أن أكسب ثقة الكهنة في إيطاليا .. ولو أتيح لي أن أحكم شعباً من اليهود ، لأعدت من جديد معبد سليمان .
هذه المقدمة تؤكد لنا سنة الجنرالات من بعده لم يكتفوا بفعل الشيء نفسه، بل الأنكي أنه تعدي إلى تسييس الدين وتديين السياسة بصورة سافرة،، أسقطت كل بواعث الحياء والقيم الأخلاقية النبيلة، والسبب وراء ذلك هو الإمساك بتلابيب السلطة حتى لا ينازعنهم فيها أحد.
على الرغم من كل الذي يجري اليوم في مشهد السياسة السودانية، لم يكن عصياً على المغرمين بالحديث في شئون السياسة، أن يكتشفوا منذ الوهلة الأولى بحصافتهم الفطرية المعهودة. أن العصبة العسكرية من بعض جنرالات الحركة الإسلامية، التي ت في شراكة الفترة الإنتقالية، إتخذت منها غطاء لتمرير أجندتها السياسية، وليس هذا فحسب، بل جعلته وسيلة لتبرير أفعالها، علماً بأن التجاوزات التي إبتغوا تبريرها ليست في حد الوثيقة الدستورية فحسب، وإنما عن فظائع بلغت حد القتل والبطش والتنكيل والتعذيب. ولم يكن ذلك نهجاً عشوائياً، وإنما منهجاً وأسلوب حياة، أسسوا له في المسيرة القاصدة بما اصطلح على تسميته” بفقه الضرورة “ وهو المصطلح الذي أدخلوه في القاموس السياسي والأيديولوجي عنوة من أجل تبرير الجرائم، بمفهوم فقه الضرورات تبيح المحظورات كقاعدة اصولية .
بغض النظر عن رأينا في جنرالات العصبة الثانية من بقايا الحركة الإسلامية في السودان، وعلى رأسهم البرهان، فإن المذكور من الذين قيل عنهم إنه تربى في عرصات الحركة الإسلامية، ومن الذين تدرجوا في مراقيها ينظر للقمة وهو يطمح لبلوغها. وإن وصفوه بالإخلاص والوفاء فهو مثله مثل أبناء عصبته الأولى عمر البشير ونافع على نافع وعلى عثمان محمد طه، وصلاح قوش وقطبي المهدي وإلخ…
يمكنه أن يشنف آذانك بإدعاء التجرد والانحياز للثورة ويردد على مسامعنا أهزوجة الجيش إنحاز لثورة الشعب ورغبة الشعب في التغيير ونحن عازمون وحريصون على إنجاح الفترة الإنتقالية .. ولكنه من خلف الستار يردد أهزوجة هي لله لا للسلطة ولا للجاه” في الوقت الذي يكون فيه قد أنشب فيها أظافره كالمنية“. ويمكنه أن يمعن في الزهد بقوله” لا لدنيا قد عملنا “ وهو من أخذ نصيبه منها مثنى وثلاث ورباع.
جنرالات العصبة الثانية من بقايا الحركة الإسلامية. هم من آخر كروت اللعبة السياسية، للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.. وما قحت الثانية، إلا سيناريو الإنقلاب على الثورة وأهدافها. وانطلاقاً من هذه الزاوية، بجدر بنا تسليط الضوء على حقائق، يدركها البعض من الناس بشكل دقيق، ولكنها تغيب على الكثيرين من أبناء وبنات الشعب السوداني، وهي إعادة سيطرة العسكر على الحكم مرةً أخرى عبر المخطط الآتي ، السيناريو الأول هو : إفتعال المشكلات ووضع المتاريس السياسية والإقتصادية أمام حكومة الفترة الإنتقالية وحاضنتها السياسة هي المدخل الرئيسي لحل الحكومة وإبعاد حمدوك كما يجري الآن بالضبط.
السيناريو الثاني : هو إجراء انتخابات مبكرة بشكل صوري، يفوز فيها البرهان بعد مسلسل ترشيح نفسه، بدعم الحاضنة السياسية الجديدة قحت الثانية، في حالة نجاحه في إقصاء قحت الأولى، وبهذا يكون قد أعاد سيناريو السيسي في مصر.
أما السيناريو الثالث والأخطر : هو التحالف مع حركات إتفاق جوبا ، من أجل السيطرة على السلطة و إلانقلاب على الثورة بإعلان ( بيان) من الجيش وقوي فلول النظام البائد ومجموعة قحت الثانية، بإدخال البلاد في حالة طوارئ، وتعطيل العمل بالوثيقة الدستورية وفض الشراكة مع قحت الأولى، وإعلان فترة إنتقالية جديدة لا تتجاوز مدتها عامين من أجل الإستعداد للإنتخابات.. وبهذا قد يكون جنرالات العصبة الثانية من بقايا الحركة الإسلامية قد أكملوا كل الفترة الإنتقالية، دون أن يسألوا عن جرائم فض الاعتصام التي ارتكَبوها أو غيرها.. ولا ننسى أن هناك العديد من اللاعبين الدوليين هم جزءاً من المشهد السياسي في السودان.