“تس سليلة دبرفيل” لتوماس هاردي: فتاة ريفيَّة في تعاسة (7 من 9)
الدكتور عمر مصطفى شركيان
[email protected]
ومن بعد شرع أليكس يختلف إليها ويتردَّد عليها في المزرعة بين الحين والآخر، ويلحُّ عليها بالزواج إلحاحاً، ويعاود ذلك مراراً وتكراراً، حتى أغضبها في يومٍ ما بالاقتراب منها محاولاً الالتفاف حولها، ومن ثمَّ ضربته بالقفاز جزاءً وفاقاً، حتى أخذ ينزف دماً، ومن ثمَّ غادر المكان لاعناً ساخطاً.
وتمر الأيَّام وتأتي شقيقة تس إليها في مكان إقامتها لتخبرها أنَّ والدتهم مريضة في أشدَّ ما يكون المرض، وها هي تنطلق في باكر الصباح مع أختها إلى ديارهم. وبعد رحلة شاقة في أتعس ما يكون الشقاء وصلتا البيت، ومكثت في بيتهم تمارض الوالدة والوالد الذي كان مريضاً هو الآخر، وترعى إخوتها. وإذ الوالد ينتقل إلى مثواه الأخير؛ وإذ يعاود أليكس زياراته المعهودة المنبوذة؛ وإذ يطلب منهم الارتحال إلى بيته، وبخاصة عندما علم أنَّ على الأسرة إخلاء البيت، وإنَّه لسوف يرسل إخوتها الصغار إلى المدرسة؛ ثمَّ إذ توافق تس خداعاً وهي تطأطأ رأسها. وما أن أتي يوم المغادرة حتى انتقلت الأسرة إلى كينغسبير، حيث ديار أجدادهم ومثوى مقابرهم. وفور وصول الأسرة إلى المدينة إذ تتفاجأ بأنَّ البيت لا يسعهم كلَّهم أجمعين أكتعين، ويفرغ سائق المركبة أمتعتهم أمام البيت، ويعود إلى داره، وتذهب الوالدة وشقيقة تس إلى بطن المدينة عسى أن تجدان منزلاً واسعاً، وتأتيان بطعام وشراب، فلم تجدان الأوَّل، ولكن عادتا ببعض الطعام والشراب. وفي تلك الأمسيَّة تذهب تس وتتجوَّل في ساحة الكنيسة، وتمعن النَّظر في مقابر أسلافهم من آل دبرفيل. وفي ضوء شفق المغارب الخافت إذ هي ترى شبحاً، أو منظراً يُخال لها شبحاً، ثمَّ إذ هي ترجع البصر كرَّتين لتكشف أنَّ الذي أمامها هو أليكس الذي كان يتقفَّى أثرها سرَّاً منذ أن خرجت من البيت حتى دخلت الكنيسة إيَّاها، وقرَّر ألا يزعجها في الداخل حسبما زعم.
وفي أثناء ترحال الأسرة إلى كينغسبير توقَّفت المركبة أمام الخان، فإذا تس تقابل مريان وإزابيل وأسرتهما راحلين في الاتجاه المعاكس، وتتجاذب الحديث معهما سراعاً قبل أن تنطلق مركبتهما صوب مقصدهما. وفي تلك الأثناء أسرَّت الفتاتان إلى تس أنَّ صاحبها (أليكس)، الذي أخذ يتردَّد عليها في المزرعة يومذاك، جاء بعد غيابك وسأل عنك، لكننا لم نخبره بشيء عن مكانك، وردَّت تس أنَّه جاء إلى منزل الأسرة.
وفي لحظة من اللحظات تكتب مريان وإزابيل خطاباً إلى بعل تس، وذلك بعد أن علمتا أنَّه عائد من البرازيل. وقد جاء في الخطاب، الذي حمل توقيع “من اثنين يريدان لك الخير”، ما يلي:
“السير الشريف
أسرع إلى زوجك إذا كنت تحبُّها كما تحبُّك هي الأخرى، لأنَّها في حال مرضيَّة سبَّبها لها عدو في شكل صديق. السير، هناك ثمة أحدٌ بالقرب منها، والذي ينبغي أن يكون بعيداً. فالمرأة يستوجب ألا تُخضع للاختبار فوق طاقتها، لأنَّ استمرارالإسقاط يضعف الحجر – نعم، كثرة الإسقاط يوهن الماس.”
ومن ثمَّ تمَّ إرسال الخطاب إيَّاه، والمعنون إلى أنجيل كلير، إلى عنوانه الذي ارتبط به، وهو مقر والده الأسقف في إيمينستر. ومن بعد استمرَّتا منغمستين في بهجة عواطف حسيَّة بزعم من الكرم، الذي جعلهما تغنِّيان في هرطقات هستيريَّة، وتبكيان في الآن نفسه.
وللرواية بقيَّة،،،