بينما تسعى الحركة الشعبية لِطي صفحة الحُروب … أعداء السلام يدقّون طبولِها

أنس آدم (إشتراوس)

 

تابعنا عن كثب خبراً ظل متداولاً على مدار الأُسبوع المنصرِم في وسائل الإعلام المختلفة سيما وكالة سونا للأنباء، الوكالة الرسمِية للدولة. تفيد بأن الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال، في النيل الأزرق تلّقى الدعم اللوجِستي مِن الحكومة الإثيوبية بتاريخ 27 فبراير 2021. بغرض الإحتلال و السيطرة الكاملة على مدينة الكرمك – ولاية النيل الأزرق و أنّه كان في إستقبال الدعم بيابوس _ الأراضي المحررة، القائد جوزيف توكا _ النائب الأول لِرئيس الحركة الشعبية و نائب القائد العام لِلجيش الشعبي،،، إنتهى الخبر.

المتتبِع الحاذِق لِلمشهد السياسي في السودان مُنذ إنطلاقة الشرارة الأولى لِثورة دِيسمبر المجيدة 2018 من مدينة الدمازين – إقليم الفونج، قلعة النِضال و الصمود بإمكانِه الإدارك أن ثورة دِيسمبر لم تبلُغ غاياتِها بعد، و لم تصل نهايتها المنطقِية، كما لم تحقق مِثقال ذرة من شعاراتها المركزية حرية.. سلام .. و عدالة. و ما أن بارح رأس النظام كُرسي السُلطة، سُرعان ما إنقضت عليه طُغمة عسكرية مُتسلِطة تُسمي نفسِها جزافاً المجلِس العسكري الإنتقالي – لجنة البشير الأمنية (بشحمِها و لحمِها).

ففي إطار بحثِها الحثيث عن غِطاء آمن لِمُخطط الإلتفاف على الثورة و تصفية مشروع التغيير الجذري فقد سارعت هذه الطُغمة المُتسلطة مع سبق الإصرار و الترصُد إلى إطلاق وابل من الإتهامات الخطيرة التي لا تخلو من مُكر سياسي و حياكة للمُؤامرات و الدسائِس ضد الحركة الشعبية و الجيش الشعبي. و هذه الإدعاءات و الإتهامات لا تعدو كونّها حبكة سياسية و أمنية ضمن سلسلة حلقات التآمر على الشعوب السودانية المهمشة. كما أنّها تأتي في إطار حملة واسعة لإستهداف الحركة الشعبية بوصفِها قوة تغيير حية و فاعِلة لا يمكن إن لم يكن مُستحيلاً تجاوزها في المعادلة السياسية السُّودانية. جاءت طبخة الإتهامات التى فشل صانِعوها في إعدادها، مُتزامِنة مع تحركُات مُريبة من المكوِّن العسكري – سياسة و دبلوماسية المحاوِر؛ مما تُعد خُطوة إستِباقية بل إعلان واضح و دعوة صريحه للحرب. حيث يمكن إستِقراء هذه الإتهامات الجُزافية في سِياق الآتي:

أولاً: فرملة عجلة السلام و تتريس كل الجُهود المبذولة لِطي صفحة الحُروب و إبراء الجراح. بُغية الإستِفراد بِمقاليد الحُكم و إحتِكار السُلطة Monopoly of power و تكريس الهيمنة و السيطرة على مفاصِل الدولة. و بالتالي كل السيناريوهات و الإحتمالات مُتوقعة و مفتوحة على مصراعيه.

ثانياً: تشكِيل الرأي العام Formation of the Public opinion حول الحركة الشعبية و تصويرها و كأنّها غير جادة و لا تمتلِك الإرادة لِتحقيق السلام مما يعني تصنيفُها و وضعها في سلة القوى المُمانِعة لِلسلام و إلا لِماذا تُعزز ترسانتِها العسكرية (الدعم الإثيوبى المزعوم للجيش الشعبي) من جِهة و تطرح قضايا تعجيزية على طاولة المفاوضات من جهةٍ أخرى على حد تعبير الحكومة الإنتقالية.

ثالثاً: ضرب سياج من العُزلة على الحركة الشعبية بِغرض إبعادِها و عزلِها عن حُلفائِها و أصدقائِها على المستوى المحلى، الإقليمى و الدولي.

رابعاً: دق إسفين بين الحركة الشعبية و جماهيرها و قاعِدتها العريضة و خلق بون سياسي، تنظيمي و مؤسسي بينها و عضويتها… بهذه التكتيكات الضعيفة و المكشوفة تعتقد الحكومة الإنتقالية أنّها وجهت صفعة للحركة الشعبية من شأنِها كسر شوكتها و إخضاعِها. لكِن هيهات تِلك رابع المُستحيلات.

فالترويج و الحديث عن تلقى الجيش الشعبي دعم لوجستي من الحكومة الإثيوبية في يابوس _ النيل الأزرق بتاريخ 27 فبراير 2021 و أن النائب الأول لرئيس الحركة الشعبية- القائد جوزيف توكا، كان في إستقبال الدعم، محض فِرية و كذبه بلقاء لا يدعمُها أي أسانيد أو أدلة. إن الجيش الشعبى مُنذ ميلاده الذهبي في يوم 16 مايو 1983، مصدره الأساسي للدعم اللوجستي هو أنظمة الحُكم في الخُرطوم. فمن خِلال المعارِك التي يخُوضها أبطال و بواسِل الجيش الشعبي يتم الإستيلاء و الحصول على كميات مقدّرة مِن اللوجستك … الخ، و هنا لابد من تفكيك و تعرية أكاذيب و دعاوي أعداء السلام، إذاً دعوني إستدعي ذاكرة معركتي مفو و الروم التاريخيتين – النيل الأزرق في العام 2016، فما زالت آثارها باقِية و شاخِصة للعيان حتى لحظة كِتابة هذه السطور، حيث تكبد قوات العدو في تِلك المعركتين خسائِر كبيرة في الأرواح و العتاد العسكري و تم الإستيلاء على ما لايقل عن خمسمائه و سبعون عربة تاشر رُباعية الدفع مُحملة بالدوشكات و عدد مُقدّر من و الأسلحة الثقيلة و الخفيفة و تناكر الوقود … الخ .. و ذلك بعد فِرار قوات المؤتمر الوطني الذي ينتمي إليه البرهان، ياسر العطا، و كباشي، تاركين وراءهم القتلى و الجرحى و أعداد هائِله من الأسلحة و الذخائر…تِلك هي الطريقة التي يتحصل به الجيش الشعبي على الدعم اللوجستي لا غير – طريقة إنتزاع الدعم من فك العدو، و على النُخبة المركزية و أزيالها من الظلاميين أن تقِر و تعترف بذلك دون مُكابرة بدلاً عن تلويث و تسميم الأجواء بِتهم لن تجدي نفعاً لأن الجيش الشعبي لا يعتمد على أي دولة على الإطلاق لِلحصول على الدعم اللوجستي و لو كان كذلك لِما وُجِد الجيش الشعبي الآن. فلتعلم الحكومة الإنتِقالية و كل من دار في فلكِهم من الكائنات الرجعية و الوهمية ک الإسلامُوعُروبين .. الخ، أنه ليس هناك لوجِستك أكثر من تمسُك الجيش الشعبي بِمادئ الثورة و إيمانِهم العميق بِعدالة القضية و وفاءهم لِلشهداء.

إن مواقِف و رؤية الحركة الشعبية تُجاة العملية السلمية واضحه و مُعلنه. أكدت ذلك مراراً و تِكراراً على لِسان قيادتها بأنّها على إستعداد تام وحِرص شديد على تحقيق سلام عادل و شامل و مُستدام يضع نِهاية منطِقية للحرب و إلى الأبد و ذلك بمُخاطبة و مُعالجة الجذُور التاريخية للمُشكلة السُّودانية The root causes of the problem of Sudan. و في سبيل ذلك إتخذت الحركة الشعبية خُطوات شُجاعة و عملية غاية في الأهمية يمكن إيرادها على النحو التالي:

1. توقيع رئيسها القائد عبد العزيز آدم الحلو على وثيقة إعلان جوبا المُشترك لِبدء التفاوض بتاريخ 11 سبتمر 2019 و الذي يحتوي على ثلاث بنود: بدء التفاوض برعاية حكومة جنوب السودان، أن تكون مدينة جوبا مقراً للتفاوض. بدء التفاوض في 14 أكتوبر 2019.

2. التمديد المُستمِر لِوقف الأعمال العدائية Cessation of hostilities مِن جانب واحد كبادِرة حُسن نِية من أجل الحل السلمي للصراع و إتاحة الفُرصة لإنجاح مُحادثات السلام الجارية.

3. وجود فريق الحركة الشعبية المفاوض في جوبا- مقر التفاوض مُنذ إنطلاقة المفاوضات في أكتوبر 2019 حتى الآن.

كل هذه المواقِف التاريخية و المُشّرِفة من تاريخ و نِضالات الحركة الشعبية تدحض المزاعِم و الشائِعات المُغرِضة التي أطلقتها الحكومة الإنتقالية في بحر الأُسبوع المُنصرم كما أنّها تكفي لإثبات جدية و رغبة الحركة الشعبية في الحل السلمي للمشكلة. بالمُقابل الحكومة الإنتقالية أثبتت سلوكِها بما لا يدع مجالاً للشك أنّها غير مؤهله أخلاقياً و فنياً لإنجاز مهام السلام.
مواقف أُخرى مُخزية تنُم عن غياب الإرادة السياسية The Absence of the political will لدى الحكومة الإنتقالية ممثلة في مكونِّها العسكري. تجلّت هذه المواقِف في رفض و إجهاض إتفاق حمدوك – الحلو الذي تم التوقيع عليه في أديس أبابا بتاريخ 3 سبتمبر 2020، بالرغم من القبول و الترحيب الواسع الذي حُظي به الإتفاق من قبل السودانيين(ات) بِمختلف قواهم السياسية و المدنية و اللاعبين الأساسيين على المستويين الإقليمى و الدولي، دعك عن مواكب التاييد و الترحيب بالإتفاق في مُدن و ولايات السُّودان. و معلوم أن هذا الإتفاق من شأنه أن يكسر الجمُود الذي خيم على المفاوضات المُتعثرة مُنذ شهور عند ورقة إعلان المبادئ إلا أنّه إصطدم بِترسانة الرفض المُطلق من جانب المكوِّن العسكري مُمثلاً في شخصية الكباشي، الإبن الشرعي للبشير و هو الذي رضع من ثدي الجبهة الإسلامية القومية و تربى في كنف نظام الإنقاذ منذ نُعومة أظافِرة و هو صاحب مقولة شهيرة وصف بِها إتفاق حمدوك – الحلو، بأنّه إتفاق من لا يملك لِمن لا يستحق. و بِذلك التصريح الشؤم أعاد إستنساخ سيناريو إجهاض و تمزيق إتفاق الميرغني – قرنق، المُوقّع في 1988 و الذي كان بمثابة بارقة أمل للشعوب السودانية المهمشة في السُّودان لولا إنقضاض الإسلاميين و النُخبة المركزية عليه و وأده في مهدِه. و مواصلة لِمُخطط عرقلة السلام قام الكباشي بنسف مُخرجات الورشة المشتركة التي إنعقدت في جوبا في الفترة مِن 29 أكتوبر – 1 نوفمبر 2020 و مع ذلك تغيب عن مُعظم مداولات الورشة طوال فترة الإنعقاد لِيأتي في اليوم الخِتامي و يقول أن لديهم تحفُظات على تقرير الخُبراء و المُسّهلِين خاصة فيما يتعلق بمبدأ فصل الدِّين عن الدولة؟. بالطبع، سلوك و مواقِف الحكومة الإنتقالية مرصُودة و موثّقة بِتواريخها و يمكن إضافتها إلى فصُول التملُق و الفهلوة السياسية التى ظلت تمارسها النُخبة المركزية على بنات و أبناء الهامش و في إعتقادها بهذه الطريقة و الذهنية الخرِبه و المشوهه يمكنها كسب كل الجولات و الإنتصار على إرادة الشعوب التواقة للحرية و الكرامة الإنسانية.

الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، و منذ ميلادها في العام 1983 برزت كقوة تغيير رئيسيه و حية تعمل من أجل إحداث تغيير جذري، كامل الدسم في بنية الدولة السودانية و ما تزال هي صاحبة القدح المعلى في هذا المِضمار. و قدّمت في سبيل ذلك أرتالاً من الشُهداء ،،، بينما تسعى قوى السودان القديم مُتسربلة بثوب الإيديولوجيا الإسلاموعروبية كموانِع هيكلية للإبقاء على الأوضاع المُختلة كما هي. و قمع و إضطهاد الشُعوب السّودانية لِلحِفاظ على إمتيازاتِها التاريخية.

2 تعليقات
  1. نصرالدين أبكر يقول

    هذه مخططات هادمي برامج السلام متمثلا في التحالف الجديد (حميدتي مني مالك) والذي أنتجه المكون العسكري عبر اتفاق هزيل لتقاسم السلطة والثروة فيما يسمى باتفاق جوبا
    الدارس للمشهد السوداني وتاريخ الجيوش والقوات المسيطرة على أكبر رقعة من الأرض لا يخفى عليه الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال والتي تسيطر على اراضي واسعة فيما يطلق عليها بالمناطق المحررة.
    عندما عرف المكون العسكري بقوة وعتاد الحركة الشعبية القيادة الشرعية كان شغله الشاغل في كيفية ضرب عمق هذا التنظيم الذي أصبح يشكل خطرا على دولة الجلابة ولا سيما بعد ثورة ديسمبر التي كانت شرارتها من اقليم المهمشين اقليم الفونج
    فعمل المكون العسكري بكل طاقته لبناء تحالف جديد لاستخدامها كمعول لضرب الحركة الشعبية وذلك بالاستفادة من محبي السلطة والثروة عبر برمجة وهندسة اتفاق جوبا وتسليمه لكل من مالك ومني لتفاوض به حكومة الفترة الانتقالية كأربون لموطئ قدم لمحبي السلطة والثروة من أجل قتال الحركة الشعبية القيادة الشرعية إعلاميا وعسكرياً واقتصادياً وقد كان والتي ظهرت بوادره
    في نقض اتفاق الحلو حمدوك
    تسويف ومماطلة سير المفاوضات بمنبر جوبا
    الهروب المستمر من طاولة المفاوضات
    الخروقات الامنية من قبل المكون العسكري ودخول ضابط من الدعم السريع للمناطق المحررة وهو مدجج بالسلام بغرض الاستفزاز
    افترءات الدعم الجيوسياسي من أثيوبيا لنائب رئيس الحركة الشعبية بمنطقة يابوس
    وسنسمع أكثر من ذلك طالما أن المكون العسكري على رأس السلطة
    لكن نحن لهم بالمرصاد وسنصمد ونستخدم سلاح السليمة حتى تحقيق السلام الشامل وبناء السودان الجديد
    الرفيق نصرالدين
    اقليم النيل الأزرق
    منطقة ديم منصور _الكرمك

  2. نصرالدين أبكر يقول

    تم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.