تعليق علي كتاب – المواطنة المؤقتة ملكية الأرض كآلية إستغلال وإضطهاد ، للمؤلف ا. عثمان نواي هبيلا(٣)

بقلم : محمد علي مهلة

 

مقدمة :
في الجزء [١] و[٢] إستعرضت جزئيات من الكتاب تتعلق بقوانين ملكية وحيازة وإستخدامات الأراضي في السودان و أزمة الكنابي ..معضلات إمتلاك الأرض وحقوق المواطنة وأزمة سكان مساكن الكرتون والعشوائيات في الخرطوم والمدن الكبيرة .
نستعرض في هذا الجزء ما أورده نواي عن :

[أ] التقسيم الطبقي وتراكم الثروة علي أسس أثنية نموذج جبال النوبة
تناول فيه الأستاذ نواي سياسات الإفقار الممنهج لأهل جبال النوبة وعملية إستغلال أرضهم كمورد لتراكم الثروات لتجار من مجموعات أخري قادمة من خارج جبال النوبة ، إلي أن تحول صغار المزارعين من النوبة إلي عمال زراعيين في أرضهم التاريخية .
يقول عطا البطحاني ” أن النتيجة الهامة المستمدة من هذه الأحداث هي الطريقة التي أنحازت بها الدولة ما بعد الإستعمار ضد الفلاحين النوبة،ولصالح التجار والبيروقراطيين الذين ينحدر أغلبهم من الشمال …في يوليو ١٩٦١م وزعت الحكومة ٢٤ مشروعا جنوب شرق هبيلة ومن بين أصحابها ال٢٤ كان ١٨ منهم من التجار ،عاش وعمل ثمانية منهم في الإقليم وجاء العشرة الباقيين من خارج الإقليم وعمل أحدهم محاميا ” ولم يكن يدخل الي خزينة الدولة أي مبالغ لكي تعاد في شكل خدمات لأهل المنطقة ،حيث كان يطلب منهم فقط دفع ١٠٠ جنيه رسم تنمية، بينما يتم منح كل رأسمالي مساحة تبلغ ١٥٠٠ فدان ،بقيمة إيجار ٥ قروش فقط للفدان.
وتناول نواي أزمة انعدام التمويل من الدولة لصغار المزارعين بجبال النوبة ، وتركتهم للمُقرِضين من التجار وأصحاب رأس المال والأسر الطائفية بنظام – الشّيَل- ليصل الأمر إلي شراء المحاصيل قبل زراعتها ويتحكم المُمّول في الثمن الذي دوما دون سعر السوق . وأيضا للبيروقراطية التي عملت كوكلاء تمويل للبنوك الكبري مثل باركليز وغيرها.
وإستعرض نواي دفع النوبة لضريبة الدقنية حتي بعد خروج المستعمر في الستينات وفي الخرطوم حيث ظلت السلطات تعاملهم كمواطنيين مؤقتين في الخرطوم .[ب] المواطنة المؤقتة لماذا وكيف ؟
يستعرض نواي ما اورده في الكتاب من نماذج لسكان الكنابي والكرتون والعشوائيات في المدن، وسياسات الإفقار والتمييز الممنهج لمواطني جبال النوبة مستخلصا منها مفاهيم وسياسات خلق وضع المواطنة المؤقتة .
[ج] الأزمة وآفاق الحلول
يقول نواي ” ان آفاق الحلول لأزمة ملكية الأرض لا تنفصل أبدا عن حلول مسألة المواطنة غير المتساوية في السودان، لذلك الحل يبدأ بالمواجهة وعدم دفن الرؤوس في الرمال،ووضع الأشياء في موازينها الحقيقية ، وعدم التنازل عن حق التعبير الواضح والعودة إلي التاريخ وربطه بالحاضر ، حيث تكتمل الصورة..كما أن أزمة المواطنة المؤقتة علي مستوي الدولة السودانية وإرتباطها بالدولة المركزية العنصرية ، ويجب التعامل معها كإحدي محركات وشروط التغيير الهيكلي الجذري للدولة السودانية . حيث أن الإعتراف بتاريخ الرق هو جزء رئيسي من مكافحة أمراض العنصرية في الدولة والمجتمع .”
ويستمر نواي في القول ” أن الضرورة العاجلة الآن هي لأن يكون هناك عمل جاد ليس فقط لتغيير القوانين المتعلقة بملكية الأرض، ولكن للإعتراف بحقوق المجموعات المضطهدة والمستغلة تاريخيا ” .
بقي أن نشير إلي أن نواي كتب كتابه هذا في يوليو ٢٠١٨م ، وجاء بعدها حراك ثورة ديسمبر العظيم الذي عزز من فرص معالجة قضايا تأسيس الدولة السودانية بأسس عادلة ومعالجة المظالم التاريخية ومنها قضايا ملكية الأرض وتسوية ملكيلتها ،.
في الجزء القادم سنتناول مبادئ و رؤي من البرنامج الإسعافي والسياسات البديلة ( الإطار العام) لقوي الحرية والتغيير – أكتوبر ٢٠١٩م تحت عنوان
حقوق وملكية وحيازة وإستخدامات الأرض في السودان . فيه مقترحات لسياسات وقوانيين جديدة تعالج المسألة . ومن ثم ما ورد بإتفاق جوبا لسلام السودان حول برتكول الأرض والحواكير وأسس معالجة أمرها . لذلك سأواصل المقالات تحت نفس العنوان للتحاور مع ا. نواي وكل المهتمين بمعالجة قضايا الأرض في السودان ، خصوصا الجيل الديسمبري الجديد الذي واجه صلف النظام البائد لكنه ورث الأزمات التاريخية بالدولة السودانية .

تعليق 1
  1. Abdein alnor يقول

    Good

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.