تجار وسماسرة الترتيبات الامنية بجنوب كردفان،من المسؤول؟ الجزء (٢-٣)

 

تقرير صحفي: splm.net

استعرضنا في الجزء الاول من التقرير ابرز التناقضات والتعقيدات والغموض الذي اتسمت به نصوص اتفاق الترتيبات الامنية باتفاق جوبا وندلف في ذلك الجزء الي تتبع تجليات التنفيذ الفعلي بعد مرور ما يقارب العام علي التوقيع وانعكاساتها الخطيرة علي الواقع.

عناصر البشير باقون في مفوضية نزع السلاح والدمج
كما ذكرنا فان اللجنتين المشتركتين في المنطقتين لنزع السلاح والتسريح والدمج ووفقا للاتفاق يجب ان تعملان بصورة كاملة تحت ادارة مفوضية نزع السلاح والتسريح واعادة الدمج وهي المفوضية التي لم يعاد تشكيلها و الموجودة منذ تسعينيات القرن السابق والتي كانت احد اهم اسباب افشال الترتيبات الامنية للاتفاقيات السابقة بما فيها اتفاق السلام الشامل في ٢٠٠٥م ، انذاك واندلاع الصراع المسلح مرة اخري.
وفي ورشة انعقدت بين المفوضية والحركات الموقعة شكلت اول اصطدام للاتفاق بالمفوضية حيث طالبت الحركات الموقعة باعادة هيكلة المفوضية واتهمتها بأنها تضم عناصر النظام البائد علي حد تعبير احد المشاركين وطالبت الحركات الموقعة بضرورة تمثيلها داخل الإدارات المختلفة للمفوضية وهو الشئ غير المنصوص عليه في الاتفاق.
ومن الملاحظ ايضا ان اتفاق جوبا قد نص على تشكيل مجلس أعلى مشترك لمتابعة عمليات الدمج، وتعيين عدد من ضباط الحركات في القوات البرية والشرطة والمخابرات العامة وفق الأحجام المدمجة، ولكن ايضا غير واضحة العلاقة فيما بين ذلك المجلس المشترك والمفوضية.

مفوضية الدمج تطالب الحركات الموقعة بالشفافية وتؤكد انها لم تستلم الكشوفات في ورشة يونيو الماضي بين المفوضية والحركات الموقعة طالبت المفوضية بالشفافية في رصد القوائم الخاصة بعملية التسريح وذلك علي خلفية اتهامات سابقة من الحكومة للحركات بمضاعفة كشوفات منتسبيها لتحقيق مكاسب مالية من خلال التحشيد والتجنيد وبيع الرتب وخاصة في الخرطوم.
وفي تصريح لمسؤول الإعلام بالمفوضية، عواض عثمان ادلي به لصحيفة التغيير اكد فيه انهم لم يستلموا كشوفات منتسبي الحركات حتى تاريخه.
واوضح عثمان أن عمليات التسريح وإعادة الدمج تبدأ بالتسجيل في كشوفات رسمية يتم تسليمها للمفوضية، ثم التحقيق والكشف الطبي، مشيراً إلى أن تلك الإجراءات تؤدي لاستخراج البطاقات للمسرحين وصرف حزمهم المالية.

الحركات الموقعة تطالب بمستحقات والحكومة تؤكد ان خزانتها خاوية

طالبت الحركات الموقعة برفع الاستحقاقات المالية المقررة في برامج التسريح من 400 دولار ل1500 دولار، تقدم في شكل تمويل لمشروعات واضحة فردية أو جماعية.
ورفع المخصصات في حالة الادماج من 1500 دولار إلى 20 الف دولار، مع زيادة الحزمة العينية من 3 جوالات ذرة إلى طن.
وقد افصح وزير دفاع الحكومة الانتقالية في حوار تلفزيوني أن عدم تنفيذ ملف الترتيبات الأمنية، يرجع إلى عدم توفر الدعم الخارجي وهو ذات الحديث الذي ظل يكرره عدد من المسؤولين بالحكومه.

لا اصلاح أمني في ظل سريان الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا تنص الوثيقة الدستورية صراحة على أن القوات المسلحة و الدعم السريع هما مكونا المؤسسة العسكرية.
ومن المعروف ان للدعم السريع قانون مستقل عن قانون القوات المسلحة، فالمادة (٣٥) من الوثيقة الدستورية تنص على:
(١) القوات المسلحة و قوات الدعم السريع مؤسسة عسكرية وطنية حامية لوحدة الوطن و لسيادته تتبع للقائد العام للقوات المسلحة و خاضعة للسلطة السيادية.
(٢) ينظم قانون القوات المسلحة و قانون الدعم السريع علاقة المؤسسة العسكرية بالسلطة التنفيذية.
وهذا اعتراف وتاكيد صريح باستقلالية الدعم السريع عن القوات المسلحة وقد قصد المشرع ان يوضح استقلاليتهما بصورة مسبقة للسلطة التي يخضعان لها.
وكما ان الفقرة الثانية من المادة تزيد من تكريس تلك الاستقلالية، حين تؤكد أن قانون كل كيان على حدة، هو الذي يحدد علاقة المؤسسة العسكرية بالسلطة التنفيذية (مجلس الوزراء)، فلو كان هذان الكيانان جسم واحد ، لما احتاجا لقانونين لتنظيم علاقتهما بالسلطة التنفيذية.
في ٣٠/ يوليو/ ٢٠١٩م ، أصدر الفريق أول عبدالفتاح البرهان مرسوما دستوريا بالرقم ٣٤ لسنة ٢٠١٩ بتعديل قانون، عدل بموجبه المادة (٥) من قانون الدعم السريع التي كانت تخضع هذا الكيان لقانون القوات المسلحة، و بالتالي أصبح هذا الكيان غير خاضع لهذا القانون و محكوما بقانونه فقط وذلك لمزيد من تاكيد استقلاليته و انفصاله عن القوات المسلحة.
يلاحظ أن المادة (٢) من الوثيقة الدستورية اعتبرت أن المراسيم الصادرة سارية المفعول و اعتمدتها، و هذا يعني أن المرسوم الذي نص على تعديل قانون الدعم السريع ساري المفعول .
وقد علق الخبير القانوني الدكتور احمد عثمان ان ذلك المرسوم يشكل سابقة في تاريخ البشرية، لانه اول مرسوم دستوري يعدل قانون. فالتعديل دستوري و أعلى درجة من قانون الدعم السريع نفسه، الذي كان يجب تعديله بموجب قانون لا أداة دستورية.
وان عدم خضوع قوات الدعم السريع لقانون القوات المسلحة اصبح امرا دستوريا .
و الواضح من النصوص الدستورية الثلاثة (المادة ٢ و ٣٥ من الوثيقة الدستورية و المرسوم الدستوري لقانون الدعم السريع الذي اعتمدته الوثيقة الدستورية أن قوات الدعم السريع كيان مستقل قائم بذاته يقف على قدم المساواة مع القوات المسلحة، و لا يصح دستورياً اعتبار هذا الكيان جزءا منها.
وعبر عدد من الخبراء والمهتمين من جانب فني عن ان قضية وضع الدعم السريع تحت إشراف  القائد الأعلى للقوات المسلحة يخلق وضعا عسكريا معقدا فكيف يمكن عمليا لقائد عسكري ينتمي إلى مدرسة عسكرية محددة الإشراف على قناتين مختلفتين الطبيعة ، بل ان احداهما مستقلة ماليا كالدعم السريع.
ومن هنا يكون السؤال عن ما هي القواعد التي سيتم الاستناد عليها في اشراف القائد العام علي الدعم السريع فهل هي مرتبطة بالقوات المسلحة ؟ ام الدعم السريع؟
ومن ناحية قانونية  أي قواعد ستكون سارية هل المرتبطة بقانون القوات المسلحة و التي تستند في تنفيذها علي بنيتها القانونية العسكرية من محاكم و اختصاص قضائي و منشئات عقابية  ، ام ان كل قوة ستخضع لوحدات قانونية تخصها ، وماذا في حال المسؤلية او الانشطة المشتركة ؟

فولكر يدق جرس الانذار
في إحاطته الدورية الأولى لمجلس الأمن الدولي، دق رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) الألماني فولكر بيرتيس، جرس إنذار، قال فيه: «السلام لن يتحقق في السودان، في ظل وجود تعدد الجيوش.

نتابع في الجزء الثالث وبالوثائق والصور كيف اصبحت الترتيبات الامنية سوق كبير للتكسب المالي والفساد واستغلال وخداع الافراد وتهديد للأمن في جنوب كردفان.
يتبع…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.