جريمة الصادق المهدي وأعوانه المسكوت عنها حول مذبحة الضعين ٢٨مارس ١٩٨٧م
نقلا عن كتاب مذبحة الضعين
تاليف: سليمان علي بلدو
عشاري احمد محمود خالد
في ذكرى ضحايا مذبحة الضعين يوم 28 مارس، 1987، يوم مذبحة الضعين قبل 32عاما فلنعتمد هذا اليوم يومَ مذابح السودان وجنوب السودان مجتمعةً وإلا عشنا حياتنا كل يوم في العام نستذكر مُفظِعة جماعية مماثلة من اقتراف الحكام في مساحات السودان القديم، رفض الاخوة في دولة جنوب السودان تعلم الدرس من مذبحة الضعين فنفَّذوا مذابحهم ضد شعب جنوب السودان وكانت مذابحهم أشد هولا.
في يوم السبت 28/3/1987، في مدينة الضعين، خلال فترة الحكومة الائتلافية بين حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة رئيس الوزراء الصادق المهدي، نفذت قبيلة الرزيقات مذبحةً مريعة ضد المدنيين الدينكا النازحين بالمدينة عاصمة دار الرزيقات، وفق تخطيط سبق لهذه المذبحة، وكانت الخطة الإبادية معروفة من قيادة القبيلة، ولدى المسؤولين الحكوميين المحليين، والشرطة، وكذا سمع عن الخطة عدد مقدر من الدينكا المستهدَفين.
خلال ساعات قليلة، في ذلك يوم السبت، قَتل عشرةُ ألف من قبيلة الرزيقات، بقيادة “فرسان الرزيقات” على صهوات جياد عربات الكاروا أكثر من ألفين من المدنيين الدينكا النازحين من ديارهم في شمال بحر الغزال، أغلبيتهم الساحقة من الأطفال والنساء، بعد أن كان أكثر الرجال الدينكا فروا من المدينة قبل يوم المذبحة.
قتل الرزيقات ضحاياهم في محطة السكة الحديد، وداخل بيوت الأسر الرزيقية، وقتلوهم في أماكن سكنهم العمالية في كماين الطوب ومصنع الصابون وفرنين، وفي شوارع المدينة. وكذا قتلوهم في مستشفى الضعين المحروسة بواسطة الرزيقيات المرابطات كَلَّفنَ أنفسهن بمهمة منع الدينكا الجرحى من تلقي الإسعاف والعلاج.
كان الرزيقات مسلحين بالمدافع الرشاشة والبنادق والسيوف والفؤوس والسكاكين والشلكايات والعصي والبنزين والزيت المحروق والخِرق والقش والمراتب القطنية والكبريت، وبالشر والتصميم على إبادة الدينكا بالمدينة.
دافع الصادق المهدي، كرئيس للوزراء، عن المذبحة، وبررها على أنها كانت للانتقام المستحق ضد جون قرنق، في راديو لندن 31 مايو 1987، ولاحقا بررها في مؤتمره الصحفي بتاريخ 8 سبتمبر 1987 أمام الصحفيين في الخرطوم وبتوجيهه المباشر أسقط نواب حزبه ونواب الحزب الاتحادي الديمقراطي المتحالف معه مقترحا لدى البرلمان قدمه نائب من جبال النوبة لإجراء مجرد تحقيق في المذبحة، ورفض الصادق المهدي تقديم الجناة وهم حلفاؤه إلى المحاكمة، وتعمد الإشاحة ببصره عن محاسبة المسؤولين الحكوميين المحليين الذين تقاعسوا عن تقديم الحماية للمدنيين الدينكا أو تواطؤوا مع المعتدين الرزيقات.
كذلك أغفل الصادق المهدي بفظيع الإهمال المتعمد اتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقوع هذه المذبحة ابتداء، رغم معرفته السبقية عن العلاقات العنصرية المتوترة بالمدينة وعن الجرائم التي كان الرزيقات يقترفونها يوميا ضد الدينكا ويفلتون من عقوبتها المقررة في القانون، وكانت كل هذي أفعال الإتيان والترك من جانبه مشدودة إلى سياسته المعلاة لتسليح المليشيات القبيلية العنصرية وتعبئتها للعدوان تحديدا ضد المدنيين الدينكا، ليحرم بذلك العدوان الجيشَ الشعبي من الدعم البشري والمادي والمعنوي مما كان يقدمه المدنيون في قراهم
(3)
ثم اتهمني الصادق المهدي، معي سليمان علي بلدو، اتهمنا في ذلك مؤتمره الصحفي بالكذب الضار بشأن وقائع المذبحة والرق، وحرَّض الرزيقات على مقاضاتنا فلم يتجرأوا، فوجه وزيره النائبَ العام عبد المحمود حاج صالح لملاحقتنا جنائيا، وحين نصحه عبد المحمود، وهو كان جاري، أن لا أساس قانوني لمثل الملاحقة الجنائية المرغوبة، لجأ الصادق إلى مجلس الأمن الوطني واستصدر منه قرارا سريا لمعاقبتي بالحظر من السفر، مما كشف عنه في سودانايل ابن عمه مبارك الفاضل بعد ربع قرن من الزمان، ووجه الصادق المهدي جهاز الأمن باعتقالي، ليلة واحدة في سجن كوبر.
وحين وجدني الصادق المهدي لا أرعوي من الكتابة والمحاضرات عن المذبحة والرق، كلف وزيره صلاح عبد السلام بتوجيه مدير الشرطة اللواء عبدو كاهن بفبركة تهمة ضدي، فانصاع عبدو كاهن وامتثل للتوجيه، وكلف بالتنفيذ الرائد آدم دليل (اليوم لواء أو فريق)، فاختلق آدم تهمة عقوبتها الإعدام استخدم فيها أدوات الشرطي حين يكون الشرطي ذاته مجرما عديم الأخلاق، فبعض المجرمين ذوو خلق.
حاول الصحفي مصطفى عبد العزيز البطل دغمسة هذه الواقعة، وأنكر حدوثها وتفَّه موضوعها، بينما ثابت في الأوراق بعض منه منشور في الصحف اليومية أن عشرين شرطيا داهموا بيتي وفتشوه على مدى ساعات، ثم ألقوا القبض عليَّ وفق تخويل قضائي كانوا تحصلوا عليه، وقرأوا لي التهمة عقوبتها الإعدام، وشرحها لي المحامي مصطفى عبد القادر المكلف بالدفاع عني من قبل نقابة المحامين، شرحها بأنها خطيرة، وأنه يتعين عليَّ أن لا أستهين بالأمر كما كان وجدني أفعل، لكن الصادق المهدي الذي عذبه الكتاب فشل في مقصده بعد أن اضطرت الشرطة والنيابة وجهاز الأمن إلى شطب البلاغ وإطلاق سراحي بعد عشرين يوم في الحبس وتخلوا عن مشاركتهم في مخطط للصادق المهدي أراه إجراميا.
فلا قيمة لأقوال الصحفي عبد العزيز البطل الذي كان يعمل موظفا في مكتب الصادق المهدي بمجلس الوزراء.
كان التحقيق من قبل الرائد شرطة آدم دليل منحصرا في كتاب مذبحة الضعين الرق في السودان لا غيره، مَن مَوَّله؟ مَن ساعدكم فيه؟ من وجهكم بكتابة كتاب؟؟
فكيف حدثت مذبحة الضعين؟
ألخص الوقائع من المسودة المكتملة لكتابي الجديد عن المذبحة، كلما راجعتها لنشر الكتاب استحوذتني نوبات اكتئاب وبكاء. لكن النشر قريب.
البكاء والعويل والخوف في مدينة الضعين والرغبة في الانتقام ضد الدينكا ….
على مدى أيام حوالي منتصف مارس 1987، في فترة حكومة الصادق المهدي الأولى، وقبل أسبوعين من وقوع المذبحة، كان يُسمع بكاء وعويل في عدة أحياء بمدينة الضعين. للمرة الأولى في تاريخ الغزوات الرزيقية لجلب الرقيق وللنهب من منطقة شمال بحر الغزال، كانت العربات من جهة الجنوب هذه المرة تصل تباعا إلى الضعين وهي محملة بالجثث والجرحى، بدلا عن وصولها مصحوبة بالفرسان مشحونة بالأطفال والفتيات والنساء الدينكا وبالذرة وبالدجاج وبمتاع البيوت حتى الملابس المستخدمة والصحون وأكواب شرب الماء، مما كانت المدينة والقرى في دار الرزيقات اعتادت استقباله في الماضي القريب بزغاريد البهجة وبالذبيح من الأبقار المنهوبة، هذه المرة دارت الدائرة وألحقت قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان هزيمة ماحقة على مليشيات الرزيقات وكتيبة القوات المسلحة بدبابتها، في منطقة سفاهة، واستعاد شباب الدينكا العائدون لتوِّهم من التدريب في أثيوبيا أبقارهم المنهوبة.
تكثرت خلال تلك الأيام زيارة الرزيقات إلى المقابر لدفن الموتى، وإلى المستشفى لمعاودة الجرحى. خيم الحزن على أهل المدينة، وبدأ الخوف من المستقبل يستحوذ على الرزيقات، كقبيلة، صدمتها الهزيمة المرة، وأحبطها حرق المتمردين قائد المليشيا الرزيقي عمر قادم من أبناء أبو مطارق، عاصمة الرق في ذلك الوقت، حرْقُه داخل دبابة القوات المسلحة.
وعذبت القبيلةَ الوضعيةُ الطارئة فقدانُ ريع النهب الحرابي من منطقة شمال بحر الغزال ، وكان بمدينة الضعين أكثر من عشرين ألفا من الدينكا المُنزَّحين بسبب الخراب الذي أحدثته مليشيات الرزيقات في شمال بحر الغزال. وكان هؤلاء المنزحون الدينكا أقارب ذات الشباب من دينكا ملوال الذين جرعوا تلك المليشيات الرزيقية الهزيمة..
في يوم في منتصف شهر مارس، قبل اثني عشر يوما من تنفيذ المذبحة، أبلغت الدينكاوية أقول كول، واسمها أيضا حواء إدريس، كانت تعمل في أنداية نعمة بالضعين، أبلغت أهلها رجال الدينكا بأنها كانت سمعت خلسة في الأنداية عن مخطط يعده الرزيقات لقتل جميع الدينكا بالمدينة. عزَّزت أقول روايتها حالة التأهب القصوى لدى الشرطة منذ
الأربعاء 25 مارس. قبل وقوع أحداث المذبحة بثلاثة أياما، أعلنت قيادة شرطة الضعين حالة استعداد قصوى في وسط قوات البوليس. كانت تلك الواقعة من المؤشرات الغامضة أن مُفظِعة ستحدث. وأن الشرطة كانت منذ ذلك يوم الأربعاء وقبله على علم بأن التخطيط للمذبحة ضد الدينكا كان يسير على قدم وساق. مما أصلا كان عرفته الدينكاوية أقول كول.
في يوم الخميس 26 مارس، قبل يوم من تدشين المذبحة وقبل يومين من تنفيذها الكامل، زار شرطي اسمه الزبير، يعمل في مركز شرطة الضعين، من أولاد مدينة راجا، زار صديقَه الدينكاوي المدرس المسلم أرياك بيول، وأبلغه أن الرزيقات يخططون لقتل جميع الدينكا في المدينة.
في مساء ذات يوم الخميس 26 مارس، أرسل الرائد علي المنا، الضابط المسؤول في شرطة الضعين، أرسل سيارته الرسمية لاستحضار قيادات الدينكا رؤساء الأحياء بالمدينة إلى مكتبه بمركز الشرطة، دينق أنَيْ، ومالتِنق قوم، ودينق لوال، وتشويي عرديب مدوك، والمعلم المسلم أرياك بيول، ورئيس الكنيسة من قبيلة جور شول بنجامين كون.
عند حضورهم، طلب منهم الرائد علي المنا أن ينبِّهوا أهلهم الدينكا لأخذ حذرهم وللابتعاد عن أية مشكلة مع الرزيقات. ووجه الضابط علي المنا القيادات الدينكاوية بأن يبقى الدينكا في بيوتهم. لكن ضابط الشرطة لم يملِّك هذه القيادات كامل المعلومات التي كانت لديه عن خطة الرزيقات لإبادة الدينكا بالمدينة، وأنه كان يتم الإعداد لتنفيذها، وأن الشرطة كانت على علم.
“بعد ما مشينا قال يا جماعة غايتو في مشاكل بين الدينكا وعرب في سفاهة. إنتو تنزروا لجماعة بتاعكم دا طبعا بشربوا مريسة وبمشوا بشاكلوا وبسووا. العرب دي دايرين يتسببوا ليكم في مشاكل، بس هسي أي واحد بعد عشية أو ضهر ما يطلع من بيتو. تقعدوا واحد يحفظ نفسو”.
صباح الجمعة، العسكري الزبير يحذر الدينكا مجددا ومغادرة الدينكا المدينة
صباح الجمعة 27 مارس، جاء ذات العسكري الزبير من أولاد مدينة راجا مرة ثانية إلى صديقه المسلم أرياك بيول، وحذره مجددا، هذه المرة بإلحاح، بلزوم مغادرة جميع الدينكا مدينة الضعين مباشرة. “كلَّمْنا يوم الخميس، وجانا يوم الجمعة قال العندو ما عندو محل، يَمْرُق، يمشي أي محل. بس كلَّمنا زي دا”.
فالواضح هو أن الزبير العسكري من أولاد راجا كان سمع من داخل مركز شرطة الضعين حيث هو كان يعمل، سمع الأخبار المؤكدة عن وشوك وقوع العدوان على الدينكا، وربما كان سمع الأخبار من العساكر في الأجهزة الأمنية الأخرى بالمدينة. وربما كان أدرك أن الشرطة لن تحمي الدينكا.
أبلغ أرياك بيول أهله الدينكا بالمعلومات التي تحصل عليها من الزبير والتحذير. صدَّق بعضُ الدينكا الرواية، ولم بصدق البعض
في ذات صباح الجمعة غادر مدينةَ الضعين مئات الدينكا، خاصة الرجال، والرجال الدينكا هم المستهدفون بالقتل المباشر في مثل هذه الحالات، بينما كان الأطفال والنساء الدينكا يُستهدفون بالاسترقاق، فغادر هؤلاء الرجال المدينة بالعربات أو راجلين،
تدَخَّل الرزيقات لمنع بعض الركاب الدينكا من مغادرة المدينة، وحاولوا أحيانا إنزالهم قسرا من العربات المغادِرة.
بعد صلاة الجمعة، عقد الرزيقات اجتماعا في جامع حي الربع الرابع، أو في جامع السوق. لم يكن ذلك الاجتماع روتينيا أو أمرا عاديا، وسيصبح قابلا للتفسير فقط بعد الأحداث التي أعقبته بعد ساعات قليلة. تدشين شباب الرزيقات المذبحة بالهجوم على الكنيسة وعلى مساكن الدينكا وحرق حلة فوق……
في مساء ذات يوم الجمعة 27 مارس، هجم خمسون رزيقيا من رابطة شباب حي الربع الرابع على المصلين داخل كنيسة الضعين، وأطلقوا النار عليهم، ورموهم بالطوب وطاردوهم. كان هؤلاء الشباب الرزيقات يتضاحكون أثناء الاعتداء على الدينكا الذين لم يصب منهم أحد وهربوا من المكان. بعدها، توجه الشباب الرزيقات إلى بيوت الدينكا المجاورة للكنيسة، فطردوا ساكنيها منها، وشلَّعوا البيوت.
بعد ذلك بأقل من ساعة، هجمت جموع الرزيقات، من بينهم نساء وأطفال، على الدينكا في مكان ثقلهم السكني في حلة فوق بالربع الرابع، فأحرق الرزيقات بيوت الدينكا بالنار، واعترضوا عربة المطافئ، واعتدوا على الدينكا، وقتلوا منهم سبعة أشخاصا، وطاردوهم في شوارع المدينة، وصاحت نساء رزيقيات متحزمات بالكراهية يحملن أعواد الحيشان المُشلَّعة صِحن في وجه الشرطة يحذرنهم من مغبة الوقوف بينهن والدينكا.
في هذه الليلة، الجمعة، هرب آلاف الدينكا من المدينة، راجلين، واحتمى بمركز شرطة الضعين، القريب من مساكن آل مادبو أكثر من ألفين من الدينكا أغلبيتهم الساحقة من الأطفال والنساء. وهرعت أعداد أخرى إلى حي السكة حديد الذي كانت تسكنه أسر من الدينكا مع خليط من قبائل أخرى. وقدمت أسر رزيقية وزغاوية الحماية في بيوتها لبعض الدينكا، مع مبيت أعداد من الدينكا في أماكن عملهم بالضعين في كمائن الطوب، ومصنع الصابون، والأفران، وربما في أماكن قشارات الفول (العتالة).
لأسباب بدت في لحظتها غامضة، أمرت قيادة الشرطة، بموافقة آدم الطاهر المدير الإداري، تحويل الدينكا من مركز الشرطة، حيث السور والسلاح وعتاد الشرطة وهيبة المركز، إلى حوش في المدرسة الغربية الخالية حتى من تلاميذ. ما أن استقر الدينكا في حوش المدرسة الغربية على مدى ساعة واحدة حتى استدعت الشرطة قيادات الدينكا، ووجه الرائد شرطة علي المنا إلى رئيس الكنيسة بنجامين كون، من قبيلة الجور شول، أسئلة تجريمية بالغمز عن أسلحة في كنيسته وعن سر “الاجتماعات” التي كان بنجامين “يعقدها في الكنيسة”. نعرف أن الرائد علي المنا سيقتاد غدا السبت من إحدى عربات السكة الحديد القس بنجامين كون ثم يعيده بعد ربع ساعة إلى محطة السكة الحديد جثة هامدة ألقاها بين الجثث.
في ذلك الاجتماع، أبلغ الرائد علي المنا القيادات الدينكاوية بقرار الحكومة تنقيل الدينكا مجددا من حوش المدرسة الغربية إلى حلة السكة حديد، ليكون “جميع الدينكا في مكان واحد”، قال لتسهيل حمايتهم، بسبب قلة عدد عساكره. لم يفهم الدينكا معنى كلامه.
تم تنفيذ تنقيل الدينكا من المدرسة، وباتوا ليلة الجمعة في حلة السكة حديد. هنا بلغ مجموع الدينكا أكثر من ثلاثة ألفا، دائما أغلبيتهم الساحقة من الأطفال والنساء، بعد مغادرة أغلبية الرجال، ووفق ما سنعرفه لاحقا من حساب العداد ماركو باك لركاب العربة الخشبية في محطة السكة الحديد التي كان فيها أربعون رجلا فقط ومائتان من النساء والاطفال
في تلك ليلة الجمعة، رفض المدير الإداري آدم الطاهر مقترح كبار تجار مدينة الضعين، أغلبهم من الزغاوة العارفين ببواطن الأمور في مدينة الضعين وكانوا أنفسهم تعرضوا لعدوان رزيقي استهدفهم كمجموعة عرقية محددة، مقترحهم أن يتم ترحيل الدينكا مباشرة هذي ليلة الجمعة من المدينة، في عربات وفروها للمدير الإداري، وذكَّروه بسلطاته الاستثنائية أن بمقدوره الاستيلاء على أية عربة في المدينة لترحيل الدينكا (محادثة مع أحد الطبيبين المبتعثين للتحقيق من قبل نقابة الأطباء).
كان التجار على علم بخطة الرزيقات لإبادة الدينكا….
صباح السبت 28 مارس. يوم المذبحة. وصل بالصدفة الروتينية إلى الضعين القطار رقم 305، قادما من بابنوسة متوجها إلى نيالا. كان يجر عربة خشبية فارغة لشحنها بالبهائم من الضعين، وأربع عربات حديدية فيها مهام خاصة بالقوات المسلحة يحرسها أربعة جنود مسلحون.
أحدث وصول القطار 305 تغييرا جوهريا في جميع الوضعيات والخطط لدى جميع الأطراف. فغيَّر آدم الطاهر المدير الإداري للمنطقة رأيه المتعصب السابق ورفضه مقترح التجار لترحيل الدينكا من المدينة، واتخذ الآن قرارا بنقل الدينكا بهذا القطار 305 من الضعين إلى مدينة نيالا.
قرر أدم الطاهر استخدام العربات الحديدية الثمانية وعربة خشبية، كانت تسعتها متوقفة أصلا قبل وصول القطار 305 على القضيب الثاني، بدون قاطرة. فأفرغ العتَّالةُ من العربات الحديدية الثمانية جوالاتِ الفول المبشور التي كانت معدة لإرسالها مع القطار 305 إلى نيالا، وصدر التوجيهُ الحكومي بإيقاف إحضار البهائم المنتظرة في زريبة المواشي القريبة من المحطة، أيضا ليتم استخدام العربتين الخشبيتين المكشوفتين لذات غرض ترحيل الدينكا.
أبلغ رجال الشرطة المكلفون كبير شيوخ الدينكا تشيوي عرديب مدوك بالقرار. فخاطب الشيخ عرديب جميع الدينكا المتجمعين في حلة السكة حديد، باللغة العربية ثم بالدينكاوية، وشرح لهم قرار الحكومة ترحيلهم خارج الضعين، فوافقوا.
ترك الثلاثة ألفا من الدينكا حلة السكة حديد، وما أن وصلوا إلى محطة السكة الحديد المجاورة حتى اندفعوا نحو عربات القطار الحديدية الثمانية والعربة الخشبية على القضيب الثاني، ونحو العربة الخشبية المقطورة خلف القاطرة 305 على القضيب الأول، حتى امتلأت العربات العشرة عن آخرها لم يبق فيها موقع لقدم، ولمَّا بقي سبعمائة شخصا تقريبا بدون مكان في هذه العربات العشرة، تم توجيههم للانتظار في حوش نقطة شرطة السكة الحديد، ريثما تجد الحكومة لهم حلا. سيتم حرق خمسمائة منهم في هذا الحوش.
في ذات الوقت، عقد مجلس الأمن بمدينة الضعين اجتماعه تحت شجرة النيم الكبيرة في قلب محطة السكة الحديد، مباشرة أمام الحوش المذكور أعلاه. حضر الاجتماع جميع القيادات الأمنية والقوات النظامية واثنان من قادة الرزيقات، علي الرضي وحماد بشارة.
عندئذ، وصلت إلى محطة السكة الحديد المجموعات الأولية من الرزيقات المسلحين. فكان أول فعل نفذوه منعُ القطار من التحرك، وضعوا معوقات على القضيب وهددوا السائق.
ثم تكاثرت الأفواج الرزيقية، حتى بلغ عددهم عشرة ألفا، هكذا قال الصادق المهدي نفسه، في مؤتمره الصحفي بعد نشر كتاب مذبحة الضعين-الرق في السودان، وهي المعلومة في تقرير حاكم دارفور الذي أعده وكيل النيابة وضابطا شرطة.
وبدأ تنفيذ المذبحة المخططة المعروف أمرها للعشرة ألفا بأفعال النهب والتقتيل والحرق واختطاف الأطفال والفتيات.
تعرف الشهود الدينكا على الرزيقي اسماعيل نيوبي، الكموسنجي في سوق الضعين له فيه اليوم دكان. شاهدوه يدحرج برميل الوقود بمعاونة صِبْية، وقد شارك أطفال الرزيقات بفعالية في المذبحة، حتى توقف نيوبي والصِّبْية إزاء حوش نقطة شرطة محطة السكة الحديد وفيها أكثر من سبعمائة من الدينكا المنتظرين حلا.
لم يكن نيوبي لوحده مع الصبية الأشقياء “يعملون”، فقد كان آخرون من الرجال والنساء الرزيقات ذهبوا إلى المنازل القريبة لإحضار مستلزمات الحرق، مثل الشرقانيات، والمراتب القطنية، والقش، وخِرق القماش، وأدوات إضافية مثل الفؤوس التي سيكون لها دور مقدر في المذبحة.
لم يكن الرزيقات مستعدين للتغيير الذي أحدثه الوصول المفاجئ للقطار 305 وقرار ترحيل الدينكا بالقطار إلى نيالا. ولم يتوقعوا تركيبة وضعية الدينكا في محطة السكة الحديد، وهي تركيبة خلقها وصول القطار بالصدفة الروتينية. أي، لم يكن القطار 305 مشغولا بالضعين إلا كمحطة لشحن الفول والمواشي إلى نيالا. لكن الرزيقات بعبقريتهم العملياتية عدلوا خطتهم الإبادية لتستجيب للمستجدات التي خلقها وصول هذا القطار اللعين.
فتح إسماعيل نيوبي برميل الوقود، وصب منه للصبية ولآخرين من الرزيقات في مواعين منزلية أتوا بها. فرَشَّ هؤلاء الرزيقات الوقود على الدينكا المحاصرين داخل حوش نقطة بوليس المحطة. وقذفوا بالأشياء المشتعلة فوق الرؤوس، فحرقوا أكثر من خمسمائة طفلا وامرأة في هذا المكان.
سجلت قبيلة الرزيقات في بيانها الرسمي المنشور عن “أحداث بحر العرب والضعين” إشارة خافتة لهذه الواقعة على أنها كانت في البدء جزءا من عملية “تراشق” تحولت إلى “هجوم عام” شمل حوش نقطة شرطة السكة الحديد، سجلتها في كلمتين، “حوش البوليس”، في العبارة: “تطور التراشق إلى هجوم عام في … حوش البوليس …”، دون أن تذكر القبيلة في بيانها ذلك الذي حدث في “حوش البوليس”. تم إعداد البيان تحت إشراف موسى آدم مادبو، الوزير في حكومة الصادق المهدي، ووقع عليه ونشره باسمه أحمد عقيل أحمد عقيل عضو الجمعية التأسيسية، رئيس لجنة أبناء الرزيقات لتوضيح الحقائق حول أحداث بحر العرب ومدينة الضعين. وكان أحمد ممثل دائرة أبو مطارق، عاصمة الرق في دار الرزيقات.
أحرق الرزيقات ستين شخصا كانوا تحصنوا داخل مكتب نقطة الشرطة بالمحطة. أغلبيتهم من قبيلة الجور شول، عمال الدريسة بالمحطة وأسرهم، كان معهم إسماعيل ود أبُّو، دينكاوي من “أولاد الخرطوم”، ومرفعين أويل دينكاوي أيضا، كانا كسرا مخزن السلاح في نقطة الشرطة ودافعا حتى الموت.
أحرق الرزيقات جميع الأفراد الدينكا ركاب العربة الخشبية المكشوفة المتوقفة على القضيب الثاني. بقذف القش إلى داخل العربة وبرَشِّ الوقود فوق رؤوس ركابها وبإتْباع ذلك بقذف الخرق الملتهبة المشبعة بالوقود. مائتان وأربعون شخصا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، تم حرقهم جميعهم.
وجد الرزيقات أن كل واحدة من العربات الحديدية الثمانية، وكل واحدة منها فيها مطلبهم الدينكا 250 شخصا منهم في العربة الواحدة، كل عربة حديدية تمثلت صعابا تقنية وقفت حائلا بينهم والنفاذ إلى الدينكا لتقتيلهم بصورة جيدة. فقد كان الدينكا غلَّقوا عليهم أبواب العربات الحديدية من الداخل وأمَّنوا باب كل عربة وشباكها (وهو جزء من الباب ذاته). غلقوها من الداخل بالحبال وبكل ما كان يمكن استخدامه. فلم يكن ممكنا للمعتدين الرزيقات وأعوانهم النفاذ المباشر أو المسهل إلى الدينكا المتحصنين في هذه العربات، لتقتيلهم وحرق أجسادهم.
ابتدع الرزيقات حلولا ناجعة لهذه المشكلة العملية، مباشرة حين اعترضتهم. بأن حاصروا العربات، وبحثوا في محطة السكة الحديد عن البنزين فوجدوه، وابتعثوا الصبية والنساء وعددا من الرجال إلى الأحياء القريبة وفي داخل المدينة لاستجلاب الأدوات والمواد الضرورية، والوقود الإضافي، لتسهيل النفاذ إلى الدينكا داخل العربات أو إجبارهم على الخروج منها.
ركز الرزيقات المعتدون جهدهم الأولي في إعمال القوة الحديدية بالفؤوس لفتح أبواب العربات الحديدية المغلَّقة وحشر الخرق المشتعلة بين الشقوق، وأعملوا الجهد وفي إشعال النيران تحت كلِّ عربة حديدية مستهدفة. وفي حال فتح الدينكا المتمترسون داخل العربة المستهدفة الباب لطرد الدخان، كان المعتدون المرابطون يطلقون النار عليهم داخل العربة. وفي حال خروج أي من الدينكا من العربة الحديدية هربا من الحرارة المرتفعة داخلها أو من النار المشتعلة أو من الدخان فيها كان المعتدون المرابطون في المساحة الخارجية أمام أبواب العربات ينهالون عليه بالضرب وينهبون ما معه ويقتلونه تقتيلا ويحرقونه. بالإضافة إلى اختطاف المعتدين المرابطين الأطفال والفتيات لأغراض الاسترقاق.
فيتعين أن نفهم أن المذبحة كانت تدور في مسار زماني تخلله الانتظار أحيانا، للتفكير، ولتصميم الحلول، ولجلب الأدوات والمواد الضرورية لتنفيذ التقتيل، وأحيانا للراحة من التقتيل قبل العودة إليه مجددا.
حرق الرزيقات وأعوانهم جميع الدينكا أحياء في ثلاث من العربات الحديدية الثمانية، “لم ينج فيها أحد”، وفق قول الشاهد أرياك بيول. سبعمائة وخمسون شخصا. وقتل الرزيقات وأعوانهم أعدادا قليلة من الدينكا في عربتين حديديتين، لم يتجاوز عدد القتلى في كل واحدة من هاتين العربتين خمسة أو ستة أشخاصا. ولم يتم قتل أي شخص في واحدة من العربات الحديدية التي أحكم الأفراد الدينكا غلقها من الداخل، واستخدموا المراتب حاجزا بين الأقدام وأرضية العربة الحديدية التي سخَّنها الرزيقات بإشعال النار تحتها، وكان في هذه العربة الحديدية المعلم أرياك بيول، أحد أهم الشهود.
لا توجد لدي معلومات واضحة عن مصير عربتين حديديتين.
بعد أن هدأت قليلا عملية التقتيل في منتصف النهار، حضر إلى محطة السكة الحديد ضابط الشرطة علي المنا ومعه عسكري في سيارة لاندروفر، واقتادا القس بنجامين كون وشيخي الدينكا دينق لويل وماليت قوم من داخل عربتين حديديتين مختلفتين، وبعد ربع ساعة أعادا الثلاثة جثثا هامدة رمياها بين الجثث أمام العربات.
جرد الرزيقات أجساد الدينكا من الملابس القيِّمة والأحذية والساعات وجميع الممتلكات المحمولة، ومن المبالغ المالية الصغيرة، قبل قتل هؤلاء الأشخاص الدينكا أو حرقهم أحياء، أو قبل حرق جثثهم ، كان الرزيقات المعتدون في حالة هيجان يعبرون بإفصاح بليغ عن مشاعر اللذة والمتعة والسَّعر وكذا النشوة المستثارة بأدائية تقتيل الدينكا وحرقهم ونهب ممتلكاتهم. بينما استعرض “فرسان الرزيقات” فحولتهم أمام الحكامات شاعرات القبيلة، وكذا أمام المسؤولين الحكوميين المتحلقين في “اجتماع مجلس الأمن” تحت النيماية. كانوا كذلك يبشرون فوق رؤوس المسؤولين الحكوميين ويطلقون النار في الهواء.
قتل الرزيقات في أماكن أخرى في المدينة أكثر من خمسمائة شخصا من الدينكا، في الشوارع، وبيوت الأسر الرزيقية، ومستشفى الضعين، وكماين الطوب، ومصنع الصابون، والفرنين، وربما في القشارات، وفي القرى المجاورة.
قاوم الدينكا الرزيقات المعتدين بكل ما أوتوا به من عزيمة للبقاء قيد الحياة، قاوموا حتى آخر لحظة وإلى آخر رمق في الحياة، وكانت العزيمة والمقاومة هما اللتان أنقذتا أكثر من نصف الدينكا الذين حاصرتهم الجموع الرزيقية في محطة السكة الحديد.
نهاية يوم السبت 28 مارس، عاد المعتدون الرزيقات إلى بيوتهم، لتناول وجبة العشاء، تاركين خلفهم في محطة السكة الحديد وفي بقية أرجاء المدينة ألفين من الجثث. لا يوجد أي دليل يعتد به أن أكثر من شخصين من الرزيقات فقدا حياتهما، ربما قتلهما دفاعا عن النفس وعن الآخرين الدينكاوي إسماعيل ود أبو، الموصوف أنه من “أولاد الخرطوم”، أو قتلهما القس بنجامين كون في إحدى الروايات حين كان في البداية مع أهله الجور شول المحاصرين داخل مكتب نقطة الشرطة، قبل أن يتحول إلى عربة حديدية فتم أخذها منها وتصفيته.
في الخامسة والنصف مساء السبت، بعد ذهاب الأغلبية الساحقة من الرزيقات، حيث بقي آخرون قليلون “يعملون”، تحرك القطار 305 الذي كان على القضيب الأول، إلى نيالا، يجر معه عربات القوات المسلحة الأربعة وفيها مهمات الجيش، ومعه العربة الخشبية وفيها 241 من الدينكا. هؤلاء نجوا من المذبحة بعد أن استعصرت منهم الشرطة رشوة لقاء تقديم الحماية لهم.
قال جيمس دينق أشول وكان في هذه العربة الناجية إن العسكري الذي ابتز الدينكا “اسمو علي يوسف، هو جاء طلع [فوق العربة الخشبية] قال كل واحد يدفع 5 جنيه عشان يحفظوكم. أنا ما دفعت، ناس دفعوا زي تلاتين أربعين زول. … قال إذا كان انتو دايرين يحموكم كل واحد يدفع 5 جنيه، وبعد شال القروش نزل تحت”. تِحِت، حيث كان زملاؤه من الشرطة ينتظرون نتيجة المفاوضات مع الدينكا حول الرشوة.
غادر عدد مقدر من الدينكا محطة السكة الحديد ليلا إلى خارج المدينة. وبات في المحطة حوالي الألف شخصا من الدينكا، تقريبا، أغلبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ والجرحى.
صباح الأحد 29/3، السادسة صباحا، وصل إلى محطة الضعين قطار خاص من بابنوسة تحت حراسة أمنية، ونقل بقية الدينكا ألف شخص تقريبا إلى نيالا.
بعد الظهر، من ذات يوم الأحد، تم نقل الدينكا الناجين، الذين وصلوا بالقطارين في ذات اليوم الأحد، صباحا وبعد الظهر، عددهم حوالى 1250، تم نقلهم من محطة نيالا إلى مدينة كاس بالقرب من مدينة زالنجي.
هنا، في كاس، قدمت منظمة أوكسفام الإغاثة للناجين، وحين زرتهم مع سليمان علي بلدو بعد ستة أسابيع من وقوع المذبحة كانت البريطانية كارين توايننج المرأة الوحيدة من خارج عزلة المعسكر تأتي يوميا تتحدث باللغة العربية مع النساء والأطفال تضمد الجراح وتسهل تقديم المساعدة، وعرفنا أن الصليب الأحمر كان هناك، وهكذا … أثناء وجودنا بالمعسكر، حضر رزيقيان يبحثان عن عمال زراعيين.
الأحد-الاثنين 29-30 مارس. في مدينة الضعين. لا أثر لدينكاوي حي إلا أثر الأطفال والفتيات والنسوة الأرقاء المحتجزين مخفيين في بيوت الأسر الرزيقية. وجد الرزيقات الذين نفذوا المذبحة، وقادتُهم المخطِّطون والمحرِّضون، وكذا وجد المسؤولون الحكوميون المحليون المتقاعسون عن أداء التزامهم لحماية الدينكا، جميعهم المتحالفون وجدوا أنفسهم أمام مشكلة قانونية وصحية وفنية ومشاعرية. وجها لوجه أمام العدد المتكثر للجثث، مرصوصة “مِتْل الطوب … ومِتل البهايم”، الأجساد الدينكاوية المحروقة، والجماجم المحطمة، و الأشلاء المقطعة مبعثرة في كل مكان. أكثر من ألف وخمسمائة قتيلا في محطة السكة الحديد، وخمسمائة قتيلا في بقية أرجاء المدينة. رائحة اللحوم البشرية المشوية متمسِّكةٌ بهوية المدينة.
فكيف الخلاص وفي أيديولوجيا الرزيقات أن الجنوبي قذر، ونجس؟ كيف يكون لمس جثته تأتي بتعقيداتها في مخيلة الرزيقي؟ فما كان ممكنا دفن الجثث بطريقة تحترم كرامة الضحايا أو ديانة أهلهم وثقافتهم ومشاعرهم، حتى الدينكا المسلمين ما كان ليدور في الخيال الرزيقي مجرد تصور غسلهم أو الصلاة عليهم أو دفنهم في مقابر العرب المسلمين.
سراعا، تخلص الرزيقات من الألف وخمسمائة جثة في محطة السكة الحديد، بإخفائها في حفر في المنطقة شمال المحطة مباشرة. وتخلصوا من الخمسمائة جثة من مسارح الجريمة الأخرى بعدة وسائل، حرقوا منها ما حرقوه، ودفنوا البقايا المُمَزَّعة في حفر، وجَرُّوا بعض الجثث على الأرض قذفوا بها في الخلاء خارج المدينة، وألقوا البقية في المراحيض العامة في مدينة الضعين..