توصيات مؤتمر أيوا التاسع للسلام والديمقراطية 20-22 اكتوبر

 

بعميق إحساسنا بالمسؤولية الوطنية، والأخلاقية تجاه معاناة شعبنا قتلاً، وانتهاكاً، ونزوحاً، وتدميراً، جراء الحرب اللعينة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع انعقد الموتمر التاسع لملتقى ايوا للسلام والديمقراطية تحت شعار (“معا لإيقاف الحرب واستعادة المسار الديمقراطي” بمنطقة واشنطن الكبرى في الولايات المتحدة، مستلهماً الذكرى التاسعة والخمسين لثورة أكتوبر المجيدة، والذكرى الرابعة عشر لتأسيس الملتقى بمشاركة واسعة من مختلف القوى السياسية، والمدنية، وشخصيات قومية من داخل وخارج الولايات المتحدة.
بعد تداول مستفيض لثلاثة أيام بين مختلف الأفكار، والرؤى شمل تناول جذور القضايا السودانية التي أدت إلى اندلاع الحرب،
وبعد الوقوف دقيقة حداداً على روح الفقيد الدكتور صلاح النصري أحد مؤسسي ملتقي ايوا
خاطب المؤتمرين الأستاذ مهدي داوؤد الخليفة عن سكرتارية المتلقي مرحباً بالمشاركين، ومعلناً افتتاح المؤتمر وشارحاً أهداف الموتمر التي تمحورت في ضرورة إيقاف الحرب، واستعادة المسار المدني الديمقراطي.
ممثلو القوى السياسية، ولجان المقاومة (الميثاق الثوري لسلطة الشعب) ومنظمات المجتمع المدني خاطبوا عدداً من القضايا التي تتعلق بإمكانية خلق جبهة مدنية موحدة وعريضة لإيقاف الحرب.
في المؤتمر ناقش مسؤولان في الإدارة الأمريكية إستراتيجيتهم المحدثة تجاه السودان، وقدموا عرضاً حول رؤيتهم لمختلف المبادرات السياسية المتعلقة بالأزمة السودانية، وجهود السودان لخلق جبهة مدنية واسعة وموحدة، بالإضافة إلى الروابط بين عملية جدة، وآلية الاتحاد الإفريقي، ومنظمة (IGAD).
– شدد المسؤولان المشاركان في الموتمر من وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تدعم عملية مدنية شاملة يقودها المدنيون لرسم مستقبل السودان.
– وأشار المسؤلان أيضاً إلى أهمية دور الصحافة لخلق رأي عام في السودان في لفت الانتباه إلى دور بعض الدول التي تقوم بدعم عسكري لطرفي الحرب في السودان من خلال تدفق الأسلحة الثقيلة، والأموال غير المشروعة.
– أعلن المسؤول من وكالة التنمية الدولية الأمريكية (USAID) المشارك في الموتمر أنه في عام 2023، قدمت USAID مبلغًا إجماليًا قدره نحو 873 مليون دولار لدعم استجابتها الإنسانية الطارئة للسودان، وذلك مما جعل الولايات المتحدة أكبر مانح مالي للبلاد.
طالبت ورقة المركز الموحد لقوى الثورة السودانية بالخارج بالعمل بجدية لتوحيد القوى المدنية تحت مظلة مشروع وطني متوافق عليه. وتكون من أولوياته وقف إطلاق النار، وفتح المسارات الإنسانية، وعدم الرضوخ للإملاءات من المجتمع الدولي، وكذلك عدم التنازل عن مبدأ المحاسبة وتكوين المجلس التشريعي الثوري.
تحدثت الورقة العسكرية عن الترتيبات الأمنية لمرحلة ما بعد إيقاف الحرب، وإزالة مخلفات الحرب المتمثلة في المواد المتفجرة من المدن والأرياف، وجمع الأسلحة، والذخائر، وإنشاء قوات طوارئ بفترة محددة للاضطلاع بالمهام في الجانب الأمني لتنظيف المدن، وعودة السكان لمناطقهم.
وشددت الورقة على ضرورة تمثيل معاشيي القوات النظامية كافة في أي وفد مدني يعمل على التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب.
ممثل كونفدرالية منظمات المجتمع المدني السوداني دعا إلى خروج العسكريين إلى مواقعهم خارج ولاية الخرطوم، وكذلك خارج مدن الولايات وإلغاء أي مظاهر للعسكرة داخل المدن.
ودعا كذلك إلى إنزال الشرطة بعد إجراء تعديلات علي إدارتها لحماية المدنيين، وممتلكاتهم.
وطالبت الكونفدرالية بتكوين لجنة تحقيق محلية، ودولية لبحث أسباب نشوء النزاع، وبحث انتهاكات حقوق الإنسان، وخروقات القانون الدولي التي تمت.
اتفق المؤتمرون على ضرورة إيقاف الحرب، واستعادة المسار المدني الديمقراطي، وتوحيد قوى الثورة تحت مظلة سياسية جامعة، وفي ما يلي مقترح للإعلان السياسى لقوى الثورة السودانية؛
لقد فشلت الدولة السودانية منذ استقلالها في التعبير عن مكوناتها الوطنية كافة، الأمر الذي أدى إلى إشتعال الحروب، ودخول الدولة في دوامة الدفاع عن مشروعيتها المنقوصة خلال العقود الماضية. كما أن هذه الوضعية أدت إلى إضعاف الدولة السودانية، وعدم قدرتها على توظيف كل مكوناتها الاجتماعية، والثقافية، للتوافق على مشروع وطني، ورؤية تنموية توفر الكرامة، والحرية، ومتطلبات العيش الكريم لمواطنيها.
ومن خضم هذا المشهد، عبّرت ثورة ديسمبر 2018 بشعاراتها المعلنة في الحرية، والسلام، والعدالة، وبجيلها الناهض، عبّرت عن تطلعات الشعب السوداني لمشروع جديد، ومختلف لدولته ومستقبلها، مشروعٌ ما انفك السودانيون يتمسكون به حتى في ظل إتون هذه الحرب الكارثية.
هنالك مجموعة من المبادئ الضرورية، والأساسية، لنجاح أي جهود لوقف الحرب، ولبدء ترتيبات سياسية لتحقيق الاستقرار، والحكم المدني، الديمقراطي، منها:
أن هذه الحرب لا يمكن حسمها عسكرياً، ولا يمكن تعريف النصر فيها، بل وليس هناك أي قيمة سياسية لأي انتصار، أو تقدم على الأرض، سوى مزيد من الجراح، والآلام لشعبنا، ومزيد من التدمير لبنية الوطن، لذا فمن الأجدى الإسراع بالقبول بمبدأ وقف العدائيات، وإعلان وقف إطلاق نار دائم. ذلك أن استمرار الحرب سيعني امتدادها لجميع أنحاء البلاد، وتحولها إلى حرب الكل ضد الكل. وهذا أمر لا يقبله العقل، ولا المنطق. ولذا، يجب أن يعلو صوت السودانين الداعي لوقف الحرب، وأن يسود صوت العقل وسط المتحاربين، وأن يقوم المجتمع الدولي بكل ما من شأنه وقف الحرب، والاقتتال.
إن جهود وقف الحرب، والتصورات للحلول السياسية، يجب أن تنطلق من مبدأ أن السودان دولة مدنية ديمقراطية، وأن هذه الجهود والتصورات يتم التوافق حولها من خلال عمليات حوار شامل يتضمن مشاركة القوى السياسية، وبعض الحركات المسلحة متمثلة في: (الحركة الشعبية لتحرير شمال، قيادة الأستاذ الحلو، وحركة تحرير السودان قيادة الأستاذ عبد الواحد محمد نور، والحركة الشعبية لتحرير التيار الديمقراطي) ومنظمات المجتمع المدني، ولجان المقاومة، وقطاعات المرأة، والشباب، وجماعات العمق الشعبي من إدارات أهلية، وقوى القطاعات الإنتاجية التقليدية كالمزارعين، والرعاة، والنازحين، واللاجئين، بحيث لا يُقصي أي طرف مادام رافضاً للحرب، وملتزماً بمرجعية ثورة ديسمبر الخالدة، مع التمسك الصارم بمبدأ محاسبة الجناة، والمسؤولين عن إشعال وتزكية نيران الحرب. ولهذا فإن الضمان لبقاء السودان موحداً، هو تأسيس دولة المواطنة وفق رؤية ديمقراطية تنموية تشاركية تتيح لجميع السودانيين الإسهام في صياغة مشروع وطني يرى أي مكون من مكونات المجتمع نفسه فيه.
وفاءً لشهداء الوطن الذين دفعوا أرواحهم فداءً للوطن منذ الثورة المهدية، وثورة ٢٤ الباسلة، وشهداء الثورات السودانية (أكتوبر، وأبريل، وانتفاضة ٢٠١٣، وثورة ديسمبر الخالدة، ولمئات الآلاف من ضحايا الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة، وللملايين الذين هجروا قسراً من ديارهم ولاذوا إلى معسكرات النزوح، واللجوء في المنافي، والشتات، وللفقراء الذين دفعتهم السياسات المتوحشة إلى الحرمان، والمذلة، والتهميش، ولضحايا القهر والتنكيل، فى أقبية التعذيب، والمفصولين لما يسمى الصالح العام، والنساء في جميع أرجاء الوطن اللائى تحولت حياتهن إلى نمط من الإذلال اليومى بسبب الحروب، والشباب الذين اغتيلت أحلامهم والأطفال الذين انطفأ بريق أعينهم بسبب الفقر، وسوء التغذية، وانعدام التعليم.
وإخلاصاً للوطن الذى مزقت الأنظمة الديكتاتورية وحدته ونسيجه الاجتماعى، وحطت بمكانته وسمعته، ونهبت موارده، وحطمت بنياته ومشاريعه، وخربت مؤسساته وأحزابه، ومنظماته، ولوثت بيئته المادية والمعنوية والأخلاقية ولطخت سمعته الإقليمية والدولية، وإيماناً لا يتزعزع بأن السودانيين، بسجاياهم، وتضحياتهم العظيمة، يستحقون أن نبذل لهم المستحيل حضوراً بقلب العصر، وبآيات المجد، فإننا نحن الموقعين على هذا الإعلان من قوى سياسية مدنية، وحركات شبابية ومنظمات مجتمع مدنى، وكفاح مسلح، وهيئات نقابية، وشخصيات مستقلة تقف مع التغيير، نتعاهد على الآتى:
إيقاف الحرب واستعادة النظام الديمقراطي، وتوحيد مبادرات حل الأزمة السودانية.
الاتفاق على مدة الفترة الانتقالية بين القوى المشاركة في التوقيع على هذا الإعلان.
تشكيل المؤسسات الانتقالية، والمجلس التشريعي من القوى المشاركة في التوقيع على الإعلان، ومن الكفاءات، والخبرات الوطنية بما يمثل ألوان الطيف الفكرى، والسياسي، والجغرافي، والاجتماعي، مع التمثيل العادل للنساء، والشباب.
الإصلاح الاقتصادي وإعادة تأهيل القطاعات الإنتاجية(الزراعية و الصناعية) والمؤسسات الصحية، والتعليمية، والخدمية التي انهارت تماما بسبب الحرب.
ويرى مؤتمرو ملتقى ايوا أن تلتزم المؤسسات الإنتقالية بتحقيق التالى:
– إعلان دستورى يؤسس لنظام ديمقراطى تعددى يقوم على المواطنة المتساوية ويكفل حقوق الانسان وفق المواثيق والمعايير الدولية .
– إنهاء الحرب في جميع أنحاء البلاد بمواجهة جذورها من تهميش، واستعلاء ثقافى، وعنصري، وإعادة بناء المؤسسات الاتحادية بما يضمن تمثيل كل الأقاليم، واحترام التنوع الثقافى، والديني، واللغوي، وعدالة توزيع السلطة، وفرص التنمية والخدمات.
– تنفيذ العدالة بما يشمل محاسبة مدبري انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩، ومنفذي جريمة فض الاعتصام أمام القيادة العامة، وقادة انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١، ومحاسبة المتورطين في إشعال الحرب، ومحاكمة مرتكبي الإبادة الجماعية، ومنتهكى حقوق الإنسان، واسترداد الأموال المنهوبة، وتعويض الضحايا مادياً ومعنوياً، وإعادة المفصولين وتوفيق أوضاعهم، ومن ثم تحقيق مصالحة شاملة على أساس الحقيقة والإنصاف بما يحقق المصلحة الوطنية العليا.
– حث المجتمع الدولي على الإسراع بالضغط على الطرفين لوقف الحرب وفتح الممرات الإنسانية ووقف الانتهاكات.
– إعادة بناء أجهزة الدولة لضمان قومية مؤسسات الخدمة المدنية، وضمان استقلال القضاء والجامعات والانتقال من دولة الحرب إلى دولة الوطن .
– إعادة بناء القوات المسلحة، والقوات النظامية بما يضمن خروج الجيش نهائيا من العملية السياسية، وإبعاد القوى السياسية من الجيش ومنع تغلغلها فيه.
– تعضيد فرص الإصلاح الحزبي
– حل جميع المليشيات في البلاد
– إعلان الحركة الإسلامية التي تورطت في إشعال الحرب حركة إرهابية.

– إصلاح النظام العدلي والقانوني في البلاد
– إعادة النظر في القوانين التي تحط من كرامة المرأة، وضمان مساواة النساء بالرجال فى الكرامة والحقوق عبر تقوية فرص النساء سياسياً واقتصادياً والتغيير الثقافى، وإشراكهن فى مواقع اتخاذ القرار بتمثيل متساوٍ، ومحاسبة الذين انتهكوا حقوق النساء.
– إعادة بناء قطاعات التعليم والاعلام والثقافة
نادى المؤتمرون بانتهاج سياسة خارجية تنطلق من مصالح الشعب السودانى، وتلتزم بالشرعية الدولية، وبناء علاقات إستراتيجية مع دولة جنوب السودان والجوار الإقليمي، وبناء علاقات دولية متوازنة تقوم على عدم التدخل فى شؤون الآخرين، ومراعاة مصالح الشعوب، وعقد مؤتمر دولى لمساندة البلاد فى تحقيق أهداف الفترة الانتقالية وإعادة إعمار المؤسسات الوطنية.
– عقد مؤتمر قومى دستوري، وتتعهد القوى المشاركة في التوقيع على الإعلان بالتواثق على دستور ديمقراطى يكفل حقوق الإنسان وفق المواثيق الدولية، ويضمن حقوق الأقاليم المهمشة فى عدالة تقسيم السلطة، والثروة والحكم الفيدرالى، والاتفاق على كيفية حكم السودان، والتوصل إلى دستور ديمقراطى دائم.
– إجراء احصاء سكانى مهني ونزيه
– تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، ومراقبة دولياً في نهاية الفترة الانتقالية.
في الختام تتقدم سكرتارية ملتقى ايوا بالشكر لكل الذين ساهموا مادياً في نجاح الملتقى، وتثمن مساهمة نساء المجتمع السوداني في منطقة واشنطن الكبرى في الضيافة، وولاية ايوا، وبقية الولايات، وكل الحضور من الإخوة والأخوات، وتتقدم السكرتارية بشكر خاص للمسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية في المشاركة في مداولات المؤتمر. ونامل ان ينعقد مؤتمر ايو للسلام والديمقراطية العاشر، وبلادنا تكون أكثر سلاماً وتماسكا، وتقدماً، واستقراراً، وأن يفارق شعبنا تراث الاحتراب ليبني دولته المدنية.

واشنطن، الأحد 22 أكتوبر 2023

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.